كوشيب.. محاكمة نظام بأكمله؟
تاريخ النشر: 6th, October 2025 GMT
عصام عباس
استمعتُ اليوم إلى قاضية المحكمة الجنائية الدولية وهي تسرد بثقة وهدوء، الأفعال التي قادت المحكمة إلى اليقين بأنّ علي كوشيب قد ارتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
ولستُ هنا بصدد الحديث عن الاحترافية القضائية، بل الوقوف أمام هول الأفعال التي كُشفت أمام أعين العالم.
لقد أثبتت المحكمة بما لا يدع مجالًا للشك أنّ علي كوشيب لم يكن جانيًا منفردًا، بل جزءًا من منظومة كاملة من القتلة، تضمّ حكومة السودان آنذاك، تمثلها مليشيا الجنجويد التي تطورت لاحقا لتصبح قوات الدعم السريع وتشرعن رسميا بقانون اجازه برلمان الاسلاميين باغلبية ساحقة وأصبح كبير الجمجويد احد اكثر المقربين في سيئ السمعة عمرالبشير.
تخيلوا مشهد القرى الهادئة وهي تُحاصر بقوات مدجّجة بالسلاح، تعلو ظهور اللاندكروزر والخيول والجمال، ثم تُحرق عن بكرة أبيها. يُقتل كل رجل بالغ أو فتى يافع أو شيخٍ كهل، وتُغتصَب النساء أمام أعين آبائهن وأبنائهن وإخوتهن في مشهدٍ بالغ البشاعة، هدفه الإذلال والإهانة قبل أن يُصفَّوا جميعًا لاحقًا.
ورغم أنّ المحكمة ركّزت على أحداث وقعت في مناطق متفرقة من محلية وادي صالح خلال عامي ٢٠٠٣ و٢٠٠٤، فإنّ ما وثّقته ليس إلا عينةً صغيرة تعكس ما جرى في عشرات القرى غير العربية التي عانت المأساة نفسها. تلك الجرائم لم تكن افعال وقتية بل امتدّت كسياسة ممنهجة منذ عام ٢٠٠٣ وحتى سقوط نظام الإنقاذ في ٢٠١٩.
إنّ علي كوشيب لم يكن سوى أداة. الفعل كان فعل حكومة إسلاموية متطرّفة سمحت بهذه الوحشية، باركتها، ودعمتها، بل أشرف عليها وزراء أمثال أحمد هارون.
ما شهدناه اليوم ليس محاكمة رجل واحد، بل محاكمة للتاريخ الدموي لنظام الإنقاذ الإرهابي المتطرف، ورسالة إلى العالم بأنّ الجرائم نفسها تتكرّر اليوم في السودان بأدواتٍ وأسماءٍ جديدة، لكن بوحشيةٍ أشد واتساعٍ أكبر.
إنها دوامة الدم السوداني التي لم تتوقف بعد.
الوسومعصام عباسالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: عصام عباس
إقرأ أيضاً:
تعز.. شباب المشاولة يدينون التصعيد في الوازعية ويدعون إلى وقف عسكرة القرى
أدان شباب قبيلة المشاولة التصعيد الأمني الذي شهدته مديرية الوازعية، معتبرين أن الانتشار العسكري الواسع وعمليات التفتيش التي طالت المواطنين تمثل تجاوزًا غير مبرر، وتسهم في تأجيج التوتر.
وأكد بيان صادر عن شباب قبيلة المشاولة رفضه القاطع لأعمال التقطع، مشيرا إلى أن أبناء المشاولة لا يتبنون مثل هذه التصرفات، وإن حدثت فهي تصرفات فردية لا تستدعي هذا الحجم من الرد الأمني.
وشدد البيان على أن التعامل مع القضية كان ينبغي أن يتم عبر القنوات الرسمية، لا سيما أن القبيلة أبدت استعدادها للتعاون، وكان بالإمكان الوصول إلى الشخص المعني دون اللجوء إلى الحشد العسكري.
وعبّر شباب القبيلة عن رفضهم لتحويل القرى والمنازل إلى مواقع عسكرية، معتبرين ذلك انتهاكًا لخصوصية السكان ومصدرًا لتصاعد الغضب الشعبي.
وأشار البيان إلى أن مدير المديرية يتحمل المسؤولية الكاملة عن تداعيات ما جرى، منتقدين غيابه عن المشهد، ومقارنة موقفه السلبي بمواقف والده، الشيخ أحمد سيف الظرافي، الذي كان رمزًا للحكمة وفض النزاعات.
ولفت البيان إلى أن ما تقوم به قوات المقاومة الوطنية من تفتيش وتضييق لا يعكس سلوك الدولة، بل يكرّس ممارسات قمعية تضر بالنسيج الاجتماعي.
وطالب شباب المشاولة قيادة المقاومة الوطنية بتحمّل مسؤولياتها واحترام الأعراف والتقاليد، مؤكدين أن الدولة يجب أن تكون حامية للمواطنين لا مصدرًا للقلق.
وحيّا البيان مواقف القبائل المجاورة التي أبدت تضامنها، داعيًا بقية القبائل إلى إعلان مواقفها، ومحذرًا من أن استمرار التصعيد قد يؤدي إلى تحرك قبلي واسع.
وشدد البيان أن الحوار هو السبيل الأمثل لحل الخلاف مع أحمد سالم حيدر، ورفض تحويل المنطقة إلى ساحة صراع سياسي أو عسكري، خاصة في ظل هشاشة الأوضاع بعد الحرب الأخيرة.