عربي21:
2025-12-07@18:45:40 GMT

ما ملامح اللعبة بين ترامب ونتنياهو لاستغفال العرب؟

تاريخ النشر: 21st, October 2025 GMT

منذ أن طُُرحت خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإيقاف الحرب في غزة، على بساط البحث والتفاوض، راح البعض يُبشّر بميلاد عصر أمريكي جديد، تنحاز فيه الولايات المتحدة إلى العرب في قضاياهم. وهو الموقف نفسه الذي مررنا به في عهد ولاية الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما. آنذاك ولمجرد أن قال السلام عليكم في جامعة القاهرة، حتى انهمك الكثير من العرب في نسج قصص خيالية عن الدور الأمريكي المقبل في إحقاق الحق وإبطال الباطل، ورفع الحيف والظلم الواقع على أهلنا في فلسطين.

وكل هذا تأكيد على أن العرب ما زالوا يصرون على رسم خططهم واستراتيجياتهم ومستقبلهم اعتمادا على عناصر نجاح خارجية وليست بأيديهم.

فما بعد إجتماع ترامب بالقيادات العربية والإسلامية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، انطلق الكثير من التسريبات التي تدغدغ مشاعر العرب، بسبب الثناء والمديح الذي كالهما لقيادات عربية، مرفقة بخديعة أن هنالك بعض التنافر بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وأن ترامب بات يُحذّر نتنياهو من المساس بالضفة الغربية. كما أعلن بنيامين نتنياهو شخصيا على قناة «فوكس نيوز»، بأنه من المستحيل أن يتهكّم على شخص ترامب، بعد أن أتُهم بأنه قد فعل ذلك. بعبارة أخرى هو حاول بهذا النفي الإيحاء بأنه ثمة خلاف بينهما. لكن حقيقة ما جرى في نهاية المطاف هو فصل آخر من فصول المخادعات التي رأيناها على مدى عامين.

سابقا كان أبطال هذه المخادعات من الإدارة السابقة، الرئيس السابق جو بايدن ووزير خارجيته بلينكن إضافة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو. لكن منذ أن تولى ترامب الإدارة في البيت الأبيض أصبح هو البطل، فهو لا ينفذ الرغبة الإسرائيلية وحسب، بل يعوّض عن العجز الإسرائيلي أيضا، فعلى الرغم من أن الخزينة الأمريكية مفتوحة لإسرائيل، والثكنات الأمريكية مفتوحة لها أيضا، والدبلوماسية الأمريكية تعمل ليل نهار من أجل خدمة الأجندة الإسرائيلية على الصعيد الدولي، إلا أن إسرائيل عجزت خلال العامين الماضيين عن تنفيذ أهدافها في القضاء على حركة حماس، وإطلاق سراح الرهائن، والذي جرى بالتالي من خلال خطة ترامب هو: أولا توريط الدول العربية بأن تتولى مسؤولية إنجاز ما عجزت عنه إسرائيل ميدانيا. وثانيا أن تتولى كلفة إعادة إعمار غزة.

إذن نحن هنا مجددا أمام تعليب جديد لتحقيق المصلحة الإسرائيلية والأهداف الإسرائيلية، ليس فقط المعلن منها وحسب، بل المُبطّن أيضا. وكل ما شهدناه أمريكيا هو كيفية تمرير هذه الأهداف بفجور وفجاجة من إسرائيل، وبشكل فضفاض من الجانب الأمريكي. وعليه فكل من كان يتوقع أن الخلافات الشخصية بين ترامب ونتنياهو قد تؤدي إلى بعض مسافة من الحلحلة، التي يدخل من خلالها العقل والمنطق والأخلاق، من أجل تأمين الحق الفلسطيني، أصبحت جلية اليوم بأنها مجرد خدعة بائسة.

إن تفسير الوضع في فلسطين مسألة مهمة بالنسبة لترامب وإدارته والإدارات السابقة أيضا، وهذا التفسير قائم على أساس سردية مُخادعة، تمنع إظهار الفلسطينيين على أنهم أصحاب حق وضحايا عدوان غاشم. وعلى الطرف الآخر هناك سردية أخرى تقول إن الإسرائيليين هم دُعاة سلام، وهم المضطهدون بشكل دائم نتيجة هذه المعاداة للسامية، التي لا تبرح تلاحق اليهود حيثما حلوا. والمساعي لتثبيت هاتين السرديتين جارية بشكل متواصل، من خلال الترغيب والترهيب، الذي تمارسه الولايات المتحدة الأمريكية.

لكن، وعلى الرغم من هذا المسعى المستمر، فإن الامتعاض، تغلغل حتى إلى صفوف المؤيدين لترامب، مما جرى في غزة على مستويين: الأول أخلاقي يقول إن ما يجري هو جرائم بحق الإنسانية، خاصة ما يتعرض له الأطفال. والثاني هو أن هذا الرئيس الذي جاء تحت شعار «أمريكا أولا»، يبدو وكأنه يخدم المصلحة الإسرائيلية على حساب مصلحة الولايات المتحدة. هذان هما الاعتراضان اللذان واجههما ترامب، اعتراض أن الرئيس ليس كما كان من المفترض أن يكون رئيس «أمريكا أولا»، والجانب الأخلاقي الذي لا يجيز كل هذا القتل بمشاركة أمريكية.

إن ما فعله ترامب خلال الأيام الماضية هو محاولة قلب السردية القائلة، إن بنيامين نتنياهو يتحكّم به، لذلك رأينا نتنياهو نفسه يحاول تفنيد هذه الأقوال على الصحف الأمريكية، إذن هنا ترامب يظهر وكأنه عاد ليكون بموقع القوة وبموقع فرض الإرادة وداعية سلام، ولكن هذا لا يتناقض مع الجهد الآخر، جهد المحافظة على السردية المؤيدة لإسرائيل. لأن الموقف الأمريكي متماه بالمطلق مع الموقف الإسرائيلي، فالولايات المتحدة هي الشريك الكامل بالمقتلة التي جرت وتجري في غزة، تمويلا وتسليحا وغطاء دبلوماسيا، ومحاولة إيجاد تمايز بين الموقف الأمريكي والموقف الإسرائيلي هي محاولات رغائبية فاشلة يمارسها البعض. فكلما أمِلَ طرف بأن يكون ثمة تمايز، يأتي مشهد كالذي رأيناه في خطاب ترامب في الكنيست، أو في اللقاء الصحافي في البيت الأبيض بين ترامب ونتنياهو، لينفي ذلك، ويؤكد حقيقة اللعبة القائمة بين الطرفين، وحتى عندما يحاول ترامب الظهور بمظهر الفاعل صاحب القرار أمام نتنياهو، فإن هذا الأخير يأخذ كلام ترامب الضبابي الفضفاض غير ذي معنى، ويعيد ترتيبه ليشكل منه قراءة منسجمة مع المصلحة الإسرائيلية.
ترامب معني بالإطراء والثناء عليه كمحقق للسلام
إن الحقيقة التي لا غبار عليها هي أن كل إنجازات ترامب هي إنجازات آنية، فهو معني بهذا العرض الاستعراضي الذي شهدناه في شرم الشيخ وليس شيئا آخر.

هو معني بالإطراء والثناء عليه كمحقق للسلام، الذي أوقف ثماني حروب، على حد قوله، وأن ما رآه العالم من ترامب في الكنيست، هو مشهد الصورة وليس ما قاله ترامب، فالصورة كانت توحي بأنه ملك إسرائيل، وكأنّ إسرائيل هي ولاية من ولايات ترامب، وهو الوحيد الذي يستطيع أن يطلب عفوا رئاسيا لنتنياهو عن التهم الموجهة إليه بالفساد المالي والسياسي.

بينما قبل نتنياهو أن يكون في خلفية الصورة، كي يعطي مساحة لشريكه في اللعبة، وكأنه يقول له هذا هو مسرحك فأظهر عليه كل بطولاتك، وسأجني أنا وإسرائيل كل ما تقوم به من أجلنا. وإذا كان البعض قد صوّر خطابه في إسرائيل وشرم الشيخ بأنه خطاب سلام، وتغيير جوهري في السياسة الأمريكية تجاه القضايا العربية، فحقيقة الأمر هي ليست كذلك، إنما كان خطابه في المكانين خطاب أزمة ومحاولة لاستعادة المعنوية للسيادة الإسرائيلية، بعد اعتراف 142 دولة بحل الدولتين، واعتراف 82% من دول العالم بدولة فلسطين. بالتالي هذه شكلت ضغطا هائلا عليه. كما أنه يريد تلميع سياسته الخارجية، بعد الدمار الذي لحق بها خلال السنوات الماضية.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه ترامب غزة نتنياهو شرم الشيخ غزة نتنياهو شرم الشيخ ترامب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بین ترامب

إقرأ أيضاً:

حصري لـCNN.. تفاصيل مفاجئة بقضية القارب الذي ضربته القوات الأمريكية في الكاريبي: لم يكن متجها إلى الولايات المتحدة

(CNN)-- كان تجار المخدرات المزعومون الذين قُتلوا على يد الجيش الأمريكي في ضربة جوية في 2 سبتمبر/ أيلول متجهين إلى سفينة أخرى أكبر حجمًا كانت متجهة إلى سورينام، وهي دولة صغيرة في أمريكا الجنوبية تقع شرق فنزويلا، وفقًا لمصدرين مطلعين على تصريحاته.

ووفقًا لمعلومات استخباراتية جمعتها القوات الأمريكية، كان القارب المُستهدف يخطط "للالتقاء" بالسفينة الثانية ونقل المخدرات إليها، وفقًا لما ذكره الأدميرال، فرانك برادلي، خلال الإحاطات، لكن الجيش لم يتمكن من تحديد موقع السفينة الثانية. 

وقال برادلي إنه لا يزال هناك احتمال أن تكون شحنة المخدرات قد شقت طريقها في النهاية من سورينام إلى الولايات المتحدة، حسبما ذكرت المصادر، مُبلغًا المشرعين أن ذلك يُبرر ضرب القارب الأصغر حتى لو لم يكن متجهًا مباشرة إلى الشواطئ الأمريكية وقت تعرضه للضرب.

ويقول مسؤولو مكافحة المخدرات الأمريكيون إن طرق التهريب عبر سورينام مُوجهة في المقام الأول إلى الأسواق الأوروبية. وقد تركزت طرق تهريب المخدرات المتجهة إلى الولايات المتحدة على المحيط الهادئ في السنوات الأخيرة.

وتُضيف هذه التفاصيل الجديدة تناقضًا آخر إلى حجة إدارة ترامب القائلة بأن ضرب القارب عدة مرات، ومقتل الناجين، كان ضروريًا لحماية الولايات المتحدة من تهديد وشيك.

وصرّح وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، للصحفيين المتنقلين في فلوريدا بعد وقت قصير من الضربة أن قارب المخدرات المزعوم استهدافه كان "متجهًا على الأرجح إلى ترينيداد أو دولة أخرى في منطقة البحر الكاريبي". 

ومع ذلك، قال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في منشور أعلن فيه عن الضربة في 2 سبتمبر/أيلول: "وقعت الضربة بينما كان الإرهابيون في البحر في المياه الدولية ينقلون مخدرات غير مشروعة، متجهين إلى الولايات المتحدة".

وأقرّ برادلي، الذي كان يقود قيادة العمليات الخاصة المشتركة وقت الضربة، أيضًا بأن القارب استدار قبل أن يُضرب، لأن الأشخاص الذين كانوا على متنه بدا أنهم رأوا الطائرة الأمريكية في الجو، وفقًا للمصادر. 

وذكرت شبكة CNN في سبتمبر/أيلول أن القارب استدار قبل أن يُضرب.

في النهاية، ضرب الجيش الأمريكي القارب أربع مرات - في المرة الأولى، شطر القارب إلى نصفين، وترك ناجيين اثنين متشبثين بجزء منقلب، وفقًا لما ذكرته شبكة CNN، الخميس. أما الضربات الثانية والثالثة والرابعة، فقد أدت إلى مقتلهم وإغراق القارب.

وأفادت المصادر أن برادلي أخبرهم أن الناجين كانوا يلوحون لشيء ما في الهواء، مع أنه من غير الواضح ما إذا كانوا يستسلمون أم يطلبون المساعدة من الطائرة الأمريكية التي رصدوها.

ولم يستجب البنتاغون فورًا لطلب التعليق.

ويُعتبر قتلُ الغرقى جريمة حرب، وهم من يُعرّفهم دليل البنتاغون لقانون الحرب بأنهم الأشخاص "المحتاجون إلى المساعدة والرعاية" والذين "يجب عليهم الامتناع عن أي عمل عدائي"، رغم أن معظم الجمهوريين أبدوا دعمهم للحملة العسكرية الأوسع للرئيس دونالد ترامب في منطقة البحر الكاريبي، إلا أن الضربة الثانوية في 2 سبتمبر/أيلول أثارت تدقيقًا من الحزبين - بما في ذلك، والأهم من ذلك، تعهد لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ بإجراء رقابة.

ولا يزال دور وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيغسيث في الضربة الثانوية - بما في ذلك الأوامر الدقيقة التي أصدرها لبرادلي - موضع تدقيق.

وأفادت شبكة CNN أن المشرّعين أُبلغوا، الخميس، أن هيغسيث أوضح قبل بدء المهمة أن الضربات يجب أن تكون قاتلة، لكن أحد المصادر المطلعة قال إنه لم يُبلّغ بوجود الناجين إلا بعد مقتلهم.

قال مسؤول أمريكي إن برادلي فهم أن هدف المهمة هو قتل جميع الأفراد الأحد عشر على متن القارب وإغراقه، وأضاف المسؤول الأمريكي أن الأمر لم يكن محددًا بقتل الجميع دون رحمة، أي أن من يستسلم سيُقتل، وهو أمرٌ له "تداعيات محددة" وهو أمرٌ غير قانوني.

مقالات مشابهة

  • ضغوط أمريكية لسلام سريع .. هل يفرض ترامب قواعد اللعبة على نتنياهو؟
  • رغم الانتقادات التي تضمنتها «الوثيقة الأمريكية».. واشنطن الحليف الأكبر لأوروبا
  • عفو نتنياهو و القرار الرئاسي.. هرتسوج يحدد أولويات إسرائيل وسط ضغوط أمريكية
  • ويليامز: الموقف الأمريكي يعيد صياغة قواعد اللعبة داخل الناتو
  • أحترم ترامب ولكن.. هرتسوج ردا على العفو عن نتنياهو: إسرائيل دولة ذات سيادة
  • واشنطن تغيّر مسارها.. أبرز ملامح إستراتيجية الأمن القومي الأمريكية الجديدة
  • حصري لـCNN.. تفاصيل مفاجئة بقضية القارب الذي ضربته القوات الأمريكية في الكاريبي: لم يكن متجها إلى الولايات المتحدة
  • مجلس السلام المقترح لغزة.. هل يشعل صداما بين ترامب ونتنياهو؟
  • نتنياهو يستجدي ترامب بفيديو “ذل” ويتوسل واشنطن: أنقذوني.. يمزقون إسرائيل من الداخل 
  • مكالمة “محرجة” بين ترامب ونتنياهو حول “مقاتلي رفح المحاصرين”