مجمع ضخم لإطلاق الصواريخ والمركبات الفضائية، وهو من أكبر المنشآت من هذا النوع في العالم، يعود إلى العهد السوفياتي، انطلق منه أول قمر صناعي سوفياتي ومنه صعد أول إنسان إلى الفضاء. يقع جنوب كازاخستان، وتبلغ مساحته 6717 كيلومترا مربعا.

وسميت القاعدة على اسم مدينة بايكونور، التي تبعد عن موقع المجمع نحو 300 كيلومتر.

وتستأجر روسيا القاعدة والمدينة بموجب عقد حتى عام 2050.

يضم المجمع أكثر من 1300 منشأة بين منصات إطلاق ومطارات ومبان للتجميع والاختبارات ومحطات للتزود بالوقود، إضافة إلى 470 كيلومترا من خطوط السكك الحديدية، و1281 كيلومترا من الطرق، و6610 كيلومترات من خطوط الكهرباء، و2784 كيلومترا من خطوط الاتصالات.

اشتهرت القاعدة بإطلاق القمر الصناعي "سبوتنيك" عام 1957، إلى جانب عدد من الأقمار الصناعية والمحطات المدارية مثل مير وساليوت، ومركبات فضائية أخرى. ومنها انطلق عام 1961 أول إنسان إلى الفضاء، وهو رائد الفضاء السوفياتي يوري غاغارين.

التأسيس

في 20 مايو/أيار 1954، صدر قرار مشترك بين اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي ومجلس وزراء الاتحاد السوفياتي بشأن تصنيع صاروخ باليستي عابر للقارات.

وكان من المقرر أن يصبح هذا الصاروخ القوة الضاربة الرئيسية لقوات الصواريخ الإستراتيجية السوفياتية، في ظل تصاعد الحرب الباردة بين السوفيات والولايات المتحدة الأميركية.

أُسندت مهمة تطوير الصاروخ، الذي سمي "آر-7″، إلى مكتب التصميم الخاص الذي كان يرأسه مهندس الفضاء الشهير سيرغي كوروليوف، الذي حصل على صلاحيات واسعة لاستخدام الموارد المادية اللازمة، والاستعانة بالمتخصصين من مختلف قطاعات الصناعة في البلاد.

اختيار الموقع

أدرك كوروليف أن الاتحاد السوفياتي يفتقر إلى منشأة متكاملة قادرة على التعامل مع المراحل التحضيرية لإطلاق المركبات الفضائية والصواريخ الباليستية العابرة للقارات، والتي يتجاوز مداها 8 آلاف كيلومتر. هذا القصور شكّل تحديا أمام طموح البلاد في دخول سباق الفضاء.

ومن هنا، بدأ التفكير بإنشاء موقع إطلاق ضخم يراعي 3 شروط أساسية:

أولا: أن يمر مسار الصواريخ فوق مناطق نائية قليلة السكان لتجنّب الخسائر في حال سقوط أجزاء من الصاروخ أثناء الرحلة.

إعلان

ثانيا: أن تُخصَّص للموقع مساحة شاسعة لا تقل عن 6 آلاف كيلومتر مربع، تتسع للمنشآت الفنية ومرافق الاختبار والتجميع.

ثالثا: أن يكون الموقع في منطقة نائية يصعب الوصول إليها، حفاظا على السرية، لكن في الوقت نفسه متصلة بشبكة سكك حديدية ومصادر مياه عذبة تضمن استمرارية العمليات اللوجستية والتقنية.

بهذا التصور وضع كوروليف الأساس الأول لاختيار موقع قاعدة الإطلاق، التي أصبحت لاحقا القلب النابض لبرنامج الفضاء السوفياتي.

واستنادا إلى المعايير التي وضعها كوروليف وفريقه، جرى تحديد 5 مناطق مرشحة هي: أستراخان وداغستان وموردوفيا وتشوفاشيا ومنطقة كيزيلوردا جنوب كازاخستان.

وبعد دراسة العوامل الجغرافية والفنية والأمنية، وقع الاختيار في النهاية على كيزيلوردا باعتبارها الخيار الأمثل.

وكان أحد الأسباب الحاسمة في هذا القرار الموقع الجغرافي نفسه، إذ كلما اقترب مركز الإطلاق من خط الاستواء ازدادت الاستفادة من سرعة دوران الأرض، مما يُسهّل عملية الإطلاق ويوفر في استهلاك الوقود.

وتبلغ سرعة دوران الأرض قرب موسكو نحو 260 مترا في الثانية، وتصل إلى 316 مترا في الثانية عند الموقع المختار، وهو فارق كبير يمنح الصاروخ دفعة طبيعية إضافية نحو الفضاء.

صاروخ "سويوز 2.1 إيه" وهو ينطلق من منصة الإطلاق في قاعدة بايكونور (الأوروبية)البناء وعمليات الإطلاق الأولى

وصلت أولى مجموعات عمال البناء العسكريين إلى الموقع في 12 يناير/كانون الثاني 1955، واستمر العمل بدون انقطاع ليلا ونهارا سنوات عدة، وفي بعض الأحيان في ظروف جوية صعبة، إذ كانت درجات الحرارة أثناء النهار تصل إلى 6 درجات مئوية وتنخفض إلى 22 درجة تحت الصفر في الليل.

وفي 6 مايو/أيار 1957، دُشن أول مجمع لإطلاق الصواريخ، حيث جرى إطلاق الصاروخ الأول من طراز "سيميوركا". لكن المحاولة باءت بالفشل، إذ اندلع حريق في ذيل إحدى وحدات الصاروخ، مما أدى إلى توقف الرحلة بعد 99 ثانية. ولم تتكلل المحاولات اللاحقة لإطلاق هذا الصاروخ بالنجاح أيضا.

بيد أن النجاح تحقق أخيرا في 21 أغسطس/آب 1957، حين مكّن هذا الإطلاق الاتحاد السوفياتي من إحراز إنجاز تاريخي تمثل بإرسال أول قمر صناعي إلى المدار في الرابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه.

واستنادا إلى الصاروخ "سيميوركا" طور الاتحاد السوفياتي مركبة "فوستوك" ثلاثية المراحل، وأُطلقت بنجاح لأول مرة في الثاني من يناير/كانون الثاني 1959.

وفي 12 أبريل/نيسان 1961، انطلق الصاروخ حاملا المركبة الفضائية "فوستوك1" إلى مدارها، وسجّل بذلك أول رحلة بشرية ناجحة إلى الفضاء بقيادة يوري غاغارين.

إجراءات سرية

ولتضليل الاستخبارات الغربية، أُطلق على الموقع اسم "بايكونور"، نسبة إلى مدينة تبعد نحو 325 كيلومترا شمال شرق موقع الاختبار، وشُيدت منصات إطلاق وهمية.

وبعد رحلة غاغارين، زوّدت السلطات السوفياتية المنظمات الدولية بإحداثيات تلك القرية، وروجت الصحافة المحلية للخبر كما لو أن الإطلاق تم في مكان قريب منها.

إلا أن التمويه لم يدم طويلا، إذ نجحت المخابرات الأميركية في كشف الموقع الحقيقي لقاعدة بايكونور في 5 أغسطس/آب 1957، بعد تحليق طائرة استطلاع من طراز "لوكهيد يو2" فوق الأراضي السوفياتية.

 

حوادث مميتة

في 24 أكتوبر/تشرين الأول 1960، وأثناء الاستعدادات لإطلاق صاروخ "سيميوركا" الباليستي العابر للقارات، اندلع حريق في منصة الإطلاق، ولقي 78 شخصا حتفهم، بينهم قائد قوات الصواريخ الإستراتيجية في الاتحاد السوفياتي.

إعلان

في 24 أكتوبر/تشرين الأول 1963، وأثناء اختبار صاروخ باليستي آخر عابر للقارات اندلع حريق في منصة الإطلاق، مما أسفر عن مقتل 8 أشخاص.

في 23 أبريل/نيسان 1967، انطلقت مركبة "سويوز1" من مركز بايكونور الفضائي، وعلى متنها رائد الفضاء فلاديمير كوماروف، الذي لقي حتفه في اليوم التالي أثناء هبوطه بسبب عطل في المظلة.

وفي 8 يونيو/حزيران 1971، انطلقت مركبة "سويوز 11" إلى مدارها من بايكونور، وعلى متنها 3 رواد فضاء، وقد لقوا حتفهم أثناء عودتهم إلى الأرض بسبب انخفاض مفاجئ في الضغط على متن المركبة الفضائية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات الاتحاد السوفیاتی إلى الفضاء

إقرأ أيضاً:

اكتشاف آثار ديناصورات عمرها 166 مليون عام في بريطانيا

يكتشف العلماء طريقًا من آثار الأقدام يكشف أسرار تحركات الديناصورات العملاقة
شهد محجر “ديورز فارم” في مقاطعة أوكسفوردشاير البريطانية اكتشافًا أثريًا مذهلًا، حيث عُثر على نحو مئة أثر لأقدام ديناصورات تعود إلى أكثر من 166 مليون سنة. 

ويُعد هذا الاكتشاف، الذي يمتد لمسافة 220 مترًا، من أكبر مواقع آثار أقدام الديناصورات في أوروبا، ويمنح العلماء رؤية جديدة حول كيفية تنقل هذه المخلوقات العملاقة عبر المناظر الطبيعية خلال العصر الجوراسي الأوسط.

يرصد الفريق العلمي تفاصيل التحرك والسلوك


قاد فريق من متحف التاريخ الطبيعي بجامعة أكسفورد وجامعة برمنغهام أعمال التنقيب، ليكتشفوا آثار أقدام ضخمة تُنسب إلى ديناصورات الصوروبود – وهي كائنات عاشبة ذات رقاب وذيول طويلة عاشت في مناطق ما يُعرف الآن ببريطانيا وفرنسا. ويُعتقد أن النوع المسؤول عن هذه الآثار هو سيتيوصور، أحد أضخم الحيوانات التي عاشت على وجه الأرض، بطول يصل إلى 16 مترًا ووزن يقارب 10 أطنان.

يُحلل العلماء سرعة الخطى وحجم الكائنات


يفسّر الدكتور دنكان مردوك من جامعة أكسفورد هذه البصمات بأنها أكثر من مجرد آثار؛ فهي سجلات حية لطريقة مشي هذه المخلوقات. ويقول إن طول الخطوة وعرض البصمة يتيحان تقدير سرعة السير، موضحًا أن الديناصورات ربما كانت تتحرك بسرعة تقارب 4 إلى 5 أميال في الساعة، أي بسرعة الإنسان العادي أثناء المشي.

يُعيد الاكتشاف رسم صورة بريطانيا القديمة


يُظهر تحليل الموقع أن بريطانيا كانت تقع أقرب إلى خط الاستواء قبل 166 مليون عام، أي في منطقة مناخية مشابهة لشمال أفريقيا اليوم. ويعتقد العلماء أن الديناصورات كانت تعبر مسطحات طينية وجزرًا داخل بحر ضحل يشبه جزر البهاما الحديثة، ما يجعل هذا الاكتشاف شاهدًا فريدًا على طبيعة البيئة القديمة.

يُبرز الموقع أهمية علمية نادرة في المملكة المتحدة


توضح الدكتورة كريستي إدغار من جامعة برمنغهام أن العثور على آثار ديناصورات بهذا الحجم في الداخل البريطاني أمر استثنائي، لأن معظم الاكتشافات السابقة كانت ساحلية. وتضيف أن اتساع المساحة المحفوظة يمنح الباحثين فرصة نادرة لفهم سلوك هذه الكائنات العملاقة أثناء تحركها الجماعي.

يُحافظ العلماء على الموقع استعدادًا لدراسات مستقبلية


حاليًا، تُسجّل الآثار بعناية ثم تُعاد تغطيتها بطبقات واقية للحفاظ عليها. وتُجرى مناقشات بين هيئة إنجلترا الطبيعية، وشركة تشغيل المحجر، والسلطات المحلية حول إمكانية إجراء حفريات مستقبلية تسمح بالكشف عن مزيد من الأسرار. وحتى ذلك الحين، يبقى هذا الموقع بمثابة صفحة محفوظة من تاريخ الأرض، تروي حكاية مخلوقاتٍ عملاقةٍ سارت يومًا فوق أرض بريطانيا القديمة.

مقالات مشابهة

  • مليشيا الدعم السريع تشيد قاعدة لإطلاق المسيرات قرب مدينة الخوي
  • انطلق في نسخته الثانية بفرنسا .. الحارثي: معسكر الابتكار الإعلامي نموذج للطموح السعودي
  • اكتشاف آثار ديناصورات عمرها 166 مليون عام في بريطانيا
  • جميع ألوان OnePlus 15 و OnePlus Ace 6 تنكشف رسميًا قبل الإطلاق في 27 أكتوبر
  • لجنة الحكام تنظم معسكرا تثقيفيا بمشاركة 30 محكمة
  • لجنة الحكام تنظم معسكرا ثقيفيا بمشاركة 30 محكمة
  • يبدأ في نوفمبر.. جدول الإطلاق الرسمي لواجهة Realme UI 7.. فهل هاتفك منهم؟
  • انطلق صباح اليوم.. الصاروخ الصيني ليجيان-1 واي 8 يحمل ثلاثة أقمار صناعية إلى الفضاء
  • باكستان تطلق أول قمر اصطناعي يعمل بتقنية التصوير الطيفي عالي الدقة