اليابان تحذر OpenAI: لا تمسوا كنوز الأنمي والمانجا
تاريخ النشر: 19th, October 2025 GMT
في خطوة تعكس حساسية الإرث الثقافي الياباني في مواجهة الذكاء الاصطناعي، وجّهت الحكومة اليابانية تحذيرًا مباشرًا إلى شركة OpenAI، مطالبة إياها بعدم استخدام أي محتوى من أعمال الأنمي والمانغا في تدريب أو إنتاج مقاطع الفيديو عبر تقنيتها الجديدة Sora 2، واصفة هذه الأعمال بأنها كنوز لا تُعوض تمثل هوية اليابان الفنية أمام العالم.
التحذير جاء بعد تداول عدد من المقاطع التي أنشأها النظام الجديد للشركة، والتي قيل إنها استخدمت موادًا مرئية من أعمال يابانية شهيرة مثل Dragon Ball وPokémon، ما أثار حفيظة الجهات الرسمية المسؤولة عن حماية حقوق الملكية الفكرية.
وقال وزير الحكومة اليابانية المسؤول عن ملف الذكاء الاصطناعي والملكية الفكرية، مينورو كيوتشي، في مؤتمر صحفي عقد الأسبوع الماضي: لقد طلبنا من شركة OpenAI الامتناع عن أي أفعال قد تُشكل انتهاكًا لحقوق الطبع والنشر. الأنمي والمانغا ليست مجرد صناعة، بل كنوز لا تُقدر بثمن، ونفخر بها أمام العالم.
ويُعد هذا الموقف أحدث مثال على القلق المتزايد في اليابان من ممارسات شركات الذكاء الاصطناعي العالمية، خاصة تلك التي تستخدم محتوى فنيًا أو ثقافيًا دون إذن مسبق. فبالرغم من أن اليابان تُعد من أكثر الدول انفتاحًا على الابتكار، فإنها في الوقت نفسه شديدة الحرص على حماية إنتاجها الثقافي الذي يُشكل أحد أعمدة اقتصادها الإبداعي.
وكانت OpenAI قد أطلقت في الأول من أكتوبر تطبيقها الجديد Sora 2، وهو نظام ذكاء اصطناعي قادر على إنشاء مقاطع فيديو عالية الجودة بدقة 1080 بكسل تصل مدتها إلى 20 ثانية، مع إضافة المؤثرات الصوتية بشكل تلقائي. كما أطلقت الشركة تطبيقًا مصاحبًا يحمل اسم Sora، يتيح للمستخدمين إنتاج مقاطع قصيرة على غرار منصة TikTok لأي موضوع تقريبًا.
لكن سرعان ما أصبحت مقاطع الأنمي محورًا رئيسيًا لمخرجات النظام، حيث بدأت تنتشر مقاطع تستنسخ أساليب وأعمال محمية بحقوق الطبع والنشر من استوديوهات يابانية، مما أثار الجدل حول شرعية استخدام تلك المواد في تدريب النماذج.
وتسعى الحكومة اليابانية من خلال قانون تعزيز الذكاء الاصطناعي إلى تحقيق توازن بين دعم الابتكار وحماية الملكية الفكرية. فالقانون يهدف إلى جعل الذكاء الاصطناعي محركًا للنمو الاقتصادي، لكنه يضع أيضًا خطوطًا حمراء واضحة لمنع استغلال المحتوى الإبداعي دون ترخيص. إلا أن مسألة التنفيذ ما تزال معقدة، في ظل تسارع التطور التقني وتعدد الشركات العاملة في هذا المجال.
وفي هذا السياق، كتب عضو البرلمان الياباني أكيهيسا شيوزاكي في مدونته أن بلاده تتحمل مسؤولية قيادة العالم في وضع القواعد المنظمة للعلاقة بين الذكاء الاصطناعي وحقوق النشر، مشيرًا إلى أن اليابان دولة تُنتج الأنمي والألعاب والموسيقى وبالتالي يجب أن تكون في طليعة من يضع الأطر القانونية لحمايتها.
من جانبها، أكدت تقارير وكالة رويترز الشهر الماضي أن شركة OpenAI بدأت التواصل مع عدد من استوديوهات الأفلام والشركات المالكة للمحتوى لمنحها خيار إلغاء تدريب أنظمة Sora على أعمالها، بحيث يتم استبعاد أي مواد محمية بحقوق الطبع والنشر من عمليات التدريب المستقبلية. غير أن الشركة لم تكشف حتى الآن عن أسماء الاستوديوهات اليابانية التي جرى التنسيق معها، إن وُجدت.
ويشير محللون إلى أن هذا الخلاف قد يكون مقدمةً لموجة جديدة من الجدل القانوني بين الشركات التقنية والحكومات، خاصة في البلدان التي تمتلك ثروات ثقافية ضخمة مثل اليابان. فبينما يرى البعض أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداةً لترويج ثقافة الأنمي عالميًا، يرى آخرون أنه يهدد بتقويض حقوق المبدعين الأصليين الذين بنوا هذه الصناعة على مدى عقود.
ومع تصاعد النقاش حول حدود استخدام الذكاء الاصطناعي في الإبداع الفني، يبدو أن اليابان تُرسي سابقة مهمة في الدفاع عن تراثها الثقافي، لتُذكّر العالم بأن التكنولوجيا — مهما تطورت — يجب أن تظل خاضعةً لقوانين تحمي هوية الشعوب وحقوق الفنانين.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
أين تستثمر في الذكاء الاصطناعي خلال 2026؟
على وقع تسارع الذكاء الاصطناعي "بسرعة مذهلة"، تبدو المراهنة على مستقبله -كما تصفه وكالة بلومبيرغ- مزيجا من الإغراء والمخاطرة في آن واحد.
فالأثر على المحافظ الاستثمارية والاقتصاد والحياة اليومية يتضخم يوما بعد يوم، إلى حدّ أن شركات التكنولوجيا العملاقة المستفيدة من الطفرة باتت تشكّل نحو 36% من مؤشر ستاندرد آند بورز 500، في حين تستحوذ إنفيديا وحدها على قرابة 8% منه، وفق بلومبيرغ.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 210 حلول مالية تساعد رواد الأعمال على حماية شركاتهمlist 2 of 27 قواعد ذهبية للتعامل مع البنوك بذكاءend of listوفي المقابل، تشير الوكالة إلى أن موجة الإنفاق الرأسمالي على مراكز البيانات تمنح اقتصاد أميركا دفعة ملموسة، لكنها تثير في الوقت نفسه تساؤلات حول تآكل الوظائف المبتدئة والضغط المتزايد على الكهرباء والمياه.
ولفهم "أين تُترجم الوعود إلى أرباح"، استطلعت بلومبيرغ آراء 4 خبراء استثمار، لكل منهم زاوية مختلفة في قراءة التحول الجاري:
كاثي وود، الرئيسة التنفيذية لشركة "أرك إنفست"، المعروفة بتركيزها على التقنيات التحولية. دِني فيش، رئيس أبحاث التكنولوجيا ومدير محافظ في "جانوس هندرسن"، والمتخصص في بناء إستراتيجيات استثمارية طويلة الأجل لقطاع التقنية. تاوشا وانغ، مديرة المحافظ في "فيديلتي إنترناشونال"، التي تركز على الربط بين الذكاء الاصطناعي والدورات الكلية والسلع. مايكل سميث، رئيس فريق أسهم النمو في "أولسبرينغ غلوبال إنفستمنتس"، المتخصص في الاستثمار في البنية التحتية والطاقة والرعاية الصحية.وتُظهر قراءاتهم، كما تنقلها بلومبيرغ، أن الفرص لا تقتصر على النماذج اللغوية الكبيرة، بل تمتد إلى تقاطع البيانات مع البنية التحتية والطاقة والموارد الطبيعية والرعاية الصحية.
روبوتاكسي.. سوق بعشرات التريليوناتوتضع كاثي وود، الرئيسة التنفيذية لـ"أرك إنفست"، ما تسميه بلومبيرغ "الذكاء المتجسّد" في صدارة فرص 2026، وتحديدا النقل ذاتي القيادة.
وتنقل بلومبيرغ عن وود تقديرها أن منظومة سيارات الأجرة ذاتية القيادة عالميا قد تتوسع لتبلغ 8 إلى 10 تريليونات دولار خلال 5 إلى 10 سنوات، معتبرة أن تسلا في "موقع الصدارة" داخل أميركا وخارجها.
كما تورد بلومبيرغ رقما لافتا في أطروحة وود: هدف سعري لسهم تسلا عند 2,600 دولار خلال 4 سنوات مقارنة بنطاق 400 إلى 450 دولارا "حاليا"، مع زعم أن 90% من هذا السيناريو مرتبط بـ"الروبوتاكسي".
إعلانوتُفصّل وود -وفق بلومبيرغ- منطق "البيانات التشغيلية" ملايين المركبات على الطرق تجمع "بيانات الحالات الحدّية" (حوادث، تعطّل، ظروف نادرة)، مما قد يصنع فارقا في سوق "يميل إلى فائز يأخذ معظم الحصة".
وفي المقابل، تشير بلومبيرغ إلى أن "وايمو" التابعة لـ"غوغل" تعمل تجاريا منذ 2018 لكنها تحركت ببطء، قبل أن تبدأ في التسارع، جزئيا لأن تسلا دخلت سوق أوستن في يونيو/حزيران بخدمات روبوتاكسي.
قطاع الرعاية الصحيةتُبرز بلومبيرغ محورا ثانيا متقدما متمثلا في الرعاية الصحية بوصفها ساحة "عائد/أثر" يمكن أن يتجاوز الضجيج التقليدي حول الشرائح والبرمجيات.
وتنقل بلومبيرغ عن وود إشارتها إلى قفزات في تقنيات "تسلسل الجينات" وظهور ما تسميه "تسلسل الخلية الواحدة" المستخدم على نطاق واسع في تعريف السرطان وتطوير الإستراتيجيات العلاجية.
وفي هذا السياق تذكر وود شركتين مفضلتين لديها هما "تن إكس جينوميكس" و"تمبس إيه آي".
وبحسب بلومبيرغ، تُقدَّم "تمبس إيه آي" كمنصة تحلل كمّا كبيرا من بيانات المرضى لاستخراج مؤشرات قد تُحسّن التشخيص وقرارات العلاج، مع طرح احتمال أن تصبح "إحدى أهم الدعائم المعلوماتية" للرعاية الصحية في أميركا.
مراكز البياناتويقدّم دِني فيش من "جانوس هندرسن" إطارا أقرب إلى "هندسة محفظة" بدل الرهان على اسم واحد. ووفق بلومبيرغ، يقسّم فيش دورة تبنّي الذكاء الاصطناعي خلال العقد القادم إلى 3 سلال:
المُمكِّنون (البنية التحتية والشرائح ومراكز البيانات والطاقة) المُعزِّزون (برمجيات تستفيد من الذكاء الاصطناعي أو تتعرض لاضطرابه) والمستخدمون النهائيون (شركات توظف الذكاء الاصطناعي لتحقيق ميزة تنافسية).وتنقل بلومبيرغ عن دِني فيش أن سوق الذكاء الاصطناعي لا يزال في "مرحلة التمكين"، حيث تقود دورات التدريب وبناء القدرة الحاسوبية إنفاقا رأسماليا قويا، مع استثمارات من شركات كبرى مثل "مايكروسوفت" عبر "كوبايلوت" و"ألفابت" عبر "جيميناي"، إلى جانب حكومات تطور "سحابات سيادية" ومؤسسات تطبق الذكاء الاصطناعي على بياناتها الداخلية.
وفي فئة "المُعزِّزين"، تحذر بلومبيرغ من اضطراب تنافسي داخل البرمجيات، ناقلة عن فيش التحذير من "مفاجأة شبيهة بأدوبي" مع تراجع مضاعفات التقييم، مقابل فرص محتملة لشركات مثل "إنتويت" و"داتادوغ" و"سنو فليك".
أما "المستخدمون النهائيون"، فتشير بلومبيرغ إلى شركات مثل "دير" و"إنتويتف سيرجيكال" و"بلاكستون" التي توظف الذكاء الاصطناعي لتعزيز الكفاءة والاستثمار في البنية التحتية للبيانات والطاقة.
النحاس والطاقةترى تاوشا وانغ من "فيديلتي إنترناشونال" -وفق بلومبيرغ- أن الذكاء الاصطناعي قوة اقتصادية قد تولّد ضغوطا تضخمية بسبب الإنفاق الرأسمالي على مراكز البيانات، مما يجعل السلع، ولا سيما النحاس، أداة تحوّط مهمَلة نسبيا في ظل نمو الطلب بوتيرة أُسّية مقابل تدهور المعروض.
وتضيف بلومبيرغ أن تباطؤ التوظيف مقابل الإنفاق على الآلات قد يدفع إلى تيسير نقدي رغم استمرار الضغوط التضخمية. وفي البعد الجغرافي، تشير الوكالة إلى أن "لحظة ديب سيك" أعادت تقييم الصين كمصدر لتقنية تنافسية بأسعار جذابة.
وعند نقطة الاختناق، تنقل بلومبيرغ عن مايكل سميث من شركة إدارة الأصول "أولسبرينغ" أن الطاقة تمثل القيد الأكبر أمام توسع الذكاء الاصطناعي، مما يفتح فرصا في البنية التحتية للطاقة عبر شركات مثل "كوانتا سيرفيسز" ومرافق غير خاضعة لتنظيم صارم مثل شركة "تالِن إنرجي"، إضافة إلى مكاسب أسرع في الصحة الرقمية والتصوير الطبي عبر شركة "راد نت"، والتأمين القائم على البيانات مثل شركة التأمين"بروغريسيف إنشورنس".
الحياة اليوميةوتختتم بلومبيرغ المشهد بلمسة أكثر إنسانية، إذ تعرض كيف يوظّف خبراء الذكاء الاصطناعي هذه الأدوات في حياتهم اليومية، من الاستعانة بالنماذج لشرح مسائل رياضية لأبنائهم، إلى توليد قصص عن حيوان أليف لأطفال بعيدين، وصولا إلى المساعدة على فهم الموسيقى الكلاسيكية المعقّدة.
إعلانغير أن هذه اللمسات الشخصية لا تحجب التحذير الذي ينقله التقرير عن مايكل سميث، إذ يشير إلى أن الهوامش الآمنة في التسعير محدودة، وأن عددا كبيرا من الأسهم بات مسعّرا على مجموعة ضيقة من الافتراضات، فيما قد تكون الأخطار غير المرئية أو غير القابلة للتسمية هي الأكثر تأثيرا.
ومن هنا، تخلص بلومبيرغ عبر آراء خبرائها إلى نتيجة عملية واضحة، تتمثل في ضرورة تنويع الانكشاف على الذكاء الاصطناعي وعدم حصر الاستثمارات في مسار واحد، لأن الفرص الكبرى قد تنشأ أيضا في القطاعات التي أغفلها السوق خلال ذروة الطفرة.