البلاد (الخرطوم)
يعيش السودان مرحلة حرجة مع تصاعد المعارك واتساع رقعة الدمار الإنساني والعسكري، فيما يبحث مجلس الأمن والدفاع برئاسة الفريق أول عبدالفتاح البرهان، وبمشاركة رئيس الوزراء كامل إدريس، مقترحاً أمريكياً لوقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أشهر تمهيداً لحوار سوداني شامل.
وأعلن كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون العربية والأفريقية مسعد بولس أن واشنطن وضعت خارطة طريق لهدنة إنسانية، بمشاركة المجموعة الرباعية، التي تضم الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات.


وفي الوقت نفسه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى وقف فوري للعنف، محذراً من أن الأوضاع في السودان تتدهور بسرعة وتخرج عن السيطرة، مطالباً طرفي النزاع بالعودة إلى طاولة المفاوضات لإنهاء ما وصفه بـ”كابوس العنف”. كما حث وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو الأطراف المتقاتلة على الالتزام بالقانون الإنساني الدولي وإنهاء مأساة المدنيين، بعد تقارير عن فظائع ارتكبت في مدينة الفاشر.
في غضون ذلك، أعلنت المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق رسمي في الجرائم الخطيرة التي ارتكبت في الفاشر، مؤكدة أن بعض الانتهاكات قد ترقى إلى جرائم حرب. كما دعت المحكمة الأفراد والمنظمات إلى تقديم أدلة حول الأحداث الأخيرة، فيما كشفت شبكة أطباء السودان عن تعطل شبه كامل للمستشفيات في المدينة جراء القصف العنيف، ووصفت استهداف مستشفى الأطفال في كرنوي بأنه عمل إرهابي وعدواني، مطالبة المجتمع الدولي بكسر صمته حيال ما يتعرض له المدنيون.
ميدانياً، تصاعدت المواجهات في شمال وغرب كردفان، حيث شن الطيران الحربي السوداني غارات مكثفة على مواقع تابعة لقوات الدعم السريع في بارا وأم بادر والنهود، ما أدى إلى تدمير آليات قتالية وتشتيت صفوف القوات المهاجمة. وتكتسب بارا أهمية استراتيجية كونها تربط العاصمة الخرطوم بإقليم كردفان، فيما أكد والي جنوب دارفور بشير مرسال أن الجيش قادر على صد أي هجوم يستهدف مدينة الأبيض.
سياسياً، تستعد منظمة”برو ميدييشن” الفرنسية لعقد جولة مشاورات جديدة بين القوى السياسية السودانية في القاهرة منتصف نوفمبر الجاري، في محاولة لتعزيز الحوار وإنهاء الحرب. وأوضح الأمين العام لحزب الأمة القومي الواثق البرير أن اللقاء المقبل يأتي استكمالاً للنقاشات السابقة في سويسرا؛ بهدف التوصل إلى توافقات حول إطلاق العملية السياسية.

المصدر: صحيفة البلاد

إقرأ أيضاً:

غارديان: مجزرة الفاشر السودانية نموذج مألوف من العنف المتوقع

كانت مجزرة الفاشر، التي ارتكبتها قوات الدعم السريع، متوقعة منذ وقت طويل. فالأحداث التي شهدتها المدينة بعد سقوطها في أيدي هذه القوات تتبع نمطا مألوفا سبق أن ظهر في السودان ودول أفريقية أخرى مثل رواندا وليبيريا، حيث تُرتكب مجازر منظمة، مستهدفة مجموعات عرقية معينة، مع توثيق الجناة للعنف الذي يمارسونه بأنفسهم.

ذكر ذلك تقرير نشرته صحيفة غارديان البريطانية كتبه كارلوس موريثي وراشيل سافدج، لفتا فيه الانتباه إلى أنه وفي عام 2023، قُتل نحو 15 ألف مدني في مدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، معظمهم من جماعة المساليت غير العربية، عندما سيطرت قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها على المدينة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2غارديان: جماعات إسلامية تقترب من باماكو فهل تنجح في تحويل مالي للحكم الإسلامي؟list 2 of 2صحف عالمية: خيبة لدى الغزيين وفظاعات الفاشر أدخلت حرب السودان أحلك فصولهاend of list

وأشار الكاتبان إلى أن المقاتلين جابوا البيوت في الجنينة بيتا بيتا، وأحرقوا المنازل ومخيمات النازحين بالكامل. وفي أبريل/نيسان 2025، قتلت قوات الدعم السريع أكثر من 1500 مدني في غضون 72 ساعة داخل مخيم زمزم للنازحين، جنوب مدينة الفاشر. وقد أدى ذلك إلى نزوح مئات الآلاف من المدنيين، في حين بقي كثيرون في عداد المفقودين.

نازحون من مخيم زمزم انتقل كثيرون منهم إلى الفاشر في أبريل/نيسان الماضي 2025 (رويترز)تحذيرات سابقة

وأورد التقرير أن المنظمات الإنسانية والمراقبين الدوليين حذروا من حمام دم وشيك قبل 18 شهرا، مشيرا إلى أن التحليلات لم تكن تركز على إن كانت المجزرة ستحدث أم لا، بل متى تحدث.

ومع ذلك، يقول الكاتبان، لم يتخذ المجتمع الدولي أي إجراءات رادعة، وبقيت التحذيرات مجرد بيانات شكلية بلا تنفيذ فعلي، سواء عبر عقوبات أم ضغط سياسي حقيقي.

وأشار التقرير إلى أن الحرب الأهلية في السودان، التي اندلعت من الصراع على السلطة بين الجيش النظامي بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع المتمردة على الجيش بقيادة محمد حمدان دقلو الشهير بـ حميدتي، أدت إلى نزوح 13 مليون شخص بحلول الذكرى الثانية للصراع، نصفهم بحاجة إلى مساعدات غذائية عاجلة، لتتحول الأزمة إلى واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم حالياً.

يقول الخبراء إن الحل لإيقاف الدعم السريع يتطلب ضغطاً دولياً حقيقياً على الدول الداعمة لها، ويظل المجتمع الدولي، بما فيه الولايات المتحدة، عاجزا عن التحرك عدا الإدانات الشكلية. وكذلك الجيش

وأضاف أنه من اللافت أن الجيش السوداني نفسه، وإن كان بحجم أقل، كرر سلوك قوات الدعم السريع بعدم حماية المدنيين وتركهم عرضة للقتل.

إعلان

فقد انسحب الجيش من قبْل من مدن مثل الفاشر والجنينة، تاركاً السكان لمصيرهم، وهو ما أدى إلى تسهيل عمليات القتل الجماعي والنهب والاختطاف التي نفذها الدعم السريع.

وأكد الكاتبان أن قوات الدعم السريع وثقت مقاطع الفيديو كأداة للحرب النفسية، في حين استخدم الخبراء والمحللون صور الأقمار الصناعية واللقطات الأرشيفية لتأكيد وقوع عمليات قتل جماعي في مستشفيات وأحياء سكنية ومخيمات للنازحين، في ظل انقطاع شبه كامل للاتصالات، ما جعل تقدير عدد الضحايا أمراً صعباً، مع وجود نحو 260 ألف شخص داخل الفاشر عند سقوطها تحت سيطرة الدعم السريع، وأكثر من 35 ألف نازح من المناطق المجاورة.

لا بد من ضغط دولي حقيقي

ونسب الكاتبان إلى الخبراء أيضا قولهم، إن الحل لإيقاف الدعم السريع يتطلب ضغطاً دولياً حقيقياً على الدول الداعمة لها، التي تزود الجماعة بالأسلحة والدعم اللوجيستي، في وقت يظل المجتمع الدولي، بما فيه الولايات المتحدة، عاجزا عن التحرك عدا الإدانات الشكلية.

واختتم كوريثي وراشيل تقريرهما "إن ما جرى في الفاشر اليوم يعكس تكرار دورة العنف المألوفة في السودان، مع تقاعس واضح للمجتمع الدولي، وتكرار الجيش نفسه لسلوك قوات الدعم السريع، ما يجعل المدنيين أكثر عرضة للقتل ويؤكد أن هذه المجازر كانت متوقعة بشكل كامل".

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تدعو إلى وقف «كابوس العنف» في السودان
  • البرهان يدرس مقترحا أمريكيا لوقف إطلاق النار في السودان
  • الحكومة السودانية تدرس مقترحاً أمريكياً.. أمير قطر يدعو لوقف الحرب
  • عاجل. دعوات لوقف كابوس العنف في السودان.. وحكومة البرهان تدرس مقترحًا أميركيًا لوقف النار
  • حكومة السودان تدرس مقترح أمريكي لوقف إطلاق النار
  • حكومة البرهان تدرس مقترحا أميركيا لوقف الحرب في السودان
  • وسط تصاعد القتال في شمال كردفان.. الجيش السوداني يؤمن الأبيض ويطوق بارا
  • بابا الفاتيكان يشجب العنف في السودان ويدعو لوقف إطلاق النار
  • غارديان: مجزرة الفاشر السودانية نموذج مألوف من العنف المتوقع