حمد خلفان آل توبة

لا أسهل من الكتابة عن غزة، ولا أصعب من ذلك في  ذات الوقت؛ وتتجلى سهولة الكتابة من خلال هذا الكم الهائل من المعطيات، وهذا التدفق الناري اللاهب من الأحداث المتسارعة والجارية حية على الهواء على مدار الساعة؛ حيث التقتيل والتنكيل والتجويع والتهجير والإبادة الجماعية ومصائد الموت التي تنصبها أمريكا التي لا تقف من الجميع على مسافة واحدة، وربيبتها المجرمة عبر مواقع توزيع المساعدات المغمسة بالذل والدم -في تعدٍ صارخ وتهميش فج للمؤسسات الدولية الإنسانية المعنية بتقديم المساعدات لضحايا الحرب الملعونة على غزة حاليًا وفي مقدمتها وكالة الأونروا- والتي تحصد يوميًا المئات من الجياع الباحثين لهم ولأسرهم عما يتبلغون به من فتات موائد اللئام دونه الموت أقرب، في حين تكمن الصعوبة في الكتابة عن غزة في هذا القدر الكبير جدًا من الألم والقهر والمرارة التي تنهك الروح وتعتصر القلب جراء كل تلك الأحداث والصور والمشاهد المنقولة لحظة بلحظة لأكبر إبادة جماعية وجريمة لا أخلاقية في حق الإنسان شهدها ويشهدها العصر الحديث في ظل صمت دولي رسمي رهيب، على نحو يُهيل التراب على كل ما يُتشدق به من معايير التحضر والتقدم والعدالة وحقوق الإنسان وكل بقية الأضاليل والأباطيل التي يروج لها ولا وجود لها على أرض الواقع!.

يا غزة العزة، يا غزة الأبية، يا أصلب وأسمى قلاع العزة والكرامة في بلاد الإسلام، لقد خذلناك وبعناك بضاعة مزجاة في سوق النخاسة السياسية.. يا ربة الصون والعفاف، يا سيدة الطهر والنقاء، يا من تُقضم أرضك قطعة قطعة ويُنتهك عرضك ويقتل أبناؤك في مجازر وحشية كل لحظة.. يا من تستغيثين وتستنجدين بالإخوة والسند والظهير، فلا يسمعك أحد ولا يهتز إنسان، يا من تخوضين حرب وجود مع أشرس وأعتى وأظلم قوى الأرض قاطبة، يا من تدافعين عن أرض وعرض أمة بأكملها قوامها مليارا إنسان، يا من تحبطين مخططات أعداء الأمة وتفشلين مؤامراتهم القذرة المكشوفة، يا من تركناك وحيدة فريسة ونهبًا للمتعطشين للدم ينهشون لحمك ويستبيحون عرضك.. نعترف أننا جميعًا تخلينا عنك وأسلمناك لقمة سائغة لمجرمي التاريخ وأعداء الإنسانية ومخربي الحضارة!

تعجز الكلمات عن وصف كل هذا الإرهاب والإجرام والدمار الذي يشن عليك من قوى هي أبعد ما تكون عن إرادة السلام والرغبة في التعايش مع الآخرين كما يدعون كذبًا ويزعمون تضليلًا!

إن هذه الحرب الإرهابية البشعة المجنونة التي يشنها عليك الكيان الغاصب، تعبر عن مقدار الحقد والشر والشراسة التي  طويت عليها نفوس بني صهيون ذوي التاريخ الأسود المكتوب بالدم والنار ضد كل من يخالفهم ويتصدى لعنصريتهم وعنجهيتهم، ومن ورائهم قوى شريرة تدعمهم بالمال والسلاح وكل أنواع الدعم السياسي والدبلوماسي لتكون بذلك هذه (الدويلة المصطنعة) بمثابة قاعدة عسكرية متقدمة لمن أوجدها وأمدها  بكل ما تحتاجه من وسائل التدمير والتخريب لاختلاق الحروب وإشعال الفتن والصراعات.

إنه زمن انهيار ما أوجده الغرب ذاته من قيم وما صاغه من معايير بعدما اكتشف الجميع أنها مجرد حبر على ورق؛ وإلا فكيف ينظر إلى المجرمين الإرهابيين القتلة الملاحقين دوليًا بجرائم حرب -محتلي الأرض ومغتصبي الحقوق ومبيدي الشيوخ والنساء والأطفال، والمُنادين بقصف غزة بالسلاح النووي والمطلقين وصف الحيوانات البشرية على أهلها- بأنهم هم المعتدى عليهم، وأن كل ما يقومون به هم من فظائع وإبادة إنما يدخل في إطار (الدفاع عن النفس) في الوقت الذي تكال فيه التهم لـ(الضحية) التي تلاقي فيه كل هذه الويلات بأنها هي المتسبب في كل ما يصيبها الآن من حيف، وأنه لولا إقدامها على إطلاق معركة (طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر المجيد عام ٢٠٢٣م) لما كانت تعرضت لما أعقب ذلك، ويتناسى هؤلاء أن (طوفان الأقصى) ما هو إلا نتيجة لعقود متطاولة من الظلم والقهر والاحتلال، وأن أساس المشكلة ولبّها يسبق الطوفان بكثير، ثم بعد ذلك يوصف من ينتقد هؤلاء المجرمين بأنه (معادٍ للسامية)!.

"تلك إذًا قسمة ضيزى"(النجم-22). "مالكم كيف تحكمون"(الصافات-154) "أيتها العير إنكم لسارقون"(يوسف-70).

إن هذا المقدار الجهنمي من توحش وتغول جيش الكيان الصهيوني الفاشي الأسوأ أخلاقية على الإطلاق على مر التاريخ والأقذر سمعة على مستوى العالم في هجومه على (غزة)، إنما يعكس حجم الورطة التي أوقع نفسه فيها؛ ذلك أن الضربات الموجعة التي تسددها المقاومة الباسلة لجنوده المرتزقة فتوردهم موارد التهلكة عبر الكمائن المحكمة التي توقعهم فيها، أكدت وتؤكد بأن هذا الجيش المدجج بكل أنواع الأسلحة الفتاكة، مجرد نمر من ورق يقوده أشخاص جبناء، لا يجيدون المواجهة الحقيقية وكل ما يفعلونه هو القتل لمجرد القتل، في حين أثبت المقاتل الفلسطيني المدافع عن أرضه وعرضه بأنه (أكثر مقاتلي الحرية شجاعة وفدائية في العصر الحديث، وأنه يقدم نماذج فريدة في البطولة والإقدام) كيف لا وهو الذي يواجه ويستهدف جنودًا وجهًا لوجه من مسافة صفر، بينما يستقوي جنود الكيان المجرم على المدنيين العزل والنساء والأطفال ومنتظري المساعدات، فيا له من فارق كبير بين الطرفين!.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

احتفالًا بالذكرى 52:«أكتوبر في عيون الشباب».. القليوبية تُحيي الملحمة لغرس روح العزة في الجيل الجديد

شهد الدكتور وليد الفرماوى وكيل وزارة الشباب والرياضة بالقليوبية مبادرة كبرى بعنوان «أكتوبر في عيون الشباب»، التي نظمتها إدارة الشباب بالتعاون مع اللجنة الرياضية بالمديرية، وذلك احتفالًا بالذكرى الـ52 لانتصارات أكتوبر المجيدة، وذلك بقاعة الشبان المسلمين ببنها، في إطار توجيهات الأستاذ الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، والمهندس أيمن عطية محافظ القليوبية.

وذلك بحضور اللواء أركان حرب دكتور مهندس حافظ محمود والعقيد أسامة رشاد نائب المستشار العسكرى للمحافظة، والدكتور محمد عبد المؤمن وكيل المديرية للرياضة، الشيخ الدكتور ياسر الغياتي وكيل وزارة الأوقاف، الشيخ سعيد أحمد خضر رئيس المنطقة الأزهرية، والدكتور وحيد خلوى امين عام جامعه بنها الأسبق والدكتور محمد صبرى والدكتور ناصر تكفة مدير إدارة الشباب، أحمد يحي مدير إدارة شباب بنها ونخبة من القيادات التنفيذية والعسكرية وعدد من الشخصيات العامة، وبمشاركة واسعة من مراكز شباب القليوبية، والشباب والطلائع.

بدأت فعاليات المبادرة بتلاوة آيات من القرآن الكريم أعقبها السلام الجمهوري، ثم كلمة افتتاحية من الدكتور وليد الفرماوي، وكيل وزارة الشباب والرياضة بالقليوبية، رحب خلالها بالحضور، مؤكدا أن انتصارات أكتوبر ستظل رمزا للفخر والعزة، وتجسد وحدة الجيش والشعب في تحقيق النصر واستعادة الكرامة. وأشار إلى أن الوزارة، برعايةالدكتور أشرف صبحي، تولي اهتماما كبيرا بتنمية الوعي الوطني لدى الشباب من خلال المبادرات والفعاليات التي تسلط الضوء على بطولات القوات المسلحة ودروس الحرب في بناء الإنسان المصري الواعي والمخلص لوطنه.

وألقى الشيخ الدكتور ياسر الغياتي، وكيل وزارة الأوقاف، كلمة أكد فيها أن نصر أكتوبر لم يكن نصرًا عسكريًا فحسب، بل كان نصرًا للإيمان والصبر والعزيمة، مستشهدًا بقول الله تعالى: "وما النصر إلا من عند الله". وأوضح أن الإيمان بالله والثقة في عدالة القضية هما الركيزة الأساسية التي استندت إليها القوات المسلحة المصرية في معركتها، مشيرًا إلى أن روح أكتوبر يجب أن تظل حية في نفوس الشباب من خلال العمل والبناء والتمسك بالقيم الدينية والوطنية.

كما تم خلال فعاليات المبادرة عرض فيديو توثيقي تناول مشاهد العبور التاريخي وبطولات قادة وجنود القوات المسلحة الذين سطروا بدمائهم صفحة مجد خالدة في تاريخ الوطن.

وتضمنت الفعاليات قصيدة وطنية بعنوان "أبطال مجدي وانتصاري"، لأريج مجدي وايمان طارق عبرا فيها عن مشاعر الانتماء والاعتزاز بالوطن، وأن نصر أكتوبر هو انتصار للإرادة والعقيدة والإيمان بالله والوطن.

تلا ذلك كلمة اللواء أركان حرب دكتور مهندس حافظ محمود، الذي تحدث عن الدروس المستفادة من حرب أكتوبر المجيدة، وأهم ما تميزت به من تخطيط وإبداع في إدارة المعركة، موضحًا أن هذا النصر سيظل مدرسة يتعلم منها الأجيال معنى العزيمة والإصرار، ومؤكدًا أن القوات المسلحة المصرية لا تزال تسير على نفس النهج في حماية الأمن القومي وصون مقدرات الوطن.

واختُتمت فعاليات المبادرة بالتأكيد على ضرورة غرس روح الانتماء والفخر في نفوس الشباب، ليظلوا دائما أوفياء لوطنهم وقادتهم، حاملين راية البناء والتنمية كما حمل الأجداد راية النصر والتحرير.

شهدت المبادرة حضورا مميزا من القيادات الشبابية والعاملين بمديرية الشباب والرياضة، وعدد من مديري الإدارات وممثلي مراكز الشباب، وسط أجواء وطنية مفعمة بالفخر والعزة.

وتأتي هذه المبادرة ضمن خطة مديرية الشباب والرياضة بالقليوبية للاحتفال بذكرى نصر أكتوبر المجيد، من خلال تنفيذ سلسلة من الندوات والفعاليات الثقافية والفنية والرياضية بمختلف مراكز الشباب على مستوى المحافظة طوال شهر أكتوبر، بهدف تعزيز روح الولاء والانتماء لدى النشء والشباب وترسيخ القيم الوطنية.

مقالات مشابهة

  • مسيران راجلان ووقفة في محافظة صنعاء نصرة لغزة
  • توزيع 20 ألف سلةٍ غذائية ضمن مشروع العزة والكرامة لعمال الجزيرة
  • احتفالًا بالذكرى 52:«أكتوبر في عيون الشباب».. القليوبية تُحيي الملحمة لغرس روح العزة في الجيل الجديد
  • مسرح البالون يحتفل بذكرى نصر أكتوبر في يوم العزة والكرامة.. صور
  • «وطن العزة والكرامة».. جامعة القاهرة تحتفل بالذكرى 52 لانتصارات أكتوبر
  • غريتا ثونبرغ: قمنا بالدور الذي عجزت عنه الحكومات لغزة
  • إحدى نشطاء أسطول الصمود: قمنا بالدور الذي عجزت عنه الحكومات لغزة
  • يديعوت أحرونوت في ذكرى 73 : أشرف مروان لم يكن جاسوس إسرائيل.. بل بطل خدعها يوم الغفران
  • حنان مطاوع تحيي ذكرى انتصارات أكتوبر: يوم العزة
  • خطة إنقاذ الكيان!