بوابة الوفد:
2025-11-06@05:47:02 GMT

الفاشر.. إبادة علنية أمام العالم

تاريخ النشر: 5th, November 2025 GMT

فى مدينة الفاشر المنكوبة - لم تعد السماء تمطر سوى نار، ولم يعد الليل يخفى شيئا من الرعب - فالدماء تسيل فى الطرقات والأطفال يختبئون خلف جدران منهارة والنساء يودعن أبناءهن كأنهن يعرفن أن الموت أقرب إليهم من الماء.. ما يجرى فى الفاشر ليس حربًا عابرة، بل إبادة جماعية ممنهجة تنفذ أمام العالم فى وضح النهار، دون أن يرف جفن لمجلس أمن، أو تهتز ضمائر العواصم الكبرى.

منذ مايو 2024 تحولت مدينة الفاشر إلى سجن كبير يطوقه الموت.. قوات الدعم السريع - تلك الميليشيا التى خرجت من عباءة (الجنجويد) سيئة السمعة - فرضت حصارا خانقا على المدينة، قطعت عنها الغذاء والدواء وقصفت الأحياء السكنية والمساجد ومخيمات النازحين.. فى إحدى الغارات على مسجد الفجر بحى الدارجة الأولى، قتل أكثر من 75 مصليًا وهم ساجدون لله، أى دين أو إنسانية تبرر هذا الدم.. فالأمم المتحدة وثقت مقتل ما لا يقل عن 782 مدنيًا خلال الشهور الأولى من الحصار، لكن الأرقام لا تجسد الحقيقة كاملة.. الحقيقة أن جثث الأطفال تدفن بلا كفن، وأن الأمهات يطبخن أوراق الأشجار بعد أن نفد الدقيق والماء وكل شيء، اليوم فى الفاشر - النجاة معجزة والحياة تُشترى بالدعاء.

فالممول واليد الخفية وراء هذا الدم الذى يسيل دون انقطاع.. معروف للجميع - يدعم مرتزقة الدعم السريع - فهؤلاء المرتزقة أصبحوا قوة جوية عاتية ليس من فراغ.. هناك تمويل خارجى ضخم مكنها من امتلاك طائرات مسيرة وأسلحة متطورة، فى وقت يعجز فيه جيش نظامى عن توفير الغذاء لمقاتليه.. فهناك تقارير دولية وإقليمية عديدة أشارت إلى دعم مالى ولوجستى من بعض القوى الخليجية، المعروفة للقاصى والدانى، التى وفرت لقادة الدعم السريع الغطاء المالى والتحرك السياسى، بينما تنكر أى علاقة رسمية بذلك. لكن الوقائع على الأرض لا تكذب.. كيف لميليشيا قبلية أن تمتلك هذا التسليح وهذه التكنولوجيا من دون دعم خارجى؟.

فما يجرى فى مدينة الفاشر وغيرها من المدن والولايات ليس عشوائيا.. إنه مخطط لإفراغ دارفور وغيرها من المدن السودان من مكوناته الأصلية - الهدف هو إعادة رسم خريطة بشرية جديدة، تقصى من تبقى من الشعب السودانى الحر، وتحكم السيطرة على الأرض والثروات عبر وكلاء محليين.. إنها وصمة عار على جبين العالم - فالمأساة ليست فى القتلة وحدهم، بل فى الصمت المريب للمجتمع الدولى.. فالأمم المتحدة ما زالت تكتفى بالقلق، والدول الكبرى تصدر بيانات باهتة، بينما يموت الأبرياء جوعًا وقصفًا.. فالعالم الذى انتفض من أجل أوكرانيا، يتجاهل السودان كأنه بلد خارج الإنسانية - كما تجاهل أهل غزة على مدار عامين من الإبادة والتجويع الممنهج.

كيف يمكن أن تُقصف المساجد والمستشفيات أمام الأقمار الصناعية وشاشات الأخبار، ولا يتحرك جندى واحد لإنقاذ الأرواح.. أليست هذه إبادة معلنة؟.. أليس السكوت عن القتل مشاركة فيه؟.. فما يجرى فى الفاشر هو أكثر من مأساة، إنه فصل جديد من جرائم القرن، المدنيون يبادون بالذل والمهانة والجوع والقصف، والمجرمون يتفاخرون بانتصاراتهم على جثث هؤلاء الأبرياء - نعم إنها محاولة لمحو هوية، لطمس تاريخ، بل لاقتلاع شعب من جذوره.. فالتاريخ سيسجل أن العالم شاهد - ولم يفعل.. وأن الفاشر نزفت حتى الرمق الأخير، تنادى الضمير الإنسانى فلا أحد لبى النداء.

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى 

 

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: رادار

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني: سنجبر «الدعم السريع» على الانسحاب من كل شبر أراضي

أكد الجيش السوداني أن القوات المسلحة تستمد عزيمتها من الإيمان الشعبي وإرادة الشباب في الأجهزة النظامية، مشددًا على ضرورة الثبات الميداني والاستعداد الكامل لمواجهة التحديات العسكرية والسياسية التي تمر بها البلاد.

وقال نائب القائد العام للجيش إن المرحلة الحالية تمثل اختبارًا حقيقيًا لإرادة الشعب السوداني، مشيرًا إلى أن القوات المسلحة متمسكة بالعزيمة والثبات في مواجهة ميليشيا الدعم السريع، وستجبرها على الانسحاب من ولايتي كردفان ودارفور ومن كل شبر من أراضي السودان.

وأشار المسؤول العسكري إلى أن النصر سيكون حليف من يحمل الحق ويدافع عن الوطن، مؤكدًا استمرار أداء الجيش واجبه الوطني حتى تحقيق الأمن والاستقرار.

وجاء ذلك بعد إعلان قوات الدعم السريع الأسبوع الماضي السيطرة على مقر الفرقة السادسة للمشاة في الفاشر، آخر معاقل الجيش السوداني في دارفور، فيما قالت السلطات السودانية إن الهجمات أسفرت عن مقتل أكثر من 2000 شخص منذ سقوط المدينة.

وأكدت وزارة الخارجية الروسية أن الانتهاكات في شمال دارفور تثير قلق موسكو، مؤكدة دعمها للحل السلمي للصراع، في حين أدت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ أبريل 2023 إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح الملايين، مع تعرض الفاشر للدمار جراء القصف وحرمان نحو 260 ألف مدني، نصفهم أطفال، من المساعدات الإنسانية تقريبًا.

مقالات مشابهة

  • شهادات مروّعة عن اغتصابات جماعية بعد سقوط الفاشر بيد الدعم السريع
  • الجيش السوداني: سنجبر «الدعم السريع» على الانسحاب من كل شبر أراضي
  • «الدعم السريع» ترفض دفن شهداء الفاشر
  • وزير سوداني سابق يكشف لـعربي21 أسباب انسحاب الجيش أمام الدعم السريع
  • مجازر جديدة شمال كردفان على يد الدعم السريع.. والجيش يطوق مدينة بارا
  • وزير سوداني يكشف لـعربي21 أسباب انسحاب الجيش أمام الدعم السريع ومستقبل المفاوضات
  • هل تدفع سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر إلى تقسيم السودان؟
  • “بطل السودان” الذي اغتالته “الدعم السريع”
  • محمد خميس دودا بطل السودان الذي اغتالته الدعم السريع