بين الانسحاب وإعادة التموضع: عين الأسد تُطفئ الأنوار وتُبقي ظلالها في أربيل
تاريخ النشر: 26th, August 2025 GMT
26 غشت، 2025
بغداد/المسلة: تتجلّى حالةُ جمودٍ دبلوماسي بين الولايات المتحدة والعراق منذ تسلّم دونالد ترامب المنصب، وتقتصرُ القنوات على تواصل القائم بأعمال السفارة الأمريكية في بغداد ستيفن فاجن، واتصالٍ وحيد تلقّاه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني من وزير الخارجية ماركو روبيو، بما يعكس إدارةَ ملفّ العلاقات بمنطق “الحدّ الأدنى” ورسائل الضبط دون اشتباك سياسي مباشر.
وتتزامن الدبلوماسيةُ الباردة مع انطلاق أولى مراحل انسحاب التحالف الدولي بقيادة واشنطن، حيث خرج أول رتل عسكري أمريكي من قاعدة عين الأسد باتجاه سوريا الاثنين الماضي، بما يوحي بإعادةِ تموضعٍ محسوبةٍ تُبقي على القدرة العملياتية خارج مناطق الاحتكاك وتقلّص البصمة على الأرض داخل غرب العراق.
وبحثُ رئيسُ مجلس النواب العراقي محمود المشهداني مع القائم بالأعمال ستيفن فاجن تقليصَ أعداد القوات الأمريكية في عين الأسد بمحافظة الأنبار، وتبحثُ المؤسستان التشريعية والدبلوماسية تحويلَ العمل إلى إطارٍ ثنائيٍّ محدودٍ داخل إقليم كوردستان، تمشياً مع متطلبات الواقع الميدانيّ وتوازنات السيادة والتهديد.
ويؤكّدُ مسؤولٌ في وزارة الدفاع الأمريكية أن واشنطن تواصل مراجعةَ وضبطَ وضع قواتها في العراق “عند الاقتضاء” وبما يتسق مع مهام التحالف لهزيمة داعش، وتلتزمُ بإنهاء المهمة العسكرية للتحالف داخل العراق بحلول أيلول/سبتمبر 2025، وتواصلُ دعمَ عمليات هزيمة داعش في سوريا من قواعد داخل العراق حتى أيلول/سبتمبر 2026، وتستمرُ عقب الفترة الانتقالية في علاقة تعاونٍ أمنيٍّ ثنائية مع بغداد.
ويتبلورُ جدولٌ زمنيٌّ واضحٌ للانسحاب من عين الأسد وبغداد بنهاية أيلول/سبتمبر 2025، وتنتقلُ وحداتٌ إلى أربيل عاصمة إقليم كوردستان وإلى الكويت، وينخفضُ عددُ القوات تدريجياً من نحو 2000 إلى أقل من 500 جندي متمركزين في أربيل، بما يكرّس مبدأ “التخفّف مع الاستمرار”.
وتفسّرُ القراءةُ السياسية هذا الترتيب بوصفه تسويةَ “ما بعد التحالف”: فتُقاس شرعيةُ الانسحاب بقدرة واشنطن على صَون هندسة الردع ضد خلايا داعش مع تقليل الاحتكاك مع المؤسسات العراقية، وتُقاس مكاسبُ بغداد بترسيخ شعار السيادة عبر إنهاء المهمة الائتلافية وتحويل العلاقة إلى تعاونٍ ثنائيٍّ مُقيَّد ومُنضبط.
وتبرزُ مخاطرُ الفراغ التكتيكي إذا لم تُرفَق إعادةُ التموضع ببروتوكولاتِ تبادلِ معلوماتٍ عميقةٍ وتفويضٍ تدريبيٍّ واضحٍ مع القوات العراقية والبيشمركة، كما تبرزُ رهاناتُ الداخل على إدارة التباينات بين الحكومة والقوى المسلّحة غير النظامية، وبين بغداد وأربيل، منعاً لاختبار إرادات يُضعفُ مركزَ القرار.
وتبقىُ الإشارةُ الأهمّ إلى أنّ “الجمود الساخن” ليس قطيعةً بل آليةُ تبريدٍ سياسيٍّ لاستيعاب انتقالٍ أمنيٍّ حساس؛ فإنْ عبَرَ الجدولُ الزمني دون انزلاقٍ تصعيدي، وإنْ ثبتت القدرةُ على دعم الجهد ضد داعش في سوريا من داخل العراق حتى 2026، فستكونُ الثنائيةُ الأمنيةُ المقبلة أقلَّ كلفةً على الطرفين وأكثرَ قابليةً للحوكمة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: عین الأسد
إقرأ أيضاً:
نائب إطاري:القوات الأمريكية لن تنسحب من العراق
آخر تحديث: 7 أكتوبر 2025 - 2:52 م بغداد/ شبكة أخبار العراق- أكد عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، ألإطاري علي البنداوي، الثلاثاء، أن القوات الأمريكية تماطل في تنفيذ اتفاقية الانسحاب من العراق، مشيرًا إلى وجود نوايا واضحة للبقاء في البلاد أطول مدة ممكنة.قال البنداوي، في تصريح صحفي، إن “الوجود الأمريكي في العراق لا يزال يتناقض مع ما تم الاتفاق عليه في إطار اتفاقية الانسحاب، حيث تسعى واشنطن إلى كسب الوقت والمماطلة في تنفيذ التزاماتها تجاه الحكومة العراقية”.وأضاف أن “هناك تحركات أمريكية على الأرض تشير إلى رغبتها في تعزيز وجودها العسكري، لا الانسحاب التدريجي منه، وهو ما يعد خرقاً للسيادة العراقية”.وأشار إلى أن ” الامام خامنئي زعلان جدا على الزعامة الاطارية في بقاء القوات الامريكية وان البرلمان سبق وأن صوت على قرار ملزم بخروج كافة القوات الأجنبية من العراق، إلا أن الجانب الأمريكي لم يلتزم بشكل جاد بذلك القرار حتى الآن”.وتشير هذه الخطوة، وفقاً لمجلة “فوربس” الأميركية، إلى أن الولايات المتحدة تخطط لتعزيز وجودها العسكري في العراق، بما قد يُبقي قواتها في البلاد إلى ما بعد عام 2030، رغم الدعوات المتزايدة لإنهاء الوجود الأجنبي على الأراضي العراقية.