بعد أن هدّد الدعم السريع باجتياحها.. موجة نزوح تتصاعد من «الأبيّض»
تاريخ النشر: 5th, November 2025 GMT
تعيش مدينة الأبيض حاضرة ولاية شمال كردفان غربي السودان أياما عصيبة مع تصاعد وتيرة القصف والاشتباكات في محيطها خلال الأيام الماضية وتزامن ذلك مع تطورات ميدانية في مدينتي الفاشر وبارا ما دفع مئات الأسر إلى النزوح في اتجاهات متعددة بحثا عن الأمان.
التغيير: فتح الرحمن حمودة
وعقب سيطرة قوات الدعم السريع على مدينتي الفاشر وبارا كانت قد أعلنت تلك القوات أنها تتجه نحو مدينة الأبيض الأمر الذي أثار حالة من الخوف والهلع وسط السكان خشية تكرار سيناريو الفاشر وما صاحبه من انتهاكات وجرائم حرب عند اجتياح المدينة.
و كانت قد تداول على منصات التواصل الإجتماعي أنباء غير مؤكدة عن انتقال حكومة الولاية إلى مدينة كوستي ما أثار موجة من القلق والارتباك بين المواطنين الذين يبحثون عن حقيقة ما يجري وعن سبيل آمن وسط هذا الغموض المتصاعد بالمنطقة.
نفي حكوميو في ذات السياق أكد مصدر حكومي لـ (التغيير) أن حكومة الولاية نفت تلك الأنباء، مشيراً إلى أنها ما تزال تمارس مهامها من داخل الولاية وأن دولاب العمل يسير بصورة طبيعية مع رصد تحركات ميدانية للوالي داخل المدينة واستمرار النشاط المعتاد للمؤسسات الحكومية والمدنيين.
وبحسب متابعات (التغيير) تعيش المدينة هذه الأيام حالة من الهدوء الحذر وسط مخاوف متزايدة من هجمات محتملة لقوات الدعم السريع، و بحسب مصدر أوضح لـ (التغيير ) أن الجيش عزّز من انتشاره داخل المدينة وفي محيطها مؤكدا أن المدينة مؤمنة وتخضع لرقابة مشددة تحسبا لأي تطورات ميدانية.
وبالتزامن مع تهديدات الدعم السريع باجتياح المدينة بدأت موجات جديدة من النزوح باتجاه مناطق أكثر أمانا و قالت مصادر لـ (التغيير) إن غالبية المغادرين هم من النازحين الذين كانوا قد لجأوا إلى المدينة سابقاً، إضافة إلى عدد من السكان القدامى والتجار الذين يخشون تفاقم الأوضاع الأمنية بالمنطقة.
مدينة الأبيض- إرشيفية موجة نزوحو قال المواطن « ي . ن» من سكان المدينة لـ (التغيير) بدأت موجة النزوح من المدينة عقب استعادة قوات الدعم السريع سيطرتها على مدينة بارا وإعلانها نيتها دخولها إلى جانب إنذارها للمواطنين بمغادرة المدينة فالمشاهد المروعة والانتهاكات التي ارتكبت في بارا والفاشر بثت الرعب في نفوس المدنيين ودفعت أعدادا كبيرة منهم إلى مغادرة الأبيض خوفا على حياتهم.
و أوضح في حديثه شهدت معظم أحياء المدينة موجات نزوح كثيفة خصوصاً أحياء البترول، الدرجة، القلعة، وعرفات وأوضح نجيب أن الأسباب الرئيسية للنزوح تعود إلى الخوف من بطش وانتهاكات قوات الدعم السريع رغم أنه لا توجد حتى الآن عمليات قصف مباشر داخل مدينة الأبيض كما لا يسجل نقص في المواد الغذائية، والأوضاع داخل المدينة ما تزال هادئة نسبيًا.
وأضاف أن حركة النزوح تجري بشكل عشوائي حيث يتجه النازحون نحو مدن أم درمان وكوستي وربك بالإضافة إلى ولايات أخرى تحت سيطرة الجيش مع ملاحظة أن النسبة الأكبر من النازحين تتجه نحو مدينة أم درمان.
مخاوف قطع الطريقبينما قال المواطن « م . أ» لـ (التغيير) إن موجة النزوح بدأت في اليوم الثاني عقب سقوط مدينة الفاشر مشيرا إلى أن أحد أبرز أسباب نزوح الأهالي هو الخوف من قيام قوات الدعم السريع بقطع الطريق الشرقي الجنوبي للمدينة «طريق الرهد – أم روابة» الذي يربط الأبيض بولاية النيل الأبيض.
وأوضح أن الأحياء الشرقية للمدينة مثل الدوحة والشارقة والقلعة شهدت أكبر حالات النزوح حيث غادرت الأسر بشكل فردي ودون أي تنظيم رسمي متوجهة في الغالب نحو أم درمان ومدني كما أن الميناء البري كان قد شهد ازدحاما شديدا بسبب تدفق النازحين إلى جانب ندرة في تذاكر السفر الأمر الذي أجبر الكثيرين على الحجز قبل ثلاثة أيام على الأقل لضمان السفر.
مضيفا أن عملية النزوح ما تزال مستمرة داعيا إلى توفير وسائل نقل آمنة للنازحين حتى يتمكنوا من الوصول إلى وجهاتهم بسلام متمنيا لهم الاستقرار في مناطقهم الجديدة .
تأثير الوضع في الفاشر
لكن المواطنة « و. م » قالت لـ (التغيير) إن موجات النزوح من المدينة كانت قد بدأت مباشرة بعد سيطرة الدعم السريع على مدينة الفاشر وتزايدت عقب تصريحات قوات الدعم السريع التي أعلنت نيتها اجتياح المدينة.
وأضافت أن سقوط مدينة بارا للمرة الثانية جعل المواطنين يشعرون بأن الخطر بات حقيقيا خاصة مع هجوم الدعم السريع على المحور الجنوبي الغربي للأبيض وهو ما فاقم حالة الهلع ودفع المزيد من الأسر إلى النزوح.
وأوضحت أن الأحداث المتسارعة في الفاشر وبارا خلال أسبوع واحد خلقت حالة من الذعر الجماعي داخل المدينة، مشيرة إلى أن أغلب النازحين هم من سكان الأحياء الشرقية الذين غادروا بشكل عشوائي ودون تنظيم وبينت أن معظم الذين نزحوا اتجهوا إلى مدن بعيدة خارج الولاية بل إن بعضهم غادر البلاد تماما بحثا عن الأمان والاستقرار.
صعوبة المواصلاتو قال المواطن « ع. ك» ايضا من سكان المنطقة لـ (التغيير) إن أبرز العراقيل التي تواجه الأهالي حاليا تتمثل في صعوبة المواصلات، موضحا أن المنفذ الوحيد العامل هو طريق الأبيض – كوستي بينما توقفت بقية الطرق بسبب الحصار بما في ذلك الطرق الترابية التي تمر عبر القرى.
مضيفا أن هذا الوضع أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار التذاكر التي قفزت من «65» إلى« 125» ألف جنيه إلى جانب ندرة المركبات رغم دخول عدد من السيارات إلى الخدمة دون تنظيم واضح مما اضطر كثيرين للبقاء أياما بانتظار وسيلة سفر.
وأشار إلى أن الاستغلال التجاري وغياب الرقابة فاقما من الأزمة كما أن بعض المركبات غير مهيأة للسفر الطويل فضلا عن كثرة نقاط التفتيش التي تعرقل حركة الخروج، موضحا أن توقف المدارس وعدم صدور قرارات واضحة من الخدمة المدنية جعل العديد من الأسر تتردد في المغادرة خوفا من فقدان وظائفها أو انقطاع تعليم أبنائها.
وما تزال المخاوف تسيطر على المدنيين من احتمال قيام قوات الدعم السريع بقطع الطريق الرابط بين مدينتي الأبيض وكوستي الأمر الذي قد يؤدي إلى فرض حصار كامل على المدينة على غرار ما حدث في الحصار الأول عقب سيطرة تلك القوات على مدينتي الرهد وأم روابة اللتين تقعان حاليا تحت سيطرة الجيش في شمال كردفان.
الوسومآثار الحرب في السودان الأبيض ولاية شمال كردفان
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان الأبيض ولاية شمال كردفان قوات الدعم السریع مدینة الأبیض داخل المدینة ما تزال إلى أن
إقرأ أيضاً:
«الدعم السريع» ترفض دفن شهداء الفاشر
إعلان المجاعة فى المناطق المنكوبة بالسودان.. و«البرهان» يناقش الهدنة الأمريكية
واصلت أمس ميليشيا الدعم السريع جريمة الإبادة الجماعية للشعب السودانى فى إقليم شمالى دارفوروكردفان فيما نددت شبكة أطباء السودان بتكدس عشرات الجثث داخل منازل بمدينة بارا فى شمال كردفان، وذلك بالتزامن مع الدعم السريع لمستشفى للأطفال فى منطقة كورنوى فى شمال دارفور.
وأشارت إلى تصاعد حصيلة المفقودين فى المنطقة فى الوقت الذى ترفض فيه ميليشيا الدعم السريع دفن جثامين الشهداء وترتكب جرائم فظيعة فى حق أهالى «بارا» فى سلسلة من عمليات القتل الجماعى وقطع الاتصالات.
وقالت الشبكة إنه خلال الأسبوع الذى أعقب سيطرة الدعم السريع على الفاشر، نزح نحو 36.825 شخصاً من خمس مناطق فى ولاية شمال كردفان بين 26 و31 أكتوبر. ووصفت الهجوم على مستشفى كورنوى للأطفال بأنه جريمة حرب مكتملة الأركان تظهر مدى عمليات القتل المستمرة، وحولت المدنيين الأبرياء إلى أهداف يومية.
وأضافت المنظمة فى بيانها أن استهداف مستشفى يعالج الأطفال ليس أقل من وجه آخر للإرهاب المنهجى والاعتداء الوحشى على الحياة نفسها، وقالت المجموعة الطبية إن اثنين من المصابين طفلان كانا يتلقيان العلاج فى المستشفى. وحملت الدعم السريع المسئولية الكاملة عن هذه الجريمة ودعت المجتمع الدولى والمنظمات الحقوقية والطبية إلى الخروج عن صمتها المخزى والقيام بواجبها تجاه شعب يتعرض للإبادة أمام أعين العالم.
وأكدت لجنة التصنيف المرحلى المتكامل للأمن الغذائى وقوع مجاعة فى الفاشر شمال دارفور وكادقلى بجنوب كردفان، وسط تحذيرات من تمددها إلى مناطق أخرى. وكانت الحكومة السودانية قد علقت مشاركتها فى نظام التصنيف المرحلى المتكامل، فى ديسمبر الماضى وهو مرصد عالمى لقياس أزمات الجوع مدعوم من الأمم المتحدة.
وقالت اللجنة فى تقرير لها إن وجود المجاعة وقعت فى الفاشر وكادقلى وتوقعت استمرارها حتى يناير المقبل، وأشارت إلى وجود 20 منطقة فى كردفان ودارفور معرضة لخطر المجاعة، وأوضحت أن الأوضاع فى مدينة الدلنج المحاصرة مماثلة لتلك الموجودة فى كادوقلى، لكن نقص البيانات حال دون تصنيفها منطقة مجاعة. وقالت إن المجاعة تتميز بانهيار تام لسبل العيش والموت جوعاً وارتفاع حاد فى مستويات سوء التغذية.
وشدد التقرير على أن حالة عدم اليقين بشأن تطورات الصراع خلال الفترة المقبلة تثير خطر المجاعة فى المناطق المحيطة بالفاشر وكادوقلى والدلنج، بما فى ذلك محليات طويلة ومليط والطويشة بشمال دارفور وجبال النوبة الغربية بجنوب كردفان.
وتمنع ميليشيا الدعم السريع وصول الغذاء والأدوية إلى الفاشر منذ أبريل 2024، ما أدى إلى أزمة جوع واسعة أجبرت السكان على تناول علف الحيوانات، حيث تزامن الحصار الذى تفرضه مع هجمات انتهت بسيطرتها على المدينة فى 26 أكتوبر الماضى.
وتحاصر الدعم السريع والحركة الشعبية – شمال بقيادة «عبدالعزيز الحلو» مناطق عديدة فى جنوب كردفان، منها كادوقلى والدلنج، ويعانى المدنيون جوعاً ونقصاً حاداً فى العلاج جراء ذلك.
وقال التقرير إن 21.2 مليون سودانى، بما يعادل 45% من السكان، يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائى، منهم 6.3 مليون شخص فى مرحلة الطوارئ و375 ألف فرد فى مرحلة الكارثة. وأضاف أن سوء التغذية لا يزال مصدر قلق بالغ، حيث تجاوزت حالة الطوارئ المحددة بـ15% فى أكثر من 60% من المناطق التى غطتها المسوحات بين يناير ويوليو هذا العام، مع وجود أربع مناطق فى دارفور سجلت معدل انتشار يقارب عتبة المجاعة البالغة 30% أو أعلى.
وقالت لجنة التصنيف المرحلى إن المساعدات الإنسانية لا يمكنها منع المجاعة إلا مؤقتاً وفى مواقع محددة، داعية إلى معالجة الأسباب الأوسع نطاقاً، بما فى ذلك إنهاء الحصار ووقف النزاع وتعزيز جهود الإغاثة المحلية.
وهذه المرة الثالثة التى يراجع فيها التصنيف المرحلى حالة الأمن الغذائى فى السودان، حيث أجريت المراجعتان السابقتان للمجلس فى يوليو وديسمبر 2024.
وأعلن التصنيف وقوع مجاعة فى السودان لأول مرة فى أغسطس 2024، فى مخيم زمزم قرب الفاشر، وسيطرت عليه الدعم السريع فى أبريل الماضى، بعد هجوم مروع أدى إلى تشريد سكانه الذين يزيد عددهم على نصف مليون نازح.
واجتمع مجلس الأمن والدفاع السودانى برئاسة قائد الجيش «عبدالفتاح البرهان» للنظر فى مقترح الهدنة الأمريكية لوضع حد للنزاع الدامى فى السودان منذ أكثر من عامين.
وكان الموفد الأمريكى الخاص لإفريقيا «مسعد بولس» قد أجرى سلسلة اجتماعات فى القاهرة مؤخراً بهدف وضع اللمسات الأخيرة على مقترح الهدنة الإنسانية الذى قدم منتصف سبتمبر الماضى، برعاية عدد من الوسطاء، من بينهم مصر والسعودية والإمارات.