OpenAI تفتح الباب أمام محتوى ChatGPT للبالغين
تاريخ النشر: 18th, October 2025 GMT
أعلنت شركة OpenAI عن نيتها السماح بمزيد من حرية الاستخدام لمستخدمي ChatGPT البالغين اعتبارًا من شهر ديسمبر المقبل، الخطوة تأتي ضمن سياسة جديدة تهدف إلى "معاملة المستخدمين البالغين كبالغين"، كما أوضح الرئيس التنفيذي سام ألتمان في منشور حديث عبر منصات التواصل.
القرار يأتي بعد إعلان الشركة في سبتمبر الماضي عن خطتها لإطلاق أدوات للرقابة الأبوية وميزات متطورة للكشف التلقائي عن العمر، ووفقًا لما أشار إليه ألتمان، فإن هذه الإجراءات ستمهّد الطريق أمام تجربة استخدام أكثر تحررًا للبالغين، حيث ستكون بعض أنواع المحتوى، بما في ذلك المحتوى الإباحي، متاحة للمستخدمين الذين تم التحقق من أعمارهم.
وأوضح ألتمان في بيانه أن OpenAI تستهدف من هذه السياسة الجديدة "تحقيق توازن بين الحرية والمسؤولية"، مضيفًا أن تقييد الأطفال والمراهقين من الوصول إلى أنواع معينة من المحتوى سيسمح بتخصيص بيئة استخدام أكثر أمانًا لهم، وفي الوقت ذاته يمنح البالغين حرية أكبر في التفاعل مع ChatGPT دون قيود صارمة.
التحول الجديد يعكس توجهًا واضحًا داخل OpenAI نحو تنويع حالات استخدام ChatGPT وتوسيع نطاقه بما يتجاوز حدود المحادثات التعليمية أو المهنية، فالشركة، التي كانت في السابق تتخذ مواقف صارمة ضد أي محتوى حساس أو للبالغين، بدأت الآن تتبنى نهجًا أكثر واقعية يتماشى مع ما يطلبه المستخدمون حول العالم.
ويُذكر أن إشارات أولى لهذه الخطوة ظهرت خلال فعالية DevDay 2025، عندما كشفت OpenAI عن إرشادات جديدة للمطورين تتيح دعم التطبيقات المخصصة للبالغين، بشرط تطبيق أنظمة تحقق من العمر وضوابط صارمة للأمان.
ووفقًا لتلك الإرشادات، فإن فتح الباب أمام "تجارب البالغين" في تطبيقات ChatGPT سيصبح متاحًا بشكل رسمي مع بداية ديسمبر.
غير أن هذه الخطوة لم تمر دون جدل، فبينما يرى البعض أن OpenAI تتعامل بواقعية مع احتياجات المستخدمين، يحذر آخرون من المخاطر الأخلاقية والاجتماعية لهذه السياسة، خاصة في ظل الأحاديث المتزايدة حول التأثير النفسي لاستخدام الذكاء الاصطناعي.
ففي وقت سابق هذا العام، أثارت قضية وفاة المراهق آدم راين، البالغ من العمر 16 عامًا، ضجة كبيرة بعدما تبيّن أنه استخدم ChatGPT للتخطيط لإنهاء حياته، الحادثة دفعت الشركة إلى مراجعة آليات السلامة الذهنية داخل المنصة، حيث أضافت OpenAI إشعارات دورية لتذكير المستخدمين بأخذ فترات راحة، كما عدّلت سلوك ChatGPT لتقليل المبالغة في التفاعل العاطفي.
ويرى مراقبون أن OpenAI تسعى من خلال هذه الخطوات إلى إعادة صياغة العلاقة بين المستخدم والذكاء الاصطناعي على أساس من "الثقة المتبادلة" بدلاً من الرقابة المفرطة. ويعتقد آخرون أن الشركة تحاول أيضًا المنافسة في سوق المحتوى المخصص للبالغين، والذي يشهد توسعًا كبيرًا في تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي.
ومع اقتراب ديسمبر، تستعد OpenAI لتطبيق نظام تحقق متكامل يعتمد على تحديد العمر وربط الحسابات الرسمية بآليات تأكيد الهوية، بما يضمن أن المحتوى الحساس لا يصل إلى المستخدمين الأصغر سنًا.
في النهاية، تبقى خطوة OpenAI مثار نقاش واسع في الأوساط التقنية والأكاديمية، بين من يعتبرها تطورًا طبيعيًا في مسار حرية المستخدمين، ومن يراها انحدارًا أخلاقيًا محفوفًا بالمخاطر. ومع دخول الذكاء الاصطناعي مرحلة جديدة من الوعي المجتمعي، يبدو أن حدود ما هو "مسموح" و"محظور" باتت أكثر مرونة من أي وقت مضى.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
هل يفتح اتفاق غزة الباب أمام تسوية بالجنوب اللبناني؟
بيروت- في الوقت الذي ينصرف فيه اللبنانيون إلى تفاصيل أزماتهم اليومية وسط تدهور اقتصادي وسياسي متواصل، تلوح في الأفق أسئلة أعمق تتصل بمستقبل الدولة وموقعها في مرحلة إقليمية تتشكل ملامحها بعد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
فلبنان الذي لطالما كان مرآة لتقلبات الإقليم يجد نفسه اليوم أمام مفترق دقيق: إما الانخراط في مسار سياسي جديد يعيد تعريف دوره في معادلات المنطقة، وإما البقاء في حلقة المراوحة التي تجعله رهينة التوتر والعزلة.
ويواكب لبنان الرسمي تنفيذ اتفاق وقف النار في غزة، وسط ترقب لارتداداته على الجبهة الجنوبية التي ظلت مشتعلة رغم هدنة نوفمبر/تشرين الثاني 2024، ورغم التزام لبنان حينها ببنود الاتفاق، فإن إسرائيل امتنعت عن تطبيقه كاملا، مما أبقى الحدود الجنوبية في حالة هشة يتأرجح فيها الهدوء الحذر بين خروقات إسرائيلية متكررة وغارات متقطعة.
مسارات محتملة
وعلى وقع هذا المشهد، تتقاطع في بيروت قراءتان متباينتان:
الأولى، ترى أن اتفاق غزة يمكن أن يشكل مدخلا لمسار تفاوضي جديد يفتح الباب أمام استقرار طويل الأمد في الجنوب، ويعيد ترتيب الأولويات الأمنية والسياسية في لبنان. أما الثانية، فترجح أن يكون وقف إطلاق النار محطة عابرة تسبق مرحلة أكثر تعقيدا مع احتمال تصاعد التوترات على ضفّتي الحدود.وفي السياق، دان الرئيس اللبناني جوزيف عون، الغارات الإسرائيلية التي تلت وقف النار في غزة، متسائلا إن كانت تل أبيب تسعى لتوسيع نطاق المواجهة، ومؤكدا أن "حماية المدنيين أولوية وطنية لا يجوز التهاون فيها".
وشدد عون على أن التزام إسرائيل بوقف العمليات العسكرية يشكل شرطا أساسيا لتهيئة مناخ تفاوضي متوازن، لافتا إلى أن "المسار الذي تشهده المنطقة لا ينبغي للبنان أن يعاكسه".
وذكر الرئيس اللبناني بتجربة ترسيم الحدود البحرية عام 2022 التي أُنجزت برعاية أميركية وأممية، معتبرا إياها نموذجا لإمكان تحقيق تفاهمات تحفظ السيادة والمصالح الوطنية ضمن أطر قانونية واضحة، مضيفا "التفاوض ليس تنازلا بل وسيلة لحماية الحقوق في زمن التحولات الكبرى".
في المقابل، تتقدم على الضفة الأخرى مقاربة أميركية تدعو إلى حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية ضمن ترتيبات ما بعد الحرب في غزة، في حين تحاول القوى اللبنانية التوفيق بين مقتضيات الأمن الداخلي وحسابات الدور الإقليمي.
إعلانويرى مراقبون تحدثوا للجزيرة نت أن لبنان يسير فوق خيط رفيع، إذ يحاول تثبيت الاستقرار في الجنوب دون الانزلاق إلى مواجهة واسعة، وفي الوقت ذاته يسعى لعدم خسارة موقعه في أي تسوية سياسية مرتقبة في المنطقة.
وبين واقعية الحوار ومخاوف التصعيد، يبدو أن لبنان يدخل مرحلة اختبار سياسي جديد، تختبر فيها قدرته على إدارة التوازنات الدقيقة بين الداخل والخارج بما يؤمن حماية للاستقرار الهش ومنع البلاد من الانزلاق مجددا إلى حافة المواجهة.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي، جوني منير، إن التطورات الإقليمية الأخيرة ستنعكس حتما على لبنان، معتبرا أن بيروت لا يمكن أن تبقى بمنأى عما يجري في غزة، "بحكم الترابط بين الجبهتين" على حدّ تعبيره.
بعد نحو 10 أشهر على اتفاق وقف إطلاق النار بين #لبنان وإسرائيل.. آلاف العائلات اللبنانية النازحة تنتظر بدء إعادة الإعمار، وحزب الله يقول إن شروطًا سياسية تؤخر تمويل العملية | تقرير: كاترين حنا#الأخبار pic.twitter.com/wl5Sd6XyRC
— قناة الجزيرة (@AJArabic) October 15, 2025
وأوضح منير في حديثه للجزيرة نت أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان واضحا بتصريحاته الأخيرة حين أثنى على رئيس الجمهورية اللبنانية، ودعا لإستكمال مسار نزع السلاح باتجاه حزب الله، في حين عبّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوبب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب بغزة- عن موقف مغاير تماما، وفق منير.
وأشار إلى أن نتنياهو قد يلجأ إلى التصعيد في لبنان، في ظل الضغوط الداخلية المتزايدة التي يواجهها. ورأى أن تصريحاته الأخيرة، التي أكّد فيها أن الحرب لم تنته وأن مجموعات جديدة تعيد بناء نفسها، تعكس احتمال عودة التوتر من البوابة اللبنانية، معتبرا أن التصعيد قد يُشكل بالنسبة لنتنياهو مخرجا من أزماته السياسية والقضائية.
وفيما يتعلق بالموقف اللبناني من التفاوض مع إسرائيل، أوضح منير أن هذا الموقف ليس جديدا "فهناك لجنة ثلاثية تبحث الأوضاع في الجنوب والهدنة، وهي لجنة تفاوض لبنانية إسرائيلية غير مباشرة برعاية الأمم المتحدة، وربما تنضم إليها الولايات المتحدة لاحقا".
وختم بالقول إن "هدف هذه المفاوضات يتركز على الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية، ووقف الاعتداءات، واستعادة الأسرى، وتثبيت السيادة على الحدود"، مؤكدا أن "الرئاسة اللبنانية لا ترى مانعا من استمرار هذا المسار طالما يظل محصورا في الإطار الأمني والعسكري، ولا يتعداه إلى أي شكل من أشكال التطبيع".
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي، توفيق شومان "إننا فعليا أمام محاولة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة لكنها ما زالت هشة، فالخروقات لم تتوقف بعد"، موضحا أن "اليوم شهد خرقا جديدا، وكذلك أمس، وكأن النموذجين اللبناني والسوري يُطبَّقان على غزة من حيث ما يمكن وصفه بسياسة اليد الطويلة، التي تبقي التوتر قائما دون الوصول إلى مواجهة شاملة".
ويرى شومان في حديثه للجزيرة نت، أن الوضع في الجنوب اللبناني لن يشهد "عدوانا إسرائيليا واسع النطاق" وإن كانت وتيرة الاعتداءات مرشحة للارتفاع، لكنه يستبعد أن تتطور الأمور إلى حرب شاملة كتلك التي اندلعت بين سبتمبر/أيلول ونوفمبر/تشرين الثاني 2024.
إعلانوبحسب قراءته، فإن إسرائيل تسعى لتحقيق 3 أهداف دون الانجرار إلى حرب كبرى:
استمرار الاعتداءات بما يحفظ الضغط العسكري. منع عودة السكان إلى قراهم الحدودية. عرقلة عملية الإعمار وإبقاء الأهالي في حالة دائمة من الخوف والتهجير.ويتابع شومان "تحقق هذه الأهداف يجعل نتنياهو في غنى عن توسيع الحرب، إذ لا يرغب في تحمل أعباء عسكرية وسياسية إضافية"، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن "الولايات المتحدة لا تزال تمسك بالمفاصل الاقتصادية اللبنانية، ولا سيما ما يتصل بالتدفقات المالية في إطار إدارتها الهادئة للمشهد اللبناني".
تهدئة مشروطةمن جانبه، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي، خلدون الشريف، أن ما حصل في شرم الشيخ بشأن غزة شكّل بلا شك خطوة نحو وقف إطلاق النار، إلا أنه وصف هذا التهدئة بأنها "هشة" ولم تؤمِّن السلام بشكل حقيقي أو مستدام.
وعن تصريح الرئيس اللبناني حول مفاوضات محتملة مع إسرائيل، يوضح الشريف، للجزيرة نت، أن الحديث كان مرتبطا بالمفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية التي جرت عبر وسيط أميركي، أي ضمن إطار سياسي محدود وواضح.
ويخلص إلى أن كل ما طرحه عون يندرج ضمن الطرح السياسي الطبيعي للبنان تجاه إسرائيل، مع الإشارة إلى أن إسرائيل ما زالت تحتل جزءا من الأراضي اللبنانية، وتستمر في الاعتداءات اليومية، بما في ذلك الاغتيالات والتدمير، وكان آخرها تدمير نحو 300 آلية في منطقة المصيلح، وهو ما يستدعي، بحسب الشريف، تحركا دوليا لوقف الاعتداءات، وعلى رأس الدول المؤثرة الولايات المتحدة الأميركية.
ويشير الشريف إلى أن هذا الالتزام له جذور تاريخية، مستذكرا القمة العربية التي عقدت في بيروت وأفرزت المبادرة العربية للسلام، التي تبناها لبنان آنذاك والجامعة العربية، وتقوم هذه المبادرة على أساس حلّ الدولتين، على أن تكون الدولة الفلسطينية عاصمتها القدس.
ويؤكد المحلل السياسي أن لبنان، ضمن مسار السلام الإقليمي، يلتزم حتى اليوم بالمبادرة العربية، وأي خطوات سياسية يقررها العرب، يلتزم بها لبنان كذلك.