أفغانستان والعودة إلى قلب «اللعبة الكبرى»
تاريخ النشر: 18th, October 2025 GMT
منذ أن رسمت الإمبراطوريات خرائطها على الرمال، كانت أفغانستان نقطة التقاء النار بالثلج، وجسرًا بين الطموحات الإمبراطورية والهاويات الجغرافية. إنها الأرض التي لا تُهزم ولا تنتصر، بل تُعيد تعريف الهزيمة والنصر مع كل قرنٍ جديد.
من هناك، من جبالها التي تشبه الصمت، خرجت كل الإمبراطوريات مثخنةً بالجراح: بريطانيا في القرن التاسع عشر، والاتحاد السوفييتي في القرن العشرين، والولايات المتحدة في القرن الحادي والعشرين.
ومع كل انسحابٍ لقوةٍ عظمى، تولد أخرى تحاول الإمساك بخيوط اللعبة، لتجد نفسها بعد حين في المستنقع ذاته، بين قبائل لا تُشترى، وجغرافيا لا تُستَملك، وحدودٍ تتنفس التمرد.
اليوم، تعود «اللعبة الكبرى» بثوبٍ جديد،ليست مواجهةً بين مدافع وخيول كما كانت في زمن كبلنغ، بل صراعًا على خطوط الطاقة والممرات التجارية والمعادن النادرة، بين الصين التي تمد طريق الحرير الجديد عبر الجبال، وروسيا التي تحاول العودة إلى فضائها التاريخي في آسيا الوسطى، وأمريكا التي تراقب من بعيد لكنها لا تغيب، وبين باكستان التي تمزقها ازدواجية الولاء والهوية.
في هذه الفوضى، تبقى أفغانستان المفصل الذي يربط بين الشرق الأوسط وجنوب آسيا، وبين حلم السيطرة ونهاية الإمبراطوريات. فكل لاعبٍ دولي يحاول أن يجعل منها قاعدةَ نفوذ، وكل جارٍ إقليمي يخشاها بقدر ما يحتاجها.
الهند تبحث عن عمقٍ استراتيجي في كابول لمواجهة الصين وباكستان، وإيران تخشى أن تتحول أفغانستان إلى خاصرةٍ رخوة أمام تمدد الغرب، أما باكستان فترى في جارتها مرآةً تعكس اضطرابها الداخلي وصراعها مع ذاتها قبل الآخرين.
الانسحاب الأمريكي لم يكن نهاية الحرب، بل بدايةَ طورٍ جديدٍ منها.فالقوة التي تفشل في احتلال الجغرافيا، تحاول اليوم احتلال العقول عبر التكنولوجيا والعقوبات والتحالفات الاقتصادية. لم تعد الحروب تُخاض في الميدان، بل تُدار في الأسواق والبورصات ومراكز البيانات. ومع ذلك، ما زالت أفغانستان تُختبَر فيها إرادةُ القوى الكبرى كما كانت منذ قرنين.
العالم اليوم يقف على تخوم تحوّلٍ استراتيجيٍّ جديد،ففي حين تُعاد صياغة الشرق الأوسط بعد حرب غزة، وتتحرك أوروبا بين الخوف من روسيا والتبعية لأمريكا، تنشأ في آسيا معادلةٌ دقيقة تُشبه خيوط العنكبوت: كل حركةٍ فيها تهز النظام الدولي بأكمله.
وأفغانستان، مرةً أخرى، في القلب من تلك المعادلة — ليست مجرد أرضٍ جبليةٍ فقيرة، بل ميزانُ العالم بين الشرق والغرب، بين الحلم الإمبراطوري والواقع الجغرافي.
التاريخ في أفغانستان لا يُكتب بالحبر، بل بالدماء.هي المرآة التي تنعكس فيها أوهام السيطرة، حيث تتعرى الإمبراطوريات من خطابها الأخلاقي وتظهر في حقيقتها العارية: رغبةٌ في البقاء، بأي ثمن.
إنها اللعبة الكبرى في زمنٍ جديد، تتبدل فيه الأدوات لكن تبقى الغاية ذاتها — من يملك الممرات يملك القرار.
وفي النهاية، حين تهدأ المدافع وتبرد الجبهات، ستظل أفغانستان تُلقِّن الجميع الدرس ذاته:
أن الجغرافيا أقوى من السياسة، وأن روح الشعوب لا تُقهر بقرارٍ من عاصمةٍ بعيدة.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
وزير الجيش الاسرائيلي”يأمر بإعداد خطة لتدمير حماس والعودة للحرب “
#سواليف
أصدر وزير الجيش الاسرائيلي ، يسرائيل كاتب تعليماته لرئيس الأركان وقيادة الجيش الإسرائيلي بالاستعداد لعملية شاملة في #غزة في حال رفضت #حماس #خطة_ترامب.
ووفقا لوسائل الإعلام الاسرائيلية فان الهدف المحدد هو إحداث تغيير عميق في الواقع الأمني في قطاع #غزة و #تدمير #حماس على حد زعمها.
قالت شبكة سي إن إن عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ان إسرائيل قد تستأنف القتال في غزة بمجرد كلمة مني إذا لم تلتزم حماس باتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدا انهم ينتظرون إشارة منه للعودة للقتال.
مقالات ذات صلة معتقلون سوريون سابقون يروون تفاصيل وحشية عاشوها في سجن صيدنايا 2025/10/16واضاف “سأنظر في السماح لنتنياهو باستئناف الأعمال العسكرية إذا رفضت حماس الالتزام بوقف إطلاق النار”.
وقال ان تحرير الرهائن من غزة كان أمرا بالغ الأهمية.
واكد ان حماس تتدخل حاليا وتقضي على العصابات العنيفة.
وتابع “سأفكر في ما سيحدث إذا رفضت حماس التخلي عن سلاحها”.
واضاف”نبحث في مسألة إعدام حماس فلسطينيين أبرياء وسنكتشف الأمر وقد يكون هناك #عصابات”.