المسلة:
2025-11-03@03:05:46 GMT

خسائر العراق من الأزمة المائية

تاريخ النشر: 2nd, November 2025 GMT

خسائر العراق من الأزمة المائية

2 نونبر، 2025

بغداد/المسلة: أطلق المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان، الاحد، تحذيرًا شديد اللهجة بشأن تفاقم ظاهرة “القحط المائي والجفاف” التي تضرب مختلف مناطق العراق، وتداعياتها الخطيرة على الأمن الغذائي والاقتصادي والاجتماعي والبيئي في البلاد.

وأشار المركز في بيان ورد لـ المسلة، إلى أن العراق يمر بأخطر موجة شح مائي منذ أكثر من عقدين، نتيجة تراجع معدلات الأمطار بنسبة تتجاوز 60% عن معدلاتها السنوية المعتادة، إلى جانب انخفاض كميات المياه الواردة من نهري دجلة والفرات بأكثر من 50% مقارنة بالأعوام السابقة، بحسب تقارير وزارتي الموارد المائية والبيئة.

وأكد أن هذا التراجع الحاد ناجم عن التغيرات المناخية العالمية وسياسات دول المنبع المائية، إضافة إلى ضعف البنية التحتية المائية في العراق، ما أدى إلى تقلص المساحات الزراعية وازدياد التصحر في مناطق واسعة من البلاد.

وبيّن المركز أن القطاع الزراعي يعدّ المتضرر الأكبر من القحط المائي، حيث انخفضت المساحات المزروعة بأكثر من 70% خلال السنوات الثلاث الأخيرة، مما أدى إلى تراجع إنتاج القمح والشعير بنسبة تقارب 60%، بحسب بيانات وزارة الزراعة.

كما أشار إلى أن العديد من المزارعين اضطروا إلى ترك أراضيهم الزراعية نتيجة نقص المياه وارتفاع كلفة الري، مما تسبب في خسائر اقتصادية جسيمة وتهديد مباشر للأمن الغذائي الوطني.

وحذّر من أن الثروة الحيوانية تواجه خطرًا حقيقيًا، إذ تشير الإحصاءات إلى نفوق أكثر من 30% من قطعان الأغنام والأبقار والجاموس في بعض المحافظات الجنوبية، بسبب شح المياه وجفاف المراعي الطبيعية.ً كما سجلت محافظات مثل المثنى وذي قار والأنبار أعلى نسب الهلاك الحيواني، فيما اضطر عدد كبير من المربين إلى بيع قطعانهم بأسعار زهيدة أو النزوح إلى مناطق أكثر رطوبة بحثًا عن مصادر للمياه.

وأضاف البيان، انه لم تقتصر آثار القحط المائي على الزراعة والمواشي فحسب، بل امتدت إلى الثروة السمكية التي تشهد انهيارًا غير مسبوق. فقد تراجعت إنتاجية الأسماك في الأحواض والمسطحات المائية بنسبة تفوق 50%، وانخفضت مساحات الأهوار العراقية المغذية للثروة السمكية إلى أقل من 30% من مساحتها الأصلية، ما أدى إلى نفوق ملايين الأسماك المحلية في محافظات مثل ذي قار والبصرة وميسان.

ولفت إلى أن أكثر من 15 ألف صياد فقدوا مصدر رزقهم المباشر نتيجة الجفاف وانخفاض مستويات المياه في الأنهار والأهوار، محذرًا من أن استمرار الأزمة سيؤدي إلى انقراض أنواع محلية من الأسماك مثل الكطان والبني والحمري التي تعد رمزًا بيئيًا وثقافيًا للجنوب العراقي.

وأوضح المركز أن الهجرة المناخية الداخلية أصبحت أحد أخطر تداعيات الجفاف، إذ تشير التقديرات إلى نزوح أكثر من 130 ألف شخص من محافظات الجنوب والوسط باتجاه المدن الكبرى خلال العامين الماضيين، بحثًا عن فرص عمل أو مصادر معيشية بديلة.

كما حذّر من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى تحولات ديموغرافية خطيرة وازدياد الضغط على المدن الحضرية التي تعاني أصلًا من ضعف الخدمات والبنى التحتية، مؤكداً أن أزمة القحط المائي لا تقتصر على البعد الاقتصادي، بل تمتد إلى أبعاد بيئية وإنسانية خطيرة، أبرزها ازدياد التصحر الذي يهدد أكثر من 39% من الأراضي الزراعية، وارتفاع معدلات العواصف الترابية إلى أكثر من 250 يومًا في السنة، مما يؤثر سلبًا على الصحة العامة ويزيد من معدلات الأمراض التنفسية، فضلاً عن تفاقم التلوث البيئي وتدهور جودة الهواء والمياه.

ودعا المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان، الحكومة العراقية إلى اعتماد رؤية وطنية شاملة لإدارة الموارد المائية ترتكز على مبادئ العدالة والاستدامة، من خلال تعزيز المفاوضات الدبلوماسية مع دول الجوار لضمان الحصص المائية العادلة، وتطوير مشاريع تحلية المياه وإعادة استخدام المياه المعالجة في الزراعة والصناعة.

وشدد على ضرورة تبني سياسات زراعية حديثة تعتمد على الري بالتنقيط والزراعة الذكية لتقليل الهدر المائي، إلى جانب تفعيل برامج دعم المزارعين ومربي الثروة الحيوانية والسمكية من خلال تعويضات مالية عاجلة وخطط إحياء للقرى المتضررة.

وفي ختام بيانه، أكد المركز أن مواجهة القحط المائي تتطلب تعاونًا حكوميًا ومجتمعيًا متكاملاً، ومشاركة فاعلة من مؤسسات الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص في إدارة الأزمة، مع تعزيز التوعية المجتمعية حول ترشيد استهلاك المياه ومواجهة آثار التغير المناخي.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: أکثر من

إقرأ أيضاً:

سافايا ومعادلة السلطة والسلاح

2 نونبر، 2025

بغداد/المسلة:

ليث شبر

بلا أدنى شك فإن تعيين مارك سافايا مبعوثًا خاصًا للرئيس ترامب إلى العراق هو إعلان عن مرحلة جديدة في إعادة تعريف العلاقة مع بغداد مهما تشعب النقاش واختلفت الآراء.

والأساس هو ملف السلاح خارج إطار الدولة الذي لم يعد تفصيلًا أمنيًا فحسب، بل تحوّل إلى معيار يُقاس عليه شكل الدولة العراقية وموقعها في النظام الدولي.

سافايا يحمل خطابًا واضحًا: القوة لا تُدار في العراق عبر التسويات الرمادية، بل عبر استعادة احتكار الدولة للسلاح.

وهذه الرسالة ليست أمنية فقط، بل سياسية عميقة، تعيد وضع العراق أمام سؤال وجودي:

هل نحن دولة تحتكر أدوات القوة؟
أم مساحة مفتوحة أمام قوى متوازية تصنع قرارها الخاص وتتعامل مع العالم على حساب الدولة؟

لكن المعادلة ليست ثنائية بين واشنطن والفصائل.

القضية أعمق: إنها أزمة غياب مركز القرار العراقي.

فالدول التي تفقد مركزها تتحول إلى ساحة نفوذ.

والعراق اليوم ليس موضوع نقاش عن “سلاح خارج الدولة” فقط، بل موضوع نقاش عن “دولة خارج مركزها”. فالدولة التي لا تحتكر قرارها لا تستطيع أن تحتكر بندقية واحدة. وفي ظل هذا الغياب، يصبح كل فاعل خارجي أو داخلي قادرًا على تحريك الموازين، لأن العراق لم ينجح حتى الآن في إنتاج عقل دولة يحسم النزاع من الداخل.

وكل محاولة لإدخال السلاح تحت سلطة القانون ستبقى ناقصة، ما لم تسبقها إعادة بناء شرعية الدولة عبر العدالة، والإدارة، والاقتصاد، والثقة.

وهنا تكون المعالجة أمنية وسياسية واقتصادية في آن واحد.

سافايا جاء لأن أمريكا اكتشفت أنّ العراق لم يعد يملك “عقدة القرار”.
وواشنطن تريد أن تعرف: من يمسك بمفتاح الدولة؟ ومن يمسك بمفتاح الرصاص؟

فإذا كانت الدولة لا تمسك بمفتاحها، فسيمسك به الآخرون: مرة تحت عنوان المقاومة، ومرة تحت عنوان الحماية، ومرة تحت عنوان التوازن الإقليمي.

المشكلة ليست بالأسماء. المشكلة هي الفراغ.

وبغض النظر عن موقفكم من ترامب أو ممثله فإننا هنا أمام فرصة تاريخية، لا أمام تهديد فقط.
فإذا تعامل العراق مع هذه اللحظة بمنطق مشروع دولة، يمكن تحويل ضغط الخارج إلى رافعة لإصلاح الداخل.

ولحظة سافايا ليست ساحة تخويف أو تبشير، بل لحظة فرز:
من مع دولة متحدة قوية؟
ومن مع استمرار تعدد القوى؟

وهذا الفرز لا يُحسم في الإعلام ولا في البرلمان ولا في التصريحات الموسمية، بل يُحسم في إعادة تعريف السلطة نفسها، وفي تحويل الدولة من رد فعل إلى فعل.

الخلاصة بسيطة وعميقة في الوقت نفسه:

ملف السلاح في العراق ليس ساحة للآخرين ليحسموه نيابة عنا.

هذه معادلتنا نحن.

ونحن من نحتاج أن نقرر: هل نريد دولة موحدة قادرة على مخاطبة العالم كطرف صاحب سيادة؟

أم نريد أن تبقى البلاد ساحة نفوذ متنازع عليها، تتغير فيها الأسماء والوجوه، ويتكرّر فيها التاريخ كل مرة بصياغات مختلفة؟

والإجابة قراركم

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • اتفاق عراقي تركي لـ«تنظيم المياه»
  • لعلاج أزمة العراق المائية.. مشاريع تركية تمول من واردات النفط!
  • العراق وتركيا يوقعان آلية جديدة لإدارة أزمة المياه
  • تركيا مازالت تضحك على حكومة السوداني..أيهما الأصح وثيقة ام إتفاقية بشأن حصة العراق المائية؟؟
  • فؤاد حسين يعلن توقيع وثيقة هي الأولى بين العراق وتركيا في ادارة ملف المياه
  • سافايا ومعادلة السلطة والسلاح
  • مبعوث ترامب يباشر مهامه في العراق
  • نائب مستغرب من “سكوت” السوداني عن احتلال تركيا للعراق وحربها المائي ضد البلاد
  • العراق بحاجة لـ90 يوماً من المطر لرفع مستوى المياه بالأنهر والسدود