العمل الحر لدى الشباب في سلطنة عُمان.. خطوة واثقة نحو تنويع مصادر الدخل وتعزيز التنمية
تاريخ النشر: 26th, October 2025 GMT
"العُمانية": يعد العمل الحر بشتى قطاعاته أحد المسارات الحديثة المنتشرة بين الشباب في سلطنة عُمان، مع تزايد التوجه في الوقت الراهن نحو الأعمال الحرة المستقلة وتنويع مصادر الدخل بما يعزز روح المبادرة وبناء نماذج عمل مرنة.
وتأتي في هذا السياق جملة من التساؤلات حول ما إذا كان هذا العمل يتطلب عقلية ريادية خاصة، أم أنه متاح لكل شاب يمكنه التعلم والتجربة تدريجيًّا، كما تتنوع مجالات العمل الحر أيضًا لتشمل التقنية والتصميم والإعلام الرقمي والاستشارات والخدمات المهنية، ما يتيح للشباب توظيف مهاراتهم، شريطة فهم العلاقة بين الشغف والواقعية؛ فالشغف قد يدفع للبدء، لكن الاستمرار يتطلب انضباطًا وتطويرًا مستمرًّا وقدرة على مواكبة سوق العمل.
وفي ظل التحوّل الرقمي، أصبح العمل الحر أيضًا ضرورة اقتصادية أكثر من كونه خيارًا ثانويًّا، ورغم نمو ثقافة المبادرة الفردية، ما زال تأثير فكرة الأمان الوظيفي حاضرًا، ما يستدعي تعزيز الوعي وثقافة التجربة لبناء الثقة بهذا المسار.
في هذا السياق يتحدث جاسم بن مراد بن عبد الله آل محمد - خبير في القيادة والتخطيط الاستراتيجي وإدارة التغيير- عن ثقافة العمل الحر وأهم ما يمكن الأخذ به والعمل عليه في هذا الجانب، موضحًا أن العمل الحر هو أسلوب عمل مستقل يقدم فيه الفرد خدماته أو خبراته دون أن يرتبط بعقد دائم مع جهة معينة، معتمدًا على مهاراته وخبراته ومعرفته لتوليد الدخل وتنظيم وقته بحرية، وهو يمثل أحد ركائز الاقتصاد المعرفي الحديث ويتيح للأفراد فرصًا جديدة بعيدًا عن نمط التوظيف التقليدي، كما شهدت سلطنة عُمان خلال السنوات الأخيرة تحوّلًا ملحوظًا في ثقافة العمل، حيث يتجه الشباب نحو العمل الحر مع تزايد الاعتماد على الاقتصاد الرقمي، وقد أسهمت جائحة كوفيد-19، وارتفاع الوعي بالمهارات الفردية، وانتشار التعليم العالي في تعزيز هذا التحول، فبات العمل الحر خيارًا فعليًّا للكثير من الخريجين والباحثين عن فرص مرنة ومُستقلّة.
وأوضح أن هناك بعض العوامل المجتمعة التي دفعت الشباب إلى تبني العمل الحر كخيار مهني بديل يتماشى مع متغيرات سوق العمل من بينها التحول نحو الاقتصاد الرقمي وظهور فرص في مجالات التقنية والتعليم والخدمات الإبداعية، ورغبة الشباب في الاستقلال المالي والمهني والابتعاد عن البيروقراطية الوظيفية، وسهولة الوصول إلى العملاء عبر المنصات الإلكترونية المحلية والعالمية.
من جانبه تطرق هيثم بن خالد السعيدي - صاحب مشروع الدار العُمانية للتصوير العقاري - إلى واقع ثقافة العمل الحر، وآليّات الخوض في طريق هذا العمل مرورًا بالمجالات الأنسب للعمل عليها في سلطنة عُمان مع تعريف العلاقة بين الشّغف والواقعيّة في العمل الحر.
وقال إن ثقافة العمل الحر هي حرية ومسؤولية، وفي الوقت نفسه فرصة عظيمة لتحقيق الأحلام. موضحًا أن العمل الحر ساعده على الاعتماد على النفس، وإيجاد فُرص كثيرة في سوق العمل، فهو بلا شك يحتاج إلى عقلية ريادية، ويُمكن اكتساب هذه العقليّة مع الوقت.
من جانبها، تعرّف سلسبيل بنت عبد الله الحوسنية – مهندسة معمارية – ثقافة العمل الحر وتقول: "بالنسبة لي هيّ تمثل اليوم تحوّلًا في الفكر الاقتصاديّ والاجتماعيّ لدى الشباب في سلطنة عُمان، إذ لم تعد مجرد وسيلة لتحقيق الدخل بل أصبحت تعبيرًا عن الوعي بالمسؤولية الفرديّة والقدرة على إيجاد الفرص بدل انتظارها"، وتُضيف: "كمُهندسة عُمانية، أشعر أن العمل الحر منحني فرصة لأصنع هوّيتي المهنيّة الخاصّة بعيدًا عن النمط التقليديّ للوظيفة، فهو مساحة أعبّر فيها عن فكري وعن إيماني بأن الإبداع لا يُقاس بعدد الساعات بل بالأثر الذي نتركه من خلال عملنا".
وعمّا يحتاجه الشاب العُماني أثناء مساره في العمل الحر تقول: "أرى أن العمل الحر يبدأ بالشغف وينضّج بالعقليّة الرياديّة، فالريادة ليست موهبة يولد بها الإنسان، بل وعي يكتسبه بالتجربة"، وعن تجربتها في العمل الحر ذكرت: "عندما بدأت، كنت أتعلّم بالتجربة والخطأ ومع الوقت أدركت أن النجاح في العمل الحر لا يعتمد فقط على المهارة، بل على طريقة التفكير — كيف نُخطط، ونتعامل مع التحديات، ونتخذ القرارات بثقة، لذلك أؤمن أن أيّ شاب يمكن أن يكتسب عقلية رياديّة إذا قرر أن يتعلّم ويستمر مهما كانت البداية بسيطة".
أما الفنّانة البصريّة الزهراء بنت حسين العجمية فتتحدث في السياق ذاته والتفكير بالعمل الحر كبديل للوظيفة التقليديّة، وتقول: "بالنسبة لي، هو خيار واقعيّ لمن يمتلك شغفًا أو مهارة يمكن تحويلها إلى مشروع مُستدام بالالتزام، هو طريق أصعب من الوظيفة، لكنّه يمنح مساحة أوسع للإبداع، ويُشعر صاحبه بإنجاز أكبر واستقلاليّة حقيقيّة".
وتبيّن العجمية: "التحوّل الرقميّ الذي يشهده العالم أتاح للشباب فرصًا كثيرة في مجالات جديدة للإنتاج والتعاون وأرى ذلك خصوصًا في المجالات الإبداعيّة مثل الفنّ والتصميم وغيرها، فقد أصبح العمل الحر اليوم جزءًا من منظومة الاقتصاد الحديثة".
وبحسب رؤيتها، تؤكّد الزهراء أنّ ثقافة المُجتمع قد تغيّرت، وتوّضح: "ما زالت فكرة (الأمان الوظيفيّ) موجودة، ولكّن – في الوقت ذاته - نلاحظ وعيًا أكبر وتشجيعًا متزايدًا للمُبادرات الفرديّة، فنرى الكثير من المشروعات المنزليّة بمختلف المجالات، وهيّ إحدى صور العمل الحر، فاليوم يُؤمن الكثير من الشباب بأن العمل الحر يمكن أن يكون مصدر استقرار ونجاح حقيقيّ".
من جانبه، يقول سالم بن عامر الحارثي - مخطط مشروعات عقارية: "العمل الحر هو بالفعل خيار قويّ ومُناسب جدًّا بدلًا من الوظيفة التقليديّة، لكن بشرط أنّ يكون هذا التغيير مبنيًّا بطريقة عمل صحيحة وخطّة واضحة، فالأمر لا يقتصر على ترك الوظيفة، بل يتطلّب التزامًا دائمًا بالجودة العالية في العمل وتطوير المهارات".
وأضاف: "على سبيل المثال، تشير التوقّعات العالميّة إلى أن سوق العمل الحر من المُتوقع أن ينمو بشكل كبير، حيث توقّعت بعض الدراسات أن يبلغ حجم هذا السوق عالميًّا مئات المليارات من الدولارات بحلول نهاية 2030، بسبب الطلب المتزايد على الخبرات المتخصّصة في مجالات مثل البرمجة، والتصميم، والتسويق الإلكتروني، لهذا السبب إذا تعاملنا معه كمسار مهنيّ جديّ يتطلّب تخطيطًا مستمرًّا، فإن العمل الحر سيُصبح بديلًا أفضل بكثير".
ويضيف: "يُعد العمل في القطاعين العام والخاص هو المنبع الوحيد للأمان والوضع الاجتماعيّ المقبول، وغالبًا ما يُرى العمل الحر كـخيار إجباري أو فترة قصيرة قبل الحصول على وظيفة (حقيقية)، وهذا التمسّك الشديد بالاستقرار الوظيفي ينتج عادة من الخوف من المجهول، وعدم وضوح القوانين الخاصّة بالضرائب والتأمين للعاملين المُستقلين، بالإضافة إلى الضغوط الاجتماعيّة التي تفضّل الطريق المهني المستقر وغير المتغير".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: ثقافة العمل الحر فی العمل الحر ی العمل الحر سوق العمل الشباب فی
إقرأ أيضاً:
أردوغان: تركيا مستعدة لدعم قوة العمل المزمع تشكيلها لغزة بأي طريقة
دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الولايات المتحدة والدول الأخرى بذل المزيد من الجهود لدفع إسرائيل إلى التوقف عن انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، بما في ذلك عبر إمكانية استخدام العقوبات أو وقف مبيعات الأسلحة.
ووفقا لتصريحات أردوغان على متن رحلة عودة من سلطنة عُمان، قال أردوغان إن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تلتزم بالاتفاق.
وشدد على أن تركيا لا تزال مستعدة لدعم قوة العمل المزمع تشكيلها لغزة بأي طريقة لازمة.
ونوه أردوغان إلى أن إعادة إعمار غزة ليست بالعمل السهل، وأن تركيا ستتخذ هذه الخطوة بشكل جماعي لا سيما مع دول الخليج.
وبيّن أن هناك مفاوضات شاملة بشأن قوة المهام بغزة لأنها قضية متعددة الأبعاد.
وختم أردغان تصريحاته قائلا : غزة بمثابة ورقة امتحان للعالم الإسلامي وبمشيئة الله سنتجاوز هذا الامتحان مرفوعي الرأس وسنقف إلى جانب أشقائنا بأقوى صورة ممكنة”.