اليونيسف تحذر من تفاقم سوء التغذية الحاد بين الأطفال في دارفور
تاريخ النشر: 11th, July 2025 GMT
كشفت بيانات جديدة، مثيرة للقلق، نشرتها منظمة اليونيسف، اليوم الجمعة، عن ارتفاع كبير في عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم في ولايات دارفور الخمس بنسبة 46% خلال الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام.
الخرطوم ــ التغيير
ووفقا لأحدث المسوحات التي غطت الفترة حتى مايو 2025، تم إدخال أكثر من 40 ألف طفل لتلقي العلاج في شمال دارفور وحدها، وهو ضعف العدد المسجل في الفترة نفسها من العام الماضي.
في 9 من أصل 13 منطقة في دارفور، تجاوز معدل سوء التغذية الحاد مستويات الطوارئ التي حددتها منظمة الصحة العالمية. وفي هذا السياق، حذر ممثل اليونيسف في السودان، شيلدون يت، من أن الأطفال في دارفور “يعانون من الجوع بسبب النزاع، ويُحرمون من المساعدات التي يمكن أن تنقذهم”.
وقال المسؤول الأممي : “حتى قبل أن يبلغ موسم الجفاف ذروته، فإن هذه الأرقام مرتفعة بشكل خطير، ومن المرجح أن تتفاقم دون اتخاذ إجراءات إنسانية سريعة. إنها لحظة الحقيقة؛ فحياة الأطفال تعتمد على ما إذا كان العالم سيختار التحرك أو تجاهل الأمر”.
وضع يعكس واقع السودانأفادت اليونيسف بأن الوضع مقلق بالقدر نفسه في أجزاء أخرى من البلاد. فقد ارتفعت حالات سوء التغذية الحاد الوخيم بنسبة تزيد عن 70% في شمال كردفان، وبنسبة 174% في ولاية الخرطوم، وبنسبة مذهلة بلغت 683% في ولاية الجزيرة. إلا أن اليونيسف أشارت إلى أن الزيادة في معدلات القبول للعلاج في الجزيرة والخرطوم تعكس جزئيا على الأرجح تحسنا في الوضع الأمني وإمكانية وصول المساعدات الإنسانية.
ومع دخول السودان الآن ذروة موسم الجفاف، يتزايد خطر وفيات الأطفال الجماعية بسرعة في المناطق التي تقترب بالفعل من عتبات المجاعة. وقالت اليونيسف إن تفشي الكوليرا وحالات الحصبة وانهيار الخدمات الصحية كلها عوامل تزيد من تفاقم الأزمة، مما يعرض الأطفال الضعفاء لخطر أكبر.
اشتداد الصراع في شمال دارفورمنذ أبريل، اشتد الصراع في شمال دارفور – وخاصة حول الفاشر ومخيم زمزم، حيث حوصرت أحياء بأكملها وقُصفت المستشفيات وأُغلقت الطرق، فيما تواجه قوافل المساعدات أعمال نهب وهجمات، وأصبح الوصول الإنساني الآن شبه معدوم.
وذكرت منظمة اليونيسف أنها تمكنت من إيصال دفعة من الإمدادات إلى الفاشر في وقت مبكر من هذا العام، لكن انعدام الأمن حال دون إرسال المزيد. وحذرت المنظمة من أن إمدادات الأغذية العلاجية الجاهزة للاستخدام في الفاشر قد استنفدت الآن، وأن المرافق الصحية في زمزم ومحيطها قد أغلقت أبوابها. وقالت إن نقص المياه وسوء الصرف الصحي يفاقمان خطر انتشار الكوليرا وغيرها من الأمراض الفتاكة.
نتيجة لهذا الوضع، فرّ ما يقرب من 400 ألف شخص من مخيم زمزم، وسار الكثيرون مسافة 70 كيلومترا على الأقدام للوصول إلى منطقة طويلة.
وقالت اليونيسف إنها تبذل قصارى جهدها مع الشركاء لإنقاذ الأرواح – من علاج الجرحى والمصابين بسوء التغذية، إلى حفر الآبار وتوزيع الغذاء – “إلا أن العنف لا يزال يُولّد احتياجات جديدة تفوق قدرة المنظمة على الوفاء بها”.
مطالب ملحة
وطالبت اليونيسف جميع الأطراف، بإلحاح، بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية بسرعة وأمان ودون عوائق إلى السكان المتضررين في دارفور وكردفان، ودعت إلى تجديد الضغط الدبلوماسي لوقف الأعمال العدائية للسماح بوصول المساعدات المنقذة للحياة إلى الأطفال.
كما دعت المجتمع الدولي إلى تمويل الاستجابة الإنسانية بالكامل وضمان استمرار سلاسل الإمداد للأغذية العلاجية والإمدادات الطبية. وقالت الوكالة الأممية إنها تحتاج إلى 200 مليون دولار إضافية هذا العام لدعم وتوسيع خدمات التغذية الأساسية، بما في ذلك علاج سوء التغذية الحاد الوخيم وتوصيل الأغذية العلاجية.
يذكر أن سوء التغذية الحاد الوخيم، المعروف أيضا بالهزال الشديد، هو أشد أشكال سوء التغذية فتكا، حيث إن الأطفال المصابين به معرضون بشدة لمضاعفات تهدد حياتهم، ويعانون من معدل وفيات مرتفع إذا لم يتلقوا رعاية كافية أو مناسبة.
الوسومإقليم دارفور إنقاذ الأرواح الأطفال اليونسيف سوء التغذية علاج الجرحى والمصابينالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: إقليم دارفور إنقاذ الأرواح الأطفال اليونسيف سوء التغذية علاج الجرحى والمصابين
إقرأ أيضاً:
استمرار الحرب في السودان يُفاقم أزمة النازحين غرب البلاد
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا يسلط الضوء على تدهور الوضع الإنساني في السودان بسبب النزاع المسلح، مما دفع منظمات الإغاثة إلى التحذير من عواقب استمرار الأزمة.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الأوضاع الإنسانية تزداد سوءا في غرب البلاد، فيما تواجه المنظمات الدولية تحديات غير مسبوقة بسبب الانخفاض الحاد في التمويل.
وقالت الصحيفة إن الآلاف في ولاية شمال دارفور اضطروا إلى الفرار سيرًا على الأقدام هربًا من القصف والانتهاكات التي تمارسها أطراف النزاع بحق السكان المحليين.
وحسب تقرير صادر عن المنظمة الدولية للهجرة نُشر في السادس من تموز/ يوليو الجاري، أصبحت ولايتا شمال دارفور وغرب دارفور من أكثر المناطق تضررا في البلاد، حيث تشكلان مسرحا لأبشع الانتهاكات في نزاع أدى إلى نزوح ما لا يقل عن 11.3 مليون نسمة حتى الآن.
وتؤوي ولاية شمال دارفور نحو 18 بالمئة من إجمالي عدد النازحين المسجّلين في السودان كما تعد مغادرة مدينة الفاشر، عاصمة الإقليم، الخاضعة حاليا لسيطرة قوات الدعم السريع، أمرا بالغ الخطورة، كما أن النزوح إليها لا يقل خطورة حيث تنتشر عمليات الإعدام والتجنيد الإجباري للرجال فوق سن 15 ضمن قوات حميدتي.
انتهاكات جماعية
تقول مستشارة الشؤون الإنسانية في منظمة أطباء بلا حدود، ماتيلد سيمون، التي أعدت تقريرا نُشر في الثالث من تموز/ يوليو حول "الانتهاكات الجماعية" المرتكبة في غرب السودان: "أكثر ما يلفت الانتباه عند الوصول إلى أحد المخيمات هو قلة عدد الشباب الذكور".
وبحسب المديرة التنفيذية لمنظمة اليونيسف كاثرين راسل، فإن الأطفال يتعرضون للاختطاف والاغتصاب مثل النساء، مضيفة أنه في آذار/ مارس الماضي، اغتصب رجال مسلحون أطفالا رضعا لا تتجاوز أعمارهم عامًا واحدًا.
ووفقًا لتقرير المنظمة الدولية للهجرة، فإن 75 بالمئة من النازحين في مخيم زمزم تم تهجيرهم إلى بلدة طويلة.
وقد باتت هذه بمثابة العاصمة الميدانية لجهود الإغاثة الإنسانية غرب السودان، حيث أقامت منظمة أطباء بلا حدود خيامًا فوق ألواح خرسانية لتخزين الحصص الغذائية الطارئة.
ونقلت الصحيفة عن سيف، وهو مسؤول محلي غادر مخيم أبو شوك للنازحين على مشارف مدينة الفاشر في 15 حزيران/ يونيو الماضي مع آلاف آخرين جراء القصف والاعتداءات: "عند الوصول إلى طويلة، وجدنا بعض المساعدات من المنظمات غير الحكومية، لكنها لا تكفي مقارنةً بعدد النازحين".
ورغم أن منظمة أطباء بلا حدود تخزن هناك نحو 200 طن من المواد الغذائية الجاهزة للتوزيع، إلا أن هذه المساعدات لا يمكن إيصالها إلى السكان المحاصرين في الفاشر بسبب الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع على المنطقة.
تفاقم الأزمة
وأوضحت الصحيفة أن الأزمة الإنسانية في دارفور تفاقمت مع تزايد المخاطر الصحية، إذ تُعد ظروف العيش في مخيمات النازحين بيئة خصبة لانتشار الأمراض المعدية.
وفي الثالث من تموز/ يوليو، أطلقت الأمم المتحدة تحذيرًا من احتمال تفشي وباء الكوليرا في المنطقة.
وقالت ماتيلد سيمون: "من المرجح تفاقم موجة تفشي الوباء مع حلول موسم الأمطار، لكن سوء التغذية يبقى العامل الرئيسي الذي يزيد من خطورة الأمراض الأخرى"، موضحة أن الأوضاع الميدانية تزداد سوءا في ظل غياب الحماية اللازمة للمرافق الصحية.
وقد اضطرت منظمة أطباء بلا حدود مؤخرًا إلى الانسحاب من مستشفى الفاشر، الذي تعرّض لقصف عنيف في آب/ أغسطس 2024، وكان قد استقبل في حزيران/ يونيو الماضي أكثر من 500 مصاب.
وقد أجرى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في نهاية شهر حزيران/ يونيو مكالمة هاتفية مع الجنرال عبد الفتاح البرهان، قائد القوات المسلحة السودانية، والذي وافق الأخير على مقترح هدنة إنسانية لمدة أسبوع في مدينة الفاشر، ما يتيح إيصال المساعدات الإنسانية إلى السكان المحاصرين داخل المدينة.
وفي هذا السياق، تقول سيمون: "هذا الإجراء غير كافٍ لتحسين الوضع الإنساني للمدنيين في الفاشر"، مشددة على أن الأزمة أعمق وتتطلب تدخلات أكثر شمولاً واستدامة.
وأكدت الصحيفة أن تراجع المساعدات الرسمية يؤدي إلى تفاقم الصعوبات التي تواجهها المنظمات الإنسانية في الميدان. فمنذ تولي دونالد ترامب الرئاسة، خفّضت الولايات المتحدة مساهمتها في هذه المساعدات بنسبة 80 بالمائة، كما شهدت مساهمات الدول الأوروبية تراجعًا مماثلًا، بما في ذلك فرنسا التي قلّصت ميزانيتها في هذا المجال بمقدار الثلث.
وبسبب نقص التمويل، يعتزم برنامج الأغذية العالمي وقف عدد من قنوات الإمداد الأساسية بحلول نهاية شهر آب/ أغسطس، مما ينذر بكارثة إنسانية وشيكة في المناطق المتضررة.