تدرس الحكومة الإندونيسية فرض حظر على منصة الألعاب الإلكترونية روبلوكس بعد تحذيرات رسمية من احتمال تأثيرها السلبي على سلوك الأطفال وتعريضهم لمحتوى عنيف أو غير مناسب.

وزير التعليم الإندونيسي، عبد المعطي، صرّح في الرابع من أغسطس بأن المنصة تحتوي على مشاهد عنف قد لا يدرك الصغار أنها غير واقعية، محذرًا من أن تقليد هذه السلوكيات قد يسهم في زيادة مظاهر العنف بين الشباب.

وأكد أن هذه المخاوف تستدعي إعادة النظر في طريقة وصول الأطفال إلى المحتوى الرقمي.

روبلوكس بين الإبداع والمخاطر


تشتهر روبلوكس بمنح المستخدمين حرية تصميم ألعابهم الخاصة والتفاعل مع لاعبين آخرين، ما جعلها تحظى بشعبية عالمية كبيرة. لكن خاصية الدردشة الصوتية والنصية أثارت انتقادات، إذ يخشى البعض من استخدامها في تفاعلات غير آمنة أو غير لائقة، خصوصًا بين الأطفال.

ورغم أن المنصة تحدّ من إمكانيات الدردشة للمستخدمين دون سن 13 عامًا وتطبّق أنظمة لتصفية المحتوى، يرى منتقدون أن هذه الإجراءات ليست كافية لحماية الفئة العمرية الأصغر من التعرض لمحتوى أو سلوكيات مؤذية.

جزء من سياسة تنظيم رقمي أوسع
الباحثة في السياسات الرقمية غاترا بريانديتا من المعهد الأسترالي للسياسات الاستراتيجية أوضحت أن هذا التحرك ينسجم مع اتجاه أوسع في إندونيسيا نحو تشديد الرقابة على المنصات الرقمية. وأشارت إلى أن الحكومة، في عهد الرئيس برابوو سوبيانتو، أبدت اهتمامًا متزايدًا بتأثير هذه المنصات على القيم الاجتماعية وسلوك الأطفال، ما يمنح مبررًا لتشديد اللوائح والرقابة.

إندونيسيا لديها سجل من الإجراءات المماثلة؛ فقد حظرت منصة "نتفليكس" بين عامي 2016 و2020، كما أوقفت "تيك توك" لفترة قصيرة عام 2018، وهددت في 2022 بحظر شركات كبرى مثل "فيسبوك" و"جوجل" إذا لم تسجّل رسميًا لدى وزارة الاتصالات، وهو ما دفع تلك الشركات إلى الامتثال قبل الموعد النهائي.

مخاوف أولياء الأمور والخبراء
بعض أولياء الأمور في إندونيسيا اتخذوا إجراءات فردية للحد من استخدام أطفالهم للمنصة. الطبيبة آدي أندرياني، وهي أم لثلاثة أطفال، ذكرت أنها منعت أبناءها من استخدام روبلوكس بسبب ما رأت أنه محتوى عنيف. وأوضحت أنهم أزالوا التطبيق نهائيًا ولم يواجهوا مشاكل منذ ذلك الحين، مشيرة إلى أنها كانت تحدّ من تفاعلهم مع الغرباء حتى أثناء استخدامهم السابق للمنصة.

في المقابل، هناك أولياء أمور آخرون يرون أن تأثير المنصة يعتمد على شخصية الطفل ومدى وعيه. ربة المنزل إيكي بيونيا قالت إن ابنها البالغ من العمر 12 عامًا يستخدم روبلوكس دون أن يتعرض لمحتوى مقلق، معتبرة أنه يمتلك القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ.

أما الأخصائية النفسية إيرنا مينولي فحذّرت من إدمان الألعاب الإلكترونية، معتبرة أنه قد يؤدي إلى انخفاض التركيز، وتراجع الأداء الدراسي، والانطواء الاجتماعي. وأضافت أن الاستخدام المفرط للألعاب قد يرتبط بمشكلات صحية مثل إجهاد العين وآلام العضلات، وحتى زيادة الميل إلى سلوكيات محفوفة بالمخاطر.

حوادث تعزز المخاوف
بعض المخاطر المرتبطة بروبلوكس لا تتوقف عند العالم الافتراضي. ففي يوليو/تموز الماضي، ألقت الشرطة في كاليمانتان الشرقية القبض على شاب في العشرين من عمره بتهمة ابتزاز فتاة سويدية قاصر، بعد التعرف عليها عبر روبلوكس، حيث استغل تواصلهما للحصول على صور خاصة وهددها بنشرها ما لم تدفع له مبلغًا ماليًا.

أبعاد اقتصادية واجتماعية
وفق بيانات وزارة الاتصالات والشؤون الرقمية، يبلغ عدد مستخدمي الإنترنت في إندونيسيا نحو 221 مليون شخص، أي حوالي 79.5% من السكان، من بينهم نحو 20 مليونًا دون سن 18 عامًا. وتُعد هذه الفئة شريحة أساسية في أي نقاش حول حظر منصات الألعاب، نظرًا لتأثير القرار على حياتهم اليومية وأنماط تواصلهم.

السيناريوهات المحتملة
رغم التصريحات التحذيرية، من غير المؤكد ما إذا كانت الحكومة ستتخذ قرارًا نهائيًا بحظر روبلوكس أو متى قد يحدث ذلك. وترى بريانديتا أن النهج المرجح هو استخدام التهديد بالحظر كأداة ضغط لدفع المنصة إلى الامتثال للوائح المحلية، بدلًا من فرض حظر دائم قد يثير احتجاجات واسعة.

وتصف هذا الأسلوب بأنه "الحظر ثم التفاوض"، وهو تكتيك استخدمته الحكومة سابقًا للضغط على شركات التكنولوجيا الكبرى، حيث تُفرض قيود أو توقفات مؤقتة حتى توافق الشركات على الشروط، قبل السماح لها بالعودة إلى العمل.
إندونيسيا تجد نفسها أمام معادلة معقدة: حماية الأطفال من المحتوى الضار، مع تجنب رد فعل سلبي من جيل شاب يعتمد بشكل متزايد على التفاعل الرقمي. وبينما تؤكد الحكومة أن هدفها الأساسي هو ضمان بيئة رقمية آمنة، فإن التوازن بين حرية الاستخدام والرقابة الصارمة سيظل محور الجدل في أي خطوة قادمة تخص روبلوكس أو غيرها من المنصات.

المصدر: بوابة الوفد

إقرأ أيضاً:

اعتراف جريء لـ العرادة وسط مخاوف للإصلاح من سقوط آخر معاقله الرئيسية شمالًا

الجديد برس| خاص| كثف سلطان العرادة، محافظ مأرب وعضو مجلس القيادة الرئاسي المنتمي لحزب الإصلاح، يوم الأحد، تحركاته العسكرية في آخر معاقل الحزب الشمالية، وذلك في ظل تهديدات متصاعدة من الفصائل الإماراتية الموالية للمجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً باقتحام المحافظة. وعقد العرادة اجتماعًا عسكريًا هو الثاني خلال أقل من 24 ساعة، أصدر خلاله توجيهات جريئة بإنشاء غرفة عمليات مشتركة للتنسيق بين ما وصفه بـ “الجيش” وبين “المقاومة” الشعبية التي تمثل الجناح العسكري الرئيسي لحزب الإصلاح. وتُمثل هذه الخطوة أول اعتراف رسمي من الحزب بسيطرته على كامل مفاصل السلطة العسكرية والمدنية في مأرب، وتهدف هذه الخطوة -وقف مراقبين- إلى التأكيد على فرض سيطرة فصائل الإصلاح على الوحدات العسكرية المنتشرة في مأرب، للحيلولة دون تكرار سيناريو الانهيار السريع الذي شهدته معاقل الحزب في حضرموت والمهرة شرقًا. وجدد العرادة، في تصريح صحفي متزامن مع التحركات الميدانية، تهديده للفصائل الإماراتية بالقول إن “لا قوة على الأرض تستطيع إسقاط معقله”، وذلك عشية تصريحات من قيادات الانتقالي التي هددت باجتياح المدينة وربطت ذلك برفض توريد الغاز للمحافظات الجنوبية. وتعكس هذه الاستعدادات العسكرية المُتسارعة مخاوف الإصلاح من أن تكون مدينة مأرب، التي تُعد آخر معاقله الرئيسية شمالًا، هي الهدف العسكري التالي في خريطة تمدد الفصائل المدعومة إماراتيًا.

مقالات مشابهة

  • ترامب يلوح بفرض رسوم جديدة على واردات زراعية من الهند وكندا
  • واشنطن تدرس فرض حزمة عقوبات جديدة تستهدف شبكة دولية تُغذّي الحرب بالسودان
  • الابتزاز الإلكتروني وتأثيره على المرأة والمجتمع.. ندوة بدار العلوم بالفيوم
  • أوروبا تدرس دعم الأمن اللبناني لتفريغ الجيش لنزع السلاح
  • مي عمر تكشف أسرارها.. هجوم السوشيال ميديا.. وعودة محمد سامي للإخراج
  • مخاوف متصاعدة بعد زلزال اليابان وتحذيرات من تسونامي قاتل
  • ترامب: صفقة نتفليكس ووارنر براذرز قد تثير مخاوف وسأشارك بمراجعتها
  • النقل تدرس مد مترو الإسكندرية حتى الكيلو 21 وبرج العرب | تفاصيل
  • اعتراف جريء لـ العرادة وسط مخاوف للإصلاح من سقوط آخر معاقله الرئيسية شمالًا
  • مخاوف من انتشار الجوع مع توقع هطول مزيد من الأمطار على إندونيسيا