إذا أردت أن تعرف كيف ضعفت وهزلت الدولة السودانية ومؤسساتها، فانظر فقط إلى مني أركو مناوي، حاكم إقليم دارفور، وهو يتمادى في الإساءة إلى الجميع. وإذا سألت نفسك: لماذا يفعل مناوي ذلك؟ فستكون الإجابة أنه لم يجد من يردعه أو يضعه عند حده، فتمادى في غيّه، لأنه لا يرى أمامه من يستحق الاحترام. ويا للأسف على دولةٍ أصبحت مقهورة، كسيحة، يستخف بها من يسوى ومن لا يسوى في هذا العهد.

مناوي، الذي اختار الحياد لما يقارب العام، بينما الدولة تواجه أخطر تحدٍ وجودي في تاريخها على يد مليشيا الدعم السريع ومن يقف خلفها، لم يُحرّكه عبث الجنجويد في دارفور، ولا جريمة قتل والي غرب دارفور، خميس أبكر، والتمثيل بجثته. وظلّ صامتًا حتى فرّ إلى بورتسودان، ثم أعلن قتاله مع الجيش بعد مرور عام على اندلاع الحرب. فمن هو مناوي حتى يتطاول اليوم على السودانيين بهذا الشكل لولا هوان الدولة ؟!

مناوي، الذي لا يحترم أحدًا، واصل استفزازه للدولة، فرفض حل الحكومة، ورفض تشكيل حكومة الدكتور كامل إدريس كما كان متفقاً عليه ، وانتزع ما أراد من مناصب وسلطة بالضغط والابتزاز، وهاجم الدولة علنًا، وفرض وزيرًا عليه ملاحظات أمنية معروفة. كما حاول منع خروج قواته من الخرطوم بعد قرار الجيش، ثم بلع تهديده بعد أن أخرج الجيش القوات جميعها وغادرت العاصمة، واظنه لم يحتمل هذا!

لم يكتف مناوي بذلك، بل واصل إطلاق التصريحات المستفزة، واتهم الدولة بالاكتفاء بتحرير الخرطوم والوسط فقط، وأن لا أحد حريص على القتال في دارفور، ولم يحترم الجيش وهو الجيش الذي يقاتل ببسالة في الفرقة السادسة ويؤمّن الفاشر رغم الظروف الصعبة وغياب الدعم اللوجستي الكافي في ظروف معقدة جداً.

وفي الوقت الذي يجلس فيه مناوي في بورتسودان، مستمتعًا بالمكيفات والكهرباء، في المدينة المظلمة في عز الصيف، كان أبطال الجيش وجهاز المخابرات وقوات درع السودان يقدمون أرواحهم في معارك أم صميمة وأم سيالة بكردفان، في طريقهم لتحرير دارفور. ومناوي لا يكتفي بالصراخ، بل زاد على ذلك بالهجوم على أهل الشمال “الحيطة القصيرة”، في نظر مناوي وكثيرون من أمثاله للوصول للمكاسب والسلطة،

في آخر تصريحاته، قال مناوي إن أهل الشمال والوسط النيلي “استفادوا من الظروف و النيل، وتعلموا ودخلوا الكليات العسكرية، وتمتعوا بالامتيازات”! وكأنّه يعترض حتى على النيل الذي رزق الله به أهل الشمال! فسبحان الله، فجريمة أهل الشمال في نظر مناوي أن لهم نيل، وأنهم تعلموا!!

يا مناوي، أهل الشمال والوسط الآن يقاتلون بالآلاف، متطوعين مع الجيش دون مقابل، وارجع إلى معارك كردفان الأخيرة، وأنظر إلى أعداد الشهداء والجرحى والمفقودين، ومن هم في الصفوف الأمامية. وهؤلاء هم من حرروا الخرطوم ومدني وسنجة مع الجيش ، حتى فرّ التمرد إلى تخوم كردفان ودارفور. أما “القوات المشتركة”، فلن نقول فيها كلمة فقد أدت دورها، وقاتلت مع الجيش كما ينبغي، وهذا واجبها الوطني.

لكن ما يفعله مناوي الآن يهدد بخلق فتنة لا تُحمد عقباها، ويبدد الجهود العسكرية في كردفان ودارفور ويفشل الخطط ، ويشوّش على خطط الجيش في إدارة المعركة المعقدة. فإلى متى ستصمت الدولة على مناوي ؟! ألم تتعظ بعد من تجربة حميدتي وأخيه عبد الرحيم؟

على القيادة أن تقوم بواجبها، وأن تترك التراخي والتبلّد، فخلفها ملايين الشباب المستعدين للدفاع عن الوطن دون انتظار مناصب أو وزارات. وعلى مناوي أن يعود إلى رشده، أو يتحمّل تبعات أفعاله. فقد ولى زمن الابتزاز، وولى زمن التلاعب بخطاب “الهامش والمركز”، هذا الخطاب الذي استغله مناوي ومن معه ليحكموا بلا أي معايير أخرى ، ثم لا يصمتون ولا يحمدون الله، بل يسيئوا للآخرين دون سبب.

إن مستقبل الحكم في السودان بعد هذه الحرب سيكون فقط عبر جيش وطني موحد، دون أي قوة خارجه إلا قوة متمردة يقاتلها الجيش، وعبر صندوق الانتخابات، لا عبر السلاح. فإما أن يكون السلاح بيد الجيش وحده، أو بيد الجميع، فهل علم مناوي..

محمد أبوزيد كروم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: أهل الشمال مع الجیش

إقرأ أيضاً:

الوفد التقني لوزارة الخارجية السورية إلى ليبيا لـ سانا: عملنا أيضاً على تأمين مقر مؤقت للبعثة ريثما تستلم الدولة السورية المقر الرئيسي، وعلى تفعيل الناقل الجوي بين دمشق وطرابلس في المرحلة الأولى، ونأمل أن تنطلق أول رحلة في أقرب وقت ممكن

2025-08-04najwaسابق التنمية الإدارية تنشر قائمة جديدة لمفصولين تعسفياً من وزارة الثقافة انظر ايضاً التنمية الإدارية تنشر قائمة جديدة لمفصولين تعسفياً من وزارة الثقافة

دمشق-سانا أعلنت وزارة التنمية الإدارية عن قائمة جديدة لأسماء من العاملين المفصولين تعسفياً، من وزارة …

آخر الأخبار 2025-08-04الوفد التقني لوزارة الخارجية السورية إلى ليبيا لـ سانا: عملنا أيضاً على تأمين مقر مؤقت للبعثة ريثما تستلم الدولة السورية المقر الرئيسي، وعلى تفعيل الناقل الجوي بين دمشق وطرابلس في المرحلة الأولى، ونأمل أن تنطلق أول رحلة في أقرب وقت ممكن 2025-08-04التنمية الإدارية تنشر قائمة جديدة لمفصولين تعسفياً من وزارة الثقافة 2025-08-04الوفد التقني لوزارة الخارجية السورية إلى ليبيا لـ سانا: الوفد باشر عمله وفق خطة واضحة بدأت بتقديم الخدمات الممكنة للجالية السورية، وخاصة عمليات تمديد جوازات السفر – منح تذكرة مرور لمن لا يملك وثائق السفر لتسهيل عودته إلى البلاد 2025-08-04الوفد التقني لوزارة الخارجية السورية إلى ليبيا لـ سانا: بتوجيه من السيد وزير الخارجية والمغتربين وصلنا إلى طرابلس يوم الإثنين الماضي في زيارة تستهدف تصحيح أوضاع الجالية السورية في ليبيا وصولاً إلى افتتاح السفارة في طرابلس في المرحلة الأولى والقنصلية في بنغازي في المرحلة التالية 2025-08-04الضابطة المائية في حماة تكثف جهودها لمكافحة الحفر العشوائي للآبار 2025-08-04ارتفاع طفيف في أسعار النفط بعد موافقة أوبك+ على زيادة الإنتاج في أيلول 2025-08-04استئناف عمل ممر بصرى الشام الإنساني بعد تأمين المنطقة 2025-08-04الأمطار الغزيرة في تايوان تخلف أربعة قتلى وعشرات المصابين 2025-08-04السورية للبريد تعلن انطلاق مسابقة تصميم الطوابع التذكارية 2025 2025-08-04النقل السورية: لا صحة لتفعيل معاملات الفراغ ونقل الملكية إلكترونياً

صور من سورية منوعات الصين تصدر إنذاراً باللون البرتقالي لمواجهة عواصف مطيرة واسعة النطاق 2025-08-04 كسوف شمسي كلي يعبر 9 دول عربية في آب 2027 2025-08-03
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • مجددًا الدعوة لنزع السلاح من الخرطوم.. قائد الجيش السوداني يعلن شروطه لوقف القتال
  • الجيش السوداني يعلن إسقاط طائرة إماراتية محملة بمقاتلين أجانب من كولومبيا
  • لن يملك مناوي أي شرعية شعبية في سياق دولة آل دقلو
  • الجيش السوداني يعزز دفاعاته حول الأبيض.. اتهامات لقادة «الدعم السريع» بارتكاب جرائم إبادة
  • مختص يروي قصة ‏ضيف إيطالي تأثر عندما شاهد الكل يبتسم له في المملكة.. فيديو
  • اختطاف جماعي في دارفور
  • بعد تشكيل حكومة حميدتي في دارفور.. هل بدأ التقسيم الفعلي للسودان؟
  • الوفد التقني لوزارة الخارجية السورية إلى ليبيا لـ سانا: عملنا أيضاً على تأمين مقر مؤقت للبعثة ريثما تستلم الدولة السورية المقر الرئيسي، وعلى تفعيل الناقل الجوي بين دمشق وطرابلس في المرحلة الأولى، ونأمل أن تنطلق أول رحلة في أقرب وقت ممكن
  • تعز تتهيأ مبكرا للتحضير للمولد النبوي الشريف