كشف تقرير جديد أمام مجلس الأمن الدولي أن معدات عسكرية بريطانية تم العثور عليها على جبهات القتال في السودان، كانت تُستخدم من قبل قوات الدعم السريع (RSF)، وهي ميليشيا شبه عسكرية متهمة بارتكاب جرائم إبادة جماعية ضد المدنيين.

ويأتي هذا الكشف في وقت تشهد فيه السودان واحدة من أكبر الكوارث الإنسانية في العالم، إذ تجاوز عدد القتلى 150 ألف شخص، وأجبر النزاع أكثر من 12 مليون على الفرار من منازلهم، فيما يعاني نحو 25 مليون شخص من مجاعة حادة.



وتشير الوثائق، التي اطلع عليها مجلس الأمن، إلى العثور على أنظمة تدريب على الأسلحة الصغيرة ومحركات مصنعة في بريطانيا للمدرعات المستخدمة من قبل قوات الدعم السريع، ما أعاد تسليط الضوء على تصدير الأسلحة البريطانية للإمارات العربية المتحدة، التي اتُهمت مرارًا بدعم الميليشيات السودانية بالأسلحة.

الوثائق ودور الإمارات

تتضمن الوثائق، وفق تقرير لصحيفة "الغارديان" نشرته اليوم الثلاثاء، دفتريْن، بتاريخ يونيو 2024 ومارس 2025، أعدهما الجيش السوداني، وتزعم تقديمها دليلًا على دعم الإمارات لقوات الدعم السريع. وتشير إلى استمرار حكومة بريطانيا في منح تراخيص تصدير معدات عسكرية مماثلة للإمارات، رغم المخاطر المحتملة لاستخدامها في النزاع السوداني.

وتشمل المعدات محركات مخصصة لمدرعات Nimr Ajban المصنعة في الإمارات من قبل Edge Group، والتي أظهرت صور محركاتها أنها صُنعت في بريطانيا بواسطة شركة Cummins في يونيو 2016، أي بعد أن كانت الحكومة البريطانية على علم باستخدام هذه المدرعات في ليبيا واليمن بما يخالف قرارات حظر الأسلحة الأممية.

تراخيص التصدير البريطانية والأسلحة الصغيرة

تشير المعلومات الجديدة إلى أن بريطانيا منحت، بين يناير 2015 وسبتمبر 2024، 26 ترخيصًا دائمًا لتصدير أجهزة تدريب على الأسلحة الصغيرة، بما في ذلك منتجات شركة Militec، إلى الإمارات، دون الإفصاح عن تفاصيل الشركات المستفيدة لكل ترخيص.

وفي 27 سبتمبر 2024، أي بعد ثلاثة أشهر من تقديم مجلس الأمن صورًا تظهر استخدام معدات ML14 في السودان، منحت الحكومة البريطانية ترخيصًا فرديًا مفتوحًا للإمارات لنفس فئة المنتجات، وهو ما يتيح تصدير كميات غير محدودة دون رصد دقيق للوجهة النهائية.

مخاوف حقوقية ودعوات للتحقيق

ووفق تقرير "الغارديان" فقد أثار هذا الوضع قلق خبراء الأسلحة وحقوق الإنسان. وقال مايك لويس، باحث وعضو سابق في لجنة خبراء الأمم المتحدة المعنية بالسودان: "تلتزم بريطانيا بالقانون الدولي بعدم السماح بتصدير الأسلحة حيث يوجد خطر واضح من تحويلها أو استخدامها في جرائم دولية. كان يجب عدم إصدار هذه التراخيص، خصوصًا مع سجل الإمارات في تحويل الأسلحة لقوى تنتهك القانون الإنساني الدولي."

كما دعا عبدالله إدريس أبوغاردا، رئيس جمعية دارفور بالمهجر في بريطانيا، إلى فتح تحقيق عاجل: "يجب على المجتمع الدولي، بما فيه بريطانيا، التحقيق فورًا في كيفية وصول هذه المعدات، وضمان ألا تسهم التكنولوجيا أو الأسلحة البريطانية في معاناة المدنيين السودانيين."

موقف الشركات والسلطات البريطانية

من جانبها، قالت شركة Cummins إن جميع صادراتها خاضعة لتراخيص حكومية، وإنه لم يتم تحديد السودان كوجهة نهائية لأي معاملة عسكرية. وأكدت الشركة التزامها بالقوانين والسياسات الدولية، مع مراجعات دقيقة لأي صفقات دفاعية.

بدوره، أوضح متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية أن بريطانيا تمتلك أحد أكثر أنظمة مراقبة تصدير الأسلحة شفافية، وأن جميع التراخيص تُقيّم بناءً على خطر تحويل المعدات لمستخدمين غير مرغوب فيهم. وأضاف أن بعض التراخيص تُرفض بالفعل بسبب المخاطر المحتملة.

خلفية النزاع السوداني

بدأ النزاع بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني منذ أكثر من ثلاث سنوات، وشهد انتهاكات واسعة ضد المدنيين، بما في ذلك عمليات قتل جماعي وتهجير قسري. وتعد هذه الحرب من أكبر الأزمات الإنسانية المعاصرة، مع تضاعف الضحايا والنزوح ونقص الغذاء والمياه والخدمات الأساسية.

وتطرح هذه التطورات أسئلة كبيرة حول دور بريطانيا والإمارات في النزاع، واحتمالية مساهمة صادرات الأسلحة في تأجيج الصراع، خاصة في ظل شهادات وتقارير الأمم المتحدة المتكررة بشأن انتهاك الحظر على الأسلحة في مناطق النزاع.


المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية السودان بريطانيا الإمارات الحرب دور بريطانيا السودان الإمارات حرب دور المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قوات الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

مطالب دولية بحمايتهم.. «الدعم السريع» يقتل مدنيين في الفاشر

البلاد (الخرطوم)
تصاعدت حدة الأزمة الإنسانية في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور السودانية، بعد سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة، وسط اتهامات بتصفية العشرات من المدنيين على أساس عرقي ونهب المرافق الطبية.
ودعا حاكم إقليم دارفور، المتحالف مع الجيش السوداني، مني مناوي، أمس (الاثنين)، إلى “حماية المدنيين والإفصاح عن مصير النازحين وإجراء تحقيق مستقل في الانتهاكات والمجازر التي ارتكبتها قوات الدعم السريع بعيداً عن الأنظار”.
وأعلنت “شبكة أطباء السودان” أن قوات الدعم السريع أقدمت على “قتل مواطنين عُزّل” ونهبت المستشفيات والمرافق الطبية والصيدليات في المناطق التي اقتحمتها، مؤكدة أن “ما يحدث في الفاشر ضد المدنيين يرتقي للقتل الجماعي”، وأن أعداد الضحايا “تفوق العشرات” بسبب صعوبة الوصول إلى المناطق المنكوبة نتيجة الانفلات الأمني الكامل.
وحملت الشبكة قوات الدعم السريع المسؤولية الكاملة عن هذه الانتهاكات، مطالبة الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية والمجتمع الدولي بالتحرك الفوري والفعّال لوقف المجازر، وحماية المدنيين، ومحاسبة الجناة أمام العدالة الدولية.
وفي السياق نفسه، قالت “اللجنة الوطنية لفك الحصار عن الفاشر” إن “مليون شخص يواجهون الإعدام الجماعي”، مؤكدة أن “كل سبل الاتصال مقطوعة” مع السكان.
من جهته، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من “تصعيد مروع للنزاع” في الفاشر، مؤكداً أن “مستوى المعاناة التي نشهدها في السودان لا يمكن تحمله”.
وكانت قوات الدعم السريع قد أعلنت السيطرة الكاملة على الفاشر، وهي آخر مركز إداري رئيسي في دارفور لا يزال تحت سيطرة الجيش السوداني. وتجدر الإشارة إلى أن المدينة خضعت منذ عدة أشهر لحصار مكثف من قبل الدعم السريع، ما أدى إلى سقوط العديد من الضحايا وتفاقم الأزمة الإنسانية.
ويستمر السودان في غرقه بصراع مدمر بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع منذ أبريل 2023، والذي أودى بحياة عشرات الآلاف وشرد الملايين، مما أدى إلى أزمة إنسانية عميقة ومعقدة في مختلف أنحاء البلاد.

مقالات مشابهة

  • أطباء السودان: الدعم السريع اختطف 6 من الكوادر الطبية في الفاشر
  • مطالب دولية بحمايتهم.. «الدعم السريع» يقتل مدنيين في الفاشر
  • بريطانيا تبدي قلقها من تقدم الدعم السريع في الفاشر
  • مخاوف على المدنيين بعد إعلان قوات الدعم السريع سيطرتها على الفاشر غرب السودان
  • مخاوف على المدنيين بعد إعلان قوات الدعم السريع سيطرتها على الفاشر في غرب السودان
  • اتهامات للإمارات بتمويل قوات الدعم السريع لاقتحام مدينة الفاشر وتجويع سكانها
  • «الدعم السريع» تعلن السيطرة على الفاشر غربي السودان
  • السودان.. قوات الدعم السريع تعلن سيطرتها على مدينة الفاشر
  • الدعم السريع يُعرقل دخول المساعدات الإنسانية في غزة