محادثات شرم الشيخ.. بين رهان الأيام المعدودة ومخاوف تكرار سيناريو الفشل
تاريخ النشر: 7th, October 2025 GMT
في ظل توقعات بأيام حاسمة ومعدودة، انطلقت محادثات شرم الشيخ غير المباشرة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل، لبحث ترتيبات تبادل الأسرى ضمن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لكن المحادثات أثارت تساؤلات جوهرية عن مصداقية الضمانات الأميركية، وجدية إسرائيل في تنفيذ التزاماتها.
وطرح محللون أسئلة عن قدرة الوساطة على تجاوز العقبات التي أفشلت اتفاقات سابقة، خاصة في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة دون توقف حقيقي.
وتركز المباحثات -التي يشارك فيها وسطاء من قطر ومصر وتركيا والولايات المتحدة– على وقف مؤقت لإطلاق النار، لتهيئة الظروف الميدانية لإطلاق سراح الأسرى، ثم وقف دائم وانسحاب إسرائيلي وتبادل شامل.
وكشفت صحيفة واشنطن بوست الأميركية عن أن حماس طلبت من إسرائيل الانسحاب من المناطق المأهولة حتى يتمكن عناصرها من العثور على الأسرى ونقلهم دون عوائق، كما طلبت ضمانات واضحة من الولايات المتحدة بأن إسرائيل لن تستأنف هجماتها بعد تسليم الأسرى.
وفي قراءة للموقف الإسرائيلي، أوضح الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور مهند مصطفى أن إسرائيل تنظر إلى أن الاتفاق لم يدخل حيز التنفيذ بعد، ولذلك تحاول إظهار استعدادها لاستمرار العمليات العسكرية كرسالة أساسية في هذه المرحلة.
وأضاف مصطفى أن إسرائيل تركز على المرحلة الأولى باعتبارها المرحلة الحاسمة، ولا تريد الدخول في مباحثات حول القضايا الجوهرية التي ستأتي بعدها، معتبرة أن تحقيق إطلاق سراح جميع الأسرى يمثل إنجازا كبيرا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية.
وفي رؤية نقدية للمحادثات الجارية، أكد أستاذ العلوم السياسية الدكتور غسان الخطيب أن موضوع تبادل الأسرى هو النقطة الوحيدة التي وافقت عليها حماس، إضافة إلى تسليم مقاليد الحكم في القطاع إلى لجنة من التكنوقراط.
إعلانولفت الخطيب إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة تحاولان حصر النقاش في آليات تنفيذ البند الأول فقط، وهو البند الوحيد المتفق عليه بين الطرفين، وهو ما يثير تساؤلات حول مصير البنود الأخرى من الخطة.
الضمانات المطلوبة
وحول الضمانات المطلوبة لنجاح المحادثات، أوضح مدير مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي أن هناك 3 مطالب مشروعة وضرورية لحماس والوفد الفلسطيني المفاوض:
أولها ضمانة أميركية بأن إسرائيل لن تعاود عدوانها على غزة بعد تسليم الأسرى، وينبغي أن تكون هذه الضمانة على لسان الرئيس الأميركي شخصيا. والمطلب الثاني يتعلق بضرورة انسحاب إسرائيل من كل المناطق المأهولة لتجميع الأسرى وتحضيرهم للإفراج عنهم، مشيرا إلى أن خريطة ترامب غير مقبولة لأنها تخرج مدينتين كاملتين من دائرة الانسحاب. أما المطلب الثالث، فيتعلق بالإفراج عن القادة المقاومين الأسرى لدى الاحتلال، إذ ترفض إسرائيل قائمة من الأسماء رغم أن هذه قد تكون فرصة نادرة لا تتكرر.وفي تحذير من تكرار سيناريوهات سابقة، ذكّر الرنتاوي بأن مستوى الثقة بالإدارة الأميركية عند الفلسطينيين يكاد يكون صفرا، مستشهدا بحرب لبنان عام 1982 عندما تلقت المقاومة الفلسطينية ضمانات من المبعوث الأميركي للبنان حينها فيليب حبيب بعد خروجها من بيروت، لتقترف إسرائيل بعد أيام مجزرة صبرا وشاتيلا، وتحتل كامل بيروت التي لم يكن مطلوبا أن يتمدد الجيش الإسرائيلي إليها.
وعلى الجانب الآخر، أكد المحلل الإستراتيجي في الحزب الجمهوري أدولفو فرانكو أن الرئيس ترامب ينظر إلى الأمر من زاوية النقاط الأساسية، وأن التركيز ينصب على الشرط الأول، وهو إطلاق سراح الأسرى.
وأضاف فرانكو أن هذه ليست مفاوضات، بل إنها تطبيق وتوضيح للنقاط الـ21 الواردة في الخطة، محذرا من أن التعامل معها كمفاوضات مفتوحة قد يؤدي إلى انهيارها.
لكن الدكتور مصطفى لفت إلى مفارقة مهمة، وهي أن بعض البرامج التلفزيونية الإسرائيلية أظهرت أن محللين إسرائيليين أعربوا عن ثقتهم بحماس أكثر من نتنياهو، بناء على التجربة السابقة في اتفاق يناير/كانون الثاني 2025 الذي نفذت فيه حماس كل شروط المرحلة الأولى في حين لم تنفذ إسرائيل التزاماتها.
وأضاف أن نتنياهو معروف بعدم التزامه بالاتفاقيات، وأن هوسه الأساسي هو البقاء في السلطة وليس إنقاذ الأسرى.
لماذا تأخير الاتفاق؟
وطرح مصطفى تساؤلا يقول: "لماذا لم يتم التوصل إلى هذا الاتفاق قبل عام؟"، مشيرا إلى أن نتنياهو أحبط كل المحاولات خلال فترة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، وأن الاتفاق كان ممكنا سابقا لإنقاذ كثير من الأرواح.
من جهته، رفض الدكتور الخطيب الاعتماد على الضمانات الأميركية، مؤكدا أنه لا قيمة لها، لأن الولايات المتحدة ليست وسيطا محايدا، بل إنها شريك لإسرائيل.
وأوضح أن الحديث عن ضغط ترامب على نتنياهو غير صحيح، لأن ترامب تشاور مع نتنياهو حول الخطة وحصل على موافقته مسبقا، وأن الخطة في أغلبها تمثل الموقف الإسرائيلي بلباس أميركي.
وفي تحليل للوضع بعد تنفيذ المرحلة الأولى، توقع الخطيب أن يكون هناك نوعان من التطورات: مفاوضات غير مباشرة على البنود المتبقية، وتخفيف إسرائيل لحملتها العسكرية، مع الانتقال إلى ضربات انتقائية كما تفعل في لبنان، مع الإصرار على البقاء داخل القطاع وحوله للضغط على حماس.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات أن إسرائیل إلى أن
إقرأ أيضاً:
الشيطان يكمن في التفاصيل.. ما أبرز البنود التي قد تعرقل مفاوضات شرم الشيخ بين حماس وإسرائيل؟
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك: "من يظن أن حماس ستعيد الرهائن إلينا وأن الجيش سيبقى في مكانه، فهو واهم". اعلان
رغم انطلاق المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس في شرم الشيخ بمصر، تبرز عدة عقبات رئيسية قد تحول دون تحقيق اختراق سريع في غزة.
فالمرحلة الأولى من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تتطلب موافقة الطرفين السريعة على البنود الـ21 التي طرحها، لكن الوفدين المفاوضين لا يكفّان عن ترديد عبارة: "نعم... ولكن" عند كل بند.
وبينما تمارس واشنطن ضغوطًا كبيرة لدفع العملية قدمًا، يحاول الطرفان المناورة لتحصيل مزيد من المكاسب، في ظل عقبات نظرية وعملية، أبرزها: صعوبة جمع جميع الرهائن في مكان واحد، قضية نزع سلاح حماس ومستقبلها في القطاع، إضافة إلى توقيت وكيفية انسحابها، فضلًا عن نطاق الانسحاب الإسرائيلي من غزة، وأسماء الأسرى الفلسطينيين المتوقع الإفراج عنهم.
ورغم تفاؤل ترامب، يبدو رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك متشائمًا، إذ قال الزعيم الإسرائيلي اليوم الاثنين: "من يظن أن حماس ستعيد الرهائن إلينا وأن الجيش سيبقى في مكانه، فهو واهم".
وأضاف أن حماس ستناور وتطالب بانسحاب مقابل كل دفعة من الرهائن تُفرج عنها، مشيرًا إلى أن الجداول الزمنية لن تكون قصيرة، "لا يومين ولا ثلاثة... ربما ستة أيام، وحتى حينها قد يُكتشف أن بعض الجثث لم يُعثرعليها".
في هذا السياق، نقلت صحيفة التلغراف عن المفاوض الأمريكي آرون ديفيد ميلر قوله إن خطة ترامب تجعل من إطلاق سراح جميع الرهائن، أحياءً وأمواتًا، وإنهاء الحملة العسكرية الإسرائيلية أمرًا ممكنًا، لكنها في الوقت نفسه ضبابية، إذ تبقى الأهداف بعيدة المدى للطرفين غير واضحة حتى الآن.
Related يهود أمريكا ينتقدون إسرائيل: 61% يتحدثون عن جرائم حرب و39% عن إبادة جماعية في غزةالأنظار تتجه إلى شرم الشيخ: ما القضايا الأبرز في "المفاوضات الحاسمة" لتنفيذ خطة ترامب حول غزة؟الحرب في يومها الـ731: استمرار القصف الإسرائيلي على غزة وترامب يحث على "التقدم بسرعة" في المفاوضات نزع سلاح حماسحين ردّت حماس بالإيجاب على خطة ترامب، تجنبت ذكر النقاط الأكثر إثارة للجدل، وعلى رأسها نزع سلاحها. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو توعّد بأن هذا البند سيُطبّق "إما بالحسنى أو بالقوة"، ملمحًا إلى أن إسرائيل قد تتولى المهمة "بمفردها"، لكن أحد قياديي حماس قال إن السلاح قد يُسلَّم للجنة فلسطينية ـ مصرية مشتركة.
ورأت صحيفة هآرتس أن حلم ترامب بـ"سلام عالمي في الشرق الأوسط" تجاهل التفاصيل الصغيرة التي قد تتحول إلى عقبات كبرى أمام الخطة. وأضافت أن نزع السلاح لن يكون فوريًا، بل من المشكوك فيه أن يكتمل أصلًا.
وتوضح الصحيفة أن البند السابع عشر من الخطة ينص على أنه حتى لو رفضت حماس المقترح أو أعاقت تنفيذه، فإن إسرائيل ستسلّم إدارة "المناطق منزوعة السلاح" إلى قوة استقرار دولية تضم أطرافًا عربية ودولية، وتستند إلى آلية استشارة مصرية وأردنية.
مع ذلك، لم تحدد الوثيقة طبيعة هذه المناطق، ولا كيفية تشكيل القوة، ولا توقيت نشرها، ولا علاقتها بتفكيك قوة حماس العسكرية.
جدول الانسحاب الإسرائيليما يزال الجدول الزمني المقترح للانسحاب الإسرائيلي من القطاع محل خلاف. فحماس تصرّ على انسحاب كامل، بينما يؤكد نتنياهو لجمهوره أن الجيش سيبقى في معظم مناطق غزة.
وتشير خطة ترامب إلى انسحاب على ثلاث مراحل:
الأولى: انسحاب جزئي من مناطق مأهولة (أو كانت مأهولة قبل الحرب)، منها أجزاء من مدينة غزة.
الثانية: مرتبطة بتشكيل قوة الاستقرار الدولية.
الثالثة: انسحاب نهائي، لكن العمق والتوقيت والآلية لا تزال ضبابية.
مستقبل حماس في غزةإلى جانب ما ذكر، هناك اختلاف في تفسير نصوص الخطة: فترامب ينص على أن حماس "لن تضطلع بأي دور في حكم غزة، لا بشكل مباشر ولا غير مباشر"، فيما ردّت الحركة بالقول إن الخطة "لا يمكن مناقشتها إلا ضمن إطار وطني فلسطيني شامل" يشملها بالضرورة.
وأكدت موافقتها على تسليم غزة لهيئة فلسطينية من المستقلين (تكنوقراط)، لكنها لم تشر إلى لجنة "السلام الدولية" التي اقترح ترامب أن يقودها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير.
أسماء الأسرى وصعوبة نقل الرهائنتقترح الخطة إطلاق سراح 48 رهينة دفعة واحدة مقابل الإفراج عن 250 أسيرًا فلسطينيًا محكومًا بالمؤبد، إلى جانب 1700 معتقل من سكان غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بينهم جميع النساء والأطفال.
مع ذلك، قد تُبدي إسرائيل تحفظًا على إطلاق شخصيات بارزة مثل مروان البرغوثي، الذي يُنظر إليه باعتباره أحد أبرز القادة الفلسطينيين.
ووفق ما أوردته القناة 14 العبرية، فقد تعهد نتنياهو لوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بعدم الإفراج عن من تصفهم إسرائيل بـ"القيادات الإرهابية"، وفي مقدمتهم البرغوثي.
أما حماس، فترى أن جمع الرهائن في مكان واحد يمثل معضلة حقيقية، إذ تؤكد أن المحتجزين موزعون في عدة مواقع، من بينها مدينة غزة التي لا يزال الجيش الإسرائيلي يواصل اجتياحها. وهو ما يجعل تنفيذ هذا البند أمرًا بالغ الصعوبة، لما ينطوي عليه من تعقيدات الاتصال والتنسيق بين القيادة والمجموعات المكلفة بحراستهم وتأمينهم.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة