منظمة فرنسية: أزمة الغذاء تتفاقم في اليمن والجيل القادم في خطر
تاريخ النشر: 5th, November 2025 GMT
ويشهد اليمن أزمة إنسانية غير مسبوقة، إذ يستمر عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص الغذاء في الارتفاع، وتعاني واحدة من كل ثلاث أسر من مجاعة شديدة أو متوسطة.
وأكدت المنظمة أن الوضع في اليمن يتدهور بسرعة، وأنه بحلول بداية العام المقبل، من المرجح أن يواجه أكثر من 18 مليون شخص في اليمن مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي، وسيواجه ما يقرب من 41 ألفًا منهم خطر المجاعة.
وذكرت المنظمة أن الأزمة الإنسانية الحالية تؤثر على جميع الأجيال، ويُعتبر الأطفال من بين الأكثر تضرراً، حيث يُهدد الجوع نموهم البدني والمعرفي، ما يزيد من المخاطر الصحية على المدى الطويل، ويفقدهم كل أمل في المستقبل. إذ تُكافح الأسر من أجل البقاء، واضطر الكثيرون إلى إخراج أطفالهم من المدارس، أو تشغيلهم، أو تزويجهم في سن مبكرة، مما يُعرضهم لمخاطر جديدة.
وأفادت المنظمة الفرنسية أن الحرب والانهيار الاقتصادي والتقلبات المناخية ونقص المياه النظيفة تُغرق اليمن في المجاعة. فقد أدت سنوات الحرب والنزوح إلى تدمير سبل العيش، ما حدَّ من الوصول إلى خدمات الصحة والتغذية الأساسية. وكما هو ملاحظٌ، تتأثر النساء والفتيات بشكل غير متناسب. أما اليوم، فتعثرت جهود التعافي، إذ يدفع ارتفاع أسعار المواد الغذائية وانخفاض قيمة العملة والتشرذم الاقتصادي ملايين الناس إلى أزمة أعمق. وتُظهر الفيضانات الأخيرة في أغسطس بوضوح تأثير تغير المناخ على توافر الغذاء، إذ دمرت الأراضي الزراعية والثروة الحيوانية وغيرها من مصادر الدخل الأساسية.
ورأت المنظمة أن المجاعة وسوء التغذية وصلا لدى الأطفال إلى مستويات كارثية، ما أدى إلى وفيات بينهم، وذلك بسبب التخفيضات الهائلة في ميزانية المساعدات الدولية. كما أدت هذه التخفيضات إلى إغلاق أكثر من 2800 مركز صحي منقذ للحياة. وتتعرَّض معظم سلاسل التوريد، التي تُغذي ملايين الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، وكذلك النساء الحوامل والمرضعات، لضغوط شديدة. ووصلت تدابير الأمن الغذائي والتغذية في اليمن إلى أدنى مستوياتها منذ عشر سنوات، حيث يُلبَّى بالكاد 10% من الاحتياجات المالية، على الرغم من تزايد المتطلبات.
وأشارت المنظمة إلى أن البيانات التي جُمعت من مسوحات أُجريت في تعز والضالع وأبين والحديدة وحجة، كشفت أن نصف الأسر التي لديها أطفال دون سن الخامسة كان لديها طفل واحد على الأقل يعاني من سوء التغذية خلال الأشهر الثلاثة الماضية. علاوة على ذلك، كان لدى أسرة من كل أربع أسر امرأة حامل أو مرضعة واحدة على الأقل تعاني من سوء التغذية خلال الفترة نفسها.
وأوضحت المنظمة أن الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية أكثر عرضة للوفاة بسبب الأمراض الشائعة بعشر مرات من الأطفال الذين يتمتعون بتغذية جيدة. ما يُعرضهم لتأخر نمو ومشاكل صحية طويلة الأمد. فبدون علاج، تدخل أجسامهم في حالة جوع تام، فتتحلل البروتينات الضرورية للبقاء على قيد الحياة، ما يؤدي إلى موت بطيء ومؤلم. ومع ذلك، فإن جيل اليمن القادم في خطر، ويجب مساعدته دون تأخير.
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
إقرأ أيضاً:
في كُـلّ ساعة حملة إعلامية منظمة ضد اليمن.. لماذا؟
بالنظر إلى موقع اليمن حَـاليًّا في المعادلة الإقليمية بعد أن أصبح رقمًا صعبًا وفاعلًا حقيقيًّا في معركة الأُمَّــة ضد محور الاستكبار.. فمن الطبيعي أن يلجأ العدوّ الصهيوني بآلاته الإعلامية الخَاصَّة به وماكينات أبواقه في الإعلام العربي إلى توجيه البوصلة نحو "اليمن" الحلقة المفاجئة التي أربكت حساباته وعقدت شفرة تحقيق طموحاته بعد عجزه عن كسر غزة وأهلها ومقاومتها، وفشله في إسكات صوت المقاومة الذي دوّى معها على طول عامين من الصمود والثبات في معركة طوفان الأقصى.
بشكل أوضح فإن اليمن اليوم هو قلب المعادلة.. وقد شكل حضوره في البحار العربية نقطة فاصلة قلبت الموازين أمام أعدائه رأسًا على عقب، وكثيرة هي المتغيرات التي طرأت بعد هذا الحضور الكبير، بدءا من إرباك خطوط الملاحة أمام العدوّ الإسرائيلي، مُرورًا بضرب اقتصاده، وليس انتهاء بفرض معادلات جديدة على المستويين العسكري والسياسي. وبلا شك فإن لهذه المتغيرات الكبيرة الواضحة نتائج كبيرة، ولعل أبرزها فشل تجاربه واستراتيجياته في الميدان العسكري، الأمر الذي حتم عليه اللجوء إلى الميدان الإعلامي لشن حرب ناعمة طويلة الأمد هدفها التشويه والتفكيك وزرع الفتن وتهيئة الساحة اليمنية للضرب بسهولة بعد أن كانت عصية على التفكك والانكسار.
إذن الهدف واضح: تشويه صورة اليمن التي صدرها للعالم خلال معركة إسناد غزة، وتقديمه للعالم كبلد تابع لطرف خارجي بغية عزله عن محيطه العربي والإسلامي، وتخويف الشعوب الأُخرى من النموذج اليمني الذي صمد وانتصر رغم العدوان والحصار.. وفي هذا الإطار يتحدث الإعلام المتصهين يوميًّا عن صراعات داخلية أَو خلافات قيادية، وهي بطبيعة الحال شائعات مفضوحة وادِّعاءات واهية هدفها ضرب الثقة بين الشعب والقيادة.
وأمام هذا كله يجدر بالإعلام اليمني ترسيخ هذه الحقائق جيِّدًا في إطار معركة الوعي التي يخوضها اليوم، فالعدوّ يزرع الفتن بعناية، ويصنع رموزًا بديلة، ويلمع وجوهًا يسميها "محايدة" تعمل لصالحه بشكل غير مباشر لإرباك الوعي العام وتفكيك الجبهة الداخلية، لكن اليمني بفطرته لا ينخدع بسهولة، خَاصَّة بعد عشر سنوات من الحرب الضروس والتجارب القاسية التي كشفت كُـلّ الأقنعة التي تخفّت خلف الأساليب السالف ذكرها.
وعلى كُـلّ فلا غرابة أن تتجه ريح الهجمة الإعلامية الصهيونية العاتية نحو اليمن، ذلك أن كيان الاحتلال الإسرائيلي حوصر بهذا الشكل بحريًّا لأول مرة منذ أربعينيات القرن الماضي، وأصابته صواريخ ومسيرات قدمت من مسافة 2000 كيلومتر، من قبل بلد عربي كان يراه أسفل القائمة، أَو لعله لم يكن يراه، وهذا النجاح كافٍ لصناعة وعي عربي جمعي يخشى الكيان تجذره في أوساط الشعوب العربية..
في النهاية، يجب النظر بمسؤولية تامة بحتمية المواجهة في هذا المضمار بخطط استباقية مدروسة تستفيد من استراتيجيات المعركة العسكرية لرسم الرواية الحقيقية، على أن يكون عامل التخطيط والمبادرة فيها على رأس أولويات المواجهة بدلا من انتظار استهداف الإعلام المعادي الوعيَ الجمعي العربي والغرق في المحاولات اليائسة للرد عليه.
عبد الخالق دعبوش