موقع النيلين:
2025-12-07@22:37:29 GMT

الوجه المظلم للأدوات الرقمية في العمل

تاريخ النشر: 18th, October 2025 GMT

كلنا نعرف ذاك الشعور جيدا، حين تبدأ يومك بذهن صافٍ وهمّة عالية لإنجاز مهمة بعينها، لتجد نفسك وقد ابتلعك دوامة الأدوات الرقمية الحديثة من الإشعارات المتلاحقة، والرسائل العاجلة. وعندما يحل المساء، لا يتبقى لك إلا شعور بالإنهاك وحصاد لا يرقى لطموحك.
هذا الموقف المتكرر بات يعرف بظاهرة “الإنهاك الرقمي”. هذا الضجيج الرقمي لا يؤثر على تركيزنا فحسب، بل ينخر في صحتنا النفسية ويفتت الروابط الحقيقية بين فرق العمل.


والمفارقة أن الذكاء الاصطناعي، الذي تعقد عليه الآمال ليكون طوق النجاة، تحول في أحيانا إلى وقودٍ لهذه الفوضى. وهي الأزمة التي لخصها تقرير لمجلة فوربس بعنوان “الإنهاك الرقمي: تآكل الصحة النفسية والإنتاجية المهنية”.

سراب الإنتاجية
نظريا كان وعد الإنتاجية العالية كلما استخدمنا الأدوات الرقمية، لكن على أرض الواقع، كشفت الأرقام عن حقيقة أخرى، ففي استطلاع شمل 1000 مهني في الولايات المتحدة، كانت أبرز النتائج كالتالي:

%79 من الموظفين أفادوا بأن مؤسساتهم تقف موقف المتفرج، دون أي مبادرة جادة لكبح جماح هذا الإنهاك.
%60 يعيشون تحت ضغط دائم للشعور بأنهم “متاحون” للرد على الإشعارات حتى بعد انقضاء يوم العمل.
موظف من كل خمسة يبدد ما يزيد على ساعتين أسبوعيا في رحلات مكوكية بين النوافذ والتطبيقات.
%45 أصبحوا على قناعة بأن أدواتهم الرقمية تُعيق إنتاجيتهم بدلا من أن تطلق لها العنان.
هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل هي دليل على أن كثرة التشتت تضر بعقولنا، فالتنقل المستمر بين التطبيقات يستنزف تركيزنا بشدة، ويمنعنا من الوصول إلى مرحلة التركيز الكامل التي نحتاجها لإنجاز أفضل الأعمال، وهي المرحلة التي يولد فيها الإبداع.

الذكاء الاصطناعي يفاقم الأزمة
كان الأمل أن يحررنا الذكاء الاصطناعي من المهام المتكررة، لكننا طبقناه في بيئات عمل تعاني أصلا من مشكلات وفوضى. وبدلا من أن نصلح تلك الأنظمة أولا، قمنا باستخدام التقنية “لأتمتة هذه الفوضى”.

والنتيجة كما يوضح تقرير عالمي لعام 2025، أن 70% من الموظفين صاروا يعتمدون على الذكاء الاصطناعي، لكن الإرهاق الرقمي لديهم قفز إلى 84%.

سبب كبير لهذه المشكلة هو ما يعرف بـ”المخرجات الجوفاء”، وهي أعمال ينتجها الذكاء الاصطناعي تبدو رائعة، لكنها في الحقيقة ضعيفة الجودة وتحتاج للكثير من التصحيح.

هذا يعني أن المشكلة ليست في الأداة نفسها، بل في غياب الرؤية؛ فنحن نستخدمه بلا إستراتيجية واضحة أو معايير جودة إلزامية.

دليلك إلى السكينة الرقمية
الخلاص ليس في تبني أداة جديدة، بل في تبني عقلية جديدة؛ عقلية تعود إلى مبادئ بسيطة ومنضبطة لاستعادة الهدوء المفقود في يومنا. وهذه هي مبادئها الخمسة:

الأقل قوة: احذف بلا تردد كل ما هو مكرر أو غير ضروري. لا تحتفظ إلا بالأدوات التي تخدم هدفا واضحا وتُحدث أثرا يمكن قياسه، فكل أداة زائدة هي ثقب يتسرب منه تركيزك.
سيادة الانتباه: تحرر من سجن الإشعارات وضع “ميثاقا للتواصل” يحدد ما هو عاجل وما يمكنه الانتظار. تذكر دائما أن وهم الاستجابة الفورية هو أكبر سارق للإنتاجية العميقة.
التعلّم الذكي: اعتمد الجرعات المعرفية، لا الفيضانات المعلوماتية. استبدل بالساعات الطويلة من التدريب كبسولات مركزة (15-20 دقيقة) تعالج مشكلة حقيقية ومباشرة يواجهها فريقك.
بوصلة الأثر: حوّل مقاييس نجاحك من سؤال “كم ساعة عملنا؟” إلى “ما جودة ما أنجزنا؟”. النجاح الحقيقي لا يكمن في حجم النشاط، بل في قيمة الأثر الذي نتركه.
قوة الهدف الواحد: ابدأ كل أسبوع بسؤال “ما النتيجة المحورية التي ستجعل هذا الأسبوع ناجحا؟”. بمجرد تحديدها، اجعل كل قراراتك وأولوياتك تخدم هذا الهدف وحده، وكل ما عداه يصبح مجرد تفاصيل.
إن المقياس الحقيقي للنجاح لم يعد في امتلاك المزيد من الأدوات، بل في امتلاك أنفسنا، فالتقنية التي صنعت لتخدمنا، قد تُحولنا إلى عبيد لها حين تُستخدم بلا حكمة، فتسلبنا صفاء التفكير وسكينة العيش.

الجزيرة

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي يحوّل أوامر صوتية إلى أشياء واقعية

طوّر باحثون نظامًا يعتمد على الذكاء الاصطناعي التوليدي والروبوتات، لتحويل الكلام إلى أشياء واقعية مثل الأثاث.

باستخدام نظام تحويل الكلام إلى واقع، يُمكن لذراع روبوتية مُثبتة على طاولة استقبال طلبات صوتية من شخص، مثل "أريد كرسيًا بسيطًا"، ثم بناء هذه الأشياء من مكونات معيارية.
حتى الآن، استخدم الباحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا هذا النظام لإنشاء كراسي، ورفوف، وطاولة صغيرة، وحتى قطع ديكورية مثل تمثال كلب.

يقول ألكسندر هتيت كياو، طالب دراسات عليا في المعهد وزميل أكاديمية مورنينغسايد للتصميم "نربط معالجة اللغة الطبيعية، والذكاء الاصطناعي التوليدي ثلاثي الأبعاد، والتجميع الروبوتي". ويضيف "هذه مجالات بحثية تتطور بسرعة لم يسبق أن جُمعت بطريقة تتيح صنع أشياء مادية بمجرد توجيه صوتي بسيط".

بدأت الفكرة عندما التحق كياو، طالب دراسات عليا في أقسام الهندسة المعمارية والهندسة الكهربائية وعلوم الحاسوب، بدورة بعنوان "كيفية صنع أي شيء تقريبًا".
في تلك الدورة، بنى كياو نظام تحويل الكلام إلى واقع. واصل العمل على المشروع في مركز تابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالتعاون مع طالبي دراسات عليا.

يبدأ نظام تحويل الكلام إلى واقع بميزة التعرف على الكلام التي تُعالج طلب المستخدم باستخدام نموذج لغوي كبير، يليه الذكاء الاصطناعي التوليدي ثلاثي الأبعاد الذي يُنشئ تمثيلًا شبكيًا رقميًا للجسم، وخوارزمية تُحلل هذه الشبكة ثلاثية الأبعاد إلى مكونات تجميع.

بعد ذلك، تُعدّل المعالجة الهندسية التجميع المُولّد بواسطة الذكاء الاصطناعي، ويتبع ذلك إنشاء تسلسل تجميع مُجدٍ وتخطيط مسار آلي للذراع الروبوتية لتجميع الأجسام المادية بناءً على توجيهات المستخدم.

من خلال الاستفادة من اللغة الطبيعية، يُسهّل النظام عملية التصميم والتصنيع للأشخاص الذين لا يمتلكون خبرة في النمذجة ثلاثية الأبعاد أو برمجة الروبوتات. وعلى عكس الطباعة ثلاثية الأبعاد، التي قد تستغرق ساعات أو أيامًا، يُبنى هذا النظام في دقائق.

أخبار ذات صلة "أمازون" تطرح خصائص جديدة لتسهيل إنشاء نماذج اللغة الكبيرة للذكاء الاصطناعي ملخص صور جوجل يعرض ذكريات 2025 عبر الذكاء الاصطناعي

يقول كياو "يُمثّل هذا المشروع واجهة بين البشر والذكاء الاصطناعي والروبوتات للتعاون في إنتاج أشياء من حولنا. تخيل أنك تقول: أريد كرسيًا. وفي غضون خمس دقائق، يظهر أمامك كرسي حقيقي".

يخطط الفريق فورًا لتحسين قدرة الأثاث على تحمل الوزن من خلال تغيير طريقة ربط المكعبات من المغناطيس إلى وصلات أكثر متانة.

تقول ميانا سميث، التي شاركت في المشروع "طورنا أيضًا خطوط أنابيب لتحويل هياكل فوكسل إلى تسلسلات تجميع عملية للروبوتات المتنقلة الصغيرة الموزعة، مما قد يساعد في تطبيق هذا العمل على هياكل بأي حجم".

الغرض من استخدام المكونات المعيارية هو تقليل الهدر الناتج عن صنع الأشياء المادية عن طريق تفكيكها ثم إعادة تجميعها إلى شيء مختلف، على سبيل المثال تحويل أريكة إلى سرير عندما لا تعود بحاجة إليها.

بما أن كياو يتمتع أيضًا بخبرة في استخدام تقنية التعرف على الإيماءات والواقع المعزز للتفاعل مع الروبوتات في عملية التصنيع، فإنه يعمل حاليًا على دمج كل من التحكم الصوتي والإيمائي في نظام تحويل الكلام إلى واقع.

يقول كياو "أريد أن أزيد من فرص الناس في صنع الأشياء المادية بطريقة سريعة وميسرة ومستدامة. أعمل نحو مستقبل يكون فيه جوهر المادة تحت سيطرتك تمامًا، حيث يمكن توليد الواقع عند الطلب".

قدّم الفريق بحثه بعنوان "تحويل الكلام إلى واقع: إنتاج عند الطلب باستخدام اللغة الطبيعية، والذكاء الاصطناعي التوليدي ثلاثي الأبعاد، والتجميع الروبوتي المنفصل" في ندوة جمعية آلات الحوسبة حول التصنيع الحاسوبي  التي عُقدت في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في نوفمبر الماضي.
مصطفى أوفى (أبوظبي)

مقالات مشابهة

  • الذكاء الاصطناعي يحوّل أوامر صوتية إلى أشياء واقعية
  • تعليم التفكير في العصر الرقمي.. تحدٍّ تربوي في مواجهة الذكاء الاصطناعي
  • وزير الاتصالات: صادراتنا الرقمية بلغت 7.4 مليار دولار ولن نتعجل في تشريعات الذكاء الاصطناعي
  • عُمان الرقمية.. اقتصاد يقوده الابتكار والتحول الرقمي
  • وزير الخارجية: مصر ملتزمة بتعزيز التحول الرقمي وتطوير سياسات الذكاء الاصطناعي
  • وزير الاتصالات يتفقد مشروعات التحول الرقمي ويشيد بتجربة qTech في تصدير الخدمات الرقمية من الدقهلية
  • %80من الوظائف مهددة.. الذكاء الاصطناعي قد يستبدل الجراحين والرؤساء التنفيذيين
  • جيمس كاميرون يحسم الجدل ويؤكد خلو Avatar: Fire and Ash من الذكاء الاصطناعي
  • لتقوية الذاكرة وزيادة الذكاء.. أبرز الأطعمة التي تدعم الدماغ
  • تباين حاد في استخدام الذكاء الاصطناعي.. ما هي الدول التي تتقدم بخطى سريعة؟