هل تشير احتجاجات لا ملوك إلى أزمة شرعية في إدارة ترامب؟
تاريخ النشر: 20th, October 2025 GMT
واشنطن- بعد يوم من المظاهرات الواسعة التي عمّت مختلف الولايات الأميركية تحت شعار "لا ملوك"، تتواصل في واشنطن النقاشات حول دلالات الحراك الشعبي ووقعه السياسي على إدارة الرئيس دونالد ترامب.
وجاءت الاحتجاجات في سياق يتسم بتراجع الثقة في المؤسسات الاتحادية واستمرار الإغلاق الحكومي، مما جعلها تُقرأ على نطاق واسع كإشارة إلى تنامي التوتر بين السلطة التنفيذية والرأي العام.
وبحسب المنظمين، فقد اقترب عدد المشاركين من 7 ملايين متظاهر، خرجوا في نحو 2700 موقع احتجاجي عبر البلاد، لتوجيه رسالة صريحة ضد ما يصفونه بـ "تغوّل السلطة التنفيذية وتهديد الضوابط الديمقراطية".
وفي المقابل، شن مسؤولون جمهوريون هجوما على الحركة، ووصفوها بالـ"معادية لأميركا"، فيما سخر الرئيس ترامب من المحتجين عبر نشر فيديو تم توليده بتقنيات الذكاء الاصطناعي، يصوّره مرتديا تاجا، ويقود طائرة مقاتلة تحمل عبارة "الملك ترامب".
وبينما يرى مراقبون أن الحراك كشف أزمة شرعية في العلاقة بين السلطة والمجتمع، يقرّ بعض الجمهوريين بأن الانقسام داخل حزبهم بلغ مرحلة حرجة، فيما يعتبر آخرون أن الاختبار الحقيقي لوزن هذه التحركات سيكون في الانتخابات المقبلة لا في الشوارع.
أزمة الشرعية
يرى البروفيسور ديفيد سوبر، أستاذ القانون الدستوري بجامعة جورج تاون، أن مظاهرات "لا ملوك" تعبر عن أزمة شرعية حقيقية تواجه إدارة الرئيس دونالد ترامب في علاقتها مع قطاعات واسعة من الأميركيين.
ويقول سوبر للجزيرة نت إن "استخدام أساليب شرطية سرية والملاحقات السياسية والعنف المفرط يجعل كثيرين يشعرون بأن الإدارة باتت تتصرف بطريقة لا تنسجم مع مجتمع حر"، موضحا أنه "حتى مؤيدون سابقون للرئيس بدؤوا يُبدون شكوكا داخلية، لكن البيت الأبيض ماض في نهج القوة الصلبة ولن يستجيب للاحتجاجات لأنها لا تهدد موقعه في الحكم".
وأضاف سوبر أن تعامل البيت الأبيض مع المظاهرات "يعكس نمطا من الحكم يرى في المعارضة خطرا على النظام نفسه، لا مجرد اختلاف في الرأي".
ويشير إلى أن الإدارة ومعها غالبية الجمهوريين "ستواصل تجاهل الاحتجاجات أو مهاجمتها، كما فعلت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت حين وصفت المعارضين بأنهم مناصرو حركة حماس ومهاجرون غير نظاميين ومجرمون، وهي تصريحات تسيء أكثر مما تبرر".
من جانبه، يرى النائب الجمهوري السابق توماس غاريت أن من حق المواطنين التعبير عن آرائهم عبر التظاهر السلمي، لكنه لا يعتبر أن هذه الاحتجاجات تمثل تحديا فعليا للإدارة الحالية.
إعلانويقول في حديثه للجزيرة نت إنه "من الرائع أن يقف الناس ويُعبّروا عن آرائهم بطريقة سلمية ومنظمة، فهذا ما يميز النظام الأميركي ويُظهر قوته، وهو أمر قد تنظر إليه دول أخرى بإعجاب"، مضيفا أن الاحتجاج بحد ذاته "ليس نزعا لشرعية الحكومة، بل جزءا من الممارسة الديمقراطية الطبيعية".
ويتابع غاريت أن "الاختبار الحقيقي لأي إدارة سيكون في صناديق الاقتراع، فالانتخابات المقبلة هي التي ستُظهر ما إذا كانت هذه الأصوات ستترجَم إلى تغيير سياسي فعلي".
وقال إن "أي إدارة، أيا كانت سياساتها، ستواجه من ينتقدها أو يرى أنها لا تؤدي عملها كما ينبغي، لكن المهم هو أن تُصغي جيدا للمطالب المطروحة، لأن الديمقراطية تعني أن يُسمع الجميع".
وعن تعامل الرئيس ترامب مع الاحتجاجات وسخريته منها بالفيديو المولّد بالذكاء الاصطناعي، يرى غاريت أن ذلك "أسلوب من أساليب الخطاب السياسي الساخر، وهو بمثابة ردّ بالمثل على من اعتادوا استخدام السخرية ضد الجمهوريين".
انقسام جمهورييرى مراقبون أن القاعدة الانتخابية للحزب الجمهوري باتت تعرف انقساما متناميا بين أجيال شابة غير راضية على تركز السلطة والثروة، وقيادات متمسكة بخطاب القوة الصلبة الذي يعبر عنه الرئيس ترامب.
وبحسب مسح أجراه "مركز أسوشيتد برس وبحوث الرأي العام في جامعة شيكاغو" خلال سبتمبر/أيلول الماضي، فإن 61% من الجمهوريين الذين تقل أعمارهم عن 45 سنة يرون أن البلاد "تسير في الاتجاه الخطأ"، مقارنة بـ43% من الفئة الأكبر سنا.
وتشير هذه الأرقام إلى تباين داخل القاعدة الجمهورية نفسها بشأن تقييم الوضع العام في البلاد، وهو ما يعكس -حسب محللين- تصاعد الشك داخل الحزب الحاكم، عند فئة عمرية يُفترض أن تكون الأكثر ولاء للمشروع المحافظ.
وفي هذا السياق، يعتبر آشلي أنصارا، عضو الحزب الجمهوري في فلوريدا، أن الأزمة الراهنة "تتجاوز الخلاف الحزبي إلى صراع أعمق بين النخبة الاقتصادية التي تملك النصيب الأكبر من ثروة البلاد وبقية الأميركيين".
ويضيف أنصارا في حديث للجزيرة نت أن "هذا التحول في المزاج الشعبي يبرز اتساع الفجوة بين النخبة الثرية وبقية الأميركيين، وقد يفتح الباب لتحولات داخل الحزب الجمهوري نفسه خلال السنوات المقبلة، ما لم يُعد تعريف أولوياته استجابة لمطالب الناس لا لمصالح رأس المال".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات
إقرأ أيضاً:
أزمة بين إدارة برشلونة وفليك.. كيف تراجع عن "تأديب" يامال؟
يعيش نادي برشلونة على وقع خلافات داخلية بين الإدارة والمدير الفني الألماني هانزي فليك، بسبب قلة انضباط نجم الفريق لامين يامال.
ذكرت صحيفة "الناسيونال" الكتالونية، أن فليك، المعروف بدقته وانضباطه، تبرم من "تسيّب" يامال، وتدخل إدارة النادي في قراراته لحماية اللاعب ذو الـ18 عاما.
وبدأت الأزمة عندما تأخر يامال عن الحصة التدريبية التي سبقت مباراة باريس سان جرمان الفرنسي في دوري أبطال أوروبا، التي خسرها "البلوغرانا" 1-2 مطلع أكتوبر الجاري.
وأثار التأخر غضب فليك المهووس بالانضباط واحترام المواعيد، واعتبره كافيا لاتخاذ إجراء تأديبي في حق يامال، الذي حل في المرتبة الثانية بترتيب جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم.
ووجه المدرب توبيخا ليامال، مؤكدا له أن "القواعد تسري على الجميع، بغض النظر عن العمر أو الموهبة".
وقرر فليك استبعاد يامال من التشكيلة الأساسية للمباراة عقابا له على تأخره، لكن تدخل إدارة النادي حال دون ذلك.
وتدخل أليخاندرو إتشيفاريا المقرب من رئيس النادي خوان لابورتا، وطلب من المدير الرياضي للنادي، النجم البرتغالي السابق ديكو، حث المدرب على إعادة النظر في قراره.
وبعد ضغوط قرر المدرب، على مضض، إشراك يامال أساسيا في المباراة، لكنه استشاط غضبا واعتبر ذلك تدخلا في سلطته.
لكن مقربين من يامال نفوا ما نسب إليه من قلة انضباط، وأكدوا أنه لم يتأخر، وأن ما حدث كان مجرد مبالغة إعلامية.
ورغم تضارب الروايات، فإن فليك يرى أن "لا أحد فوق النظام".
ومنذ انضمامه إلى برشلونة، اتبع فليك نهجا صارما في الانضباط، موضحا أن "الموهبة بلا التزام واحترام لا تساوي أي شيء".
وسبق له أن عاقب لاعبين مثل يامال ورافينيا وجوليس كوندي وهيكتور فورت وإيناكي بينيا، بسبب قلة انضباطهم.
لكن ما أثار حفيظة فليك أكثر كان محاولة بعض المسؤولين التأثير على قراراته، وقالت مصادر قريبة منه إنه طلب من إدارة النادي احترام سلطته بشكل كامل.