أحمد عمر هاشم.. 70 مؤلفا خلال رحلة العلم وخدمة الأزهر والسنة النبوية
تاريخ النشر: 7th, October 2025 GMT
تلقت مصر و العالم العربي و الإسلامي خبر رحيل واحد من أبرز علماء الأزهر الشريف ، الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، عن عمر ناهز 84 عامًا، بعد حياةٍ حافلة بالعطاء العلمي والدعوي والوطني امتدت لأكثر من ستة عقود، قدَّم خلالها مئات المؤلفات والمشاركات في خدمة الإسلام والسنة النبوية.
نُشر بيان نعيه عبر صفحته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، جاء فيه: "ننعي إلى العالم العربي والإسلامي وأحبائه وتلاميذه وفاة فقيدنا الحبيب الإمام الشريف الدكتور أحمد عمر هاشم، نسأل الله أن يبدله دارًا خيرًا من داره وأهلًا خيرًا من أهله وأن يجعل الجنة مثواه."
صلاة الجنازة
تقام صلاة الجنازة عقب صلاة الظهر بالجامع الأزهر الشريف، ثم يُشيّع الجثمان الطاهر إلى الساحة الهاشمية بقرية بني عامر مركز الزقازيق بمحافظة الشرقية، حيث يُوارى الثرى بعد صلاة العصر، ويُقام العزاء مساء اليوم بالساحة الهاشمية، ويوم الخميس في مدينة القاهرة.
مولده
وُلد الدكتور أحمد عمر هاشم في 6 فبراير 1941، وتخرّج في كلية أصول الدين بجامعة الأزهر عام 1961، وحصل على الإجازة العالمية عام 1967، ثم عُيّن معيدًا بقسم الحديث، قبل أن يحصل على الماجستير عام 1969، ثم الدكتوراه في الحديث وعلومه، ليصبح بعدها أستاذًا للحديث وعلومه عام 1983، ويتولى عمادة كلية أصول الدين بالزقازيق عام 1987، ثم رئاسة جامعة الأزهر عام 1995.
المناصب التي شغلها الراحل
شغل الراحل مناصب رفيعة داخل الأزهر وخارجه، حيث كان عضوًا بمجلس الشعب والشورى بالتعيين، وعضوًا بمجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون، ورئيس لجنة البرامج الدينية بالتليفزيون المصري، إلى جانب عضويته في مجلسي الثقافة والطرق الصوفية، وحصوله على جائزة الدولة التقديرية عام 1992 ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى.
ترك 70 مؤلفا
ترك الدكتور أحمد عمر هاشم إرثًا علميًّا ضخمًا، يضم أكثر من سبعين مؤلفًا في علوم الحديث والسنة والعقيدة والفكر الإسلامي، من أبرزها: «السنة النبوية وعلومها»، «قواعد أصول الحديث»، «قبس من الحديث النبوي»، «في رياض السيرة النبوية»، «منهج الإسلام في العقيدة والعبادة والأخلاق»، «فيض الباري في شرح صحيح البخاري» (15 جزءًا)، إلى جانب أعماله في تحقيق كتب التراث الإسلامي مثل «الكفاية للخطيب البغدادي» و«تدريب الراوي» و«سبل السلام».
كما أثرى الراحل المكتبة الإسلامية بمؤلفات تناولت قضايا معاصرة مثل «الإسلام في مواجهة الانحراف الفكري» و«الإعلام الديني في مناهضة الظواهر السلبية» و«الإسلام والشباب»، وعُرف عنه دفاعه المستميت عن الحديث النبوي الشريف ومكانة الأزهر كمنارة علمية وسطية تمثل الإسلام الوسطي المعتدل.
شارك الدكتور أحمد عمر هاشم في عشرات المؤتمرات الدولية ممثلًا للأزهر في باكستان، الجزائر، المغرب، الكويت، ألمانيا، والأردن، وقدم أبحاثًا في تدوين السنة النبوية، ومكانة الحرمين الشريفين، وعالمية الإسلام، كما زار الولايات المتحدة بدعوة من الكونجرس الأمريكي ضمن وفد مجلس الشعب، حيث ألقى محاضرات دعوية في المركز الإسلامي بواشنطن.
أشرف وناقش أكثر من 200 رسالة ماجستير ودكتوراه، وأسهم في تخريج أجيال من العلماء والدعاة في مصر والعالم الإسلامي، وظل طوال حياته مثالًا للعالم الأزهري الموسوعي، المتواضع، المدافع عن القيم الإسلامية الأصيلة، والداعي إلى الوسطية والاعتدال.
رحل الإمام أحمد عمر هاشم بعد أن أفنى عمره في خدمة السنة النبوية وتعليم الأجيال وتوحيد صفوف الأمة الإسلامية، تاركًا خلفه إرثًا علميًّا سيظل شاهدًا على بصمته ومكانته في تاريخ الأزهر الشريف.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: أحمد عمر هاشم وفاة أحمد عمر هاشم جنازة أحمد عمر هاشم الأزهر هيئة كبار العلماء صلاة الجنازة الدکتور أحمد عمر هاشم الأزهر الشریف
إقرأ أيضاً:
القدوة في المجتمع الحديث بين النور والضجيج
بين نور القدوة وبريق الشهرة
يبدأ التمييز الحقيقي بين ما يبني الانسان وما يهدم وعيه حين نضع القدوة في مواجهة الشهرة السطحية فالقدوة نور ثابت هادئ يقود السلوك ويرسم الطريق بينما الشهرة برق يلمع فجأة ويختفي بلا أثر والجيل اليوم يرى أمامه نماذج تتحرك بسرعة عبر السوشال ميديا فيخلط بين اللمعان والقيمة وبين الضجيج والأثر وبين الانتشار والرسالة ولهذا يتجه كثير من الشباب إلى ما يلمع لا إلى ما ينفع وإلى الصوت الأعلى لا إلى المثال الأصلح بينما القدوة الحقيقية تعتمد على السلوك المتكرر وتأثيره المستمر ولهذا يصبح التمييز بين القدوة الحقيقية والشهرة الزائفة ضرورة قصوى لحماية وعي الجيل.
صناعة التفاهة المعاصرة
أصبحت التفاهة ظاهرة تتغذى على السرعة والفراغ حيث تضخم السوشال ميديا النماذج الفارغة وتمنحها حضوراً يفوق حجمها الحقيقي وهكذا يتحول المحتوى السطحي إلى مادة رائجة تنتشر أسرع من القيمة وتتلقى دعماً إعلانياً يصنع وهماً بأنها النموذج الأفضل بينما الحقيقة أن رأس المال التجاري هو من يرفعها ويضخمها لا قيمتها أو أثرها الفعلي وتظهر هذه الظاهرة في الملتقيات والمخيمات والتجمعات المدفوعة التي تصنع نجوماً بلا قيمة وتجمع مؤثرين بلا إنجاز وهكذا يصبح الفراغ سلعة ويتم دفع الجيل نحو المحتوى الذي لا يضيف بينما يتم تهميش النماذج الهادئة التي تقدم أثراً حقيقياً.
القدوة الزائفة اليوم
تنتشر القدوة الزائفة عندما يختلط الصوت العالي بالأثر الحقيقي وعندما يتصدر المشهد من يملك المتابعين المصطنعين لا من يملك القيمة الحقيقية فيجد الجيل نفسه أمام مؤثرين بلا إنجاز يقدمون محتوى استهلاكياً فارغاً من الهدف ما يدفع بعض الشباب للاعتقاد بأن هذا هو معيار النجاح والأثر وفي الواقع صنعت السوشال ميديا فجوة بين الحقيقي والمصطنع فهي تضخم من يثير الجدل وتهمش من يقدم المعرفة وتكافئ من يبالغ في العرض وتغفل من يتقن في الصنع وهكذا يتحول المحتوى الفارغ إلى نموذج بينما تبقى القدوات الحقيقية في الخلف رغم أن أثرها أعمق.
النجومية الهادفة الحقيقية
تصبح النجومية قوة مؤثرة عندما ترتبط بالرسالة لأن الشهرة في ذاتها ليست خيراً ولا شراً بل أداة يمكن أن ترفع الوعي أو تضلله وقد تتحول إلى جسر لصناعة أثر حقيقي إذا حملت معنى واضحاً وعلى هذا لا يكون النجم قدوة بمجرد عدد المتابعين بل حين يقدم قيمة ويصنع إنجازاً يمكن قياسه ويملك استمرارية تثبت أنه ليس صنيعة موجة مؤقتة وهكذا يصبح النجم الحقيقي من يعلم الجيل أن النجاح يُبنى بالعمل لا بالصوت وبالبناء لا بالضجيج.
الإعلام الوطني وصناعة البديل
يقوم الإعلام الوطني بدور مهم فجهود وزارة الإعلام مشكورة في محاربة المظاهر السلبية عبر مشاهير السوشال ميديا ومتابعة المحتوى الهابط وقد بذلت بعض الدول جهوداً مشابهة لكبح المحتوى المنفلت والسطحي ومنع مشاهير يستعرضون الترف أو يكسرون العادات والتقاليد أو يشوهون صورة المجتمع مما يعكس توجهاً عالمياً للحد من الآثار السلبية لهذا النوع من المحتوى غير أن حماية الوعي لا تتحقق بالمنع وكبح الظواهر وحدها بل بصناعة البديل الجذاب الذي يستحق أن يراه الناس ويثقوا به ولهذا يجب إظهار النماذج الجيدة وإتاحة حضور واضح لها في البرامج الوطنية والحملات الرسمية والفعاليات حتى يصبح النموذج الأصيل هو الذي يتصدر ويصبح الإعلام أداة لصناعة الوعي وصناعة القدوة لا مجرد ردة فعل.
*الجوائز الوطنية وصناعة الذوق
تسهم الجوائز الوطنية في إعادة تعريف النجاح ورفع الذوق العام لأن التكريم الرسمي يحدد بوضوح من هو النموذج الذي يستحق الضوء ومن الذي يمثل قيمة حقيقية أمام المجتمع وعندما تمنح الدولة جوائز للمحتوى الهادف والمبادرات المؤثرة والبرامج التعليمية ومشاريع الشباب الناجحة فإنها ترسم معياراً جديداً للنجاح يقوم على الرسالة والأثر لا على الضجيج والظهور وهكذا تصبح الجوائز أداة توجه الذوق العام وتدفع صناع المحتوى نحو الأفضل.
رؤية 2030 وصناعة المثال الوطني
تكشف رؤية المملكة كيف تتحول القدوة من مفهوم تربوي إلى مشروع وطني فقد أعادت تعريف النجاح وربطته بالقيمة والعمل والابتكار وجعلت صناعة القدوة جزءاً من بناء الهوية الوطنية وبخاصة عبر مبادرات مؤسسة الأمير محمد بن سلمان مسك وجهودها المشكورة في دعم القيادات الشابة وتمكين الموهوبين في التعليم والتقنية والإبداع إلى جانب الوعي العالمي بضرورة حماية الأجيال من النماذج غير المسؤولة وهو ما يتضح في متابعة ظاهرة المحتوى المنفلت ومحدودية رموزه في دول عديدة ومع كل هذه الجهود تبرز الحاجة المُلحة لاستراتيجية وطنية واسعة تشترك فيها مختلف الجهات لتعزيز أثر القدوة وحضورها حتى يصبح النموذج الوطني الأصيل هو الحاكم لوعي الجيل وبوصلته.
من تأثير الفرد إلى أثر المجتمع
يبدأ أثر القدوة من الفرد ولكنه لا يتوقف عنده فالسلوك الجيد ينتقل من شخص إلى آخر ثم يتحول إلى ثقافة صغيرة داخل محيطه ثم يتسع في المدرسة ومكان العمل ثم يدخل في وعي المجتمع ومع تكرار هذا الأثر تتشكل موجة قيمية تدفع المجتمع نحو المسؤولية والاتزان بينما القدوة الزائفة تصنع حركة معاكسة تقوم على الضجيج والاستهلاك ولهذا تصبح صناعة القدوة مسؤولية تبدأ من الفرد وتمتد إلى الإعلام والمؤسسات والدولة حتى يتحول التأثير الإيجابي إلى قوة مجتمعية.
الطريق إلى وعي جديد
الطريق إلى وعي جديد يقوم على القدوة لا الضجيج فالمجتمع لا ينهض بمحاربة السيئ فقط بل بصناعة النموذج الجيد ورفعه وتقديمه للناس والجيل يحتاج إلى نماذج حقيقية تمشي أمامه وتقدم قيمة واضحة وتفتح له درباً يبني نفسه من خلاله ومسؤولية القدوة مشتركة بين الأسرة والمدرسة والإعلام والمؤسسات والدولة حتى يصبح النموذج الأصيل هو الصوت الأعلى ويصبح النجاح مرتبطاً بالإنجاز والرسالة والأثر لا بالظهور والضجيج وعندما يستطيع المجتمع التمييز بين القدوة الحقيقية والقدوة المزيفة يكون قد بدأ طريق بناء جيل واعٍ قادر على صناعة المستقبل.
أخبار السعوديةرؤية المملكةنور القدوة وبريق الشهرةالقدوة الحقيقيةقد يعجبك أيضاًNo stories found.