مفاهيم حمى الحد والبلد وأحكام قضايا العيب الأحمر في قواعد العرف القبلي المسنونة والغصابة “الجزء 3”
تاريخ النشر: 6th, August 2025 GMT
يمانيون |أعد المادة للنشر: محسن علي
تتربع السلطة القضائية في نظام إدارة القبيلة في الدرجة الثانية بعد السلطة القيادية, تلجأ لقوانينها مختلف القبل اليمنية في أي قضية أو نائبة, كونها المحكمة الأقرب للعدالة وصون الحقوق, والمكان الأنجع في إنجاز كافة القضايا والنزاعات وفصلها أيا كان شكلها أو نوعها, وبفضل قوة قوانينها المستمدة من روح الشريعة الإسلامية, والاحتكام إليها تجاوز اليمنيون الكثيرمن الصعاب والصراعات والحروب, سيما قضايا الثارات التي رزحت اليمن تحت وطأتها لسنوات, وعملت الأنظمة المتعاقبة في الحكم حتى ما قبل ثورة 21 سبتمبر 2014م على تغذيتها تنفيذا للأجندات الأمريكية والسعودية أيضا, ووسعت نطاق إذكاء نار الفتن لإشغال القبيلة اليمنية بنفسها, وإلهائها عن أدوارها لعقود من الزمن حتى لا تدرك حجم المخاطر التي تحدق بها.
وفي الوقت الذي تواصل الجهات المعادية حربها الضروس لاستهداف القبيلة وموروثها وطمس قيمها واستهداف أبنائها عبر مختلف وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي والانترنت ..نستعرض في هذا الجزء الثالث مفاهيم أساسية للحد والبلد والحماية والتأمين وأنواع الحمى وأحكام القبيلة في قضايا العيب الأحمر وما ينبغي معرفته والإلمام به لأهميته.
مفهوم الحد:
هو المساحة الجغرافية للأرض التي تحوزها وتمتلكها القبيلة, أو الفرع أو القرية داخلها, ويكون هذا الحمى محدد من كل الجهات, وتفصله حدود معينة ومعروفة مع الحدة المتجاورين على مستوى القبيلة أو الفرع أو القرية, وما تمتلكه من أرض وحدود يسمى بـ “الحمى” وهو ملك لأصحابه دون غيرهم, وخيره وشره لهم, ولهم حق الاستفادة من كل خيراته التي تتركز في مقومات العيش, وبالتالي فإنهم يتحملون المسؤولية الكاملة في حمايته وتأمينه.
مفهوم البلد:
هو الأرض التي توجد فيها مساكن وبيوت أبناء القبيلة, او الفرع أو القرية, بما فيها الساحة, كما أن البلد يعتبر جزء من الحمى , ويعني: الروابط الغصابة بين أبناء المغرم الواحد, فيقال عند القبائل (غرامة حد وبلد) وتربطهما شراكة التملك لهذ ه الأرض’ وكذلك قيام الصاحب مع صاحبه له وعليه في كل الأحوال’ بموجب نظام الغرم الغصاب.
مفهوم الحماية والتأمين:
الحماية تعني : منع الآخرين من السطو على الحمى, ومن أي اعتداءات, أو غزو, أو إقامة حرب على الغير باستخدام حدودهم وطرق حماهم, وهذا ما تؤكده القاعدة العرفية الثابتة التي تنص على أن (عادة القبيلة كلين يحمي بلاده).
أما التأمين فيعني: حفاظ القبيلة وحرصها على سلامة الأشخاص الوافدين إلى الحمى مثل : عابر سبيل, والزائر, والضال, وقاصدين الحرف, والغرباء, وما في حكمها , فمن دخل الحمى فهو آمن بأهله.
الحمى.. أنواعه وموصفاته
منها ما يوصف بالحمى المؤمن’ والآخر بالسائب’ فالحمى المؤمن يتميز بترسيخ الأمن والاستقرار فيه للجميع, ويحفظ لكل إنسان كرامته (عرضه ودمه وماله) ويحد من كل الجرائم والموبقات بما فيها القتل والنهب والسلب والفتن, ويوصف أصحابه بأنهم أصحاب دين وقبيلة وشيم وقيم ونخوة وكرامة ورجولة.
بينما الحمى السائب هو الغير آمن’ الذي لا يقوم أصحابه بواجب حمايته وتأمينه, وتنتشر فيه الجرائم والمنكرات, ولذا فإن القواعد العرفية القبلية قد أعطت الحق للقبائل الأخرى المجاورة للحمى تملكه وأصحابه بطريقة الشفاع العرفي وأن يكون تحت ولاية القبائل المالكة له, كما أن هناك قواعد مسنونة لشفاع الحمى السائب , تبدأ بالنده للغرماء, ثم التقديم وإبلاغ المجاورين, ثم الدفر أي :الوصول إلى ساحة الغرماء, ثم التثوير.
خيرات الحمى والحقوق المشتركة
بموجب نظام الغرم القبلي الغصاب, يعتبر الحد والبلد موطنا لأصحابه وأبناءه وأهله, لكل منهم كامل حقوقه المعيشية, له ما لهم وعليه ما عليهم, ومن حق الحمى على أهله مقابل الاستفادة من خيراته, والتضحية من أجله بالغالي والنفيس كلما تطلب منهم ذلك , كما أنه يحق لأي غرام الاستنفاع بها كغيره من أصحابه من خلال التالي: أرض الحد, مقاطيع الأحجار, موارد المياه, الآبار, البرك, المجارين, الاحتطاب, الرعي,
شر الحمى والمسؤولية المشتركة بين أصحابه
سننت القواعد العرفية على أن يتحمل أصحاب الحمى جميعهم كل تبعات ما يجري, أو ما يحدث من اعتداءات وجرائم على الآخرين داخل حماهم وحدهم, ويسمى عرفا : شر الحمى, ولذا فإن الاعتداءات التي تحصل من أبناء الحمى على الآمنين به سواء في عرضه أو دمه أو ماله, يتحملوها بأحكام العيوب المغلظة’ كما أن الجرائم فيها تعتبر من العيوب الحمراء التي يحكم فيها بالمحدش,
وضمنت قواعد التشريع العرفي سبعة أصناف آمنون بالحمى وهم: الفقيه, وحكيم العلة الباذل(الطبيب), ومقتصد الحرفة(صاحب المهنة) والطائفي (جامع الزكاة), والذمي, والنظامي(العسكري), ومنهم في عهود ولي الأمر بموجب الاتفاقيات مع الدولة.
الحكم القبلي في العيب الأحمر
يعتبر أي اعتداء على الآمن بالحمى عيب أحمر, كما أن الجرائم التي تحدث داخل إطار الحمى وفاعلها مجهول كـ (القتل الهامي أو غيره) , فإن ذلك يتحمل مسؤوليته أصحاب الحمى جميعهم, كونهم المعنيون بكشف الجاني, فإن لم يتمكنوا من ذلك حملوا حكمها ووزرها حسب المسنون في قواعد العرف القبلي, والذي فرض عليهم في ذلك : أربعة أيمان القسامة, 44 ذمة تؤخذ منهم بالقطعة’ وبصورة فردية على الحالف لليمين, فإن مضوا فيها حجبت عنهم أحكام العيب, ولكن لا يعفيهم المضي في العهد (اليمين) من تحمل حكم الحد الأصلي غير المغلظ, وهو مساق الدية الشرعية, وتسريح ثور ومتبوعه النقدي في قضايا القتل الهامي, وأية قضية أخرى يتحملوها بمحكوم الحد الأصلي بعد المضي في العهود (الذمم المسنونة).
حق المخرجي في حمى غيره
على المستوى العام للقبل , كثيرا ما يتردد مصطلح (مخرجي) على شخص أو أشخاص, وهي كلمة تقال للشخص الذي ليس من أبناء الحمى (المغرم) ولا ينتمي إليه’ فهذا له حق محدد ومعين كضمان وصول الماء إلى أرضه والسير في الطريق إلى أرضه الزراعية, كما أنه ليس له حق في الحقوق المشتركة بين أبناء الحمى, فلا يحق له أن يبني مسكنا , ولا التملك في المراهق, ولا حق الاحتطاب أو الرعي.
الأحكام المسنونة في أي خلاف على حد
تسمى الخلافات عرفا في تلك المواطن : مرازيم الحد, ويتوجب على الطرفين إبراز ما بين أيديهما من وثائق وبراهين, ومن ثبت تملكه فهو صاحب الحق, ويتم فصل الخلاف بموجب تلك البراهين, وفي حال لم يكن بأيدي طرفي الحد براهين تحكي عن موضع الحد بينهم (في موضع الشجار) فإن المسنون فرض22 ذمة على كل طرف, وعلى كل منهما أن يحدد النقطة الفاصلة التي يدعي ملكيته فيها, وبعد تحديدها من كل طرف, القيام بالحلف باليمين بأن حدهم ينتهي إلى تلك النقطة, وبعد المضي في العهود (حلف اليمين) من الطرفين, يقسم موضوع الشجار الذي حلف عليه نصفين بالتساوي.
*المراجع:
كتاب قواعد العرف القبلي المسنونة والغصابة لقبائل اليمن للشيخ صالح روضان.
#قضاء_القبيلة_اليمنية#قضايا_العيب_الأحمر#قواعد_العرف_القبليالمصدر: يمانيون
كلمات دلالية: کما أن
إقرأ أيضاً:
بيطرى الشرقية يُحصن 429 ألف رأس ماشية ضد الحمى القلاعية والوادي المتصدع
أكد المهندس حازم الأشمونى محافظ الشرقية علي ضرورة الاهتمام بالثروة الحيوانية و توفير أوجه الدعم والرعاية البيطرية لوقايتها من الأمراض، و العمل على زيادة إنتاجيتها لتلبية احتياجات السوق المحلي.
وشدد دعلى ضرورة تكثيف حملات تحصين الماشية ومرور الفرق الطبية البيطرية على أصحاب المزارع والمربين بمختلف قرى و مراكز المحافظة للوقاية من مرضي الحمى القلاعية و حمى الوادي المتصدع للحفاظ على الثروة الحيوانية.
وأشار اللواء دكتور إبراهيم محمد متولي وكيل الوزارة مدير مديرية الطب البيطري إلى أنه في إطار الحملة القومية الثانية للتحصين ضد مرضي الحمى القلاعية و حمى الوادي المتصدع والتي بدأت أعمالها في ١٢ يوليو ٢٠٢٥م قامت المديرية عن طريق (١٨٠ ) لجنة بتحصين ( ٤٢٩ ألف و ٧) رأس ماشية مابين تحصين (٢١٧ ألف و ٨٣١ ) رأس ماشـية للوقاية من مرض الحمى القلاعية و (٢١١ألف و ١٧٦) رأس ماشية للوقاية من مرض حمى الوادي المتصدع وترقيم وتسجيل (٥١٣٥) رأس ماشية خلال الأسبوع الثالث من إنطلاق الحملة.
وأشار إلى أن المديرية قامت بزيارات ميدانية للقرى بجميع مراكز و مدن المحافظة للتوعية الإرشادية عن أهمية التحصين ضد مرضي الحمى القلاعية و حمى الوادي المتصدع.
وتم عقد (١٢٣٤) ندوة و جولة إرشادية وتسيير سيارات إرشادية متنقلة بين القرى لتعريف المربين بالمرضين وأعراضهما ، ومدى خطورتهما على الثروة الحيوانية وأهمية التحصين بصورة دورية لتجنب إصابة الحيوانات بالمرضين وتقليل الخسائر الناتجة .
وأضاف مدير مديرية الطب البيطري أن لجان التحصين باشرت عملها في المقار المعدة لها أو بالإنتقال إلى المربين بمنازلهم للتحصين وترقيم الحيوانات ، مشيداً بإقبال المواطنين للحملة نظراً لزيادة الوعي البيطري لديهم بخطورة المرض والأهمية القصوى للتحصين وذلك لتحقيق أهداف الحملة القومية للحفاظ على الثروة الحيوانية بالمحافظة وزيادة إنتاجيتها.