قبل اللقاء الأول المرتقب منذ ست سنوات بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ، عمل كبار المسئولين في واشنطن وبكين على وضع الخطوط العريضة لاتفاق تجاري جديد قد ينهي شهورًا من الاضطراب الاقتصادي العالمي الناتج عن الحرب التجارية المستعرة بين القوتين. الاجتماع، المقرر عقده اليوم الخميس على هامش قمة التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ في سيول، يُنظر إليه باعتباره فرصة نادرة لإعادة ضبط العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم بعد سنوات من التوتر والتصعيد المتبادل.

لم يجتمع الزعيمان وجهًا لوجه منذ عام 2019، وهي فترة شهدت سلسلة من الأزمات العالمية، أبرزها الحرب في أوكرانيا، وتصاعد القلق الأمريكي من التقدم التكنولوجي الصيني السريع، إضافة إلى الخلافات المزمنة حول الميزان التجاري المختل بين الجانبين. ومع عودة ترامب إلى البيت الأبيض مطلع هذا العام، أعادت واشنطن فتح ملفات اقتصادية واستراتيجية قديمة، لكنها الآن تحاول توجيهها نحو تفاهم جديد مع بكين.

وفي تصريح أدلى به ترامب للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية، أعرب عن تفاؤله قائلاً إن اللقاء المرتقب سيكون مثمرًا وأضاف: «أعتقد أننا سنعقد اجتماعًا عظيمًا مع الرئيس شي، وسيتم حل الكثير من المشكلات». لكنه أشار إلى أن موضوع تايوان قد لا يكون مطروحًا على الطاولة في هذه الجولة، قائلاً: «لا أعلم إن كنا سنتحدث عن تايوان أصلًا، لست متأكدًا، ربما يرغب في السؤال عنها، لكن تايوان هي تايوان».

تعد تايوان واحدة من أعقد القضايا بين البلدين، حيث تصر الصين على أنها جزء من أراضيها، وتؤكد استعدادها لاستخدام القوة لفرض ما تسميه «إعادة التوحيد». وخلال هذا الأسبوع، كررت وسائل الإعلام الرسمية الصينية رسائلها بشأن خطط بكين لتطبيق الحكم الصيني على الجزيرة. وبينما تعتبر الولايات المتحدة الحليف الأبرز لتايوان في مواجهة الضغوط الصينية، فإن مواقف ترامب المتقلبة أثارت قلق حلفائه ودفعته إدارته إلى إصدار تطمينات بأن واشنطن لن تتراجع عن التزاماتها الدفاعية تجاه تايبيه.

تتصدر المعادن النادرة جدول أعمال المحادثات، إذ تمثل محورًا استراتيجيًا حساسًا للطرفين. تسيطر الصين على نحو 70% من إنتاج المعادن الأرضية النادرة عالميًا وأكثر من 90% من طاقتها التصنيعية، وهي معادن تدخل في صناعة السيارات الكهربائية والأجهزة التكنولوجية والمعدات العسكرية الأمريكية. وفي وقت سابق من الشهر الجاري، شددت بكين قيودها على تصدير هذه المعادن متذرعةً بمخاوف الأمن القومي، وجاء القرار بعد أيام من توسيع واشنطن قيودها على تصدير تكنولوجيا أشباه الموصلات المتقدمة إلى الصين.

لكن محادثات تمهيدية جرت في كوالالمبور نهاية الأسبوع الماضي أظهرت مرونة نسبية، حيث وافقت الصين مبدئيًا على تأجيل القيود الجديدة لمدة عام، مقابل تجميد الولايات المتحدة قراراتها بشأن ضوابط تصدير الرقائق. ويرى مراقبون أن هذا التفاهم، إن تحقق رسميًا، سيمثل انتصارًا متبادلًا للطرفين، لكنه سيواجه معارضة قوية داخل واشنطن من قبل صقور الأمن القومي الذين يرون أن أي تنازل في ملف التكنولوجيا قد يضر بالأمن الأمريكي على المدى الطويل.

في المقابل، يحاول ترامب تنويع مصادر المعادن الأساسية عبر تحالفات جديدة، فقد وقع مع رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي اتفاقًا لتأمين سلاسل توريد المعادن النادرة وتطوير عمليات التعدين والمعالجة بين البلدين. وذكر البيت الأبيض أن الاتفاق يشمل خططًا لإنشاء مخزون استراتيجي من المعادن الحيوية. اليابان كانت قد واجهت أزمة مماثلة عام 2010 عندما هددت الصين بوقف تصدير المعادن النادرة إليها عقب حادث بحري في بحر الصين الشرقي، ما دفع طوكيو منذ ذلك الحين إلى خفض اعتمادها على الصين من 90% إلى 60%.

من جانب آخر، تتحرك بكين لتقليل اعتمادها الاقتصادي على الولايات المتحدة عبر تعزيز شراكاتها الإقليمية، فقد وقعت هذا الأسبوع تحديثًا لاتفاقية التجارة الحرة مع رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، التي أصبحت أكبر شريك تجاري للصين بإجمالي تبادل بلغ 771 مليار دولار العام الماضي، مقارنة بـ659 مليار دولار فقط في التجارة مع واشنطن.

وقالت بوني غلاسر، المديرة الإدارية لبرنامج المحيطين الهندي والهادئ في صندوق مارشال الألماني، إن كلاً من ترامب وشي يرى بلاده في موقف قوة، لكنهما يدركان في الوقت ذاته أن العودة إلى التصعيد الجمركي ستؤدي إلى نتائج كارثية على الاقتصاد العالمي. وأضافت أن ترامب «يتحدث بنبرة أكثر تصالحية من ذي قبل، بينما يشعر شي بالثقة في قدرته على التعامل مع نظيره الأمريكي في هذه المرحلة». بحسب الجارديان البريطانية.

ومن المتوقع أيضًا أن تشمل المحادثات قضايا جانبية مثل مكافحة تهريب الفنتانيل، الذي تراه واشنطن سببًا رئيسيًا في أزمة المخدرات لديها، إضافة إلى اللمسات الأخيرة على صفقة شركة «تيك توك» التي جرى التفاهم بشأنها مؤخرًا في مدريد.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: عمل كبار اب الاقتصادي

إقرأ أيضاً:

الصين تشعل حرب المعادن النادرة.. وأوروبا على حافة أزمة صناعة السيارات الكهربائية

يواجه العالم أزمة حقيقية مع تصاعد القيود الصينية على تصدير المعادن النادرة، تلك المواد الحيوية التي تعد أساس الصناعات الحديثة من السيارات الكهربائية إلى الطائرات المقاتلة وتوربينات الرياح.

تهيمن الصين على نحو 90% من السوق العالمي لهذه المعادن، مما حولتها إلى أداة ضغط اقتصادي مؤثرة، ما وضع أوروبا والولايات المتحدة أمام اختبار صعب لتأمين بدائل مستقلة.

أرخص 5 سيارات صينية في مصر بالأسعار والمواصفاتهل تشتري سيارة الآن أم تنتظر لنهاية العام؟.. خبير يكشف وضع السوقإيهما تفضل.. شيرى تيجو 7 برو ماكس ام جيتور داشينج 2026مواصفات أوبل كورسا 2026 الهاتشباك .. تعرف عليها

وفي محاولة للرد، افتتحت أوروبا في سبتمبر أكبر مصنع لإنتاج المغناطيسات الدائمة بمدينة نارفا الإستونية، تديره شركة "نيو بيرفورمانس ماتريالز" الكندية بتمويل أوروبي قيمته 14.5 مليون يورو. 

يهدف المصنع إلى إنتاج ما بين 2000 إلى 5000 طن سنويا لدعم صناعات الطاقة النظيفة، لكنه يظل خطوة محدودة أمام السيطرة الصينية شبه الكاملة على السوق.

في المقابل أعلنت بكين في 9 أكتوبر تشديد الرقابة على تصدير 12 نوعا من المعادن النادرة اعتبارا من 8 نوفمبر المقبل، مع رفض أي طلبات تخص الصناعات الدفاعية، ما تسبب في اضطراب واسع داخل سلاسل التوريد العالمية.

ورد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالتهديد بفرض رسوم إضافية تصل إلى 100% على الواردات الصينية، قبل أن يعلن وزير الخزانة سكوت بيسينت أن بكين قررت تأجيل إجراءاتها لعام كامل، مما خفف من التوتر مؤقتا.

وتشير تقارير إلى أن الصين تسيطر على 60% من الإنتاج العالمي و90% من عمليات التكرير و98% من المغناطيسات المستخدمة في أوروبا، فيما يتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على هذه المعادن بنسبة تصل إلى 60% خلال 15 عاما.

فكل سيارة كهربائية تحتاج إلى كيلوجرام من المغناطيسات، وتوربينة الرياح البحرية إلى نحو 6 أطنان منها، ما يجعل هذه العناصر الصغيرة الوقود الحقيقي للتكنولوجيا الحديثة وسلاح الصين الأقوى في سباق السيطرة على المستقبل الصناعي.

طباعة شارك المعادن النادرة القيود الصينية السيارات الكهربائية السوق العالمي مصنع لإنتاج المغناطيسات

مقالات مشابهة

  • واشنطن وبكين تقتربان من اتفاق تجاري لتثبيت هدنة الرسوم
  • الجارديان: محادثات ترامب وشي ربما تنهي شهورا من الفوضى الاقتصادية العالمية
  • الصين تشعل حرب المعادن النادرة.. وأوروبا على حافة أزمة صناعة السيارات الكهربائية
  • واشنطن وطوكيو توقعان اتفاقيتين لتعزيز التعاون في المعادن النادرة
  • واشنطن وطوكيو توقعان اتفاقا بشأن المعادن النادرة ورغبة يابانية بترشيح ترامب لنوبل
  • واشنطن وطوكيو توقّعان اتفاقية بشأن المعادن النادرة
  • ارتفاع القروض الخضراء الجديدة في الصين إلى 912 مليار دولار
  • محمد كركوتي يكتب: الصين وأوروبا.. التوتر مستمر
  • وزير الخزانة الأميركي يشير إلى اتفاق مع الصين حول المعادن النادرة وفول الصويا