مدفوعة بمشكلة ملفي حركة طالبان باكستان وأزمة خط ديورند الذي يرسم الحدود بين البلدين توترت العلاقات بين أفغانستان وباكستان خلال السنوات الأخيرة بشكل لافت للانتباه، ودخلت مرحلة جديدة من التصعيد في عام 2025 وصلت إلى المواجهة العسكرية المباشرة.

ومن نافلة القول إن نطاق هذه التوترات يتجاوز الإطار الوطني الضيق ليكتسب أبعادا إقليمية ودولية متشابكة، بالنظر إلى الأهمية الجيوسياسية التي يتمتع بها البلدان في جنوب آسيا.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2لماذا يتميّز موقف إسبانيا في دعم فلسطين؟list 2 of 2كيف تؤثر خطة ترامب بشأن حرب غزة في الداخل الإسرائيلي؟end of list

ومن شأن المواجهة العسكرية المباشرة بين البلدين أن تؤثر بشكل ملموس على مشاريع اقتصادية وخطط إستراتيجية أمنية لمكافحة الإرهاب والجريمة.

هذه المخاوف دفعت أطرافا إقليمية ودولية إلى تكثيف مساعي الوساطة، حيث عُقدت جولات تفاوضية في الدوحة بوساطة قطر وتركيا أفضت إلى هدنة شملت التعهد بعدم دعم الجماعات المسلحة واحترام السيادة الوطنية لكل طرف، لكن دوام هذا الاتفاق يبقى مرهونا بمتابعة دقيقة وإرادة سياسية صلبة من الجانبين.

وبشأن هذه السياقات المتداخلة والمعقدة نشر مركز الجزيرة للدراسات ورقة تحليلية تحمل عنوان "المواجهة العسكرية بين أفغانستان وباكستان.. الجذور والتداعيات والسيناريوهات المستقبلية".

الورقة التي أعدها الباحث الأفغاني أمين الله ذاكري استعرضت الخلفية التاريخية للعلاقات بين أفغانستان وباكستان، ورصدت مسار الأحداث الجديدة وأسبابها، كما أعطت لمحة عن التداعيات المحتملة لهذا الصراع.

بوساطة قطرية تركية اتفقت أفغانستان وباكستان وقف إطلاق النار فورا (وزارة الخارجية القطرية)علاقات تاريخية

منذ نشأتها وحتى اليوم تقوم العلاقات بين البلدين على أرضية مثقلة بعدم الثقة التاريخية والتنافس الجيوسياسي والتحولات الأمنية المتتابعة.

ويُعد خط ديورند -الذي رُسم عام 1893 بين حاكم أفغانستان آنذاك عبد الرحمن خان وممثل حكومة الهند البريطانية السير مورتيمور ديورند- أحد أبرز محاور الخلاف بوصفه اتفاقا مؤقتا لتحديد نطاق النفوذ بين الطرفين.

إعلان

وعلى الرغم من تثبيت هذا الخط في معاهدة روالبندي عام 1919 فإن أفغانستان لم تعترف به حدا دوليا بعد تأسيس باكستان عام 1947.

وقد مثل هذا الرفض التاريخي مصدرا دائما للتوتر، كما تحوّل في الوعي الوطني الأفغاني إلى رمز للمقاومة ضد الإرث الاستعماري.

من جانبها، تتمسك دولة باكستان بشرعية هذا الخط، وتعده أساسا لتنظيم علاقاتها الحدودية مع جارتها.

ومع مطلع الثمانينيات تعاظم الدور الباكستاني في أفغانستان، حيث قدّمت إسلام أباد دعما واسعا للفصائل الجهادية الأفغانية في حربها ضد الاتحاد السوفياتي.

واستمرت باكستان في لعب أدوارها في الساحة الأفغانية حتى بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول وما تبعها من تحولات في المشهد الإقليمي والدولي.

وبعد عودة حركة طالبان إلى الحكم عام 2021 كانت العلاقة في بدايتها تتسم بنوع من الانفتاح، لكنها ما لبثت أن انتقلت إلى مرحلة جديدة أكثر هشاشة وتعقيدا.

وبينما تتهم إسلام آباد حكومة أفغانستان الجديدة بإيواء عناصر حركة طالبان باكستان داخل الأراضي الأفغانية تؤكد كابل أن هذه الحركة منفصلة عنها، وتنفي وجودها رسميا داخل البلاد.

بداية المواجهة

شكّل القصف الجوي الذي نفذته باكستان ليلة 9 أكتوبر/تشرين الأول 2025 على محيط تقاطع عبد الحق في كابل نقطة تحوّل مركزية في مسار التوترات الأخيرة، إذ ادّعت إسلام آباد أن الهدف من العملية هو زعيم حركة طالبان باكستان نور ولي محسود.

من جانبها، اعتبرت الحكومة الأفغانية أن الهجوم الذي نفذه الجيش الأفغاني على أرضها انتهاكا صريحا للسيادة الوطنية.

وقد تسبب هذا الهجوم في سلسلة من التحركات العسكرية المضادة في الولايات الحدودية، مع تبادل الاتهامات ببدء الأعمال العدائية.

وأشارت الدراسة إلى أن احتواء هذه الأزمة يتطلب العمل على 3 مسارات متوازية:

الالتزام باتفاقات وقف إطلاق النار، ومنع العمليات العابرة للحدود، والالتزام الدقيق بالتمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية. إنشاء قنوات رسمية وشفافة للتحقيق والمساءلة بشأن الادعاءات المتبادلة. تفعيل دور الوساطة الإقليمية والدولية لإعادة بناء الثقة ومعالجة جذور الخلافات الأمنية والسياسية على المدى البعيد. وجهات نظر متباينة

في ضوء التطورات الأخيرة تجلى أن الرؤية الأفغانية تقوم على 3 مرتكزات أساسية هي:

الدفاع عن السيادة الوطنية. اتهام باكستان بدعم الإرهاب. تحديد موقف كابل من حركة طالبان باكستان.

وتؤكد الحكومة الأفغانية أن هذه الهجمات تمثل انتهاكا صريحا للأجواء والسيادة الوطنیة لأفغانستان، واصفة إياها بأنها "استفزازية" و"غير مسؤولة".

في المقابل، تتهم باكستان أفغانستان بتحولها إلى ملاذ آمن لهذه الجماعات، وتعد عجزها عن احتوائها سببا رئيسيا في تصعيدها العسكري.

وقد أفضى هذا التراشق الاتهامي إلى اتساع رقعة انعدام الثقة، واستدعاء القوة العسكرية كأداة ضغط موازية للدبلوماسية.

كما أن الرؤية الباكستانية أيضا تستند إلى 3 مرتكزات هي:

الخشية من نشاط حركة طالبان باكستان انطلاقا من الأراضي الأفغانية. الدعوة المتكررة إلى قيام حكومة كابل بإجراءات ملموسة ضدها. التركيز على أمن الحدود المشتركة. أبعاد إقليمية ودولية

وأشارت الدراسة إلى أن التوتر القائم بين أفغانستان وباكستان لا يمكن اختزاله في كونه خلافا ثنائيا فحسب، بل يعد أزمة متعددة المستويات ذات امتدادات إقليمية ودولية واضحة.

إعلان

ويُعد الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني -وهو مشروع إستراتيجي يدخل ضمن مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، ويهدف إلى ربط غرب الصين بميناء "غوادر" على بحر العرب- أحد أبرز المجالات المتأثرة بتصاعد هذا التوتر.

وعلى مستوى التفاعلات الإقليمية، تعكس مواقف الدول المجاورة والمؤسسات الدولية حجم القلق من احتمالية توسع دائرة الصراع، حيث دعت الأمم المتحدة -وعلى رأسها الأمين العام أنطونيو غوتيريش– إلى ضبط النفس وفتح حوار مباشر بين الطرفين.

وفي السياق ذاته، حذر خبراء أمنيون من غياب آليات إقليمية فاعلة لإدارة الأزمات بين الطرفين، الأمر الذي يجعل احتمالات الانزلاق نحو مواجهة مفتوحة أكثر حضورا وتناميا.

وعلى الصعيد الدولي، فإن التنافس الروسي والأميركي في المنطقة يبقى من أبرز الأمور التي تلقي بظلالها على المشهد.

وتشير الدراسة إلى أن استمرار الصراع قد يؤدي إلى تداعيات أمنية وسياسية وقانونية واقتصادية، مما يجعل العمل على إدارة هذه الأزمة يتطلب مقاربة شاملة تقوم على دبلوماسية نشطة وتعاون متعدد الأطراف يهدف إلى احتواء التصعيد ومنع تحول الخلاف إلى صراع يهدد الاستقرار الإقليمي.

سيناريوهات الأزمة

واستعرضت الدراسة 4 مسارات لهذه الأزمة، وكل مسار له تحولات وتداعيات خاصة به.

السيناريو الأول: استمرار الضربات الجوية الباكستانية

يؤدي استمرار الضربات الجوية والعمليات البرية الباكستانية في المناطق العابرة للحدود -بما فيها أرجاء العاصمة كابل والمناطق الحدودية، مثل خوست وكونر وننغرهار وباجور- إلى إدخال أفغانستان وباكستان في حلقة من العنف المستفحل.

وسيؤدي هذا المسار إلى زعزعة الأمن الداخلي في البلدين، ويجعل الرجوع إلى مسار السلام والمصالحة أصعب.

السيناريو الثاني: فشل المحادثات

وقد يؤدي هذا المسار إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وينتج عن هذا ضعف التنسيق في المجال الاستخباراتي، الأمر الذي قد تستغله جماعات مسلحة أخرى لتوسيع نشاطها في الحدود المشتركة للدولتين.

السيناريو الثالث: تهدئة الأوضاع

ويعكس هذا المسار جهود الوساطة الهادفة إلى خفض التوتر ووقف الأعمال العدائية والمواجهة المباشرة.

وفي هذا الإطار، عُقدت في أكتوبر/تشرين الأول 2025 مباحثات بين وفود أفغانية وباكستانية في الدوحة بوساطة قطر وتركيا، وأفضت إلى اتفاق على وقف إطلاق النار فورا.

السيناريو الرابع: التوصل إلى اتفاق

وهذا السيناريو هو الأكثر طموحا، ويقوم على تحويل الخلاف إلى فرصة لإطلاق تعاون إقليمي شامل، وفيه تتكاتف أفغانستان وباكستان بمشاركة جيرانهما (إيران والهند وجمهوريات آسيا الوسطى) لتأسيس معاهدات أمنية جديدة في جنوب آسيا.

وخلصت الدراسة إلى أن أفغانستان وباكستان بحاجة إلى التعاون بدلا من المواجهة، وأنه من خلال الحوار وبناء الثقة والتعاون الإقليمي يمكن التوصل إلى رؤية لا يكون فيها السلام حلما بعيدا، بل واقعا قابلا للتحقق.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات دراسات بین أفغانستان وباکستان حرکة طالبان باکستان الدراسة إلى أن بین البلدین

إقرأ أيضاً:

أطراف خفية وراء التوتر بين أفغانستان وباكستان

بينما كان العالم الإسلامي، بل والعالم أجمع، يتابع بقلق بالغ المجازر الجارية في غزة، ويحبس أنفاسه أملا في توقف هذه الحرب الإسرائيلية الإبادية، كانت بوادر حرب وشيكة تلوح في الأفق بين أفغانستان وباكستان.

وفي وقت يستوجب أقصى درجات اليقظة تجاه أي تطورات قد تحجب مأساة غزة وما يرتبط بها من قضايا إنسانية وسياسية، تبدو المواجهة المحتملة بين دولتين مسلمتين شقيقتين أمرا ذا دلالة بالغة.

تكتسب هذه التطورات مزيدا من الأهمية حين نتذكر التصريحات التي صدرت مؤخرا عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي قال فيها إن انسحابهم من قاعدة باغرام كان "خطأ"، وإنهم ينوون العودة، ليرد عليه وزير داخلية الإمارة الإسلامية، سراج الدين حقاني، بالقول: "إذا كانوا مستعدين لخوض حرب جديدة معنا تستمر عشرين عاما أخرى، فليأتوا وليجربوا".

وبعد هذه التصريحات بوقت قصير، وقعت التوترات بين أفغانستان وباكستان، وهو ما يعيد التذكير- مع الأسف – بمدى هشاشة توازنات العالم الإسلامي وقابليتها للاستهداف والتلاعب.

غير أن رحمة الله سبقت الانفجار، فتوجت الجهود الدبلوماسية سريعا باتفاق تم التوصل إليه في الدوحة بوساطة قطرية وتركية. وقد حمل الاتفاق توقيع رئيس جهاز الاستخبارات التركية، إبراهيم قالن، بتوجيه مباشر من رئيس الجمهورية التركية.

والصورة التي خرج بها مشهد التوقيع كانت بالفعل باعثة على الأمل والفخر، إذ أكدت من جديد الثقل التركي في حل الأزمات، جنبا إلى جنب مع القطري. وليس هذا الثقل نابعا فقط من رجاحة عقل سياسي، بل من قدرة حقيقية على منح الثقة للأطراف المختلفة، لما تحظى به تركيا من مكانة وهيبة على الصعيدين: الإسلامي، والدولي.

وقد أعلن أن التفاصيل الفنية للاتفاق ستناقش لاحقا في إسطنبول، بمشاركة نفس الأطراف، لاستكمال ما تم التوصل إليه في الدوحة.

إعلان

ولا بد من التذكير هنا أن توترات كادت أن تنفجر بين باكستان والهند في مايو/أيار الماضي، لكنها حُلت بسرعة، وقد أدت تركيا أيضا دورا مختلفا في تلك الأزمة. ومع ذلك، كانت تلك التسوية جزئية وعلى الأرجح مؤقتة، فالصراع بين الهند وباكستان متجذر في البنية التأسيسية لكلتيهما، ويتجاوز حدودهما الجغرافية، ولا يتعلق فقط بأسباب داخلية.

وفي التوتر الأخير بين أفغانستان وباكستان، لوحظت بوضوح ظلال دول كالهند، والولايات المتحدة، والكيان الصهيوني، كأطراف خفية حاضرة ومستعدة للانخراط عند الحاجة، وهو ما يثير القلق.

إن الواقع الطبيعي هو ألا يكون هناك ما يدعو إلى نزاع بين أفغانستان وباكستان؛ إذ إن القيم والمصالح والإمكانات المشتركة بينهما تفوق بكثير دوافع الصراع، وهي تدعو إلى تعاون وثيق يحقق مكاسب عظيمة للبلدين على حد سواء.

ومع اندلاع الأحداث في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول، كان وزير الخارجية الأفغاني، أمير خان متقي، يقوم بزيارة للهند بغرض تعزيز العلاقات الثنائية، ما أوحى للبعض بأن أفغانستان ترسل إشارة لباكستان من خلال التقارب مع الهند.

لكن السؤال هنا: أهذه الإشارة كانت مجرد انطباع، أم أنها بداية علاقة فعلية؟ من الجدير بالذكر أن حكومة طالبان، منذ توليها الحكم، تتبع نهجا دبلوماسيا متعدد الاتجاهات وسلميا، ساعية لنهضة البلاد وكسر طوق العزلة الدولية.

ففي وقت امتنعت فيه معظم الدول- حتى المجاورة لها – عن الاعتراف بها، كانت روسيا أول من بادر، وبدأت العلاقات معها تتعمق. وقد أعلنت الهند كذلك، في هذه الزيارة، نيتها رفع مستوى العلاقات إلى درجة التمثيل الدبلوماسي الكامل، بما يعني اعترافا فعليا بحكومة طالبان.

ولا بد من التأكيد هنا أن طالبان لا تسعى إلى هذا الاعتراف على حساب أي دولة أخرى، وبالأخص أي دولة مسلمة. ومن المصلحة العليا لجميع الدول الإسلامية أن تبادر إلى تطبيع علاقاتها مع أفغانستان في أقرب وقت، بما يحقق مصالحها الخاصة، ويمنع في الوقت نفسه طالبان من طرق أبواب خاطئة للخروج من مأزقها.

لقد كان انطباعي الأقوى، من خلال جميع لقاءاتي مع المسؤولين الأفغان، هو رغبتهم الصادقة في توسيع علاقاتهم السياسية والاقتصادية مع الدول الإسلامية، وعلى رأسها تركيا. وإن تأخر تركيا أو غيرها من الدول المسلمة عن مد الجسور، لا يمنحها أي حق في انتقاد طالبان إن هي سعت إلى علاقات مع قوى أخرى.

أما الخلاف مع باكستان، فمحوره الأساسي هو "حركة طالبان باكستان" (TTP) وعلاقتها بأفغانستان. فقد تأسست هذه الحركة عام 2007 في المناطق القبلية بشمال غرب باكستان، ولا سيما جنوب وزيرستان، بقيادة بيت الله محسود، أحد زعماء قبيلة محسود البشتونية. وكان محسود قد قاتل إلى جانب طالبان الأفغانية ضد الاحتلال الأميركي عام 2001، ثم قتل في غارة أميركية عام 2013، ليخلفه حكيم الله محسود، ثم المولوي فضل الله.

وتعود العلاقة بين طالبان الأفغانية وطالبان الباكستانية إلى انحدارهما من نفس المدرسة الديوبندية، وإلى الأغلبية البشتونية في كل منهما. (مع الإشارة إلى أن طالبان الأفغانية ليست حكرا على البشتون، بل كما ذكرنا سابقا، توجد تمثيلات واضحة لمختلف الأعراق في المناصب العليا، بنسبة تكاد تعكس ثقلها الديمغرافي).

إعلان

والواقع أن خط الحدود بين أفغانستان وباكستان يقسم شعوبا وقبائل تتشارك الثقافة والأصل واللغة، مثل البشتون والبلوش، وهو خط رسمه الاحتلال البريطاني في الحقبة الاستعمارية للهند، ولذلك فإن هذا الحد يفصل البلدين على الخريطة فقط، وليس على الأرض من حيث الواقع السكاني والثقافي. ولهذا السبب، اندمجت هذه المناطق فيما يشبه الوحدة خلال فترتي الاحتلالين: السوفياتي، والأميركي.

وخلال تلك الحقبة، قاتلت طالبان الباكستانية جنبا إلى جنب مع إخوتهم الأفغان الذين تشربوا نفس التعليم في ذات المدارس الدينية، ويتحدثون ذات اللغة وينهلون من ذات الثقافة. لكن بعد الحرب، أعلنت الإمارة الإسلامية موقفا واضحا وصريحا بعدم السماح باستخدام أراضيها ضد أي دولة أخرى، مركزة على بناء الداخل وتحقيق مصالحة شاملة، وصلت إلى حد إعلان عفو عام. وقد شكّلت هذه الخطوة تحولا فارقا في مسار الإمارة الإسلامية.

أما طالبان باكستان، فتأخذ موقفا عدائيا من حكومتها في إسلام آباد، متهمة إياها بالخيانة؛ بسبب علاقتها بالولايات المتحدة، وتبرر عملياتها ضد الدولة الباكستانية بهذه الحجة.

ومع أن باكستان تتهم طالبان الأفغانية بالتغاضي عن أنشطة طالبان باكستان داخل أراضيها، إلا أن الإمارة الإسلامية ترفض هذه الاتهامات، ولا تعترف بأي مسؤولية عنها.

وهكذا، فجوهر الخلاف واضح، وهو ليس من النوع الذي يستعصي على الحل بوساطة طرف ثالث، خاصة إذا كان هذا الطرف يتمتع بمكانة وجدانية وأخوية لدى الطرفين، كما هو الحال مع تركيا وقطر.

لقد باتت الأمة الإسلامية اليوم بحاجة ماسة إلى مزيد من الوحدة، وإلى تعزيز روح التضامن لمواجهة التحديات المشتركة. وما دامت الدولتان المسلمتان المعنيتان هنا تضعان الإسلام في عنوان كيانيَّتهما، فلا ينبغي أن تعجزا عن حل نزاع بينهما مهما بلغ تعقيده.

وربما يكون في هذه المحنة، فرصة خفية لا نراها، لتحويل الشر إلى خير، شريطة أن ندرك خطورة المشكلات المشتركة، ونوجه طاقتنا لحلها بوعي وإخلاص.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • كل ما تريد معرفته عن مشروع الروشتة الطبية الرقمية بهيئة الدواء (تفاصيل)
  • كل ما تريد معرفته عن حفل "كاسيت 90" المقبل.. الموعد والمكان
  • أفغانستان وباكستان يتوصلان لاتفاق في إسطنبول
  • بعد تحذيرها من حرب شاملة.. باكستان تزعم تحييد 25 مسلحا على الحدود الأفغانية
  • كل ما تريد معرفته عن مركز التنسيق الأميركي بشأن غزة
  • إغلاق المعابر مع باكستان يهدد صادرات الفواكه الأفغانية بالتلف
  • ترامب: سأتفرغ لحل الأزمة بين أفغانستان وباكستان
  • أطراف خفية وراء التوتر بين أفغانستان وباكستان
  • باكستان تحذر من حرب مفتوحة مع أفغانستان في هذه الحالة