واشنطن وبكين تقتربان من اتفاق تجاري لتثبيت هدنة الرسوم

تتحرك الولايات المتحدة والصين نحو صياغة إطار تفاوضي جديد يهدف إلى تثبيت هدنة الرسوم الجمركية وفتح مسار لمعالجة القضايا العالقة منذ اتفاق المرحلة الأولى الموقع عام 2020 وسط ضغوط متبادلة تشمل الرسوم والقيود على المعادن النادرة وسلاسل التوريد عالية التقنية.

وذكرت وكالة “رويترز” أن المحادثات الأخيرة بين الجانبين كشفت عن محاولات لوضع ترتيبات عملية تسبق قمة مرتقبة تجمع الرئيسين في كوريا الجنوبية حيث تلوح واشنطن بإمكانية رفع الرسوم على السلع الصينية حتى 100 بالمئة في حال تعثر المسار، إلى جانب توقعات بتأجيل صيني لقيود صادرات المعادن النادرة في خطوة تمهيدية لبلورة الإطار الجديد.

وأعلنت الصين أن وفدي البلدين توصلا إلى اتفاق أولي خلال محادثات استمرت يومين في كوالالمبور وانتهت في 26 تشرين الأول/أكتوبر بقيادة نائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفنغ وبمشاركة وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت وممثل التجارة الأميركية جيمسون غرير بحسب ما أوردته وكالة “شينخوا” ووسائل الإعلام الصينية الرسمية.

ووصفت وكالة "شينخوا" الصينية الرسمية، الأجواء بأنها بناءة، مشيرة إلى أن هذه التوافقات تستهدف، بحسب التقارير، وضع ترتيبات لمعالجة ملفات التقييد التصديري والرسوم والعقوبات التقنية والإجراءات التنفيذية ذات الصلة.

تأجيل تطبيق القيود
من جانبها، أفادت صحيفة "فاينانشيال تايمز" بأن واشنطن تتوقع من بكين تأجيل تطبيق قيود على صادرات المعادن النادرة في إطار تمهيدي يجري حالياً التحضير له، تمهيداً لعرضه خلال اللقاء المرتقب بين الرئيسين.

وأضافت أن هذه الخطوة تأتي في سياق مسعى للحفاظ على هدنة الرسوم التي جرى تمديدها مؤقتاً خلال الصيف، بينما يُبحث أيضاً عن تسوية أوسع قد تشمل الرقائق، والطاقة النظيفة، وسلاسل الإمداد.

تحقيق أمريكي جديد
وفتح مكتب الممثل التجاري الأمريكي USTR تحقيقا جديدا بموجب القسم 301 بشأن امتثال الصين لاتفاق المرحلة الأولى الموقع عام 2020 مع التركيز على ملفات الملكية الفكرية ونقل التكنولوجيا والزراعة والخدمات المالية.

وأشارت إلى أن التحقيق يأتي قبل أيام من استئناف المفاوضات حول المعادن النادرة ما يعزز الضغط الأمريكي فيما تؤكد الصين أن تداعيات جائحة كورونا عطلت تنفيذ التزامات المشتريات المقررة للعامين 2020 و2021.

تهديدات برسوم مضاعفة
وألمح البيت الأبيض إلى احتمال رفع الرسوم حتى 100 بالمئة على سلع صينية معينة إذا لم تترجم التوافقات إلى التزامات قابلة للقياس فيما تتابع الأسواق العالمية التطورات بترقب،
وتشير تقارير اقتصادية إلى حالة ارتياح في وول ستريت عقب أنباء التقارب المحتمل بين الطرفين.

وفي ذات السياق، تركز المفاوضات على المعادن النادرة والمغناطيس فائقة الأهمية للصناعات الدفاعية والإلكترونية والسيارات الكهربائية، وذكرت “فاينانشيال تايمز” أن محادثات ماليزيا حملت إشارات إلى تأجيل صيني محتمل لتطبيق القيود التصديرية مما يمنح المفاوضين وقتا إضافيا لصياغة الإطار النهائي.

في المقابل، تواصل الولايات المتحدة تشديد الرقابة على التكنولوجيا الحساسة وشبكات النقل واللوجستيات ضمن ما تم التطرّق إليها ضمن مناقشات القسم 301.

قمة تربط الاقتصاد بالأمن
تركز القمة المرتقبة بين الرئيسين في كوريا الجنوبية على الأمن الاقتصادي والقيود التقنية، ضمن مقاربة تسعى إلى فك ارتباط خطر وليس الانفصال التام، بحسب محلّلين، كما أن لقاء كوالالمبور مثّل مرحلة تمهيدية تهدف إلى منع انزلاق العلاقات نحو حرب رسوم شاملة.

وكان الطرفان قد عقدا سابقاً محادثات في ستوكهولم خلال يوليو، التي أبقت هدنة الرسوم قائمة مؤقتاً دون تحقيق اختراق نهائي.

السردية الأمريكية
تؤكد واشنطن وفق تقارير “رويترز” و“فاينانشيال تايمز” على أهمية التطبيق الصارم ومراجعة الالتزامات بشكل مرحلي وتربط أي انفراج ملموس بآليات واضحة لتقليل المخاطر في سلاسل التوريد الحيوية خصوصا في قطاعات أشباه الموصلات والمعادن النادرة والبنى التحتية الرقمية.

ولفتت “رويترز” إلى أن واشنطن ترى أن الصين أخلت ببنود المشتريات التي كانت أساسية في اتفاق المرحلة الأولى، فيما تعتبر بكين أن الجائحة هي السبب المباشر في هذا الإخلال، كما ترى أن أي اتفاق جديد سيحتاج إلى تعديل بنود المرحلة الأولى أو إنشاء إطار محدث يركز على قواعد المنافسة العادلة بدلا من الأهداف الكمية.

ما بعد القمة
ترجح “رويترز” و“فاينانشيال تايمز” ثلاثة سيناريوهات بعد القمة أولها تثبيت إطار مرحلي يمدد هدنة الرسوم ويؤسس لمراجعات دورية حول المعادن النادرة والرقائق، ثانيها تشدد متبادل قد يؤدي إلى رفع الرسوم إذا تعثر التنفيذ، وثالثها مقايضة محدودة تشمل ملفا واحدا مثل مكونات البطاريات مقابل تخفيف جزئي في أحد الإجراءات الأمريكية.

كما أن جولة كوالالمبور جاءت بترتيب دقيق قبل القمة ووسط تصاعد التوجهات المتشددة في واشنطن ما أتاح للطرفين إظهار مرونة تفاوضية دون تكاليف سياسية داخلية فورية في ظل توقعات إيجابية حذرة من الأسواق.

 تشير وسائل الإعلام إلى أن الإطار الجاري بحثه يشمل تمديد تعليق الرسوم المتبادلة لفترة إضافية ومقايضات حول قيود المعادن النادرة وتحديد نطاق استخدامها وآليات شفافية لمراقبة الدعم الحكومي في الصناعات النظيفة، إضافة إلى ترتيبات لوجستية وبحرية تتعلق بسلاسل الشحن.

المصدر: عربي21