من الاغتيالات إلى الحرب.. كيف قضى بزشكيان عامه الأول رئيسا لإيران؟
تاريخ النشر: 9th, July 2025 GMT
طهران- مع حلول السادس من الشهر الجاري، طوي الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان حولا كاملا على فوزه في رئاسيات إيران 2024، واجه خلاله عاصفة من التحديات غير المسبوقة، اختبرت قدرات حكومته منذ صبيحة تنصيبه التي تزامنت واغتيال إسرائيل إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وسط طهران.
وبعد تزامن إعلان فوزه الانتخابي مع عشية حلول شهر محرم، وهو شهر حزن وعزاء في إيران، حال دون احتفال مؤيديه بالنصر، لم يكن قرار بزشكيان إلغاء مظاهر الاحتفال مفاجئا عقب اغتيال هنية الذي كان قد قصد طهران للمشاركة بحفل تنصيبه، لكن المفارقة أن الاحتفالات بالذكرى الأولى لفوزه ألغيت هذا العام أيضا بسبب تداعيات الهجوم الإسرائيلي والأميركي على الجمهورية الإسلامية.
ولا يخفى على المتابع للشأن الإيراني أن حكومة بزشكيان قد سارت على حبل مشدود في عامها الأول، إذ بدأت ساعاتها الأولى مع نشر نبأ استهداف هنية ثم اغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، رفقة العميد عباس نيلفروشان قائد فيلق القدس الإيراني في لبنان، لترد طهران بقصف إسرائيل بعشرات الصواريخ الباليستية مما فتح صفحة جديدة في الصراع بين العدوين الإقليميين.
توالي الأزماتومع تصاعد منسوب التوتر الإقليمي، واجهت حكومة بزشكيان انتقادات لاذعة واتهامات بالمهادنة من خصومها المحافظين، فحاول بزشكيان -وفق مراقبين- مواجهتها بسياسة "الوفاق" لكن دون جدوى، ومع تفجُّر أزمة عجز الطاقة في الشتاء الماضي اعتذر الرئيس من الشعب، واصفا ذلك بثمرة "تراكم سنوات من سوء التدبير".
كما واجهت حكومته اختبارا مجتمعيا حادا حول قانون الحجاب، عندما امتنعت عن تنفيذه رغم الاحتجاجات التي نظمها مؤيدو القانون قبالة القصر الرئاسي، إذ نُقل عن الرئيس بأنه "لا يقف في وجه الشعب"، كما سعى لتقويض سياسة تقييد الإنترنت ونجح بالفعل بإزالة حجب "واتساب" و"غوغل بلاي" فكانت خطوة رمزية تعكس صراعا بين الرؤية الأمنية والنظرة التنموية لحوكمة الإنترنت.
إعلانوخُتمت السنة الأولى من حكومة بزشكيان بهجوم إسرائيلي وأميركي مباشر على الأراضي الإيرانية أدى لسقوط مدنيين وعسكريين وتدمير منشآت نووية واقتصادية وأمنية، وبعد إعلان وقف إطلاق النار أشاد بزشكيان بالتلاحم والتعاضد الشعبي قائلا "يجب أن نسمع صوت هذا الشعب" فحظيت هذه الجملة بإقبال كبير في الشارع الإيراني.
من ناحيته، يعتقد أمين المجلس الإعلامي الحكومي، محمد كلزاري، أن حكومة بزشكيان تجاوزت في عامها الأول "أزمات جسيمة" كان أي منها قادرا على زعزعة استقرار البلاد، عازيا "سبب توفيقها في تخطي التحديات إلى الروح القيادية الشخصية للرئيس، وصموده لجانب الشعب، وتنسيقه الكامل مع المرشد الأعلى علي خامنئي ومؤسسات الدولة".
توازن الرئيسوفي منشور على منصة "إكس" بمناسبة الذكرى الأولى لفوز بزشكيان الانتخابي، وصف كلزاري أداء الحكومة خلال أزمة الحرب بأنه جمع بين "الإدارة الميدانية المتواصلة والدبلوماسية النشطة"، مبينا أن مسار العام الأول من حكومة بزشكيان "لم يكن برقا ولا ريحا عابرة بل عواصف أحداث جسام".
في السياق، يصف الناشط السياسي الإصلاحي، محمد علي أبطحي، بزشكيان بأنه "أكثر رئيس تعرضا لسوء الحظ بتاريخ البلاد"، حيث واجه منذ وصوله إلى سدة الحكم "ضغوطا متراكمة منذ نحو 30 عاما".
وفي حديثه للجزيرة نت، يحيّي أبطحي الرئيس بزشكيان على "تحمله أصعب الظروف والأزمات في تاريخ إيران بعد الثورة، وأبرزها الحرب الأخيرة التي واجهت فيها إيران طوال 12 يوما واشنطن وتل أبيب مباشرة"، مضيفا أن الرئيس بذل جهودا جبارة لتحسين معيشة المواطن وتعزيز علاقات البلاد الخارجية وإبعاد شبح الحرب، لكن العدو فرضها رغم معارضة بزشكيان لها وتشديده على التفاوض.
ويعتب أبطحي على زميله السابق في حكومة الرئيس الأسبق محمد خاتمي التي تولى بزشكيان فيها حقيبة الصحة، لأنه أطلق سياسة الوفاق الوطني من طرف واحد وتعامل بحسن نية مع جميع التيارات السياسية، بينما دأب المتشددون على تشويه سمعة حكومته، مستدركا أن الحرب الأخيرة رفعت مستوى الوفاق المنشود بشكل كبير في المجتمع الإيراني.
وبرأيه، فإن الشعب راض عن دور حكومة بزشكيان رغم الضغوط الدولية، وأن قلة فقط من الإيرانيين يرون أن الأحداث الأخيرة نابعة عن أداء حكومته، مشددا على أنه رغم كل الأزمات لكن الرئيس حافظ على شعبيته طوال العام الماضي.
View this post on InstagramA post shared by الجزيرة (@aljazeera)
رغم الانتكاسةفي المقابل، يقول الناشط السياسي المحافظ محمد مهاجري، إن شعبية بزشكيان تعرضت لانتكاسة خلال العام الماضي، وإن بعضا من الشعارات والوعود التي أطلقها إبان حملته الانتخابية لم تتحقق بعد، لكنه استدرك أن مسار الأحداث الطارئة لم يدع مجالا للتطرق لبعض الملفات على الصعيد الداخلي.
ويضيف مهاجري للجزيرة نت، أن بزشكيان كسب بالفعل درجة "نجاح" في اختبار تحقيق الوعود التي أطلقها، وأن التيار المحافظ يقدّر الظروف التي مرت بها حكومته، موضحا أن الضغوط الخارجية النابعة عن عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض كان لا مفر منها.
إعلانولدى إشارته إلى تشديد العقوبات الأميركية على إيران والتهديدات الإسرائيلية خلال العام الماضي، يعتقد مهاجري أن التطورات الدولية الأخيرة كان لا بد منها حتى لو كان نجح المرشح الرئاسي المنافس لبزشكيان في الانتخابات الماضية، موضحا أنه كان من شأن الخطاب الثوري لدى المرشح الخاسر أن يرفع مستوى التوتر في المنطقة.
من جانبه، يعتقد أستاذ الاقتصاد بجامعة طهران محمد خوش جهره، أن حكومة بزشكيان قد حاولت عمليا في الظروف الحرجة الحفاظ على الوضع القائم والاهتمام بمعيشة الموطن، في ظل العقوبات والضغوط والحرب المفروضة على البلاد.
وفي مقال تحت عنوان "مساعي حكومة بزشكيان لتوفير الاحتياجات الأساسية" نشره بصحيفة "إيران"، يرى جهره أن الأولويات الرئيسية في بلاده قد تغيرت إثر التطورات الأخيرة، حيث أصبح الأمن القومي وضمان سلامة الأراضي الوطنية في مقدمة الاهتمامات، بدلا من التركيز على الأهداف الاقتصادية بما يلزم تخصيص جزء كبير من موارد البلاد لتلبية الاحتياجات الأمنية والدفاعية وهذا ما حصل مؤخرا.
وخلص الأكاديمي الإيراني إلى أن الهدف الأكثر أهمية للحكومة في الظروف الراهنة هو الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والأمني وليس السعي لتحقيق أهداف تنموية وهمية، حتى لو كان ذلك يعني تراجعا كبيرًا بتحقيق الأهداف الاقتصادية، مشيدا بأداء الحكومة بتأمين معيشة المواطن، لا سيما في فترة الحرب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات حکومة بزشکیان
إقرأ أيضاً:
اختلاف أمريكي وإسرائيلي بشأن التعامل مع إيران بعد الهجمات الأخيرة
أكد مراقبون أنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عندما التقيا في البيت الأبيض، شعرا بنشوة انتصارهما على إيران، إلا أنه تباينت وجهات النظر حول أهدافهما النهائية في إيران وغزة والشرق الأوسط ككل.
وأشاد ترامب ونتنياهو بنجاح الغارات التي استهدفت البنية التحتية النووية لإيران الشهر الماضي، وأكدا أنهما أعاقا برنامجا يقولان إنه كان يهدف إلى صنع قنبلة نووية.
ونقلت وكالة "رويترز" عن دبلوماسيين أنّه "مع تقييمات المخابرات التي تشير إلى أن إيران تحتفظ بمخزون مخبأ من اليورانيوم المخصب والقدرة التقنية على إعادة البناء، يدرك كل من ترامب ونتنياهو أن انتصارهما قصير المدى وليس انتصارا استراتيجيا".
وأضاف الدبلوماسيان أن الخلاف بين الزعيمين يكمن في كيفية زيادة الضغط على إيران، موضحين أنّ أولوية ترامب هي الاعتماد على الدبلوماسية مع متابعة هدف محدود يتمثل في ضمان عدم صنع إيران لسلاح نووي، وفي هذا الصدد تنفي طهران دوما سعيها للحصول على سلاح نووي.
ووفقا لمصدر مطلع على تفكير نتنياهو، يريد الأخير في المقابل استخدام المزيد من القوة، وذلك لإجبار طهران على تقديم تنازلات جوهرية بشأن التخلي عن برنامج تخصيب اليورانيوم، الذي تعتبره تل أبيب تهديدا وجوديا، حتى لو أدى ذلك إلى انهيار الحكومة.
ولفتت "رويترز" إلى أنّ الانقسام حول إيران يعكس الوضع في قطاع غزة، مبينة أنّ ترامب الحريص على تصوير نفسه كصانع سلام عالمي، يدفع باتجاه وقف إطلاق نار جديد بين تل أبيب وحركة حماس، لكن معالم أي اتفاق بعد الحرب لا تزال غير محددة، والنهاية غير مؤكدة.
وتابعت: "رغم تأييد نتنياهو العلني لمحادثات وقف إطلاق النار، فإنّه يصر على التزامه بالقضاء تماما على حماس، الحليف الاستراتيجي لإيران. ويريد رئيس الوزراء الإسرائيلي ترحيل ما تبقى من قيادة حماس، ربما إلى الجزائر، وهو مطلب ترفضه حماس بشكل قاطع".
وذكر مسؤولان في الشرق الأوسط أنّ "الفجوة بين التهدئة المؤقتة والحل الدائم لا تزال واسعة".
وفيما يتعلق بإيران، قال الشخص المطلع على تفكير نتنياهو إن رئيس الوزراء أبدى استيائه من إحياء واشنطن للمحادثات النووية مع طهران والمتوقعة في النرويج هذا الأسبوع، وهي أول مبادرة دبلوماسية منذ الهجمات.
ويعارض نتنياهو أي خطوة من شأنها أن تمنح السلطات الإيرانية شريان حياة اقتصاديا وسياسيا.