من صنعاء إلى الرياض: تركُ الفُرصة غُصّة
تاريخ النشر: 5th, November 2025 GMT
تُطلُّ صنعاء اليوم على الساحة بواقعٍ واضحٍ لا لبس فيه: أمام الرياض فرصة تاريخية لإصلاح ما أفسدته سياسات عدوانها، وفرصةٌ لإنهاء عقدٍ من الجراح والخراب.
لكن هذه الفرصة ليست منحة تُبادَل بالحديث الفارغ أَو بالوعود المؤجَّلة.. إنها امتحانٌ لمسؤولي قرار الرياض: هل يختارون السلامَ الجادَّ أم يواصلون المكابرة ويجعلون من الفرصة غصةً توجعهم؟
صنعاء لا تريد سلامًا كاستسلام؛ بل تضعه في موضعه الإيماني والوطني والإنساني: سلامٌ قائم على حفظ السيادةِ والاستقلال واحترام الحدود.
السلامُ الذي تريده صنعاء ليس هدنةً مرحليةً بل مشروع نهضةٍ واستقرار؛ علامة يمنية تُسجَّل باسم الشعب، لا ورقةً تُرمى في سلة الأقوال.
لكن في الوقت نفسه، ثمن التفريط معلومٌ وواضح.
من يظنُّ أن السلام سيأتي بلا ثمن أَو أن الاستقلال والسيادة تُستعاد بالكلام وحده مخطئ.
صنعاء تقولها بصراحة: سنظلُّ على أعلى درجات الجاهزية، وسنصون كرامتنا وسيادتنا.
ولن يكون التراجع عن الحقوق خيارًا؛ إنما الاستعداد للتضحية باقٍ حتى يستقرَّ العدل ويزولَ العدوان وآثاره.
هذه ليست تهويلًا بل واقعٌ استراتيجي: إما أن يترسَّخ سلامٌ مبنٍ على احترام متبادلٍ وإصلاح آثار العدوان، أَو أن تُجرَى الحسابات على أَسَاس آخر – حسابٌ يحفظ اليمن ويقطع الطريق أمام أي محاولة اعتداء مستقبلية.
صنعاء تؤكّـد أنها لن تسمح أن يتحول الأمن اليمني إلى سلعةٍ يُرتزق عليها أَو أدَاة للتدخل في شؤون الأُمَّــة.
الرسالة موجهة إلى الرياض والوسط الإقليمي والدولي: لا تكفي الإشارات؛ مطلوب فعل يُقنع الشارع اليمني ويؤسِّس لآليات ضمان دائمة.
المطلوب خطواتٌ واضحة تعالج أسباب العدوان -سياسيًّا واقتصاديًّا وأمنيًّا- وتبني ثقةً عملية تُقاس بإجراءات لا بالتصريحات.
وعلى الشعوب والمراقبين أن يفهموا أن خيارَ السلام الذي تبتغيه صنعاء مبني على كرامةٍ وطنية لا مساومة فيها، وأن أية محاولة للاستمرار في سياسة العدوان ستقابل بإرادَة صُلبة، وبتحضيرٍ ينزع كُـلّ إمْكَانية لعودتها.
هذا لا كلام مبالغ فيه، بل تحذيرٌ واقعيّ لمن يراهن على الزمن: اليمن حاضرة، قوية، ومتطلِّبة لكرامتها.
الخلاصة: أمام السعوديّة طريقان واضحان: طريقٌ للسلام الحقيقي يُبنى على الاحترام والحدود والحلول العملية ومعالجة آثار العدوان، أَو طريقٌ للمزيد من التصعيد الذي لن يجلب إلا خسائر قاضية للجار.
صنعاء موقفها واضح: السلام المشرف أولًا، لكن على قواعد عادلة – وإلا فالكلمة الأخيرة ستكون لنبض شعبٍ لا يقبل الذل.
نموت نموت وتحيا اليمن.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
من الهزيمة العسكرية إلى صناعة الكذب .. السعودية تحاول إسقاط اليمن إعلامياً
في الوقت الذي تبدو فيه المنطقة العربية غارقة في مشاريع التطبيع والتحالفات الجديدة، تشهد الساحة اليمنية تصعيداً خفياً ومتصلاً في الخطاب الإعلامي والسياسي الذي تقوده السعودية ضد مشروع المسيرة القرآنية، يصف مراقبون هذا التصعيد بأنه جزء من مخطط متكامل يستهدف اليمن على المستويين العسكري والفكري، بعدما فشلت الرياض في تحقيق أهدافها ميدانياً خلال سنوات العدوان، فتحوّلت إلى استخدام الإعلام والدعاية وحرب الأفكار لإضعاف البنية الفكرية والسياسية للمشروع القرآني.
يمانيون / تقرير / خاص
من العدوان العسكري إلى العدوان الناعم
بدأ التدخّل العسكري السعودي في اليمن عام 2015 لإعادة ما يسمى الشرعية ، لكنّ النتائج الميدانية جاءت معاكسة لتطلعات تحالف العدوان، فبعد نحو عقد من هذا العدوان الغاشم، لم تستطع السعودية حسم عدوانها عسكرياً، بينما تكرّس وجود مشروع المسيرة القرآنية، في اليمن وخصوصاً المحافظات الحرة، مُكتسباً شرعيةً اجتماعية وشعبية واسعة.
هذا التحوّل الميداني دفع الرياض، إلى التحوّل نحو أدوات غير تقليدية، الحرب النفسية، التضليل الإعلامي، اختراق النسيج الاجتماعي، والضغط الاقتصادي، وكلها تصبّ في هدفٍ واحد، تحجيم مشروع المسيرة القرآنية وتجريده من حاضنته الشعبية والفكرية.
المسيرة القرآنية .. مشروع الوعي المقاوم
مشروع المسيرة القرآنية هو منهج بنيوي لإصلاح الأمة وتوجيه طريقها نحو العزة والكرامة والاستقلال يستمد كل موجهاته على كافة المستويات الدينية والثقافية والاجتماعية والسياسية من القرآن الكريم كمرجعية شاملة، رافضاً التبعية للخارج، ومناهضاً للهيمنة الأمريكية والإسرائيلية.
أما في الإعلام السعودي، فيُقدَّم المشروع على النقيض تماماً، بأنه كيانٌ متطرّفٌ مرتبط بإيران، يُهدد استقرار المنطقة.
الفارق بين الخطابين ليس مجرد اختلاف في التوصيف، بل هو صراع سرديات يعكس جوهر المواجهة بين مشروعين:
مشروع يعتمد على الوعي الشعبي والهوية الدينية المقاومة،
ومشروع يسعى إلى تطويع المنطقة ضمن تحالفات أمريكية – إسرائيلية – خليجية.
أدوات المخطط السعودي
الإعلام كسلاح رئيسي ، خلال السنوات الأخيرة، تصاعدت الحملات الإعلامية الموجّهة من منصات سعودية ضد صنعاء والمشروع القرآني.
القنوات الفضائية السعودية مثل العربية والحدث خصصت مساحات يومية لتقارير تُصوّر المشروع كتهديد إرهابي، في المقابل، أطلقت الرياض عبر منصات التواصل حملات رقمية منسقة استخدمت وسوماً مثل: خطر_الحوثي وإيران_تحتل_اليمن، لإثارة الذعر الإقليمي وتبرير استمرار العدوان.
يقول أحد المحللين أن السعودية فشلت في كسب المعركة على الأرض، لذلك انتقلت إلى معركة تزييف الوعي، وأصبح الإعلام صاروخاً موجهاً، يهدف لتجريد المسيرة القرآنية من بعدها الديني والوطني.
التضليل والتشويه الممنهج
تتّبع الآلة الإعلامية السعودية استراتيجية تقوم على إعادة إنتاج الأكاذيب بشكل دوري، ترويج أخبار مزعومة عن انقسامات داخل صنعاء، ونشر تقارير مجهولة المصدر حول صراعات داخل البنية القيادية للمسيرة، والتركيز على شماعة التدخل الإيراني كحجة دائمة لتشويه المشروع.
بحسب تحليل أعدّه مركز إعلامي مستقل في صنعاء عام 2024، فإن أكثر من 60% من الأخبار المتعلقة باليمن في وسائل سعودية تحمل طابعاً تضليلياً أو دعائياً، وتستند إلى مصادر مجهولة أو تقارير من مواقع مشبوهة.
الحصار الاقتصادي كسلاح سياسي
في موازاة الحرب الإعلامية، تستخدم السعودية الاقتصاد كسلاحٍ في معركتها ضد اليمن، من إغلاق المنافذ، وتجميد الموانئ، وتعطيل تصاريح الشحن، كلها أدوات ضغط تهدف إلى إضعاف قدرة المشروع القرآني على إدارة مؤسسات الدولة وتلبية احتياجات المواطنين، وبالتالي خلق تذمّر شعبي من الداخل.
لكن الواقع أظهر أن هذا الضغط الاقتصادي لم يُضعف تماسك المجتمع اليمني بقدر ما كشف الطابع العقابي للحصار العدواني، وجعل الخطاب الذي يفضح مخططات السعودية أكثر حضوراً بين الناس.
الاختراق الثقافي والديني
تعمل مؤسسات دينية سعودية على إعادة إنتاج خطاب ديني رسمي يُشيطن المشروع القرآني ويصفه بالانحراف المذهبي.
ويؤكد باحثون يمنيون أن هذه الخطابات تُضخ في المناهج التعليمية والخطاب الإعلامي الخليجي ضمن حرب هويةٍ طويلة المدى تستهدف وعي الأجيال الجديدة في اليمن والمنطقة.
قائد المشروع القرآني في اليمن ممثلاً بالسيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله، يرى أن هذه الحملات ليست سوى امتدادٍ لمخطط صهيوني _ أمريكي تقوده السعودية في المنطقة.
وقد أكد في معرض خطاباته الموجهة للسعودية التي اشتملت على النصح للسعودية وكشف خلفيات تحركاتها العدوانية بأن العدو حين عجز عن إسقاط صنعاء بالقنابل، حاول إسقاطها بالدعاية، لكن الوعي القرآني أقوى من كل حملاتهم.
في المقابل، يرى محللون أن من الضرورة كسر احتكار الصورة، وتوثيق الأكاذيب إعلامياً، عبر إنشاء منصات تحقق مستقلة تعمل على كشف التضليل وإعادة سرد الحقائق بموضوعية.
البعد الإقليمي .. اليمن بين مشروعين
يُجمع المحللون على أن السعودية تسعى إلى تحييد أي نموذج مقاوم يمكن أن يشكّل خطراً فكرياً يهزم منهجها الفكري أو يؤثر فيه على المستوى الإقليمي، وشحذت كل إمكاناتها وسخرتها لعداء كل مشروع يشكل خطراً فكرياً على منهجها الذي بدأ يتكشف خطره في كل الدول العربية والإسلامية .
في المقابل، يواصل مشروع المسيرة القرآنية رفع شعارات التحرّر من الهيمنة والتطبيع، ما يجعله في مواجهة مباشرة مع المخطط الأمريكي – الصهيوني الذي تتبنّاه بعض الأنظمة الخليجية.
أخيراً ..
يبدو أن السعودية لم تتخلّ عن هدفها الاستراتيجي في تفكيك الوعي اليمني المقاوم، لكنها غيّرت الوسيلة، من القصف إلى الكلمة، ومن الصاروخ إلى الشائعة والتضليل.
ومع كل حملة دعائية جديدة، تتكشف الحقائق في حقيقة نوايا مملكة الشر، سواءً في داخل الشارع اليمني أو العربي، ولن تنجح الرياض في إسقاط المشروع القرآني ، بالحرب الإعلامية بعد أن فشلت في الحرب العسكرية
أما المشروع القرآني، فقد تَشكّل من رحم المعاناة والحصار، ووقف وحيداً في مواجهة قوى الاستكبار العالمي وسيواصل انتصاره وتوسعه بصفته مشروعاً للتحرر والإحياء القرآني في وجه الهيمنة