جيش الاحتلال والموساد وتاريخ من الصراعات والإخفاقات
تاريخ النشر: 10th, July 2025 GMT
في كواليس المنظومة الأمنية الإسرائيلية الموجهة للخارج، يدور صراع على النفوذ بين جناحيها الأساسيين: الجيش وجهاز الاستخبارات الخارجية (الموساد) في ظل اختلاف الرؤى على طريقة إدارة التهديدات الخارجية.
لسنوات طويلة، تمكنت هذه الأجهزة من إدارة نزاعاتها الداخلية تحت مظلة "التنسيق الأمني" لكن التسريبات والاتهامات المتبادلة مؤخرا عرت الانقسامات الكامنة.
ويقدم هذا التقرير عرضا لجذور الصراع، ويحلل محطاته المفصلية، ليكشف كيف باتت الانقسامات الداخلية تؤثر على تماسك المنظومة الأمنية الإسرائيلية، وقدرتها على مواجهة التحديات المصيرية.
تعود جذور العلاقة بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وجهاز الموساد إلى مرحلة تأسيس إسرائيل ذاتها، حيث ولدت المؤسستان في ظل بيئة سياسية وأمنية مضطربة أعقبت إعلان قيام دولة الاحتلال على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.
وقد جرى إنشاء الجيش ليكون القوة العسكرية المسؤولة عن حماية المشروع الاستيطاني وترسيخ احتلال الأرض بالقوة، بينما أسس الموساد في ديسمبر/كانون الأول 1949 بناء على مقترح رؤوفين شيلواح، المقرب آنذاك من رئيس الوزراء ديفيد بن غوريون، ليكون ذراعا استخباراتيا خارجيا مكلفا بمهام جمع المعلومات الاستخباراتية وإدارة العمليات الخاصة ضد الخصوم خارج حدود فلسطين المحتلة.
ورغم وضوح الأدوار المرسومة نظريا، لم يعرف الواقع انسجاما دائما بين هاتين المؤسستين، إذ سرعان ما بدأ التنافس والتداخل على إدارة الملفات الحساسة، ليتحول إلى صراع مستمر على النفوذ والفضل.
وكان أول مشهد دراماتيكي لهذا التوتر في فضيحة لافون عام 1954، حين أدار الموساد شبكة تخريبية باسم "الوحدة 131" في مصر لتنفيذ تفجيرات بهدف تقويض علاقتها مع بريطانيا والولايات المتحدة.
إعلانومع انكشاف الشبكة واعتقال عناصرها على يد الأمن المصري، تفجرت أزمة داخلية حادة، فالجيش الإسرائيلي اتهم الموساد بتوريط الكيان في مغامرات غير محسوبة، وقد رد الموساد باتهام قيادة الجيش بالتنصل من المسؤولية لتحميله وحده كلفة الفشل.
وبدأت التوترات تتفاقم بين جناحي القوة منذ أزمة روتيم عام 1960 التي بدأت باستفزازات إسرائيلية على طول الحدود مع سوريا، ونَشرت مصر قواتها المسلحة على الجبهة الجنوبية لإسرائيل غير المحمية إلى حد كبير، مما أدى إلى مفاجأة إسرائيل، وأظهر إخفاقا استخباراتيا في صفوف الجيش والاستخبارات، مما أثر على الثقة الداخلية بين الموساد والجيش.
ثم جاءت عملية ميونخ 1972 لتكشف عن انقسام آخر، عندما نفذت مجموعة "أيلول الأسود" هجوما ضد رياضيين إسرائيليين، حيث أصر الموساد حينها -وفقا لوسائل إعلام إسرائيلية- على الرد عبر سلسلة اغتيالات سرية استهدفت قيادات فلسطينية في أوروبا، ومن جانبها دعت قيادة الجيش إلى تنفيذ ضربات عسكرية واسعة النطاق ضد الفصائل الفلسطينية في لبنان وسوريا.
وفي حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 تفاقم التوتر بين الموساد والجيش، حين أرسل رئيس الموساد زفي زمير آنذاك تحذيرًا عاجلا بأن هجوما مشتركا وشيكا ستشنه مصر وسوريا على إسرائيل.
ورغم نقل الموساد التحذير، إلا أن الجيش والإدارة السياسية تأخرا في التفاعل، وفقًا لتقارير لجنة أغرانات، حيث تبنّت إسرائيل المفهوم القائل إن العرب لن يهاجموا، مما ساهم في إضعاف الإنذار المبكّر وتفاقم فجوة الثقة بين الموساد والجيش.
إخفاقات تفجر الصراع
مع دخول الألفية الجديدة، تصاعد الانقسام مدفوعا بإخفاقات ميدانية متكررة هزت صورة "التفوق الأمني" التي طالما تفاخرت بها إسرائيل، وسط تبادل الاتهامات وتحميل المسؤوليات عن الفشل.
وقد شكلت حرب لبنان الثانية عام 2006 نقطة تحول بارزة، إذ فاجأ حزب الله قيادة الجيش والموساد الإسرائيلييْن بعملية أسر الجنود الإسرائيليين وإطلاق الصواريخ تجاه المستوطنات، وعلى إثرها اعتبر قادة الجيش أن الموساد أخفق في تقديم معلومات دقيقة عن قدرات حزب الله الصاروخية وانتشاره الميداني بالجنوب اللبناني.
وفي المقابل، رد الموساد باتهام القيادة العسكرية بالاستخفاف بالمعطيات الاستخباراتية، وإدارة المعركة بشكل مرتجل مما أدى إلى فشل تحقيق "نصر حاسم".
وقد كشفت لجنة "فينوغراد" -التي حققت في إخفاقات الحرب- عن فجوة عميقة في التنسيق العملياتي بين الجانبين، معتبرة أن غياب الرؤية الموحدة ساهم في حالة التخبط الإستراتيجي.
وتفجر الخلاف أيضا بعد عملية اغتيال القيادي في حماس محمود المبحوح في دبي عام 2010، حيث انتقد قادة الجيش الموساد بشدة على خلفية تداعيات هذه العملية معتبرين أنها وضعت إسرائيل في مواجهة أزمة دبلوماسية خانقة وهددت باندلاع تصعيد ميداني في غزة.
وتكرر المشهد ذاته خلال الحروب على غزة، لاسيما عدوان 2014، حيث تباينت التقديرات بين هاتين المؤسستين بشأن قدرات حركة حماس على تطوير الأنفاق الهجومية، فالجيش رأى أن الموساد بالغ في تقدير حجم التهديدات، بينما أصر الموساد على أن تجاهل تحذيراته كاد أن يوقع المستوطنات الجنوبية في كارثة، بحسب صحيفة هارتس الإسرائيلية.
إعلانوهذه الإخفاقات الأمنية المتكررة التي تعرضت لها إسرائيل، يقرأها أيمن البراسنة أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالجامعة الأردنية على أنها تتجاوز كونها عثرات فردية أو فشلا مؤقتا، بل تعكس أزمة ثقة متبادلة، مما يحولها إلى أدوات تصفية حسابات داخلية.
لكن الحدث الأكثر زلزلة للمنظومة الأمنية الإسرائيلية كان عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، حين نفذت المقاومة الفلسطينية هجوما واسع النطاق وغير مسبوق ضد المواقع العسكرية والمستوطنات في غلاف غزة.
وهنا حمل الجيش الإسرائيلي الموساد مسؤولية "العمى الاستخباراتي" وعدم كشف الاستعدادات الهجومية للمقاومة الفلسطينية رغم المؤشرات المتراكمة، بينما رد الموساد بأن القيادة العسكرية تعمدت تجاهل التحذيرات التي قدمها الجهاز منذ أسابيع خوفا من جر الكيان لمواجهة كبرى في غزة.
وعلى عكس المحطات السابقة، لم يقتصر السجال هذه المرة على تبادل الاتهامات، بل خرج إلى العلن إذ بدأت الصحف الإسرائيلية تتحدث صراحة عن "حرب الجنرالات" داخل المنظومة الأمنية، مع تسريبات عن صدامات داخل "الكابينت" بين رئيس الأركان السابق هرتسي هاليفي ورئيس الموساد ديفيد برنيع بشأن أسباب الفشل الذريع، وهو ما عزز الانطباع بأن الكيان فقد القدرة على التنسيق الفعال بين جناحي القوة.
وقد تصاعدت الأزمة أكثر مع موجة استقالات غير مسبوقة ضربت المستوى العسكري، حيث أعلن قادة عسكريون كبار عن تنحيهم، بينهم قائد المنطقة الجنوبية ياران فينكلمان، كما قدم رئيس الاستخبارات "أمان" أهرون حليفة استقالته محذرا من انهيار منظومة القيادة والسيطرة، وسط حالة الانقسام الحاد بين المستويات العسكرية والسياسية.
وحتى داخل الموساد نفسه، كشفت تقارير إسرائيلية عن تهديد بعض القيادات بالتنحي إذا استمرت الحكومة في تحميلهم بمفردهم تبعات الإخفاق الاستخباراتي.
منافسة على الفضل بمواجهة إيران
وامتد الصراع إلى حرب علنية على السبق في المواجهة مع إيران، فقد اتهم قادة الجيش جهاز الموساد بـ"تضخيم بطولاته" في الهجمات على طهران في 13 يونيو/حزيران، مؤكدين أن عملياته كانت هامشية وأنه عمل تحت قيادة الجيش بنسبة لا تتجاوز 1% وفقا لصحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية.
ورد الموساد بأن الفضل الحقيقي يعود له في إبطاء مشروع إيران النووي لسنوات، متهما المؤسسة العسكرية بالفشل الذريع بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، ومحاولة الاستحواذ على إنجازات ليست لها، بحسب الصحيفة.
وبلغ التنافس ذروته حينما أقدم رئيس الموساد على إلغاء "الخطة الطموحة" للتعامل مع المشروع النووي الإيراني دون التنسيق مع الجيش، وبرر قراره بأن الجيش "غير قادر على تنفيذ المهام" في ظل الضغوط المتعددة بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وهذا القرار، قالت عنه يديعوت أحرونوت الإسرائيلية إنه فجر غضب هيئة الأركان التي اعتبرته "طعنة في الظهر" ومحاولة للتنصل من خطة أثارت جدلاً لسنوات، ورأى قيادات الجيش في خطوة برنيع مؤشراً على أن الصراع لم يعد خلافًا على الصلاحيات، بل تحول إلى معركة نفوذ مفتوحة تهدد بتفكيك المنظومة الأمنية من الداخل.
وبدوره، يرى أيمن الروسان الخبير العسكري ومحلل الشؤون الدفاعية أن التنافس الحاد بين الطرفين ساهم بشكل ملحوظ في إضعاف القدرة الاستخبارية والتنفيذية لإسرائيل، وهو ما مكّن حماس من تنفيذ أكبر خرق أمني في تاريخ إسرائيل الحديث دون إنذار فعال. ويُتوقع أن تُحدث هذه الفجوة مراجعات جوهرية في هيكل الاستخبارات وتقسيم المهام بعد الحرب.
في خضم الصراع، برزت ملامح انجرار الأجهزة الأمنية إلى صراع الولاءات بين مراكز القوة السياسية وعلى رأسها مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
إعلانوتجلت هذه الظاهرة عندما سارع نتنياهو لزيارة مقر الموساد، مشيدا بما اعتبره "مساهمات هامة" خلال الحرب الأخيرة ضد إيران ولبنان.
وفي سياق متصل، أثار نتنياهو عاصفة من الجدل بتعيينه اللواء ديفيد زيني رئيسًا للشاباك خلفًا لرونين بار، عقب توتر حاد بينه وبين الأخير، إذ اتهمه رئيس الحكومة بـ"فقدان المصداقية" ورد بار متهماً نتنياهو بمحاولة "جر الجهاز إلى مستنقع التجاذبات السياسية".
ويؤكد الروسان -للجزيرة نت- أن تسييس الأجهزة الأمنية ليس جديداً لكنه تفاقم بعد حرب غزة 2023، وبات يمثل تهديدًا خطيرًا لوحدة المنظومة الأمنية واستقرار القرار السياسي، لأنه يضرب جوهر التوازن الذي تقوم عليه دولة تعتمد بشكل أساسي على تفوقها الاستخباراتي والعسكري.
ويضيف الخبير العسكري أن تسييس الأمن في إسرائيل يُهدد المنظومة من 3 جوانب:
الأول: تقويض وحدة القيادة الأمنية وفقدان الثقة الداخلية. الثاني: زعزعة الاستقرار السياسي نتيجة اتهامات متبادلة وتسريبات. الثالث: إضعاف هيبة الردع الخارجي وفتح الباب لتحديات جديدة من خصوم إقليميين.في حين يرى البراسنة أن العلاقات المتوتّرة بين رئيس الحكومة والمؤسّسة الأمنيّة فاقمت حدة الصراع، إذ يعتبر نتنياهو الجنرالات أنّهم ألدّ منافسيه ولذلك فهو يسعى جاهدا للتدخل في المؤسسة الأمنية لتطويعها وجعلها تتماهى مع أجندته التي ترتهن لرؤى وتصورات التيارات الدينية.
وقد ازدادت الأزمة حدة في مارس/آذار الماضي، حين تدخلت المحكمة العليا الإسرائيلية وأوقفت إجراءات عزل نتنياهو، محذّرة من "تضارب المصالح" في ظل التحقيقات الجارية بعد الكشف عن تلقي مقربين من نتنياهو أموالًا لتحسين صورته، في أزمة جديدة تهدد مستقبله السياسي.
ولم تكن هذه المحاولة هي الأولى، فقد كشف يورام كوهين (رئيس الشاباك السابق من 2011 حتى عام 2016) في 7 أبريل/نيسان 2025 بأن نتنياهو سبق وطلب منه كرئيس للشاباك استبعاد نفتالي بينيت (المنافس السياسي لنتنياهو) من مجلس الوزراء الأمني وإلغاء تصريحاته الأمنية بحجة وجود مشكلة خاصة بولائه أثناء خدمته في الجيش، وهو طلب رفضه كوهين.
وقد دفعت هذه المؤشرات معهد الدراسات الأمنية القومي الإسرائيلي إلى التحذير من وجود فجوة واضحة بين القيادة السياسية والقيادة العسكرية في التنسيق الإستراتيجي.
ووفقًا للمعهد، فإن القيادة السياسية لم توفر توجيهًا إستراتيجيًا طويل الأمد أو إشرافًا دقيقًا على الخطط العسكرية، مما أدى إلى انفصال بين مستويات مفهوم الأمن.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات الأمنیة الإسرائیلیة أکتوبر تشرین الأول المنظومة الأمنیة الأجهزة الأمنیة قیادة الجیش رئیس ا
إقرأ أيضاً:
محللون: فيديو القسام يمس “الكرامة الإسرائيلية” ورسالة تفاوض بالنار
#سواليف
بات قطاع #غزة على صفيح ساخن بعدما رفعت #المقاومة من وتيرة عملياتها ضد #جيش_الاحتلال الإسرائيلي، في وقت تتواصل فيه #مفاوضات #الدوحة للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار وتبادل #الأسرى.
وبثت #كتائب_القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، مشاهد توثق محاولة أسر جندي إسرائيلي قبل قتله والاستحواذ على سلاحه في #كمين_مركب شرقي #خان_يونس (جنوبي قطاع غزة).
ووصفت وسائل إعلام إسرائيلية فيديو القسام بأنه مرعب وصعب وغير مناسب لذوي القلوب الضعيفة، كما أنه يكذب رواية الإعلام الإسرائيلي، إذ لم يقاتل الجندي بشراسة بل فر من أرض المعركة، في حين اختار مقاتلو حماس ترك جثته وأخذ سلاحه فقط.
مقالات ذات صلة ناجحون في الامتحانات التنافسية / أسماء 2025/07/11ويمس هذا الفيديو “الكرامة الوطنية الإسرائيلية” في ظل الأسطورة التي بناها جيش الاحتلال بشأن جنوده، مما يكسر الثقة بينه وبين المجتمع الإسرائيلي، وفق حديث الخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى لبرنامج “مسار الأحداث”.
ويؤكد فيديو القسام أن ثمة حربا صعبة تدور في غزة رغم استمرار مفاوضات وقف إطلاق النار، حسب المستشار السابق للأمن القومي الأميركي مايكل فايفل.
ومن هذا المنطلق، تبرز مخاوف في إسرائيل بعد هدنة الـ60 يوما المفترضة من أن تعيد حماس ترميم قواتها وتستعيد قدراتها العسكرية، مما قد يعرقل سير مفاوضات وقف الحرب.
أما عسكريا، لم تنجح الإستراتيجية التي أتى بها رئيس الأركان الجديد إيال زامير، إذ زادت عمليات المقاومة بوتيرة دموية أعلى وخسائر بشرية أكثر.
ويعني هذا أن جيش الاحتلال لم يأخذ إرادة القتال في عين الاعتبار، وفق الخبير العسكري إلياس حنا، بعدما استطاعت المقاومة التأقلم وإنتاج قيادات جديدة ذات خبرة.
رسالة تفاوض بالنار
وكذلك، يأتي تصاعد عمليات المقاومة في سياق حرب استنزاف، إذ زادت وتيرتها بعد وقف حرب إيران، في رسالة مفادها بأن غزة ستبقى عقدة وثقبا ينزف بذاكرة المجتمع الإسرائيلي، كما يقول الكاتب والمحلل السياسي أحمد الحيلة.
وتمثل هذه العمليات أيضا رسالة تفاوض بالنار، ومستوى عاليا من الضغط العسكري ينعكس على طاولة المفاوضات، وكذلك على زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن.
وبناء على هذا الوضع، لا يوجد خيار أمام إسرائيل سوى إيقاف عدوانها والانسحاب بعد فشل المقاربة العسكرية، في حين هناك خبث وسوء نية واضح لدى نتنياهو المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية بتهم جرائم حرب في غزة.
ويشير الحيلة إلى أحدث تصريحات نتنياهو التي حذر فيها من العودة للقتال “إذا لم يتم نزع سلاح حماس وتفكيك الحركة خلال فترة 60 يوما”.
بقاء أم انسحاب؟
وأعرب الخبير العسكري عن قناعته بأن ما تقوم به المقاومة له أبعاد مختلفة في مرحلة ما بعد نهاية الحرب تتعلق بمصير المقاومة وسلاحها والقيادات السياسية والعسكرية.
ويؤكد حنا أن رفض المقاومة قبول خرائط جديدة للانسحاب الإسرائيلي يشير إلى أن المرحلة المقبلة سيكون فيها القتال دمويا والثمن مرتفعا.
ويعني بقاء جيش الاحتلال في محور موراغ جنوبا أنه “قادر على البدء من حيث انتهى بعد هدنة الـ60 يوما”، في حين تريد المقاومة انسحابه للعمل على مساحة أكبر وتكبيد إسرائيل أثمانا كبرى، فضلا عن إمكانية الحصول على استعلام تكتيكي تحضيرا للفترة المقبلة.
أما سياسيا، لا يريد نتنياهو التعهد بالانسحاب من قطاع غزة وليس وقف الحرب، إذ يعتقد بأن هذه ورقة ضغط قوية على حماس، وفق مصطفى، كما أن عدم الانسحاب يمكن إسرائيل من الاحتفاظ بمنطقة تبني فيها ما تسمى بـ”مدينة إنسانية”، مما يبقي فكرة التهجير قائمة.
في المقابل، لا يريد جيش الاحتلال هذه المنطقة لكونها مكلفة ماديا، كما أنه لا يستطيع تنفيذها، وتحوله عمليا إلى شرطة مدنية في غزة، وتؤكد غياب أي أفق سياسي وإستراتيجي للحكومة الإسرائيلية.
وفي هذا السياق، قالت هيئة البث الإسرائيلية إن كلفة إنشاء “المدينة الإنسانية” بغزة تقدر بـ20 مليار شيكل (6 مليارات دولار)، مما يعادل نصف ميزانية وزارة الدفاع.
وبين هذا وذاك، يحاول زامير رسم صورة نصر رقمية، مع رسالة مبطنة مفادها بأنها لا يمكن تحقيق أهداف إسرائيل بتدمير حماس ونزع سلاحها، مع ضرورة الذهاب للحل السياسي كأفضل خيار لكي يرتاح الجيش ويعيد بناء نفسه وذخيرته، حسب حنا.