صحيفة التغيير السودانية:
2025-06-27@07:48:39 GMT

كيف انجو من الحنين ورصاص الحزن

تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT

كيف انجو من الحنين ورصاص الحزن

هادية حسب الله

وانا أقلب الواتساب بحثا عن رسالة تطمئن القلب حول الاهل والأحباب، طالعنى تقرير فى أحد القروبات الامدرمانية ، ذكر ان المنطقة حول كلية التربية وهى منطقة المقابر تقريبا ( البكرى. أحمد شرفى) لا تسيطر عليها اى قوى عسكرية. دون ان أفكر وجدتنى اتنهد بارتياح غبى. وأقول لنفسى ” الحمد لله لن يشهد سكان القبور على المعارك.

لن ترى أمى وأبى وجدتى وكل من أحبهم هذا الموت” ..الموت.. تنبهت لبداهة ان الموت لا يخيف سكان القبور. ولا يحزنهم.واشفقت على نفسى من رهقها. اذ سعدت بنجاة أهل القبور.
اترانا سننجو من حنيننا ؟ من رصاص الحزن المخترق للقلب! كل صباح أصحو وامدد تثاؤبى متصورة اننى بفراشى بغرفتى بالمنزل. افتح عينى ببطء حتى لا تقع عيناى على مكانى الجديد وأتأكد اننى لست بمنزلى.
ابتلع دمعى المالح وانا أبحث عن معلقة او سكين بالمطبخ الجديد .وانا مصرة اننى وضعته بمكانه المحدد لاكتشف اننى مسجونة الذاكرة فى مطبخى القديم.
يصيبنى السهاد وانا استمع لكل الأصوات الغريبة بليل بلاد أخرى. يعاف نومى هذا الليل المعبأ باصوات أخرى .. ليس هذا ليلى.
أصحو وانا اشعر بالارهاق اتجنب التلفون والتلفزيون خوفا من معرفة الاخبار. أوقد بخورى لكى لا تفاجئ انفى رائحة الغربة…نعم للغربة رائحة نافذة جارحة للقلب قبل الأنف. رائحة شجر لم يخرج من طيننا. طعام مطهو بطريقة جدات لسن جداتى. غسيل منشور ببلكونة قريبة بقايا عطن وصابون. نسمات معبأة ببرودة ما: برودة السلام دون مقالدة. برودة الشاى الأحمر دون نعناع أخضر. برودة الطرق الغريبة. برودة كل شىء. فالدفء هناك بحضن البلاد وحدها.
لم أكن اظن اننى ساكأفح فيما أكافح فى حياتى، الغربة.
تباهيت كثيرا بصمودنا عن الخروج من البلاد طوال سنوات شبابنا. واننا سنظل هناك مزروعين كشجر النيم بشارع النيل. كشجرة التبلدى عظيمة الجذور بباب بيت أمى. ظننا اننا لن نخرج أبدا. وصدقت ظنى اننى سأقضى ماتبقى من العمر هناك وأمضى لحياتى الأخرى بقرب أماتى. بمقابر جدودى محمولة على أكتاف أحبتى. وسط دمع صادق.
الان انا وأسرتى نواجه الغربة وجها لوجه. نواجه أيام بلا صوت بائع اللبن. والاذان. ورائحة سوق سمك الموردة حين تغلق أنفك لنفاذ رائحة السمك. نواجه الايام دون مناداة “الكماسرة” بموقف مواصلات الشهداء والمؤسسة. وممازحة اطفال الجيران.
ورغم كل الافتقاد لكل التفاصيل أثق اننا سننجو حتما وستنجو البلاد. فنحن مخلوقين لشوارعنا المعفرة بغبارها وتمام محبتها.
ستنجو البلاد من تآمر القتلة جميعهم. ستنجو حبيبتنا البلاد ونقالدها بالتخلى عن كل ما يؤذيها سنهبها اخلاصنا الكبير ونتجاهل صغائر نفوسنا..لاشىء أقسى من اختبارنا هذا لنجنبها المزيد من الخراب.

الوسومهادية حسب الله

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

إقرأ أيضاً:

منصور بن محمد: اللهم اجعل هذا العام فاتحة خير وبركة على البلاد والعباد

متابعات: «الخليج»

قال سموّ الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس اللجنة الأولمبية الوطنية، عبر منصة «إكس»: «نُبارك لقيادتِنا الرشيدة، وشعبِنا الكريم، والأمتَينِ العربيَّةِ والإسلاميَّة، ذكرى الهجرةِ النبويَّة...».

وأضاف سموه: «رحلةٌ قادتِ البشريَّةَ لآفاقِ الهدايةِ والرحمات...».


وتابع سموه: «اللهم اجعلْ هذا العامَ فاتحةَ خيرٍ وبركةٍ على البلادِ والعباد».

مقالات مشابهة

  • من يُنقذ تمصلوحت: الطبيب أم بائع البصل؟ القرار في غرفة الفار.
  • مقتل 18 من «الشباب» بغارة جوية في الصومال
  • منصور بن محمد: اللهم اجعل هذا العام فاتحة خير وبركة على البلاد والعباد
  • صيف 2025.. هل نواجه موسما جديدا من الحر القياسي؟
  • اكتشاف صادم حول “رائحة كبار السن”: هل هي قلة نظافة أم شيء آخر؟
  • حقوق الإنسان بالبصرة تطالب بإعلان حالة الطوارئ: نواجه كارثة مائية
  • شهداء لقمة العيش.. الحزن يخيم على قرية الترامسة بقنا عقب غرق شابين بأسوان
  • رانيا يوسف: انت عرفتني وانا لابسة الشورت يبقى ماتقولش البسي طويل.. فيديو
  • استشهاد 23 فلسطينيًا بغارات ورصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة والقدس
  • أرامل في وطن جاف من يربّت على أكتاف الحزن؟