أبدى العالم تفاجأه بالمجازر التي حدثت في مدينة الفاشر السودانية، وكأنه لم يكن يعلم أن ما حدث كان يمكن أن يحدث منذ أكثر من ثمانية عشر شهرا، وقد سبقت هذه المجزرة مجازر أخرى في مدن مختلفة من السودان، وارتكبت جرائم حرب وعمليات اغتصاب جماعي. كانت الأشهر الماضية بما فيها من حصار وصعود لقوات التدخل السريع، وتدهور الاقتصاد والمجاعة، والممرات المفتوحة لدخول السلاح كفيلة تعطينا تصورا لما يمكن أن تؤول إليه الأمور في أي لحظة تجد فيها القوة المتغولة الفرصة سانحة.
                
      
				
سقطت الفاشر وتحولت إلى بركة دماء ستبقى وصمة عار في جبين الإنسانية التي لم تستطع أن تتصدى لمجزرة أخرى من مجازر الإبادة الجماعية. وما قال العالم إنه «لن يتكرر» في يوم من الأيام ما زال يتكرر في أكثر من مكان فيما يترك العالم آلة القتل تعمل على مهل ويواصل غض الطرف عن الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية وصور المستشفيات المدمرة والبيوت الخالية من سكانها والدموع التي حفرت لها مجرى في وجوه الأطفال وأمهاتهم والآباء الذين بدوا عاجزين عن وقف آلة القتل الوحشية.
العالم أجمع يعلم اليوم ما حصل ويحصل في إقليم دارفور وهو نتيجة منطقية للصراع الدائر وغض الطرف عن داعميه الحقيقيين، وعلى العالم أن يتدخل بقوة وإلا فإنه يقرّ بمثل هذه المجازر ويدعمها بطريقة أو بأخرى ويمكن أن نراها تتكرر في أماكن أخرى فالعنف والإرهاب لا دين له ويمكن أن يحدث في أي مكان عندما يجد أرضية خصبة له وأفكارا تغذيه، وفاعلين يمدونه بالسلاح والأدوات اللوجستية لتحقيق مآرب نفعية اقتصادية أو أجندات إقليمية ودولية.
وما يؤكد تغاضي العالم عما حدث ويحدث أن الاستجابة الإنسانية ما زالت غير متكافئة مع حجم الكارثة والخطر الذي لم ينته حتى الآن رغم ما تناقلته وسائل الإعلام أمس من خطط لوقف الحرب.
ما زال الملايين محاصرين بين الجوع والرصاص ووصمة العار بعد عمليات الاغتصاب الجماعية التي شهدتها مدن شمال دارفور. أما الإدانات فلا قيمة لها دون تدخل لوقف المجازر ودون ميزانيات تمول الاحتياجات الإنسانية من مواد غذائية ومستشفيات ومأوى لملايين النازحين.
إن أول مطلب على العالم أن يعمل عليه الآن هو حظر السلاح باستخدام آليات حظر فعالة، وعلى من يتجاوز ذلك أن يستعد لمواجهة كلفة سياسية واقتصادية وعزلة دولية. وهذا جزء من العدالة التي لا بد أن تطال المتورطين في المجازر وفي امتهان كرامة الشعب السوداني سواء كانوا من الداخل السوداني أو من الخارج. وعلى الجهات المحلية والدولية أن توثق تلك الانتهاكات.. فجرائم الحرب لا تسقط بالتقادم.
أما المجتمع الدولي فعليه أن يستعد لمواجهة مع نفسه ومع الشعوب فما كان قد أقره من أن المجازر والإبادات الجماعية «لن تتكرر»، ها هي تتكرر وبوتيرة تفوق أي توقع. فلم تنشف الدماء في غزة حتى سال مثلها في السودان إلى حد جعل بعض المحللين يقولون إن صورا من الأقمار الصناعية تظهر بقع دماء في السودان في إشارة إلى بشاعة المجازر التي وقعت هناك.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
أردوغان ..لا يمكننا أن نبقى صامتين إزاءها المجازر بحق المدنيين في الفاشر
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن بلاده لا يمكنها الصمت إزاء المجازر في مدينة الفاشر.
وأكد أردوغان، خلال كلمة له في افتتاح الاجتماع الـ 41 للجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي، على ضرورة حماية وحدة أراضي السودان وسيادته واستقلاله.
 وأضاف: “لا يمكن لأي شخص يملك قلبا غير متحجر أن يقبل المجازر بحق المدنيين في الفاشر ولا يمكننا أن نبقى صامتين إزاءها”.
الحدث_السوداني
إنضم لقناة النيلين على واتساب