برنامج يومي حرص عليه النبي وأرشدنا إليه.. علي جمعة يوضحه
تاريخ النشر: 21st, October 2025 GMT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن سيدُنا النبي ﷺ أرشدنا إلى الذِّكرِ من خلالِ برنامجٍ يوميٍّ حرصَ عليه ﷺ، ودعا الصحابةَ إليه لأهميَّته، حتى يكون المسلمُ على صلةٍ دائمةٍ بربِّه.
واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، انه يبدأ برنامجُ سيدِنا النبي ﷺ اليوميُّ في الذكر مع استيقاظِه؛ فكان إذا استيقظ في الصباح ذكر ربَّه فقال: «الحمدُ لله الذي عافاني في جسدي، ورَدَّ عليَّ روحي، وأذِن لي بذكره».
وكان إذا دخل الخلاء قال: «اللهم إني أعوذُ بك من الخُبُثِ والخبائث». والخُبُثُ – بضم الخاء – جمعُ الخبيث، وهو من شياطين الجن، والخبائثُ جمعُ الخبيثة، وهي من شياطين الجن أيضًا؛ فيستعيذُ من ذُكرانِهم وإناثِهم عند دخول هذا المحلِّ الذي تتوارى فيه الفضلات. وكان سيدُنا النبي ﷺ إذا خرج من الخلاء قال: «غفرانك». وهي كلمةٌ بليغةٌ خفيفةٌ على اللسان، عظيمةٌ في الميزان، لها أكبرُ الأثر في ذكر الله على كلِّ حين، وينبغي على المسلم أن يداوم عليها، فإن كثيرًا من الناس – على الرغم من خفَّة هذا العمل – لا يداومون عليه، ولا يذكرون الله في كلِّ وقتٍ وحين.
وكان ﷺ إذا خرج من بيته قال: «بسم الله، توكَّلتُ على الله، لا حولَ ولا قوَّةَ إلا بالله». وكان ﷺ إذا سافر في طريقٍ فيه مرتفعٌ، وصعد هذا المرتفع، كبَّر وقال: «الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر». وإذا كان فيه منخفضٌ، نزل هذا المنخفض وسبَّح وقال: «سبحان الله، سبحان الله، سبحان الله»، كما أخرج البخاري عن جابر بن عبد الله قال: كنا إذا صعدنا كبَّرنا، وإذا نزلنا سبَّحنا.
وكان ﷺ إذا دخل المسجد قال: «اللهم افتحْ لنا أبوابَ رحمتك». ثم بعد ذلك يشتغل بالصلاة التي تبدأ بالذكر: «الله أكبر»، ولا يحدث فيها إلا الذكر، «إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيءٌ من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن». ثم يُنهيها بذكر الله بقوله: «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته».
ثم يذكر الله بعدها كما ذكره قبلها؛ فكان يسبِّح الله ثلاثًا وثلاثين، ويحمد ثلاثًا وثلاثين، ويكبِّر ثلاثًا وثلاثين، ثم يتمُّ المائة بلا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كلِّ شيءٍ قدير.
وكان ﷺ يُكثِر من سيِّد الاستغفار بقوله: «اللهم أنت ربِّي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعتُ، أعوذ بك من شرِّ ما صنعتُ، أبوء لك بنعمتك عليَّ، وأبوء بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوبَ إلا أنت».
وكان سيدُنا رسول الله ﷺ إذا أتى المساء قال: «أمسينا وأمسى الملكُ لله». وهكذا في كلِّ حركةٍ، ولهذا المنهجِ الربانيِّ والمثالِ الفريدِ في الذكرِ والتأسيِ فيه بسيد الخلق ﷺ قال العلماء: إذا فُقد المسلمُ المربي المرشدُ، فإن مرشدَه الأعظم هو سيدُنا رسول الله ﷺ، فيُكثِر من الصلاة عليه، ولا يقلُّ ذلك عن ألف مرةٍ في اليوم والليلة.
وعن أُبَيِّ بن كعبٍ قال: كان رسولُ الله ﷺ إذا ذهب ثلثُ الليل قام فقال: «يا أيها الناس، اذكروا اللهَ، اذكروا اللهَ، جاءت الراجفةُ تتبعها الرادفةُ، جاء الموتُ بما فيه، جاء الموتُ بما فيه». قال أُبَيٌّ: قلتُ يا رسول الله، إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: «ما شئت». قلت: الربع؟ قال: «ما شئت، فإن زدتَ فهو خيرٌ لك». قلت: النصف؟ قال: «ما شئت، فإن زدتَ فهو خيرٌ لك». قلت: الثلثين؟ قال: «ما شئت، فإن زدتَ فهو خيرٌ لك». قلت: أجعل لك صلاتي كلَّها؟ قال: «إذًا تُكفَى همَّك، ويُغفَر لك ذنبُك».
فالهَجُوا بالصلاة على رسول الله ﷺ ليلَ نهار، واستغفروا اللهَ – على الأقل – في اليوم مائةَ مرةٍ، أُسوةً بالحبيب المصطفى ﷺ الذي لم يفتر عن الاستغفار، وإنما استغفر ربَّه من غَيْن الأنوار التي أغلقت باب الخلق، وإن كان بابُ الحق عنده مفتوحًا دائمًا.
استغفروا ربَّكم وتوبوا إليه، واذكروه في كلِّ وقتٍ وحين، فالذكرُ منهجُ المسلمِ اقتداءً بسيدنا النبي ﷺ، وهو خيرُ الذاكرين.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: ذكر الله فضل ذكر الله رسول الله الله أکبر ذکر الله وکان ﷺ الله ﷺ ما شئت
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: الإسلامُ اهتم ببر الوالدين.. وطاعتَهما من أفضل القُرُبات
الوالدين.. قال الدكتور علي جمعة مفتى الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إن الإسلامُ اهتم بالوالدين اهتمامًا بالغًا، وجعل طاعتَهما والبِرَّ بهما من أفضل القُرُبات، ونهى عن عقوقِهما، وشدَّد في ذلك غايةَ التشديد.
اهتمام الإسلام ببر الوالدين:وأوضح جمعة أن من معاني البِرِّ في اللغة: الخيرُ، والفضلُ، والصدقُ، والطاعةُ، والصلاح.
ولا يخفى على كلِّ عاقلٍ ما للوالدين من مقامٍ وشأنٍ يعجز الإنسانُ عن دركه، ومهما جَهِدَ القلمُ في إحصاءِ فضلهما، فإنَّه يبقى قاصرًا منْحَسِرًا عن تصوير جلالِهما وحقِّهما على الأبناء. وكيف لا يكون ذلك، وهما سببُ وجودِهم، وعمادُ حياتِهم، ورُكنُ البقاءِ لهم؟.
وأضاف أن الوالدين بذلوا كلَّ ما أمكنهما على المستويين المادي والمعنوي لرعاية أبنائهما وتربيتهم، وتحمَّلا في سبيل ذلك أشدَّ المتاعب والصعاب والإرهاقَ النفسيَّ والجسديَّ. وهذا البذلُ لا يمكن لشخصٍ أن يُعطيَه بالمستوى الذي يُعطيه الوالدان،
ولهذا اعتبر الإسلامُ عطاء الوالدين عملًا جليلًا مقدَّسًا، استوجب عليه الشكرَ وعِرفانَ الجميل، وأوجب لهما حقوقًا على الأبناء لم يُوجبها لأحدٍ غيرهما، حتى إنَّ الله تعالى قرن طاعتَهما والإحسانَ إليهما بعبادته وتوحيده، فقال عزَّ من قائل:
{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} [الإسراء: 23].
وورد عن أنسٍ رضي الله عنه، قال: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم عن الكبائر، قال: «الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ» متفقٌ عليه، كما أن طاعتهما وبرهما والإحسان إليهما وحسن معاملتهما أمورٌ واجبة مؤكدة جاءت مقرونة بتوحيد الله عزَّ وجلَّ؛ قال تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا﴾ [الإسراء: 23].
بر الوالدين والإحسان إليهما:
ولهذا، ولغيره الكثير، جعل اللهُ بَرَّ الوالدين وطاعتَهما من أفضل القربات بعد توحيده سبحانه وتعالى، وجعل عقوقَهما والإساءةَ إليهما من أكبر الكبائر بعد الشرك بالله.
يقول حَبْرُ الأمة وترجمانُ القرآن عبدُ الله بن عباسٍ رضي الله عنهما: «ثلاثُ آياتٍ مقروناتٌ بثلاثٍ، ولا تُقبل واحدةٌ بغير قرينتها:
{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [التغابن: 12]، فمَن أطاع اللهَ ولم يُطعِ الرسولَ لم يُقبَل منه.
{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43]، فمَن صلَّى ولم يُزكِّ لم يُقبَل منه.
{أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمان: 14]، فمَن شكرَ لله ولم يشكرْ لوالديه لم يُقبَل منه».