غزة - صفا

أصدر مركز الدراسات السياسية والتنموية ورقة سياسات تحليلية بعنوان: "التصعيد الإسرائيلي في غزة يكشف الشراكة الميدانية بين تل أبيب وواشنطن وتآكل مصداقية الهدنة".

وتناولت الورقة العملية الإسرائيلية الواسعة التي نُفّذت مساء 28 أكتوبر 2025، باعتبارها أكبر خرقٍ لاتفاق شرم الشيخ لوقف الحرب، وما حملته من رسائل سياسية وأمنية عميقة تكشف طبيعة العلاقة بين تل أبيب وواشنطن بعد الحرب.

واكدت الورقة أن العدوان الإسرائيلي الأخير تجاوز حدود الرد العسكري المحدود، إذ جاء ضمن تنسيقٍ ميداني واستخباراتي مباشر مع الإدارة الأميركية، كشفت عنه تسريبات نشرتها صحيفتا هآرتس وواشنطن بوست، حول تبادل معلومات استخباراتية دقيقة قبل تنفيذ الغارات، ومشاركة أميركية في تحديد الأهداف وتوقيتها.

وبيّن المركز أن موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب وتصريحات البيت الأبيض التي برّرت الهجوم بوصفه "حقًا في الدفاع عن النفس"، تعكس ازدواجية السياسة الأميركية، التي تواصل دعم الاحتلال عسكريًا وسياسيًا رغم خرقه للهدنة، مما أفقد واشنطن مصداقيتها كضامنٍ للاتفاقات.

وأشارت الورقة إلى أن التصعيد الأخير أعاد خلط الأوراق الإقليمية، وقلّص من دور الوسطاء العرب (مصر وقطر) لصالح الدور الأميركي–الإسرائيلي المباشر، في الوقت الذي تزايدت فيه معاناة سكان غزة بسبب تعطل الإعمار وتشديد الحصار، ما ينذر بتفاقم الأزمة الإنسانية.

وحول السيناريوهات المستقبلية، رجّحت الورقة أن السيناريو الأقرب للحدوث هو التصعيد المحدود المتكرر، مع استمرار التنسيق الأميركي–الإسرائيلي ومحاولة الحفاظ على معادلة الردع دون الذهاب إلى حرب شاملة، فيما يبقى احتمال الانفجار الكامل أو تدويل المسار السياسي قائمًا على المدى المتوسط إذا استمر فشل الجهود الأميركية في تثبيت الهدنة.

ودعت الورقة في ختامها إلى تأسيس آلية رقابة دولية مستقلة بإشراف الأمم المتحدة لمتابعة تنفيذ الاتفاقات، وتوحيد الموقف الفلسطيني سياسيًا وإعلاميًا لمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية، إلى جانب توسيع الشراكات مع قوى دولية مثل الصين وروسيا لتقليص الهيمنة الأميركية على مسار التهدئة، وتعزيز الخطاب الإعلامي العربي والفلسطيني الموحد لفضح التواطؤ الأميركي والإسرائيلي وتوثيق الجرائم بحق المدنيين.

وأكد المركز أن هذه الورقة تأتي في إطار متابعة التطورات السياسية والميدانية بعد اتفاق وقف الحرب في غزة، واستشراف التحولات في السياسة الأميركية–الإسرائيلية تجاه القطاع والمنطقة، ضمن سلسلة من أوراق التحليل والتقدير التي يصدرها المركز دوريًا لرصد الاتجاهات الجديدة في الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: غزة مركز الدراسات

إقرأ أيضاً:

تحالف العار .. كيف حوّلت أنظمة عربية العدوّ الإسرائيلي إلى شريك ووضعت نفسها تحت الرقابة الأميركية؟

في زمنٍ لم تجفّ فيه دماء أطفال غزة بعد، وفي لحظةٍ كانت فيها الشاشات العربية تفيض خطابات تنديدٍ وشعاراتٍ كاذبة عن الكرامة العربية والدفاع عن فلسطين، كانت كواليس العواصم العربية الستّ المشاركة في ما يُعرف اليوم بـ التحالف الأمني الإقليمي تعجّ باجتماعات سرّية، وشاشات مراقبة متّصلة بجيش الاحتلال الإسرائيلي، تحت إشراف مباشر من القيادة الوسطى الأمريكية (سنتكوم)، هكذا بدأت فضيحة القرن الجديد: تحالف عسكري عربي-إسرائيلي، وُلد في الظلّ بينما كانت غزة تحترق.

يمانيون / تقرير / خاص

 

تسرّبت الوثائق الأمريكية من البنتاغون كشرارة أولى في منتصف أكتوبر 2025.
مئات الصفحات تروي تفاصيل شبكة استخباراتية تجمع ست دول عربية، السعودية، مصر، الأردن، قطر، البحرين، والإمارات.
الاسم الرسمي البارد للمشروع كان البناء الأمني الإقليمي، لكنّ الاسم الذي يتداوله الناس اليوم في الشارع العربي أبسط وأصدق هو تحالف العار.

تحت رعاية أميركية كاملة، بدأت اللقاءات في قواعد عسكرية بقطر والبحرين والأردن، هناك، جلس ضبّاط عرب إلى طاولة واحدة مع جنرالات الاحتلال الإسرائيلي، ينسّقون خرائط الطائرات المسيّرة، ومسارات الصواريخ، ومعلومات التجسس على العدو المشترك، إيران والمقاومة الفلسطينية.

وفي الوقت الذي كانت فيه طائرات العدو الإسرائيلي تُمطر غزة بالقنابل، كانت شاشات هذا التحالف تنقل البيانات اللحظية من الجوّ إلى غرف عمليات مشتركة يشارك فيها ضباط عرب.

 

أنظمة بلا كرامة

الوثائق المسربة تكشف أن هذا التعاون لم يكن وليد لحظة، بل ثمرة خطة بدأت منذ اتفاقيات أبراهام عام 2020.
لكن الجديد هو حجم الانغماس، لم يعد الأمر تبادل معلومات، بل تخطيط عسكري مباشر، وتدريب مشترك على مكافحة الأنفاق وضرب القدرات غير النظامية، أي قدرات المقاومة الفلسطينية.

بعض الدول، كالبحرين والإمارات، لم تُخفِ انخراطها يوماً في التطبيع، لكنّ الفضيحة الكبرى كانت مشاركة دول ظلّت ترفع رايات الرفض والممانعة، وعلى رأسها مصر والسعودية وقطر.
قطر التي احتضنت قيادات حماس لسنوات، كانت في الوقت نفسه جزءاً من منظومة استخباراتية تُنسّق مع تل أبيب تحت ذريعة أمن الخليج، فأيّ أمن هذا الذي يُبنى على أنقاض غزة؟

 

واشنطن تدير المسرح

لم يكن الأمر مجرّد نزوة عربية،  كلّ شيء تمّ بإشراف أميركي صارم، وزارة الدفاع الأمريكية رأت في التحالف فرصة لتثبيت النفوذ بعد عقود من التراجع، والهدف المعلن ردع التهديد الإيراني.
أما الهدف الحقيقي، كما تقول الوثائق، دمج إسرائيل في المنظومة الأمنية العربية بشكل دائم، وجعل الدفاع العربي مرهوناً بها.

سنتكوم، وضعت القواعد، قدّمت التكنولوجيا، وربطت الأنظمة العربية بشبكة رادارية إسرائيلية _ أمريكية ضخمة تمتدّ من البحر الأحمر إلى الخليج، حتى الأقمار الاصطناعية الأميركية باتت تُرسل صورها مباشرة إلى مراكز مراقبة يديرها ضباط عرب إلى جانب الإسرائيليين.

 

ازدواجية الخطاب .. ومهزلة البيانات

في العلن، تواصل الحكومات الستّ إصدار بيانات التنديد الكاذبة  بالعدوان الإسرائيلي على غزة، وتدعو لوقف إطلاق النار.
لكن في السرّ، كانت طائراتهم تشارك في تدريبات على اعتراض الصواريخ القادمة من إيران أو اليمن، في تنسيق مباشر مع الجيش الإسرائيلي.

أحد التقارير الأميركية وصف تلك المفارقة بأنها التحالف الذي يلعن إسرائيل صباحاً ويتعاون معها مساءً.
أما في الشارع العربي، فالأوصاف كانت أقل دبلوماسية، أنظمة العار، خيانة الدم، صفقة الأمن مقابل الصمت.

 

حين ضربت إسرائيل قطر

اللحظة التي فجّرت الغضب كانت الغارة الإسرائيلية على منشأة في الدوحة في 9 سبتمبر 2025.
الدوحة، الشريك السريّ في التحالف، تلقت ضربة من أحد حلفائها الجدد، بذريعة استهداف قادة حماس في قطر.
النتيجة، قتلى مدنيون، وفضيحة علنية، ورغم الغضب العارم، لم تجرؤ أيّ دولة من أعضاء التحالف على الانسحاب أو حتى التجميد، هكذا سقط القناع تماماً، إسرائيل تضرب، والعرب يبرّرون.

 

خيانة باسم الأمن القومي

المفارقة أن كلّ بيان رسمي حاول تبرير التعاون باعتباره ضرورة دفاعية لمواجهة إيران، لكن الواقع، كما تظهره التسريبات، أن أغلب البيانات الاستخباراتية التي جُمعت لم تُوجّه نحو طهران، بل نحو فصائل المقاومة في غزة ولبنان.
أُنشئت وحدة خاصة لرصد تحرّكات قيادات كتائب القسام وسرايا القدس، عبر شبكات مراقبة يشغّلها ضباط عرب في سيناء والأردن والخليج، أي أمن قومي هذا الذي يضع الكاميرات في وجه المقاومين لا في وجه المحتلّين؟

 

الصمت الشعبي والعار الرسمي

ربما أخطر ما تكشفه الفضيحة ليس حجم التعاون بحدّ ذاته، بل صمت الشعوب، فالأنظمة أغلقت الأبواب على الحقيقة، ومنعت الإعلام من تناولها، لكن في المقاهي والجامعات، تسري الهمسات، هم يحمون إسرائيل من الصواريخ، بينما لا يحمون شعوبهم من الفقر.

تحالف العار هذا يعيد المنطقة إلى منطق الوصاية الأجنبية، أمننا بيد واشنطن، وحدودنا مرسومة من تل أبيب، وقراراتنا محكومة بالمساعدات والضمانات.

 

النتيجة .. لا أمن ولا كرامة

رغم كلّ هذا التعاون، لم يتحقق الأمن الموعود، العدوان في غزة مستمر، لكن الذي تغيّر حقاً هو شيء آخر، انكسار الصورة القديمة عن الجيش العربي والأمن العربي المشترك.

تحالف العار جعل إسرائيل قلب المنظومة الأمنية العربية الجديدة، وصار العدوّ حليفاً، والمحتلّ شريكاً، والمقاوم إرهابياً.

 

ختاماً 

لقد سقطت كلّ الأقنعة، من كان يرفع شعارات القضية الفلسطينية بات الآن ينسّق مع من يحتلّ القدس.
ومن كان يتحدّث عن أمن الخليج صار يحرس سماء العدو، والوثائق كشفت ما يعرفه الناس منذ زمن، أنظمة بلا إرادة، باعت قرارها للأميركي، وضميرها للإسرائيلي، ولأن التاريخ لا يرحم، ستُكتب هذه الحقبة بعنوانٍ واحدٍ عريض، هنا كانت أنظمة العار .. حين تحالفت مع القاتل ضدّ الضحية.

مقالات مشابهة

  • إعلام إسرائيلي: تل أبيب ترفض مشاركة قوات تركية في غزة وواشنطن تبحث بدائل
  • الخارجية الأميركية تكشف لشفق نيوز موقفها من الانتخابات العراقية
  • ورقة بحثية لـ"مركز الدراسات" تكشف التنسيق الميداني بين "تل أبيب" وواشنطن وتآكل مصداقية الهدنة
  • إعلام إسرائيلي: الرفات التي تسلمتها تل أبيب أمس تعود لفلسطينيين
  • العدوان على المسجد الأقصى في “عيد العرش”.. عنوان ورقة جديدة لمؤسسة القدس الدولية
  • ما وراء الخبر يناقش التطورات في لبنان ورسائل التصعيد الإسرائيلي
  • 600 متخصص و66 ورقة بحثية في مؤتمر الإمارات للطب الرياضي
  • الخزانة الأميركية تكشف عن اتفاق تجاري قريب مع الصين
  • تحالف العار .. كيف حوّلت أنظمة عربية العدوّ الإسرائيلي إلى شريك ووضعت نفسها تحت الرقابة الأميركية؟