بوابة الوفد:
2025-11-05@06:12:22 GMT

إيران وأوراق اللعب

تاريخ النشر: 4th, November 2025 GMT

وصف الرئيس الأمريكي نظيره الأوكراني زيلينسكي في حديثه معه، بأنه لا يملك أوراقاً، معتبراً ذلك علامة ضعفٍ له. والحقيقة أن الرئيس الأمريكي عبر عن جوهر السياسة بهذا الوصف الدقيق، فالسياسة لعبة أوراقٍ، فكلما امتلكت الدول أوراقاً أكثر تحسن استخدامها كلما كانت أقوى،  وكلما كانت أوراق اللعب غامضة وغير متوقعة، كلما ازدادت الدولة قوة أكثر، وخشي الآخرون رد فعلها.


كذلك هو الصراع الدائر بين إيران وأمريكا حول الملفين النووي والصاروخي، فرغم امتلاك أمريكا لأدوات قوة لا تقارن بإيران سواء العسكرية والسياسية وحتى الاقتصادية، لكن الإيرانيين يحسنون استخدام أوراق لعبهم ويستفيدون منها بأكبر قدرٍ ممكن.. فعلى مدار أكثر من أربعة عقود من الصراع الإيراني- الأمريكي، نجحت إيران في تجحيم الصراع ومنع تحوله إلى مواجهة عسكرية، إلى جانب توسيع عمقها الاستراتيجي من خلال تكوين ميليشيات تابعة لها في عدة دول عربية، ما أسهم في تعزيز موقفها أمام الغرب. وبالرغم من حرب الاثني عشر يوماً مع إسرائيل، والضربات الأمريكية للمنشآت النووية الإيرانية، ورغم عودة العقوبات الاقتصادية التي زادت الوضع الاقتصادي سوءً، فإن إيران لازالت تحتفظ بأوراق لعبٍ خفية تجعل اتخاذ قرارٍ حاسماً تجاهها أمراً صعباً.
رغم استهداف أمريكا للمنشآت النووية الإيرانية بطائرة بي 2 متعددة الطبقات، وما تلاه من تصريحات ترامب بالقضاء على البرنامج النووي الإيراني، وتصريحات غروسي رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن تضرر أجهزة الطر المركزي، لكن لا يزال غموض حقيقة القضاء على البرنامج النووي الإيراني، وكذلك حقيقة تضرر أجهزة الطرد المركزي، وحجم التضرر وعدد الأجهزة المتضررة ومصير 400 كيلو من اليورانيوم المخصب، يمثل عائقاً أمام اتخاذ قرارٍ حاسم بشأن إيران.
رغم أن إيران هي الطرف الأضعف في معادلة القوة أمام أمريكا، لكنها كونها أمام خيارين كلاهما سئ، يشجعها على رفض الاستسلام للمطالب الأمريكية، فإيران أمام خيارين إما الاستسلام والتنازل عن أدوات القوة- البرنامج النووي والملف الصاروخي- مقابل انفتاح اقتصادي، يسهم في حل مشاكلها الاقتصادية على المستوى الداخلي، ولكنه سيجعل منها تابعة للإمبريالية الغربية التي طالما أعلنت العداء لها، وسوف تغدو قوة لا يحسب لها وزن في المنطقة، وهو ما ترفضه الشحصية الإيرانية، التي اتسمت طوال تاريخها بالتمرد حتى على الحكم العربي الإسلامي. أما الخيار الثاني أن تستمر إيران في عنادها وتتحمل تبعات العقوبات التي أرهقتها على المستوى الداخلي، والتي يتوقع البعض بأن النظام سوف ينهار في خلال خمس سنوات أخرى إذا استمرت العقوبات على هذا المنوال، وبالتالي فإيران أمام خيارين كلاهما سيء، وهو ما يجعلها أقدر على حسم قرارها بالرفض.
على الجانب الآخر فإن خيارات الجانب الأمريكي تصيبه بالارتباك حول إيران، فهو أولاً يفتقد لمعلومات موثقة يمكنه الاعتماد عليها في اتخاذ رد الفعل المناسب، وكل التحليلات والتصريحات حول البرنامج النووي وتضرره لا تعدو أن تكون مجرد تخمينات غير مؤكدة، تضعفها طوال الوقت تصريحات المسئولين الإيرانيين حول محدودية التضرر والقدرة على استكمال البرنامج النووي.
كذلك فإن استخدام الخيار العسكري أصبح أكثر صعوبة، في ظل فشل إسرائيل في هزيمة النظام الإيراني، وفي ظل الخسائر الجسيمة المحتملة، وكذلك سياسة أمريكا الجديدة تجاه الشرق الأوسط من استدامة النفوذ اعتماداً على الشركاء الإقليميين. ولهذا فالولايات المتحدة أمام أمرين يصعب اختيار أحدهما، إما الاستمرار في العقوبات والمراهنة على سقوط النظام الإيراني قبل النجاح في الوصول إلى سلاح نووي، أو التحديد الجزئي لقدراته النووية ومنح قبلة الحياة للنظام الإيراني الذي يعلم يقيناً أنه لن يكف عن مناوته إذا واتته في المستقبل إذا سنحت له الفرصة.

 

أستاذ الدراسات الإيرانية- كلية الآداب- جامعة عين شمس

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الرئيس الأمريكى ه لا يملك أوراقا البرنامج النووی

إقرأ أيضاً:

ماكرون يعلن إفراج إيران عن فرنسيين بعد أكثر من 3 سنوات من الاحتجاز بتهمة التجسس

(CNN)--   أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الثلاثاء، إطلاق سراح مواطنين فرنسيين من سجن إيراني بعد أكثر من 3 سنوات من الاحتجاز بتهمة "التجسس"، وصفتها باريس بأنها "لا أساس لها".

وأعرب ماكرون عن "ارتياحه البالغ" لإطلاق سراح سيسيل كولر (41 عاما)، وشريكها جاك باريس (72 عاما).

وكتب  الرئيس الفرنسي، على منصة "إكس" (تويتر سابقا): "أرحب بهذه الخطوة الأولى"، مضيفا أن الحوار مع السلطات الإيرانية "مستمر للسماح لهما بالعودة إلى فرنسا  في أقرب وقت ممكن".

وذكر وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، عبر "إكس"، أن كولر وباريس "بأمان" في مقر إقامتهما الفرنسي في طهران، في انتظار "الإفراج النهائي".

مقالات مشابهة

  • ماكرون يعلن إفراج إيران عن فرنسيين بعد أكثر من 3 سنوات من الاحتجاز بتهمة التجسس
  • الخارجية الإيرانية: برنامجنا النووي سلميا.. وسنظل ملتزمون باتفاقية الضمانات
  • موسكو: تصرفات الغرب غير العقلانية أدت لانهيار الاتفاق النووي مع إيران
  • هل ألغى الحكم هدفًا لصالح الأهلي أمام المصري ؟
  • زغدود: “لم نطبق طريقة اللعب التي حضّرناها لمواجهة الوفاق”
  • زغدود: “لم نطبق طريقة اللعب التي حضرناها لمواجهة الوفاق”
  • الخارجية الإيرانية: برنامج إيران النووي كان ولا يزال سلميا
  • الرئيس الإيراني يتعهد بإعادة بناء المنشآت النووية التي دمرتها الحرب
  • إيران بين الانسحاب من الاتفاق النووي والدخول في حرب جديدة