في ظل تصاعد الضغط الدولي على لبنان لتحديد وضع سلاح «حزب الله»، أعاد الأخير رفضه القاطع لـ«ورقة براك»، معتبرًا أن تبنّي الحكومة لها يضرب في الأساس اتفاق الطائف الذي شكل دستورًا لتسوية الحرب الأهلية وإعادة صياغة التوازن السياسي في البلاد.

ومنذ تقديم الموفد الأمريكي توم براك مسودة تتضمن شروطًا لتسليم السلاح غير الشرعي، حذر «حزب الله» من أن قبول هذه الورقة يخرق التوافق الوطني الذي أرساه اتفاق الطائف، ويعمل على تفكيك ما بقي من هيبة الدولة في مواجهة الاحتلال.

 

وأكد نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم، في خطاب تلفزيوني يوم 30 يونيو، حق الحزب وحق اللبنانيين في قول "لا" للضغوط الأميركية والإسرائيلية، محذرًا من محاولات فرض واقع جديد في لبنان لن يخدم سوى الممثلين الخارجيين لهذه الضغوط.

وشهدت الجولة الثانية من التفاوض تقديم لبنان رسميًا ردًا على الورقة، يربط أي خطوة نحو نزع سلاح الحزب بوقف دائم من إسرائيل وسحبها الكامل من الأراضي اللبنانية، لكن حزب الله اعتبر هذا الربط محاولة مكشوفة لتطبيق سياسة القاضية «الخير مقابل السلاح»، ما يخلّ بأسس السيادة الوطنية المنصوص عليها في وثيقة الطائف.

اتفاق الطائف، الذي أُبرم في 1989، رسّخ مبدأ الدولة القوية والمسلحة حصريًا بيدها، وسعى إلى نزع سلاح الميليشيات وتعزيز السلطة التنفيذية الموحدة، لكنه في الوقت ذاته ضمن بحكمه أن تُبقى بعض التنظيمات المسلحة كنقطة دفاع ضد الاحتلال الإسرائيلي، بشرط أن تكون مؤطرة ضمن إطار الدولة 

ويستند حزب الله إلى هذا البند؛ إذ لم يُعتبر ميليشيا، بل قوة مقاومة حسب الطائف، وهي قاعدة ما يزال يتمسّك بها في مواقفه الراهنة.

الخلاصة، أن مقاربة الحكومة الحالية، التي تتطلع إلى تطبيق «ورقة براك» ضمن خطة متسلسلة مع انخراط الدولة وتقديم ضمانات لإيران والحلفاء، لا تكتسب شرعيتها لدى حزب الله إلا في حال توافقت بالكامل مع شروطه، وهي انسحاب إسرائيلي أولاً وضمانات تمكن الحزب من الاحتفاظ بالثقل في المقدمة. 

وبدون ذلك، فإن الحزب سيواصل اعتبار أي محاولة لعزله أو تفكيكه تسير في اتجاه واحد فقط.. ضرب ما تبقى من اتفاق الطائف، وإعادة لبنان إلى وحدات مجزّأة تحمل سلاحها خارج إطار الدولة.

طباعة شارك ورقة براك حزب الله الحرب الأهلية توم براك الموفد الأمريكي اتفاق الطائف نعيم قاسم

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: ورقة براك حزب الله الحرب الأهلية توم براك الموفد الأمريكي اتفاق الطائف نعيم قاسم اتفاق الطائف حزب الله

إقرأ أيضاً:

وزراء الثنائي الشيعي يشاركون في جلسة الحكومة اللبنانية.. واحتمال انسحابهم قائم

قالت مصادر خاصة لـ"عربي21" إن الوزراء الشيعة الخمسة قرّروا، في أعقاب اجتماع عقدوه قبل قليل، المشاركة في جلسة الحكومة اللبنانية التي تنطلق بعد قليل، وذلك وسط توتر سياسي متصاعد على خلفية طرح ملف نزع سلاح حزب الله.

وأوضحت المصادر التي رفضت الإفصاح عن هويتها، أن "الوزير العمل محمد حيدر سيقوم خلال الجلسة بشرح وجهة نظر حزب الله، ويعرض رؤيتهم لحل الأزمة الراهنة، وذلك في محاولة لاحتواء التصعيد".

لكن المصادر نفسها رجّحت ألّا يُسمح للوزير حيدر بإكمال مداخلته، ما قد يدفعه إلى الانسحاب فورا مع بداية الجلسة. وأشارت إلى أن الوزراء الشيعة سيبقون حتى نهاية الجلسة فقط في حال أُتيح لحيدر استكمال كلمته دون مقاطعة.

ووفق المصادر، فإن "الوزراء الشيعة سيلجؤون إلى الانسحاب الجماعي من الجلسة إذا قرّرت الحكومة المضي في إصدار قرار نهائي يتضمّن جدولا زمنيا لنزع السلاح، ما قد ينذر بتفاقم الأزمة السياسية في البلاد".


في وقت سابق من يوم الخميس، كشفت مصادر لبنانية مطلعة أن الوزير الشيعي الخامس في الحكومة اللبنانية فادي مكي، والمُقرّب من رئيس الحكومة نواف سلام، قرّر وضع مشاركته في الحكومة "بين يدي الثنائي الشيعي" ("حزب الله" و"حركة أمل")، وذلك في موقف يُعدّ مفصليا على الساحة السياسية، بحسب وصف المصادر.

ويرى مراقبون أن جلسة الحكومة اليوم الخميس قد تكون مفصلية في تحديد مستقبل العلاقة بين "الثنائي الشيعي" والحكومة، في وقت تعاني فيه البلاد من أزمات مالية خانقة وانقسامات سياسية حادة تُهدّد استقرارها الهش.

وكانت الحكومة اللبنانية قد قررت، الثلاثاء، تكليف الجيش اللبناني بوضع خطة عاجلة لحصر السلاح بيد الدولة قبل نهاية العام الجاري، ورفعها إلى مجلس الوزراء قبل نهاية الشهر الحالي، في خطوة وُصفت بأنها رضوخ لضغوط وإملاءات خارجية.


وحصلت "عربي21" على نص الورقة الأمريكية التي قدّمها المبعوث الأمريكي توماس باراك إلى لبنان، والتي تهدف إلى نزع سلاح "حزب الله"، وتمديد اتفاق "وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل".

وخلال الشهور الأخيرة زار توماس باراك بيروت أكثر من مرة، ضمن ضغوط أمريكية مكثفة على لبنان لنزع سلاح "حزب الله"، وفق مراقبين.

وشنّت إسرائيل في 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، عدوانا على لبنان تحول إلى حرب واسعة في 23 أيلول/ سبتمبر 2024، ما أسفر عن أكثر من 4 آلاف شهيد ونحو 17 ألف جريح.

وفي 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، بدأ سريان اتفاق لوقف لإطلاق النار بين "حزب الله" وإسرائيل، لكن تل أبيب خرقته أكثر من 3 آلاف مرة، ما أسفر عن 271 شهيدا و570 جريحا، وفق بيانات رسمية.

وتأتي هذه التطورات السياسية مع استمرار التصعيد جنوبا، حيث تواصل إسرائيل خرق اتفاق وقف إطلاق النار الساري منذ أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر 2024.

وفي تحد لاتفاق وقف إطلاق النار، نفذ الجيش الإسرائيلي انسحابا جزئيا من جنوب لبنان، بينما يواصل احتلال 5 تلال لبنانية سيطر عليها خلال الحرب الأخيرة.

مقالات مشابهة

  • انسحاب وزراء الثنائي الشيعي من جلسة الحكومة اللبنانية بعد مناقشات بشأن سلاح الحزب
  • وزراء الثنائي الشيعي يشاركون في جلسة الحكومة اللبنانية.. واحتمال انسحابهم قائم
  • عراقجي يُعلّق على قرار الحكومة اللبنانية بشأن السلاح: أُعيد تنظيم حزب الله ونحن ندعمه
  • أول تعليق من حركة أمل على قرار الحكومة اللبنانية بسحب سلاح حزب الله
  • رئيس الحكومة اللبنانية: نسعى لبسط سلطة الدولة على كل الأراضي تدريجيًا
  • في ختام جلسة استثنائية.. الحكومة اللبنانية توكِل إلى الجيش مهمة إعداد خطة لحصر السلاح بيد الدولة
  • الحكومة اللبنانية تبحث نزع سلاح حزب الله وسط ضغوط أميركية
  • الحكومة اللبنانية تبدأ اجتماعا لحسم مصير سلاح حزب الله
  • مختص: اتفاق الطائف يمنع وجود سلاح خارج إطار الدولة اللبنانية