أصدرت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني «حشد» ورقة بحثية موسعة بعنوان «نحو تعزيز الصمود المجتمعي في غزة بعد حرب الإبادة الجماعية: مقاربة تحليلية في بناء التماسك الاجتماعي وإعادة الإعمار الإنساني»، أعدتها المحامية والناشطة الحقوقية رنا ماجد هديب، وتعد هذه الورقة خطوة علمية استراتيجية لتوثيق آثار الحرب الأخيرة على المجتمع الغزي، وتحليل أبعاد الصمود المجتمعي، وتقديم تصور عملي لإعادة البناء الإنساني والاجتماعي المستدام في قطاع غزة.

وركزت الورقة على الصمود المجتمعي كفعل يومي يعكس قدرة المجتمع الغزي على الإنتاج والحياة رغم محاولات الاحتلال المستمرة لتفكيك نسيجه الاجتماعي، وتعتبر الصمود المجتمعي ممارسة للعدالة التحويلية، أي الانتقال من مجرد معالجة آثار الحرب إلى إعادة تشكيل العلاقة بين الأفراد والمؤسسات على أسس أكثر إنصافًا ومشاركة، وتبرز الورقة أن الحرب الأخيرة التي اندلعت في 7 أكتوبر 2023 أسفرت عن دمار واسع للبنية التحتية والمباني السكنية، ونزوح داخلي لما يزيد عن 1.9 مليون شخص، إضافة إلى انهيار شبه كامل في شبكات المياه والكهرباء والاتصالات، وتوقف 81% من شبكة الطرق، كما ارتفعت معدلات البطالة إلى نحو 80%، وفقد عشرات آلاف الأسر مصادر الدخل، ما أدى إلى تفاقم الفقر وانعدام الأمن الغذائي على نطاق واسع.

وهدفت الورقة إلى بناء فهم متكامل لمفهوم الصمود المجتمعي في غزة بعد الحرب، من خلال تحليل التحديات البنيوية والاجتماعية والاقتصادية، ورصد المبادرات المجتمعية، واقتراح استراتيجيات عملية لتعزيز الصمود المستدام عبر تفعيل المجتمع المدني واستعادة الثقة المؤسسية، وتأسيس شراكات عادلة بين الفاعلين المحليين والدوليين.

وكشفت الدراسة عن تحديات بنيوية كبيرة تواجه المجتمع الغزي، بدءًا من تدمير البنية التحتية والخدمات الأساسية، إلى انهيار الاقتصاد وارتفاع معدلات الفقر، وضعف المؤسسات المحلية والإدارة الميدانية، إضافة إلى تفاوت الدعم والإعمار بين المناطق المختلفة، كما أن الحرب أعادت تشكيل النسيج الاجتماعي، وأثرت على الثقة بين الأفراد وبين المجتمع والمؤسسات، وخلقت صدمة جماعية غير مسبوقة للأطفال والنساء، مع ضعف دور النساء والشباب في عمليات التعافي والمشاركة في صنع القرار.

وتناولت الورقة أثر الحرب على القطاعات الحيوية، مشيرة إلى أن الصمود المجتمعي يرتبط مباشرة بالعدالة في توزيع الموارد والفرص، فاقتصاد غزة الذي دُمّر بشكل كبير يحتاج إلى دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة بشكل عادل لتمكين الصمود الاقتصادي، والمدارس التي تعرضت للدمار تؤكد أهمية العدالة التعليمية لضمان استمرار التعلم وخلق صمود معرفي طويل الأمد، أما القطاع الصحي، فقد تضررت المستشفيات بشكل واسع، ما يجعل العدالة في توزيع الخدمات الصحية ركيزة أساسية للصمود.كذلك، يشكل فقدان المساكن والدمار في البنية التحتية تهديدًا للهوية الوطنية، بينما يشير تضرر الأراضي الزراعية والأمن الغذائي إلى ضرورة توزيع الموارد الغذائية بشكل عادل لضمان صمود مستدام.

وركزت الورقة على الدور الحيوي للمبادرات المجتمعية المحلية في تعزيز الصمود، حيث تبين أن البرامج التعليمية البديلة، والدعم النفسي والاجتماعي، وتمكين المشاريع الصغيرة، والمبادرات الزراعية والغذائية، جميعها تشكل آليات عملية لتحويل الصمود من مجرد قدرة على البقاء إلى مشروع مجتمعي متكامل، ومن الأمثلة التي أبرزتها الورقة: مبادرة رحلة تعافي لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي، وفريق غوث غزة لدعم الأطفال نفسيًا وغذائيًا، وبرنامج ابدأ الشبابي لدعم الشباب والنساء وتمكين المشاريع الصغيرة، إضافة إلى مشاريع إعادة تأهيل الأراضي الزراعية لتعزيز الأمن الغذائي المحلي.

واستعرضت الورقة أيضًا تجارب دولية مثل سوريا ولبنان بعد النزاعات المسلحة، مشيرة إلى أن الصمود المجتمعي المستدام لا يتحقق فقط عبر إعادة الإعمار المادي أو الدعم الخارجي، بل من خلال بناء عدالة مجتمعية شاملة تمكن المجتمع المحلي من المشاركة الفاعلة واستعادة الثقة، وتوفير فرص عادلة في الاقتصاد والتعليم والصحة، وضمان العدالة المكانية في إعادة الإعمار، مع دعم المبادرات المحلية ودمج النساء والشباب في عمليات التخطيط والتنفيذ.

وخلصت الورقة إلى أن الصمود في غزة ليس مجرد قدرة على البقاء، بل عملية مجتمعية متكاملة تعتمد على العدالة والمشاركة والتمكين، حيث تتحول التجربة من مواجهة الأزمات إلى مشروع تحويلي مستدام يعيد بناء الثقة والتماسك الاجتماعي.

وأكدت الدراسة على أن العدالة المجتمعية، وإشراك المجتمع المدني، والشفافية في توزيع الموارد، هي الأساس الذي يضمن تعزيز الصمود وتحويله إلى نموذج عملي لإعادة الإعمار الإنساني المستدام.

اقرأ أيضاًتدمير الممتلكات واستهداف المدنيين.. الاحتلال يواصل خرق اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

ترامب: اتفاق غزة في وضع جيد.. وسأجبر حماس على نزع السلاح

مدبولي: مصر تخطط لاستضافة مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: غزة الإبادة الجماعية حشد إعادة إعمار غزة حرب الإبادة الجماعية حرب الإبادة في غزة المجتمع الغزي الصمود المجتمعی إعادة الإعمار فی غزة

إقرأ أيضاً:

عمرها 3500 عام.. هولندا تنوي إعادة آثار إلى مصر

أعلن رئيس الوزراء الهولندي ديك سخوف، الأحد، أن بلاده ستعيد تمثالا عمره 3500 عام إلى مصر.
وقال سخوف إن "القطعة الأثرية التاريخية تمت مصادرتها من معرض فني" في مدينة ماستريخت جنوب هولندا عام 2022 بعد بلاغ من مجهول نبه السلطات إلى أصلها غير المشروع.

اقرأ ايضاًإدانة أممية.. جرائم وفظائع ترتكب بحق مدنيين بالسودان

جاء ذلك خلال زيارة يقوم بها رئيس الوزراء الهولندي للقاهرة التقى خلالها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

وتصور القطعة الأثرية مسؤولا كبيرا من عهد تحتمس الثالث (1479-1425 قبل الميلاد)، ويعتقد أنها سرقت وجرى تهريبها بشكل "غير قانوني"، قبل ظهورها في السوق العالمية لتجارة الأعمال الفنية.

وأكد تحقيق أجرته السلطات الهولندية أن التمثال سُرق وجرى تهريبه بشكل غير قانوني من مصر، وسلم التاجر القطعة طواعية بعد انتهاء التحقيق.

اقرأ ايضاًانتحار أحد أقدم كبار ضباط الجيش الإسرائيلي بسبب الحرب

وقالت الحكومة الهولندية إنها تتوقع تسليم القطعة الأثرية إلى السفير المصري في هولندا بحلول نهاية العام الجاري، لكن لم تحدد موعدا لذلك.

وأعلنت مصر، عن افتتاح متحفها الكبير، مساء السبت، في حفل مبهر وصف بـ"الأسطوري" حضره ممثلو 79 دولة، ركز على استعراض الحضارة المصرية القديمة وتراثها وامتداداتها في الحاضر. ورفع خلاله "شعار السلام" الذي زين سماء المتحف.
المصدر: وكالات


© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

عمر الزاغ

محرر أخبار، كاتب وصانع محتوى عربي ومنتج فيديوهات ومواد إعلامية، انضممت للعمل في موقع أخبار "بوابة الشرق الأوسط" بعد خبرة 7 أعوام في فنونالكتابة الصحفية نشرت مقالاتي في العديد من المواقع الأردنية والعربية والقنوات الفضائية ومنصات التواصل الاجتماعي. ‎

الأحدثترند عمرها 3500 عام.. هولندا تنوي إعادة "آثار" إلى مصر فقدان المدعية الإسرائيلية المقالة.. وورود فرضية "انتحار" أسئلة عن يوم العلم الإماراتي مع الأجوبة 2025 اجتماع في اسطنبول غدا.. تركيا ستدعو لاتخاذ ترتيبات عاجلة لـ"غزة" أثارت المخاوف والشكوك.. تحقيق عاجل في بلجيكا بسبب "اختراق أمني" Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • تركيا وإيران: إسرائيل تواصل الإبادة الجماعية.. ونتنياهو يريد إعـ.دام الأسرى
  • معرض في لندن لتخليد أسماء ضحايا الإبادة الجماعية بغزة
  • عمرها 3500 عام.. هولندا تنوي إعادة آثار إلى مصر
  • تحالف قانوني عربي يتحرك لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين
  • ورقة بحثية تكشف التنسيق بين "تل أبيب" وواشنطن وتآكل مصداقية الهدنة
  • غزة: إعلان حصيلة جديدة لضحايا الإبادة الجماعية
  • فيدان: نتنياهو يبحث عن ذريعة لاستئناف «الإبادة الجماعية» في غزة
  • أستاذ آثار: المتحف المصري الكبير لا يقل أهمية عن السد العالى
  • الإبادة الجماعية في الفاشر وانعكاساتها على الدولة الليبية