لم يُصب اليهودي الأمريكي غاريد كوشنر، زوجُ ابنة الرئيس دونالد ترامب، كبد الحقيقة حينما قال إنّه فوجئ خلال زيارته غزّة بحجم الدمار الهائل الذي أصابها وكأنّ قنبلةً نووية قد فُجِّرت هناك.. فالواقع أنّ حجم ما ألقاه الاحتلال على القطاع خلال سنتين من حرب الإبادة الجهنمية بلغ 200.000 طن من المتفجّرات، أي 2 مليون كيلوغرام، وهو رقمٌ يعادل عدة قنابل نووية بحجم قنبلة هيروشيما، وليس قنبلة واحدة كما اعتقد كوشنر.
مليونَا كيلوغرام من المتفجّرات استطاع بها الاحتلال تدمير 90 بالمائة من مباني غزّة وإيقاع نحو ربع مليون فلسطيني بين شهيد وجريح، وهذا لإجبار سكانها كلّهم على مغادرتها، وكذا تدمير المقاومة فيها، ومن ثمّ قطع خطوة عملاقة في سبيل تصفية القضية الفلسطينية لصالحه بالقوة، لكنّه لم يجنِ من هذه الوحشية والإجرام سوى الخيبة والفشل؛ فلا سكانُ غزة تركوها لشذاذ الآفاق الصهاينة أو لترامب ليقيم عليها “ريفييرا” جديدة مليئة بالمواخير وبيوت الفساد، ولا المقاومة هُزمت وانتهت في غزة.
لو ألقِي 2 مليون كيلوغرام من المتفجِّرات على أيِّ جيش في العالم، مهما كانت قوّتُه لتحوّلت آلياتُه العسكرية إلى قطع حديدية متفحِّمة ولتناثرت أشلاء جنوده في كل مكان، ولأجبِر على الاستسلام، لكنّ المقاومة الفلسطينية صمدت عامين كاملين وحاربت ببسالة منقطعة النظير.. وفي اليوم التالي لوقف الحرب، خرج الآلاف من عناصر شرطة حماس من تحت أنقاض البيوت والأنفاق ليستعيدوا السيطرة بسرعة على غزَّة ويبسطوا الأمن في أرجائها ويطاردوا عصابات اللصوص التي كانت تنهب مساعدات المستضعَفين ويعدموا الخونة العملاء.
كما خرجت المقاومة من تحت الرماد كالعنقاء وشرعت في ترميم قُدراتها العسكرية تحسّبا لغدر العدوّ واستئنافه الحرب قريبا؛ فهو يبحث عن الذريعة تلو الأخرى لمواصلتها: اليوم يتحدّث عن جثث أسراه التي بقيت لدى المقاومة ويدّعي أنّها “تتماطل” في تسليمها، وغدًا قد يتذرّع برفضها الاستسلام ونزع سلاحها، وهي لن تفعل ذلك قطعا.. لذلك لا بدّ أن ترمِّم المقاومة قدراتها المتضرِّرة من الحرب بسرعة استعدادا لأيِّ طارئ.
في الحروب الحديثة هناك قاعدةٌ تقول إنَّ الجيش القوي إذا لم ينتصر على عدوّه الضعيف فقد هُزم، والضعيف إذا صمد أمام القوي وأفشل أهدافه من الحرب فقد انتصر
في الحروب الحديثة هناك قاعدةٌ تقول إنَّ الجيش القوي إذا لم ينتصر على عدوّه الضعيف فقد هُزم، والضعيف إذا صمد أمام القوي وأفشل أهدافه من الحرب فقد انتصر، ولا ريب أنَّ أيَّ خبير عسكري واستراتيجي منصف في هذا العالم سيؤكّد للأعراب المرجفين المتصهينين الذين يطعنون اليوم في المقاومة ويدّعون هزيمتها، أنّ صمودَها أمام أحد أقوى جيوش العالم وخروجَها سالمة من الحرب بعد أن ضربها بمليوني كيلوغرام من المتفجِّرات، ليس نصرا فحسب، بل هو إعجازٌ عسكريٌّ حقيقي يستحقّ أن يُدرَّس في أرقى الكليات العسكرية العالمية؛ منذ بناء شبكة أنفاق متشابكة معقَّدة هي أفضل ما بنته أيُّ حركة تحرُّر في العالم عبر التاريخ، إلى غزوة 7 أكتوبر المجيدة التي أحدثت زلزالا كبيرا في المنطقة، وصولا إلى صمود ثلةٍ من المقاومين الأبطال بأسلحة خفيفة أمام جحافل جنود الاحتلال طيلة عامين كاملين من المواجهات اليومية إلى أن أجبروه على وقف الحرب من دون أن يحقّق أهدافه…
نذكّر فقط من يطعن في ثبات المقاومة الفلسطينية أمام هذه الآلة العسكرية الجبّارة المدعومة أمريكيًّا أنّ جيوش الدول العربية لم تصمد سوى أسابيع في حرب 1948 أمام العصابات الصهيونية المسلحة التي لم تكن قد شكَّلت بعد جيشا نظاميا قويا كما هو الحال الآن، بل إنّ جيشي مصر وسوريا لم يصمدا سوى 6 أيام في حرب 5 جوان 1967، قبل أن يتعرّضا لهزيمة منكرة أخرجت مصر من الصراع في حين ما زالت سوريا تعاني تداعياتها السلبية إلى حدّ الساعة!
الشروق الجزائرية
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه كوشنر الاحتلال الاحتلال العدوان كوشنر دمار غزة مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من الحرب
إقرأ أيضاً:
"لينك" يجمع بين الأداء القوي والصورة المتكاملة.. والديكور حديث الساعة
حصد مسلسل "لينك"، بطولة النجم سيد رجب والنجمة رانيا يوسف، إشادات واسعة من الجمهور عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة بعد عرض حلقاته الأخيرة على شاشة DMC ومنصة Watch It، حيث أثنى المشاهدون على المستوى البصري العالي للمسلسل، وعلى رأسه الديكورات المميزة التي اعتُبرت أحد أهم عوامل نجاح العمل.
وتميزت ديكورات المسلسل، بدورها المحوري في تجسيد الحالة النفسية والاجتماعية للشخصيات، ونقل أجواء الحارة والبيوت المصرية الحديثة بأسلوب واقعي وجذاب، ما أضفى على المشاهد إحساسًا بالدفء والحميمية والصدق البصري.
وأشار المتابعون إلى أن تصميم الشقق والمساحات المفتوحة جاء ذكيًا ومتوازنًا، حيث جمعت بين الإضاءة الطبيعية المدروسة والألوان الترابية الدافئة، مما عزز من حضور الشخصيات وأضفى عمقًا بصريًا على الأحداث.
كما تميز التوزيع الداخلي بالأناقة والبساطة في آنٍ واحد، من خلال اختيار الأثاث وتوزيعه بعناية، مع استخدام عناصر مثل النباتات واللوحات الفنية لإثراء الصورة وتعزيز الإحساس بالحياة داخل المشهد.
ويُعرض مسلسل "لينك" من السبت إلى الأربعاء على قناة DMC، إلى جانب توفره عبر منصة Watch It الإلكترونية.
العمل من تأليف ورشة "ج" بقيادة الكاتب محمد جلال، ومن إنتاج إيمالاين (إيمان أبو الدهب وأحمد بلال)، وإخراج محمد عبد الرحمن حماقي.
ويشارك في البطولة نخبة من النجوم، من بينهم: ميمي جمال، محمود ياسين جونيور، فرح الزاهد، مينا أبو الدهب، لينا صوفيا، سليم الترك، أحمد صيام، زينب العبد، هيثم نبيل، وتامر فرج.