جماعة الإخوان تدعو لدولة مدنية وانتخابات.. هل ينفرط عقد الأحزاب الإسلامية في سوريا؟
تاريخ النشر: 8th, August 2025 GMT
قال المحامي السوري زيد العضم على صفحته فيس بوك، التوقيت المثير للريبة، بالتزامن مع الزيارة التركية، يوحي بأن البيان ليس مجرد إعلان مبادئ، بل جزء من حسابات سياسية دقيقة، تسعى إلى استباق التطورات، لا إلى صياغة مشروع وطني شامل. اعلان
في تحرك لافت يُقرأ على أنه محاولة لإعادة التموضع في المشهد السياسي السوري الجديد، أصدر مجلس الشورى لجماعة الإخوان المسلمين بياناً وضّح خلاله موقفه من المرحلة الانتقالية، داعياً إلى بناء دولة مدنية حديثة بمرجعية إسلامية وسطية، في خطوة تُعيد طرح سؤال الهوية والمشروع السياسي للتيارات الإسلامية في سوريا.
وجاء البيان في وقت تشهد فيه العلاقات بين التيارات الإسلامية توتراً متصاعداً، لا سيما بين الجماعة والسلطة القائمة، ما يطرح تساؤلات جوهرية: هل يُمثّل هذا الموقف انفصالاً تدريجيًا عن النهج الحالي؟ أم مجرد تكتيك لإعادة التموقع قبل أن تُهمش الجماعة نهائياً؟.
مطالب سياسية واضحة: من الدولة المدنية إلى التعدديةوأكد المجلس على وحدة الأراضي السورية، ورفضه القاطع لأي تغيير ديموغرافي، وشدد على ضرورة تمتع جميع المكونات بحقوق المواطنة الكاملة.
وأعلن أن الجماعة ستكون "داعماً ناصحاً أميناً" لعملية بناء الدولة المدنية الحديثة، مشدداً على أن نجاح الثورة يتطلب سدّ الثغرات، وتحقيق التوازن بين المبادئ والواقع السياسي".
وأكد أن العدالة الانتقالية شرط أساسي للسلم الأهلي والاستقرار، ودعا إلى إشراك جميع المكونات السورية في بناء الدولة ضمن برنامج سياسي تعددي، ينتهي بانتخابات نيابية حرة ونزيهة.
العيش المشترك ونبذ الطائفيةكما شدد البيان على ضرورة تبني خطاب العيش المشترك، والابتعاد عن التحريض الطائفي، ودعا إلى إعادة بناء جسور الثقة عبر ثقافة مشتركة تُعزز السلم الأهلي.
وأشاد بـ"السوريين الواعين" الذين رفضوا الانجرار إلى الفتنة الطائفية، ونبّه من استخدام "حماية الأقليات" كذريعة للتدخلات الخارجية.
وأعلن المجلس أنه أقرّ وثيقةً تعكس رؤية الجماعة للعيش المشترك، تتضمن مبادئ ضامنة للسلم الاجتماعي، دون مساس بالهوية والتاريخ السوري.
Related الاتحاد الأوروبي يدعو لمحاسبة مرتكبي الانتهاكات جنوب سوريا وانتقال سلمي للسلطةاليد الخفية: كيف أوقفت تركيا القتال في جنوب سوريا؟"حلقوا شعره ورسموا على وجهه".. اعتداء على مطرب شعبي في سوريا ووزارة الداخلية تُعلّقوأكد البيان على "الاستقلال الوطني للجماعة، وسياستها الإسلامية الوسطية، مع توجيه إدانة للعدوان الإسرائيلي المستمر على سوريا، وتحذير من محاولات إيران "العبث باستقرار البلاد"، ودعمها لفلول النظام السابق".
ووجّه شكره لتركيا وقطر والسعودية والأردن، على دعمها الإنساني والسياسي للشعب السوري، في خطوة تُقرأ على أنها محاولة لكسب شرعية إقليمية، وتوسيع دائرة التحالفات.
محللون: البيان "حمّال أوجه"وقال مراقبون وسياسيون لـ"يورونيوز"، إن البيان "حمّال أوجه"، ويحمل دلالات متعددة، لا يمكن قراءتها بمعزل عن السياق السياسي الدقيق الذي تمر به سوريا اليوم.
وأشار أحد المراقبين إلى أن "التركيز على مصطلح الدولة المدنية والتعددية السياسية والانتخابات الحرة، يأتي في وقت لم تُجرَ فيه أي استشارات وطنية حقيقية حول مستقبل النظام السياسي، بل على العكس، تم تشكيل هيئات برلمانية من قبل الجهة الحاكمة دون تمثيل حقيقي لقوى المعارضة أو التيارات السياسية الأخرى".
وتساءل: "كيف تؤيد الجماعة التعددية والانتخابات الحرة، بينما البرلمان تم تشكيله بقرار مركزي؟ أليس هذا تناقضاً صريحاً؟"
وأضاف: "التحية المفرطة للدول الداعمة، خصوصاً تركيا وقطر والسعودية، تُقرأ على أنها محاولة لكسب الشرعية الدولية، وربما تمهيد لدور مستقبلي في المشهد السياسي، لكن التاريخ القريب يُظهر أن الإخوان المسلمين والسلطة الحالية يشتركون في جذور أيديولوجية وتنظيمية مشتركة، ما يجعل مصداقيتهم كـ"بديل" مشكوكاً فيها".
لماذا الآن؟التوقيت، بحسب المراقبين، هو العامل الأبرز الذي يثير الشكوك. فإطلاق بيان بهذا الحجم، وبهذه الصيغة، يأتي بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى دمشق، ما يوحي بأن هناك تنسيقاً غير معلن، أو على الأقل رغبة في إرسال رسائل متعددة الأهداف: للداخل، للإقليم، وللشريك التركي.
وأوضح أحد المحللين: "السؤال الذي يفرض نفسه: لماذا الآن؟ هل لأن الجماعة شعرت بانحسار نفوذها؟ أم لأنها تسعى لإعادة التموقع قبل أن تُهمش نهائياً؟"
وأضاف: "قد يكون هذا البيان محاولة للانسلاخ عن الصورة النمطية للإخوان، أو حتى 'تبييض الصفحة'، والظهور كطرف مسؤول وواعٍ، في مواجهة سلطة يُراد تصويرها على أنها تنهار من الداخل. لكن هل يُصدق السوريون أن هناك فرقاً جوهرياً بين هذا الطرف وتلك السلطة، خصوصاً في المنهج والرؤية؟"
رأي قانوني: تناقضات في الرؤية السياسيةمن جانبه، علّق المحامي السوري زيد العضم على صفحته في فيسبوك قائلاً: "استوقفني البيان المنشور على موقع جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، وأثار لدي تساؤلات حول بعض التناقضات في الرؤية السياسية المطروحة. ما المقصود بتأكيد الجماعة على التعددية السياسية والانتخابات البرلمانية الحرة، قبل أسابيع فقط من اختيار اللجان التابعة للسلطة الحالية لأسماء أعضاء البرلمان؟ وهل تُعتبر هذه العملية تعددية حقيقية؟".
وأضاف: "التوقيت المثير للريبة، بالتزامن مع الزيارة التركية، يوحي بأن البيان ليس مجرد إعلان مبادئ، بل جزء من حسابات سياسية دقيقة، تسعى إلى استباق التطورات، لا إلى صياغة مشروع وطني شامل".
رغم أن البيان لم يُصدر أي انتقاد مباشر للسلطة القائمة، ولا تضمن أي تباين فقهي أو سياسي صريح مع رئيس سوريا للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع، إلا أن صيغته، وتوقيته، وطبيعة التحالفات التي رسمها، تفتح الباب أمام قراءات متعددة.
فهل هو مجرد محاولة لكسب الوقت، كما يرى البعض؟ أم بداية لانفصال تدريجي بين التيارات الإسلامية في المشهد السوري؟ أم أن "السلطة" باتت أهم من "الدين" في أولويات الجماعة، كما يُفهم من محاولة التماهي مع الواقع السياسي القائم دون تغيير جوهري في الخطاب؟.
ويتزامن هذا البيان مع عقد "مؤتمر وحدوي" في المركز الثقافي بالحسكة، ضم أكثر من 400 ممثل عن الإدارة الذاتية، وقوات سوريا الديمقراطية. وقيادات المكونات العرقية والدينية في شمال وشرق سوريا شملت المسيحيين والدروز.
ويُعدّ هذا المؤتمر تجمّعاً سياسياً واسعاً يهدف إلى بلورة موقف موحد داعم لنظام حكم لامركزي في سوريا، قبيل اجتماع مرتقب في باريس يجمع القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، ووزير خارجية الحكومة المؤقته أسعد الشيباني.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: إسرائيل غزة دونالد ترامب بنيامين نتنياهو فرنسا الصين إسرائيل غزة دونالد ترامب بنيامين نتنياهو فرنسا الصين سوريا السعودية تركيا الإخوان المسلمون انتخابات أحمد الشرع إسرائيل غزة دونالد ترامب بنيامين نتنياهو فرنسا الصين بريطانيا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حركة حماس روسيا أوروبا إيمانويل ماكرون فی سوریا على أن
إقرأ أيضاً:
الرئيس اللبناني يندّد بغارات اسرائيلية ليلية استهدفت "منشآت مدنية"
بيروت- ندّد الرئيس اللبناني جوزاف عون بغارات إسرائيلية استهدف فجر السبت "منشآت مدنية" وأسفرت بحسب وزارة الصحة اللبنانية عن مقتل شخص، في حين قال جيش الاحتلال الاسرائيلي إنه قصف بنى تحتية تابعة لحزب الله.
ورغم سريان وقف لإطلاق النار منذ أشهر، تواصل اسرائيل شنّ غارات تقول إنها تستهدف عناصر من الحزب وبنى عسكرية تابعة له، خصوصا في جنوب البلاد.
وقال عون في بيان "مرة أخرى يقع جنوب لبنان تحت نار العدوان الإسرائيلي السافر ضد منشآت مدنية. بلا حجة ولا حتى ذريعة".
واعتبر عون أن "خطورة العدوان الأخير أنه يأتي بعد اتفاق وقف الحرب في غزة" حيث دخل وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس حيز التنفيذ ظهر الجمعة، وسط خشية في لبنان من تكثيف الضربات الاسرائيلية ضدّ حزب الله الذي لا يزال يرفض تسليم سلاحه إلى الدولة.
وأضاف عون في بيانه أن هذا التوقيت "هو ما يطرح علينا كلبنانيين وعلى المجتمع الدولي تحديات أساسية، منها السؤال عما إذا كان هناك من يفكر بالتعويض عن غزة في لبنان، لضمان حاجته لاستدامة الاسترزاق السياسي بالنار والقتل".
وغداة اندلاع الحرب في غزة مع هجوم حماس على الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، أعلن حزب الله فتح "جبهة إسناد" للقطاع وحليفته حماس. وبعد تبادل القصف عبر الحدود لنحو عام، تحوّلت المواجهة مع إسرائيل اعتبارا من أيلول/سبتمبر 2024، حربا مفتوحة تلقّى خلالها الحزب ضربات قاسية في الترسانة والبنى العسكرية، وخسر عددا من قيادييه يتقدمهم أمينه العام السابق حسن نصرالله وخلفه هاشم صفي الدين.
-دمار-
واستهدفت الغارات السبت التي بلغ عددها عشرة بحسب الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية "6 معارض للجرافات والحفارات على طريق المصيلح ما ادى الى تدمير واحتراق عدد كبير من الاليات"، بينما قالت وزارة الصحة اللبنانية إن الغارات أدت الى مقتل شخص من الجنسية السورية "وإصابة سبعة أشخاص بجروح، أحدهم من الجنسية السورية وستة لبنانيون من بينهم سيدتان".
وقالت الوكالة الوطنية إن الغارات أدت إلى تدمير 300 جرافة وآلية.
وشاهد مصور فرانس برس في المكان دمارا هائلا لحق بالمعارض المخصصة للجرافات وآليات ضخمة تستخدم في أعمال البناء، وقد احترقت العشرات منها، وقام رجال الإطفاء بإخمادها.
وتسبّبت الغارات بحالة رعب بين السكان الذين يقطنون البلدة، منهم من تعرضت منازلهم لأضرار جراء عصفها.
وقالت امرأة كبيرة في السنّ مفضلة عدم الكشف عن اسمها من شرفة منزلها المجاور لموقع القصف، لفرانس برس "استيقظنا مرعوبين على صوت ضرب"، مضيفة "لقد شاهدنا الموت بأعيننا".
وتقع المصيلح التي تضمّ مقر سكن رئيس مجلس النواب نبيه بري في جنوب لبنان، قرب مدينة صيدا الساحلية، كبرى مدن جنوب لبنان، وتبعد أكثر من 40 كيلومترا عن الحدود مع اسرائيل.
من جهته قال جيش الاحتلال الاسرائيلي في بيان إنه هاجم "بنى تحتية تابعة لحزب الله استخدمت لتخزين آليات هندسية مخصصة لإعادة إعمار بنى تحتية إرهابية في جنوب لبنان".
وأضاف أن "حزب الله يواصل محاولاته ترميم بنى تحتية إرهابية في أنحاء لبنان معرضا مواطني لبنان للخطر ومستخدما إياهم دروعا بشرية".
ويسري منذ 27 تشرين الثاني/نوفمبر اتفاق لوقف إطلاق النار تمّ التوصل إليه برعاية أميركية وفرنسية، ينصّ على تراجع حزب الله من منطقة جنوب نهر الليطاني (على مسافة حوالى 30 كيلومترا من الحدود مع إسرائيل) وتفكيك بنيته العسكرية فيها، وحصر حمل السلاح في لبنان بالأجهزة الرسمية.
وإضافة الى الغارات، أبقت إسرائيل على قواتها في خمس تلال في جنوب لبنان، بعكس ما نصّ عليه الاتفاق.
وتطالب بيروت المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لتنفيذ التزاماتها.
وعلى وقع ضغوط أميركية، قررت الحكومة اللبنانية في آب/أغسطس تجريد حزب الله من سلاحه. ووضع الجيش خطة من خمس مراحل لسحب السلاح، في خطوة سارع الحزب المدعوم من طهران الى رفضها واصفا القرار بأنه "خطيئة".