حكم الدعاء على الميت الظالم وموقف الشرع من ذلك.. أمين الفتوى يوضح
تاريخ النشر: 29th, October 2025 GMT
تحدث الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، عن مسألة شغلت أذهان كثيرين تتعلق بالدعاء على الميت إذا كان ظالمًا، وذلك في رده على سؤال من إحدى المشاهدات وجهته له خلال لقاء تلفزيوني، حيث سألت قائلة: "هل يجوز أن أدعو على شخص توفي وكان قد ظلمني أو آذاني في حياته؟"
وأوضح الدكتور شلبي في رده أن الدعاء في أصله عبادة عظيمة، وهو مظهر من مظاهر التوجه الصادق إلى الله سبحانه وتعالى، يعبر فيه الإنسان عن ضعفه وحاجته إلى عون ربه، وأنه لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا إلا بإذن الله، مشيرًا إلى أن الله عز وجل أباح للمظلوم أن يدعو على من ظلمه، لكنه في الوقت ذاته حبب إلى عباده خلق العفو والتسامح، لما فيه من رفعة وفضل عند الله.
وبيّن أمين الفتوى أن الدعاء على الميت لا معنى له من الناحية الشرعية، لأن الميت قد انتقل من دار العمل إلى دار الجزاء، وأصبح حسابه عند الله وحده، فهو سبحانه العادل الذي لا يظلم أحدًا مثقال ذرة، وكل ما فعله الإنسان في حياته مسجل عليه في صحائف أعماله، وسيحاسبه الله عليه يوم القيامة.
وأضاف أن الميت لا يستفيد من الدعاء عليه، لأن الدعاء في هذه الحالة لا يغير من مصيره شيئًا، إذ صار أمره إلى ربه الذي يعلم سره وعلانيته.
وأكد الدكتور شلبي أن من الأفضل للمظلوم أن يترك أمر من ظلمه إلى الله تعالى دون أن يحمل في قلبه مشاعر الغضب أو الرغبة في الانتقام، لأن مثل هذه المشاعر تُتعب النفس ولا تنفع صاحبها، موضحًا أن اللجوء إلى الله بالدعاء بالهداية أو بالمغفرة أفضل من الدعاء بالعقوبة، خاصة بعد وفاة الظالم، لأن الله تعالى هو وحده الذي يعلم خفايا القلوب ونيات العباد.
كما أوضح أمين الفتوى أن الدعاء على الظالم في حياته جائز شرعًا إذا لم يَكُفّ عن ظلمه، لأن ذلك يدخل في باب رفع الظلم والدفاع عن النفس، أما بعد موته فلا معنى لهذا الدعاء، لأن الحساب قد انتقل من يد البشر إلى عدل الله المطلق، مؤكدًا أن المسلم حين يعفو أو يسامح يُثاب على ذلك أجرًا عظيمًا، وهو ما حث عليه القرآن الكريم في قوله تعالى: «فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ».
وأضاف أن درجات العفو تختلف بحسب حجم الأذى والظلم، فالعفو عن الإساءة البسيطة قد يكون يسيرًا، أما التسامح في ظلم كبير فهو دليل قوة نفسية وإيمان راسخ، مشيرًا إلى أن أقل درجات المسامحة أن يكفّ الإنسان عن التفكير فيمن ظلمه، وأن يقول بصدق: "حسبنا الله ونعم الوكيل"، فيفوّض أمره إلى الله الذي لا تضيع عنده الحقوق.
واختتم الدكتور محمود شلبي حديثه مؤكدًا أن من يختار طريق العفو ينال الطمأنينة وراحة البال، لأن الانتقام لا يجلب سوى القلق والاضطراب، أما التسليم لله فيجعل القلب أكثر صفاءً، ويقرب صاحبه من رضا الله وتقواه، داعيًا المظلومين إلى أن يطلبوا من الله العدل والسكينة لا الانتقام، لأن الله وحده يعلم المظلومين وينصفهم في الدنيا والآخرة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء محمود شلبي الدعاء على الميت العفو والتسامح فتاوى الناس الدعاء على المیت أمین الفتوى أن الدعاء إلى الله
إقرأ أيضاً:
لن يغفر الله لي.. أمين الإفتاء يحذر: هذا الشعور مدخل كبير للشيطان
أجاب الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى في دار الإفتاء، عن سؤال ورد سيدة تقول: "أنا عملت ذنب وتبت واستغفرت ربنا، بس بعد كده بحس إن ربنا مش راضي عني، هل ده من الشيطان؟".
أمين الإفتاء: الشيطان يُضعف يقين العبد في رحمة الله بعد توبتهوأوضح أمين الفتوى في دار الإفتاء، خلال تصريحات تلفزيونية، أن هذا الشعور هو مدخل كبير للشيطان، إذ يحاول أن يُضعف يقين العبد في رحمة الله بعد توبته، فيوسوس له قائلًا: "وما أدراك أن الله سيغفر لك؟"، أو "بعد ما فعلت كل هذا جئت الآن تتوب؟"، وهي مداخل شيطانية هدفها أن تُضيع على الإنسان حلاوة التوبة ولذة الرجوع إلى الله.
وأضاف أمين الفتوى في دار الإفتاء أن للتوبة طعمًا ومذاقًا خاصًا يشعر به العبد عند عبادته وذكره لله، لكن الشيطان لا يريد للإنسان أن يقترب من ربه، فيُدخله في دائرة اليأس والإحباط ليصرفه عن الطاعة.
وأشار أمين الفتوى في دار الإفتاء إلى أن بعض الناس من شياطين الإنس قد يرددون العبارات نفسها: "هو أنت بعد كل اللي عملته جاي تتوب دلوقتي؟"، مؤكدًا أن هذا أيضًا من مداخل الشيطان سواء من الجن أو الإنس.
وتابع أمين الإفتاء أن على الإنسان أن يكون على يقين بأن الله يقبل التوبة مهما بلغت الذنوب، مستشهدًا بحديث النبي ﷺ: "لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك"، مؤكدًا أن الله لا يرد من وقف ببابه نادمًا تائبًا.
هل يجوز فرض غرامة تأخير على الأقساط؟.. الإفتاء توضح الحكم الشرعي
الافتاء: الرشوة من الكبائر والمرتشي يحرم نفسه من نعمة استجابة الدعاء
حكم تشهير الزوجين ببعضهما بعد الطلاق.. دار الإفتاء توضح
الإفتاء توضح حكم مرافقة الابن البالغ 15 عاما لأمه في الحج كمحرم
وأشار أمين الإفتاء إلى أن الآية الكريمة: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا"، من أرجى آيات القرآن الكريم، لأن الله سبحانه بدأها بنداء لطيف: "يا عبادي"، فأدخل العاصي في زمرة عباده دون أن يعدد ذنوبه أو يفضحه، بل ستر عليه بقوله: "الذين أسرفوا على أنفسهم"، وجاء بعدها وعده المؤكد بالمغفرة والرحمة.
وأكد أمين الإفتاء أن هذه الآية تحمل بشريات عظيمة ولطفًا إلهيًا لا حدود له، داعيًا الجميع إلى عدم الإصغاء لوساوس الشيطان أو لكلام الناس، وأن يطرقوا باب ربهم تائبين راجين رحمته، قائلًا: "نسأل الله أن يرحمنا جميعًا ويقبل توبتنا، إنه هو الغفور الرحيم".