الجزيرة:
2025-11-01@09:34:14 GMT

ترامب والبنتاغون والصحافة.. العلاقة الملغومة

تاريخ النشر: 1st, November 2025 GMT

ترامب والبنتاغون والصحافة.. العلاقة الملغومة

أصبحت العلاقة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ووسائل الإعلام، إشكالية بشكل واضح ومثارا للكثير من الجدل، حيث انتقلت من الهجمات الخطابية والاتهامات في ولايته الأولى (2017 -2021) إلى إجراءات ملموسة مؤسسة وقانونية في ولايته الثانية التي بدأت في 2025.

ففي ولايته الأولى، كان ترامب يصف الإعلام بأنه عدو المجتمع الأميركي، ولكن مع ولايته الحالية استهدف مؤسسات إعلامية بشكل ممنهج مثل "سي إن إن" ونيويورك تايمز، وأقصى أخرى من الدخول إلى مقر وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) مثل وكالة أسوشيتد برس، وبدأ في التحقيق مع شبكات إعلامية أخرى.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أبرز ما نشرته مراكز الدراسات والأبحاث في أسبوعlist 2 of 2هل انطلقت الموجة الثانية من الانتشار النووي؟end of list

وحول تقييم حرية الصحافة الأميركية في زمن ترامب، ومسار التصعيد والمواجهة، نشر مركز الدراسات الأميركية والعربية دراسة تحمل عنوان "البنتاغون تقيّد حرية الصحافة.. تصعيد ومواجهة" من إعداد الباحثين منذر سليمان وجعفر الجعفري.

وتطرقت الدراسة إلى مسار الأزمة بين الرئيس الأميركي ووسائل الإعلام، وتراجع حرية الصحافة في الولايات المتحدة الأميركية، ومستقبل التغطية في ظل هذه الظروف.

حرية الصحافة ومستقبلها في الولايات المتحدة

الإستراتيجية الجديدة للرئيس ترامب في ولايته الثانية كان لها تأثير ملموس على التصنيف العالمي لحرية الصحافة في الولايات المتحدة الأميركية. فقد أشارت تقارير منظمة "مراسلون بلا حدود" إلى تراجع الولايات المتحدة إلى المركز الـ57 في مؤشر حرية الصحافة العالمي لعام 2025، ليتم تصنيف وضعها للمرة الأولى على أنه "إشكالي" وليس "مرْضيا".

وفي ظل هذا المسار، يبدو أن علاقة ترامب مع الصحافة تتجه نحو مزيد من التصعيد، إذ لم يعد الإشكال مجرد خلاف سياسي، بل تحوّل إلى اختبار حقيقي للضمانات الدستورية التي تحمي حرية الصحافة في أميركا.

ففي الأسابيع الأخيرة، تأزمت العلاقة بين الصحافة والبنتاغون بشكل غير مسبوق، بعد أن فرض وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث قيودا جديدة تطلب من الإعلاميين التوقيع على تعهد بعدم نشر أي معلومات من دون موافقة مسبقة من الوزارة.

إعلان

وقد واجهت هذه القيود رفضا قويا من قبل معظم وسائل الإعلام الأميركية الكبرى، مما دفع بالعديد منها إلى عدم التوقيع وخسارة تصاريح الدخول إلى مقر البنتاغون.

وقد يعكس التعامل الأخير بين البنتاغون ووسائل الإعلام مشهدا جديدا يتميز بالتالي:

1 – تقلّص حاد في الشفافية: لأن خروج عدد كبير من المراسلين الرئيسيين من البنتاغون، سيضعف القدرة على مراقبة ومحاسبة أكبر مؤسسة عسكرية في البلاد.

2 – وجود صحافتين: إحداهما رسمية تمثلها الوسائل الموالية التي وقّعت على التعهد، وأخرى مستقلة ترفض هذه القيود وتغطي الشؤون العسكرية من خارج أسوار البنتاغون.

3 – معركة قانونية محتملة: إذ لا تزال المؤسسات الإعلامية تدرس التحديات القانونية، وقد ينتهي الأمر بهذه القضية إلى المحاكم للبتّ في تقويض مساحة حريتها المهنية.

قيود وانتهاكات دستورية محتملة

السياسة الجديدة التي تبناها هيغسيث في تنظيم الحقل الإعلامي داخل البنتاغون تتلخص أبرز بنودها في ما يلي:

الموافقة المسبقة على النشر: يشترط التعهد أن يحصل الصحفي على موافقة مسؤول في البنتاغون قبل نشر أي معلومات، حتى لو كانت غير مصنفة كأسرار رسمية. تقييد حرية الحركة: لم يعد مسموحا للصحفيين بالتجوّل بحرية في أروقة البنتاغون، وأصبح وجودهم مقصورا على مناطق محددة مع ضرورة وجود مرافق رسمي في كثير من الأحيان. عواقب الرفض أو المخالفة: يؤدي رفض التوقيع على التعهد أو مخالفة شروطه إلى سحب التصريح الممنوح ومنع الصحفي من دخول المبنى.

ويرى خبراء وناشطون في المجال أن هذه السياسة تتعارض مع الدستور الأميركي الذي يضمن حرية الصحافة وحرية التعبير، بينما يُعتبر اشتراط الحصول على موافقة حكومية مسبقة على نشر المعلومات شكلا من أشكال الرقابة القبلية، وهو من أخطر أشكال انتهاك حرية التعبير.

كما أن هذه السياسة تتعارض مع حق الجمهور في الوصول إلى المعرفة، والحصول على تقارير مستقلة عن المؤسسة العسكرية التي تُموّل من أموال دافعي الضرائب، وهو ما يقوض الشفافية والمساءلة.

ولهذه الأسباب، أعلنت غالبية وسائل الإعلام رفضا جماعيا للتوقيع على الشروط الجديدة ووصفتها بأنها غير مسبوقة ومهينة، كما اعتبرت منظمات حقوقية مثل "لجنة المراسلين من أجل حرية الصحافة"، أنه يمكن استغلالها "لإسكات التقارير المستقلة".

تهديد حرية الصحافة

تؤثّر القيود الجديدة التي فرضها البنتاغون بشكل مباشر وسلبي على نوعية التغطية الإخبارية، حيث تقوّض قدرة الصحفيين على أداء دورهم الأساسي في مراقبة السلطة وإطلاع الجمهور على المعلومات الدقيقة.

والواضح أن الإجراءات التي يتخذها هيغسيث تقع في منطقة رمادية قانونيا وتواجه معارضة شرسة، إذ  يُتوقع أن يكون مصيرها النهائي رهنا بما ستسفر عنه أي معركة قضائية محتملة، حيث أشارت تقارير إلى أن وسائل الإعلام الكبرى تستعد لخوض معركة قانونية ضد سياسة البنتاغون، وهو ما قد يدفع القضاء الأميركي للبتّ في مطابقتها للدستور.

وتزداد المخاوف من أنه إذا نجحت هذه السياسة، فقد يتم تطبيق نموذج مشابه في قطاعات حكومية أخرى، مما يقوّض قدرة الصحافة على مراقبة عمل الحكومة بشكل أوسع.

ثم إن الأهم أن هذه الإجراءات تتعارض مع المبادئ الأساسية للصحافة المستقلة التي تؤكد الدراسات الأكاديمية أهميتها، حيث إن الكثير من الشروط التي وضعتها الإدارة الجديدة لدخول الصحفيين إلى البنتاغون تمنعهم من أداء دورهم الرقابي على عمل المؤسسات الحكومية المموّلة من أموال دافعي الضرائب، وهو ما يحرم الجمهور من حقّه في المعرفة ويضعف المساءلة العامة، كما أن ذلك ينعكس سلبا على الشفافية والمساءلة.

إعلان

وبالإضافة إلى ذلك، فإن طرد وسائل إعلام معيّنة وتفضيل أخرى موالية يؤدي إلى خلق بيئة إعلامية غير متوازنة، لا يعكس فيها المحتوى الإخباري سوى رواية واحدة، مما يضر بقدرة الجمهور على تكوين آراء مستنيرة.

مستقبل التغطية في ظل هذه القيود

رغم هذه التحديات، أعلنت المؤسسات الإعلامية الكبرى عزمها على مواصلة التغطية باستخدام إستراتيجيات بديلة، والتمسك بمبادئ الصحافة الحرة والمستقلة، وقد يشهد المستقبل اتجاهين متوازيين:

1- تعزيز الصحافة الاستقصائية: قد تزيد الوسائل الإعلامية من اعتمادها على التحقيقات الخارجية والتعاون مع مصادر داخلية للتعويض عن ضعف الوصول المباشر.

2- اللجوء إلى القضاء: من المحتمل أن تتصاعد التحديات القانونية لهذه السياسات، حيث تستعد بعض الوسائل لخوض معركة قضائية للطعن في دستوريتها.

وأشارت الدراسة إلى أن هذه القيود قد تدفع نوعية التغطية الإخبارية نحو مزيد من السطحية والتبعية للرواية الرسمية، مما يحول دون حصول الجمهور على تقارير شفافة ودقيقة ومستقلة حول شؤون الدفاع والأمن القومي التي تهم المصلحة العامة.

وفي السياق، رفضت معظم وسائل الإعلام الأميركية الكبرى التوقيع على وثيقة القيود الجديدة التي فرضها البنتاغون على الصحفيين، ومن أبرز الرافضين لها نيويورك تايمز وواشنطن بوست ووول ستريت جورنال وسي إن إن.

ومقابل هذا الرفض، وقّعت على الوثيقة قناة "ون أميركا نيوز"، وهي  قناة إخبارية معروفة بمواقفها المؤيدة للرئيس ترامب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات دراسات وسائل الإعلام حریة الصحافة هذه القیود فی ولایته أن هذه

إقرأ أيضاً:

البيت الأبيض يقيد وصول الصحفيين إلى منطقة الصحافة

فرض تنظيم جديد أصدره البيت الأبيض يوم الجمعة قيوداً على وصول الصحفيين إلى جزء من منطقة الصحافة، بما في ذلك مكتب المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، وتطلب من الصحفيين تحديد مواعيد للزيارات.
وفي السابق، كان الصحفيون المعتمدون يتحركون بحرية في قسم الصحافة.
وقال البيت الأبيض إن هذه الإجراءات ضرورية لأن المنطقة تستخدم أيضا لاتصالات مجلس الأمن القومي وقد تحتوي على وثائق سرية.
وانتقدت جمعية مراسلي البيت الأبيض، التي تمثل الصحفيين الذين يغطون البيت الأبيض، التغييرات، قائلة إنها تمنع المراسلين من استجواب المسؤولين وتقلل من الشفافية.
وتأتي هذه الخطوة وسط علاقات متوترة بين البيت الأبيض ووسائل الإعلام في الولاية الثانية للرئيس الأميركي دونالد ترامب.
واتهمت ليفيت الصحافة كثيراً بالتحيز وبتقديم تغطية غير نزيهة عن الرئيس. واقترح ترامب قبل أسابيع إمكانية نقل ممثلي وسائل الإعلام من البيت الأبيض إلى مبنى حكومي قريب.
وفي الآونة الأخيرة، قامت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) أيضا بتشديد قواعد وصول الصحفيين.

أخبار ذات صلة واشنطن تعد خطة لتشكيل قوة دولية لنشرها في غزة ترامب: واشنطن وبكين ستعملان لإنهاء حرب أوكرانيا المصدر: د ب أ

مقالات مشابهة

  • ترامب يمنع الصحفيين من دخول “منطقة الصحافة العليا” بالبيت الأبيض
  • البيت الأبيض يحد من حرية دخول المراسلين إلى مكتبه الإعلامي
  • البنتاغون يمنح ترامب الضوء الأخضر لتزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك
  • البيت الأبيض يقيد وصول الصحفيين إلى منطقة الصحافة
  • البنتاغون يمنح أوكرانيا صواريخ "توماهوك".. والقرار بيد ترامب
  • ترامب يأمر البنتاغون باستئناف تجارب الأسلحة النووية فورا
  • ترامب يأمر البنتاغون باستئناف تجارب الأسلحة النووية
  • غارديان: على خطى المجر.. هكذا سقط الإعلام الأميركي في أيدي حلفاء ترامب
  • حماية الصحفيين الفلسطينيين يثمن الحراك العالمي المتصاعد دفاعا عن حرية الصحافة