الهند تدرس خطة إلزام الهواتف بتفعيل تتبع المواقع دائمًا
تاريخ النشر: 6th, December 2025 GMT
في خطوة أثارت جدلًا كبيرًا داخل الهند وخارجها، كشفت تقارير إعلامية عن أن الحكومة الهندية تدرس مقترحًا جديدًا قد يكون الأكثر صرامة حتى الآن في سياق مراقبة الهواتف الذكية.
فبعد أيام قليلة فقط من تراجعها عن خطة إلزام الشركات بتثبيت تطبيق حكومي للأمن السيبراني مسبقًا على جميع الأجهزة، تعود الهند لتبحث إجراءً جديدًا أكثر تأثيرًا على خصوصية المستخدمين، وفقًا لوكالة رويترز.
المقترح الجديد، الذي يأتي من قطاع الاتصالات الهندي، يهدف إلى إلزام مصنعي الهواتف الذكية بالإبقاء على خدمات تحديد المواقع عبر الأقمار الصناعية مفعلة بشكل دائم، دون منح المستخدمين خيار إيقافها. لا يهدف هذا الإجراء إلى تمكين تطبيقات معينة من الوصول إلى الموقع فحسب، بل سيفرض تشغيل نظام A-GPS على مدار الساعة لجميع الأجهزة العاملة داخل البلاد.
ما يجعل هذا الاقتراح أكثر إثارة للقلق هو المطالبة أيضًا بمنع ظهور الإشعارات التي تُخبر المستخدم بأن شركات الاتصالات أو الجهات الحكومية قد وصلت إلى بيانات موقعه. بمعنى آخر، سيتم تفعيل التتبع الكامل دون علم المستخدم أو موافقته، وهو ما يُعد سابقة خطيرة في عالم التكنولوجيا، ولا يوجد له مثيل – بحسب جماعات الضغط – في أي دولة أخرى على الإطلاق.
وبينما كان من المقرر أن تعقد وزارة الداخلية اجتماعًا رسميًا مع شركات الهواتف لمناقشة المقترح، تأجل اللقاء دون توضيح الأسباب، ما زاد من الغموض والتكهنات حول جدية الحكومة في تنفيذ الخطة.
المؤيدون لها يقولون إنها ستسهّل عمل أجهزة إنفاذ القانون، وتساعد في التحقيقات الجنائية، وتوفر قدرة أعلى على تحديد المواقع بدقة. فبيانات مواقع أبراج الاتصالات – التي تُستخدم عادة – قد تكون غير دقيقة بفارق يصل إلى عشرات الأمتار، بينما يمنح النظام الجديد دقة قد تصل إلى 10 أقدام فقط. لكن المعارضين يرون أن تبرير “محاربة المجرمين” أصبح بوابة جاهزة لتوسيع سلطة الحكومات على حساب خصوصية المواطنين.
ويأتي هذا الجدل في سياق أوسع، إذ تتعرض حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي لانتقادات متواصلة بسبب سعيها لفرض تشريعات تُتيح جمع البيانات وتتبع المواطنين بطرق توصف بأنها تمس الحقوق الأساسية لعدد يصل إلى 1.4 مليار شخص.
وتشير التقارير إلى معارضة قوية من شركات التكنولوجيا العالمية، وعلى رأسها آبل وجوجل وسامسونج. هذه الشركات الثلاث، التي تسيطر على حصة ضخمة من سوق الهواتف الهندي، طالبت الحكومة بشكل مباشر برفض هذا المقترح الذي وصفه اتحاد "ICEA" – الممثل الرسمي لصناعة الإلكترونيات – بأنه تجاوز تنظيمي غير مسبوق.
وحذرت المجموعة من أن هذه الخطوة قد تضع فئات حساسة مثل القضاة، والضباط العسكريين، والصحفيين، وكبار المديرين التنفيذيين في خطر مباشر، لأنها تحول كل هاتف إلى جهاز تتبع دائمًا مكشوف البيانات.
من جهة أخرى، أعربت مؤسسة الحدود الإلكترونية (EFF) عن قلق بالغ تجاه المقترح. وقال كوبر كوينتين، كبير التقنيين في المؤسسة، إن السماح للحكومة وشركات الاتصالات بمعرفة الموقع الدقيق لأي شخص في أي لحظة، دون أمر قضائي، يشكل تهديدًا كبيرًا للخصوصية. وأضاف أن تفعيل نظام A-GPS طوال الوقت ليس مجرد قرار تقني، بل سياسة واسعة قد تغيّر شكل العلاقة بين المواطن والدولة.
ويحذر الخبراء من أن تنفيذ هذه الخطة قد يقود الهند إلى نموذج مراقبة واسع النطاق شبيه بما تظهره الأعمال الأدبية التحذيرية، مثل رواية جورج أورويل “1984”، التي أصبحت مرجعًا عند الحديث عن الحكومات التي تتوسع في تتبع مواطنيها بحجة الأمن.
وبينما لم تعلن الحكومة الهندية موقفها النهائي، تبقى الأسئلة الكبرى مطروحة: هل ستتراجع نيودلهي مرة أخرى تحت ضغط الصناعة والرأي العام؟ أم أنها تمهد الطريق لمرحلة جديدة تُصبح فيها الهواتف الذكية أدوات مراقبة إجبارية؟
الإجابة لم تتضح بعد، لكن المؤكد أن قرارًا بهذا الحجم ستكون له تداعيات هائلة على مستقبل الأمن الرقمي وحقوق الخصوصية في واحدة من أكبر دول العالم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: التی ت
إقرأ أيضاً:
تطورات تعديل قانون الإيجار القديم للوحدات التجارية والإدارية
تشهد الأيام الأخيرة حالة واسعة من الجدل بين الملاك والمستأجرين بعد تداول مقترحات جديدة خاصة بتعديلات قانون الإيجار القديم للوحدات غير السكنية، وتشمل المحلات التجارية والمكاتب والعيادات وغيرها من الأنشطة الإدارية والمهنية.
وعلى الرغم من الانتشار الواسع للمعلومات المتداولة، فإن هذه التعديلات مازالت في مرحلة المقترحات والدراسة، ولم يتم اعتمادها أو إصدارها بشكل نهائي حتى الآن.
وبحسب الصيغة الأخيرة المتداولة ضمن المقترحات، فإن التعديلات تهدف إلى إعادة تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر في الوحدات التجارية بشكل تدريجي، خاصة تلك التي مازالت تعمل بقيم إيجارية ضعيفة تم تحديدها منذ عقود طويلة.
مدى تطبيق القانون على العقود المختلفةأوضح المقترح أن العقود التي تم تحريرها بعد 31 يناير 1996 لن يشملها أي تغيير، حيث تخضع بالفعل للقانون المدني، وبالتالي تظل العلاقة الإيجارية فيها خاضعة للاتفاق بين الطرفين دون أي تدخل تشريعي جديد.
أما العقود السابقة لهذا التاريخ فهي التي يتم بحث تعديلها ضمن القانون المقترح.
وتشير التعديلات إلى أنه في حالة إقرارها، سيتم رفع القيمة الإيجارية للوحدة التجارية أو الإدارية إلى 5 أمثال القيمة الحالية، أي يتم ضرب الإيجار القديم × 5 مرة واحدة عند بدء تطبيق القانون.
ويتم تطبيق هذه الصيغة على جميع الأنشطة غير السكنية مثل:
محلات – عيادات – مكاتب – مخازن – ورش – صيدليات…
مع استثناء الوحدات التي تم تأجيرها بعد 31/1/1996، لكونها خارج نطاق الإيجار القديم من الأساس.
الزيادة السنوية
كما يحدد المقترح أن يتم تطبيق زيادة سنوية بنسبة 15% على القيمة الإيجارية بعد تعديلها، وذلك لضمان مواكبة الأسعار الاقتصادية الحالية وتطور قيمة العملة مع الزمن.
تأكيدات رسمية بعدم صدور القانون
ورغم تفاعل الشارع مع هذه التفاصيل، شددت الجهات المختصة على أن ما يتم تداوله هو مجرد صياغات مبدئية قيد المناقشة داخل اللجان المختصة، وأنه حتى الآن لا يوجد نص نهائي أو موعد محدد لإصداره.