حرية الرأي والإبداع كانت العنوان الأبرز في فعاليات ملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة الذي احتضنه الجامع الأزهر برعاية فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وتوجيه من الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر وبإشراف مباشر من الدكتور عبدالمنعم فؤاد المشرف العام على الأنشطة العلمية للرواق الأزهري، وحضور الدكتور هاني عودة مدير عام الجامع الأزهر، وقد اجتمع في الملتقى عدد من العلماء وأساتذة الجامعات لطرح الرؤى الشرعية والفكرية حول مكانة حرية الرأي والإبداع في الإسلام ودورها في البناء الحضاري .

 رؤية شرعية للحرية

الدكتور محمد عبدالمالك نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه القبلي، أكد أن الإسلام سبق كل النظم الحديثة في إقرار حرية الرأي والإبداع وجعلها حقًا أصيلًا للإنسان، مشيرًا إلى أن القرآن الكريم جسد هذا المعنى في قصة نزول سورة المجادلة حين عبّرت امرأة عن موقفها فجاء التشريع الإلهي منصفًا لها ورافعًا للمعاناة عن فئة من الناس، وأوضح أن الحرية في الشريعة ليست انفلاتًا بل هي مقيدة بضوابط تحفظ القيم وتحمي المجتمع من الانحراف، وأشار إلى أن النبي محمد ﷺ أتاح المجال للحوار والفكر المبدع في مواقف متعددة مما يدل على أن الحرية الفكرية إذا ارتبطت بالمسؤولية تصبح قوة إصلاحية هائلة .

 الحرية بين الحق والواجب

وفي مداخلته أوضح الدكتور مجدي عبدالغفار أستاذ ورئيس قسم الدعوة والثقافة الإسلامية، أن حرية الرأي والإبداع بدأت في الإسلام مع إقرار حرية الإنسان في ذاته، ثم جاءت حرية التعبير كامتداد طبيعي لها لكنه شدد على أن هذه الحرية يجب أن تتوازن مع حقوق الآخرين وألا تتحول إلى أداة للإساءة أو الإضرار، وأكد أن هناك حالات تصبح فيها حرية الرأي واجبة مثل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مشيرًا إلى أن التجربة الإسلامية عبر العصور أظهرت قدرة كبيرة على إدارة الحوار الراقي الذي يثري الفكر ويحمي وحدة المجتمع .

 نماذج تاريخية ملهمة

وأشار المتحدثون إلى أن التاريخ الإسلامي زاخر بحلقات نقاش ومناظرات فكرية راقية أسهمت في تطوير العلوم والمعارف، وضمنت التنوع الفكري دون تفريط في الثوابت، كما أوضحوا أن تحديات العصر الحالي تتطلب وعيًا متجددًا بكيفية ممارسة حرية الرأي والإبداع بحيث تكون أداة للتقريب بين الثقافات وبناء جسور التواصل الإنساني وليس ساحة للصراع والانقسام .

 دعوة لتعزيز الحوار الراقي

اختتم الملتقى بالتأكيد على أن حرية الرأي والإبداع في الإسلام لا تنفصل عن قيم الأخلاق والحكمة وأن على المفكرين والمبدعين أن يوظفوا هذه الحرية في خدمة القضايا الكبرى للأمة ودعم التماسك الاجتماعي، وتم الاتفاق على أن الحوار البنّاء واحترام الرأي الآخر هما الطريق الأمثل لتحقيق نهضة فكرية وثقافية تتسق مع مبادئ الإسلام .

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الفكر الإسلامي الحوار الراقي القيم الإنسانية الضوابط الشرعية فی الإسلام إلى أن على أن

إقرأ أيضاً:

في ندوة بـمعرض دمنهور للكتاب.. الأزهر يؤكد: مواجهة التطرف مسؤولية فكرية وتنموية شاملة

عقد معرض دمنهور الثامن للكتاب،  الذي تنظمه الهيئة المصرية العامة للكتاب بمكتبة مصر العامة بدمنهور، تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة،  ندوة بعنوان "كيفية مواجهة التطرف والتصدي للأفكار المغلوطة"، شارك فيها الدكتور حسن السيد خليل، الأمين المساعد للثقافة الإسلامية بمجمع البحوث الإسلامية والمشرف على مجلة الأزهر الشريف، والدكتور منصور أبو العدب، رئيس الإدارة المركزية لمنطقة البحيرة الأزهرية، والدكتور حمدي الأطرش، مدير عام منطقة وعظ البحيرة، وأدار الندوة الدكتور محمد القصاص.

افتتح الدكتور القصاص اللقاء بالتأكيد على أهمية ترسيخ الانتماء للوطن كوسيلة لمواجهة التطرف، موضحًا أن الوطن هو الحصن المنيع الذي يحتضن التنوع ويصهر الاختلافات، بينما يمثل التطرف خطرًا وجوديًا يهدد وحدة المجتمع وأمنه، داعيًا إلى خوض معركة فكرية وتنموية شاملة ضد الأفكار المتشددة.

من جانبه، أكد الدكتور حسن خليل أن مواجهة التطرف لا تقتصر على الجوانب الأمنية، بل تتطلب استراتيجية وطنية شاملة تشمل الفكر والتعليم والإعلام والتنمية.

وأوضح أن التطرف لا ينشأ من فراغ، بل تغذيه عوامل كالفقر والجهل والفراغ الفكري والإحباط الاجتماعي، مشيرًا إلى أن تعزيز الانتماء الوطني والعدالة الاجتماعية هو خط الدفاع الأول ضد التطرف، فالمواطن الذي يشعر بالكرامة وتكافؤ الفرص في وطنه يصعب استقطابه من قبل الجماعات المتشددة.

وأضاف خليل أن المؤسسات الدينية والتعليمية والثقافية تتحمل مسؤولية كبيرة في تجديد الخطاب الديني، ونشر الفكر الوسطي الذي يعزز التسامح والتعايش، مع دور محوري للإعلام في تصحيح المفاهيم وتفنيد الشبهات. كما شدد على أهمية التنمية الشاملة في القضاء على بيئة التطرف، موضحًا أن توفير فرص العمل والتعليم الجيد للشباب يمثل طوق نجاة حقيقيًا من الانجراف نحو الأفكار الهدامة.

كما تناولت الندوة دور الأزهر الشريف كمرجعية إسلامية عالمية في مواجهة الفكر المتطرف، من خلال مؤسساته المتخصصة مثل مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، الذي يتابع بلغات عدة ما يُنشر عن الإسلام ويرد على الشبهات التكفيرية، ومركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية الذي يقدم فتاوى دقيقة ومصححة تدعم قيم الرحمة والعدالة.

وأشار المتحدثون إلى أن الأزهر يسهم عالميًا في تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات من خلال مؤتمرات دولية ولقاءاته مع الفاتيكان التي أثمرت عن وثيقة الأخوة الإنسانية، إضافة إلى مبادرات مثل بيت العائلة المصرية ومركز حوار الأديان لترسيخ قيم المواطنة والتعايش.

وفي ختام الندوة، أكد المشاركون أن حماية الأوطان من التطرف مسؤولية جماعية بين الدولة ومواطنيها، مشددين على أن المواجهة الفكرية وتحصين العقول بالفكر الوسطي هما السبيل الحقيقي لضمان الأمن والسلام، وأن الأزهر سيظل منارة تنشر التسامح وتواجه ظلام الفكر المتشدد.

طباعة شارك الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة معرض دمنهور الثامن للكتاب الهيئة المصرية العامة للكتاب

مقالات مشابهة

  • نقيب الإعلاميين ناعيًا الدكتور أحمد عمر هاشم: أفنى عمره في نشر تعاليم الإسلام السمحة
  • في ندوة بـمعرض دمنهور للكتاب.. الأزهر يؤكد: مواجهة التطرف مسؤولية فكرية وتنموية شاملة
  • أفنى عمره في خدمة الإسلام ونشر الوسطية.. النائبة هند حازم تنعى الدكتور أحمد عمر هاشم
  • رحيل الدكتور أحمد عمر هاشم.. مسيرة من العطاء في محراب العلم والدعوة
  • محافظ الشرقية ينعى الدكتور أحمد عمر هاشم: رحل أحد كبار علماء الأمة وضميرها المستنير
  • أفنى عمره في خدمة الإسلام.. محافظ الغربية ينعى الدكتور أحمد عمر هاشم
  • وزير الأوقاف ناعيا الدكتور أحمد عمر هاشم: أفنى عمره في نشر تعاليم الإسلام السمحة
  • أحمد عمر هاشم.. 70 مؤلفا خلال رحلة العلم وخدمة الأزهر والسنة النبوية
  • الجامع الأزهر ينعي أحمد عمر هاشم: لبّى نداء ربّه بعد عمرٍ حافلٍ بالعلم وخدمة الإسلام
  • قدوة في نشر العلم.. عضو الأزهر للفتوى: أول معلمة في الإسلام هي الشفاء بنت عبد الله