السودان.. ما هي الدول الـ4 المتهمة بالتدخل بصراعه الدموي وفقا لمزاعم مراقبين؟.. إليكم ماذا تعلم
تاريخ النشر: 8th, November 2025 GMT
ينما تُصوَّر الحرب في السودان غالبًا على أنها صراع داخلي بين جنرالين متحاربين، فإن التورط الغامض لعدة قوى أجنبية يجعل الصراع أكثر تعقيدًا ودموية..
التغيير: وكالات
كانت التقارير المروعة عن مذبحة مئات المدنيين السودانيين بعد سيطرة قوات الدعم السريع المتمردة على مدينة الفاشر بدارفور الأسبوع الماضي، أحدث فصل في صراع وحشي أودى بحياة أكثر من 150 ألف شخص على مدار العامين والنصف الماضيين.
ولكن بينما تُصوَّر الحرب في السودان غالبًا على أنها صراع داخلي بين جنرالين متحاربين، فإن التورط الغامض لعدة قوى أجنبية يجعل الصراع أكثر تعقيدًا ودموية.
وينظر الكثيرون إلى السودان على أنه ذو أهمية استراتيجية في المنطقة الأوسع. بصفته جسرًا بين الشرق الأوسط وأفريقيا، يسيطر السودان على حوالي 500 ميل من ساحل البحر الأحمر على طول طريق ملاحي رئيسي. يمتلك السودان أراضي زراعية واسعة ورواسب ذهبية مهمة. وهو أكبر منتج في العالم للصمغ العربي، وهو مكون غذائي ودوائي ومستحضرات تجميل. كما يلعب دورًا رئيسيًا في دبلوماسية المياه في المنطقة، حيث يتدفق حوالي 400 ميل من النيل الأزرق عبر أراضيه.
يوم الخميس، وفي ظل ضغوط دولية متزايدة بشأن المذبحة المزعومة في دارفور، أعلنت قوات الدعم السريع موافقتها على هدنة إنسانية اقترحتها أربع دول، تُعرف باسم “الرباعية”، وهي (الولايات المتحدة، والإمارات العربية المتحدة، ومصر، والمملكة العربية السعودية) وصرح متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية بأن الولايات المتحدة تواصل التواصل المباشر مع قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية المتنافسة “لتسهيل التوصل إلى هدنة إنسانية”. وحثت الجانبين على الالتزام بها، “نظرًا للحاجة الملحة إلى تهدئة العنف وإنهاء معاناة الشعب السوداني”.
ووُجهت اتهامات إلى ثلاث من الدول الأربع المشاركة في التوسط في الهدنة المحتملة – الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، ومصر – إلى جانب روسيا، من قِبل خبراء وهيئات مراقبة حقوق الإنسان وعدة حكومات غربية بمحاولة التأثير على الصراع في السودان بوسائل مختلفة، بما في ذلك توفير الأسلحة والدعم المالي واللوجستي، وتقديم الدعم الدبلوماسي.
لقد دعمت الدول الأربع في البداية الجيش السوداني عندما أطاح بالديكتاتور عمر البشير في عام 2019 وعندما عزز سلطته على البلاد في انقلاب عام 2021، لكن عندما بدأ الصراع بين الشخصيتين الرئيسيتين وراء الانقلاب – قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، المعروف أيضًا باسم حميدتي، وقائد القوات المسلحة السودانية عبد الفتاح البرهان – اضطرت القوى الأجنبية لاختيار من تدعمه – وازداد تورطها غموضًا.
الكثير على المحك. يقول تشارلز راي، الدبلوماسي الأمريكي المتقاعد الذي شغل منصب السفير الأمريكي لدى كمبوديا وزيمبابوي، ويرأس الآن برنامج أفريقيا في معهد أبحاث السياسة الخارجية: “من يسيطر على السودان يتمتع بنفوذ في المنطقة الأوسع، في القرن الأفريقي، وكذلك في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى”.
إليكم ما نعرفه عن بعض الأطراف المتهمة بدور مزعوم.
الإمارات العربية المتحدة
اتُهمت الإمارات العربية المتحدة مرارًا وتكرارًا بتزويد قوات الدعم السريع شبه العسكرية التابعة لدقلو بالأسلحة، وتتبع خبراء ونشطاء حقوق الإنسان الأسلحة التي عُثر عليها في دارفور إلى الإمارات العربية المتحدة، وفي عهد إدارة بايدن، كشفت الولايات المتحدة – الحليف الرئيسي للإمارات – عن روابط بين عدد من الشركات في الدولة الخليجية ومتمردي قوات الدعم السريع.
نفت الإمارات العربية المتحدة هذه المزاعم بشدة، رغم أن لجنة خبراء عيّنها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وصفتها العام الماضي بأنها “موثوقة”.
حاول العديد من المشرعين الأمريكيين مرارًا وتكرارًا منع مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى الإمارات العربية المتحدة بسبب هذه المزاعم، وفي الأسبوع الماضي، دعت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي إلى تصنيف قوات الدعم السريع رسميًا كمنظمة إرهابية. وفي البيان نفسه، قالت اللجنة إن “جهات خارجية داعمة”، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة، “أججت الصراع واستفادت منه”. ولم تطالب اللجنة الولايات المتحدة صراحةً بوقف مبيعات الأسلحة إلى الإمارات.
وتعود الروابط بين الإمارات العربية المتحدة وميليشيا قوات الدعم السريع إلى ما قبل الصراع الحالي. يتمتع قائد قوات الدعم السريع، حميدتي، بعلاقات وثيقة في الإمارات من خلال بعض أفراد عائلته، الذين يقول مسؤولون أمريكيون إنهم يسيطرون على شبكة من الشركات في الدولة الخليجية.
وفرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على العديد من هذه الشركات، مشيرًا إلى تورطها في توريد أسلحة لقوات الدعم السريع وتمويلها عن طريق بيع الذهب المستخرج من مناجم في المناطق الخاضعة لسيطرتها لتجار في دبي.
وصرح مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) أن هذه الشركات كانت تحت سيطرة حميدتي، وشقيقيه القوني حمدان دقلو موسى وعبد الرحيم دقلو، أو أشخاص آخرين مرتبطين به ارتباطًا وثيقًا.
وعند الإعلان عن العقوبات المفروضة على موسى، أشار مكتب مراقبة الأصول الأجنبية تحديدًا إلى أنه يقيم في دبي ويشارك في “جهود قوات الدعم السريع لشراء أسلحة ومعدات عسكرية أخرى”.
من جهته وصف أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي الأعلى لرئيس الإمارات، التقارير حول تورط الإمارات مع قوات الدعم السريع بأنها “أخبار كاذبة”، قائلا: “للأسف… مع الأخبار الكاذبة، ومع كل أنواع الحملات الإعلامية، هناك محاولات لتصويرنا بشكل مختلف. لكن هذا ما نريده: نريد مفاوضات، نريد انتقالًا إلى حكم مدني، والأهم من ذلك، نحتاج إلى وقف إطلاق النار”.
وفي سياق متصل، تواصلت سفارة الإمارات العربية المتحدة في واشنطن مع شبكة CNN هذا الأسبوع عقب نشر تقريرٍ سابقٍ لها يشير إلى تورطها المزعوم في السودان، رافضةً هذا الادعاء، مؤكدةً أنها “دعمت باستمرار الجهود الإقليمية والدولية لتحقيق وقفٍ فوري لإطلاق النار، وحماية المدنيين، وضمان المساءلة عن الانتهاكات التي ارتكبتها جميع الأطراف المتحاربة”.
وقال مسؤولٌ إماراتيٌّ في المذكرة المُرسلة CNN: “نرفض رفضًا قاطعًا أي ادعاءاتٍ بتقديم أي شكلٍ من أشكال الدعم لأيٍّ من الطرفين المتحاربين منذ اندلاع الحرب الأهلية”.
وأشار المسؤول إلى تقريرٍ نشرته لجنة خبراء الأمم المتحدة المعنية بالسودان في أبريل/ نيسان الماضي، والذي لا يتضمن مزاعم تورط الإمارات العربية المتحدة، على عكس النسخ المنشورة سابقًا من هذا التقرير.
وطلبت شبكة CNNمن حكومة الإمارات التعليق على هذه الاتهامات.
مصر
دعمت مصر المجاورة البرهان وحميدتي عندما شنّا انقلابهما لإزاحة البشير، حتى أنها أجرت سلسلة من التدريبات العسكرية المشتركة في عامي 2021 و2022.
أوضحت القاهرة أنها تعتبر البرهان والقوات المسلحة السودانية السلطة الشرعية في السودان. وعقدت الحكومة اجتماعات متكررة مع وزراء البرهان، مقدمةً دعمًا دبلوماسيًا. وفي أحد هذه الاجتماعات الشهر الماضي، أيدت وزارة الخارجية المصرية صراحةً القوات المسلحة السودانية، ببيانٍ أعربت فيه عن “التزام مصر بسيادة السودان وسلامة أراضيه والدور الحيوي لمؤسساته الوطنية، وخاصةً القوات المسلحة السودانية”.
وسبق أن اتهم حميدتي مصر بتزويد القوات المسلحة السودانية بالأسلحة ومهاجمة قوات الدعم السريع، وهي مزاعم نفتها مصر.
وقال خالد العناني من جامعة جورج تاون: “مصر متورطة بشكل رئيسي بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي، وخاصة تداعيات عدم استقرار السودان على نهر النيل، شريان الحياة لمصر”، مضيفًا أن هناك دافعًا رئيسيًا آخر للقاهرة: “منع ظهور نظام ديمقراطي في السودان بعد سقوط البشير”.
وأضاف العناني أنه ومع ذلك، فإن دعم مصر محدود، لأن القاهرة “مقيدة باعتمادها الاقتصادي الكبير على الإمارات العربية المتحدة، التي تُقدم لنظام السيسي مساعدات مالية ضخمة”، وهناك اعتبارات عملية أيضًا، حيث “تخشى مصر أيضًا من العواقب الإنسانية للحرب: فقد زاد تدفق عشرات الآلاف من اللاجئين السودانيين الضغط على اقتصاد هش أصلًا”، بينما أشار راي أيضًا إلى مشاكل الأمن المائي المزمنة في مصر.
وتخوض مصر وإثيوبيا صراعًا على المياه منذ أكثر من عقد، منذ أن أعلنت إثيوبيا عن نيتها بناء سد النهضة الإثيوبي الكبير على نهر النيل. افتُتح السد رسميًا في سبتمبر/أيلول، وسط احتجاجات صاخبة من مصر، التي تعتمد على النيل في حوالي 90% من إمداداتها من المياه العذبة.
السودان، الواقع بين إثيوبيا ومصر، طرف رئيسي في النزاع و”موافقة السودان ووقوفه إلى جانب مصر يُمثلان ميزةً للقاهرة في المنافسة مع إثيوبيا”، وفقا لراي.
وطلبت شبكة CNN من الحكومة المصرية التعليق.
السعودية
تلتزم الرياض الحياد علنا، وتدعو إلى حل سوداني للصراع، وتشارك في رعاية جهود الوساطة مع الولايات المتحدة، ولكن، كما هو الحال مع مصر، يقول المراقبون إن السعودية دعمت البرهان وقواته المسلحة السودانية بشكل غير مباشر، ووفرت له الدعم الدبلوماسي.
ولكن مثل مصر، يقول المراقبون إن المملكة العربية السعودية دعمت البرهان وقواته المسلحة بشكل خفي، وزودته بالدعم الدبلوماسي.
ولعبت السعودية دورًا بارزًا في إجلاء آلاف الأشخاص من السودان، معظمهم أجانب، في الأسابيع الأولى من القتال.
وأكدت المملكة العربية السعودية أنها تعتبر السودان جارها المباشر، وأن جهدها الرئيسي ينصب على الحفاظ على الاستقرار على طول البحر الأحمر، وهو قناة تجارية رئيسية محورية لخطط رئيس الوزراء السعودي وولي العهد الأمير محمد بن سلمان للاقتصاد السعودي.
وقال راي إن المملكة العربية السعودية، مثل الإمارات العربية المتحدة، لديها مصلحة اقتصادية واستراتيجية عميقة في السودان، بما في ذلك التأكد من عدم تفوق منافسيها الإقليميين عليها.
وتواصلت شبكة CNN مع المملكة العربية السعودية للتعليق.
روسيا
بينما تنشغل روسيا بخوض حربها في أوكرانيا، رأت في السودان فرصةً لتعميق نفوذها في أفريقيا.
واتهمت الولايات المتحدة روسيا بـ”التلاعب بطرفي النزاع لتحقيق أهدافها السياسية الأنانية على حساب أرواح السودانيين”.
وسبق أن أفادت شبكة CNN أن مجموعة المرتزقة الروسية “فاغنر” كانت تزود قوات الدعم السريع بالصواريخ عبر سوريا وليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى.
ودعمت مجموعة المرتزقة لسنوات الجماعات المسلحة والأنظمة الاستبدادية في منطقة الساحل الأفريقي مقابل الحصول على موارد معدنية، بما في ذلك امتيازات ضخمة في صناعة تعدين الذهب في السودان.
ويبدو أن تورط “فاغنر” في السودان لفت انتباه أوكرانيا أيضًا. وبحسب ما ورد، شنت كييف سلسلة من الهجمات على قوات الدعم السريع عام 2023. وخلص تحقيق أجرته CNN في الهجمات إلى أن أوكرانيا كانت على الأرجح وراءها، وهو ادعاء رفضت كييف تأكيده أو نفيه.
وازداد التدخل الروسي تعقيدًا بعد فشل تمرد فاغنر ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عام 2023، وما تلاه من وفاة زعيمها يفغيني بريغوزين في حادث تحطم طائرة. ومنذ ذلك الحين، حاول الكرملين استيعاب فاغنر ومقاتليها في الجيش الروسي، وفرض سيطرته المباشرة على الجماعات شبه العسكرية التي سيطرت على عمليات فاغنر.
ومع ذلك، وبينما دعمت فاغنر علنًا حميدتي، كان الكرملين يتفاوض مع البرهان وقواته. وسعيًا منها للوصول إلى البحر الأحمر، تسعى موسكو للحصول على موافقة السودان على بناء قاعدة بحرية في بورتسودان.
وطلبت شبكة CNN من الحكومة الروسية التعليق.
جاهز للاستغلال
وصرح أستاذ العلوم السياسية وباحث زائر في مركز الدراسات العربية المعاصرة بجامعة جورج تاون، خالد العناني لشبكة CNN بأنه يعتقد أنه “لا يوجد طرف محايد في الصراع السوداني”.
وأضاف: “لكل طرف أهدافه الخاصة ويتدخل لتحقيق مصالحه. السيطرة على السودان تعني بسط النفوذ على منطقة جنوب الصحراء الكبرى بأكملها”.
ولقد أضعفت سنوات العنف المروع السودان، وأغرقت مؤسساته في الفوضى، وجعلت شعبه أكثر ضعفًا وفقرًا. كل ذلك، كما قال العناني، يجعله جاهزًا للاستغلال من قبل القوى الأجنبية.
المصدر: CNNعربية
الوسومالإمارات العربية المتحدة السعودية حرب الجيش والدعم السريع مصرالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الإمارات العربية المتحدة السعودية حرب الجيش والدعم السريع مصر الإمارات العربیة المتحدة القوات المسلحة السودانیة المملکة العربیة السعودیة قوات الدعم السریع الولایات المتحدة السودان على فی السودان بما فی ذلک شبکة CNN
إقرأ أيضاً:
أبرز قيادات قوات الدعم السريع في السودان
أُسست قوات الدعم السريع في السودان عام 2013 وأجازها البرلمان عام 2017 لتكون قوة أمنية مستقلة تتبع للقوات المسلحة السودانية، واعتبرها كثيرون جيشا داخل الجيش.
وبعد الإطاحة بنظام الرئيس عمر حسن البشير، انطلقت مفاوضات لإدماج هذه القوات بشكل كامل داخل الجيش السوداني، وشارك قائدها محمد حمدان دقلو (حميدتي) بالموازاة مع ذلك في العملية الانتقالية التي كانت تهدف إلى تسليم الحكم للمدنيين.
وبسبب خلافات بين حميدتي وقائد الجيش رئيس مجلس السيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان محورها دمج هذه القوات في الجيش، اندلعت في منتصف أبريل/نيسان 2023 اشتباكات مسلحة بين قوات الدعم السريع والجيش الذي يرى فيها قوات متمردة.
وواجهت عمليات قوات الدعم السريع انتقادات كثيرة واتهامات بارتكاب مجازر جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وجرائم إبادة جماعية، وتسببت في موجات نزوح صُنفت بأنها الأكبر عالميا، إضافة إلى اتهامات باستخدام العنف الجنسي والتجويع أدوات للحرب، مع تدمير واسع للبنى التحتية والمؤسساتية، وانتشار عمليات النهب والسلب.
وفي ما يلي تعريف بأبرز قيادات هذه القوات:
ولد عام 1975 في ولاية شمال دارفور، ويعود أصله إلى فخذ المحاميد من قبيلة الرزيقات الهلالية البدوية العربية، التي لها عمق شعبي كبير في دارفور وكردفان وتشاد وليبيا ومصر وعدد من دول أفريقيا.
تلقى تعليمه في الكتاتيب التقليدية، لكنه انقطع عن التعليم منذ عام 1991، وكان وقتئذ في الـ15 من عمره. وفي منتصف التسعينيات من القرن العشرين، أصبح حميدتي شابا معروفا في الممرات والطرق التجارية، فنشط في تجارة الإبل والأغنام واستيراد القماش، خاصة بين ليبيا ومالي وتشاد، وقاد مجموعة صغيرة لتأمين القوافل وردع قطاع الطرق واللصوص في مناطق سيطرة قبيلته.
وبين دارفور وتشاد وليبيا ومصر، تنقل حميدتي بائعا للإبل وحاميا للقوافل إلى أن كوّن ثروة كبيرة، وشكل مليشيا لفتت انتباه السياسيين السودانيين لرغبتهم في ضم القبائل للتحالف مع مليشيا الجنجويد من أجل مواجهة التمرد في دارفور، ومكنته قواته لاحقا من التأثير في الشأن السياسي السوداني.
إعلانزادت ثروة حميدتي في تلك الفترة، ورافقتها زيادة نفوذه وقواته، حتى استولى على مواقع تعدين الذهب الرئيسية في منطقة دارفور، وبحلول عام 2017 شكلت مبيعات الذهب في البلاد 40% من الصادرات.
وهكذا صارت قوات الدعم السريع بوابته للدخول في معترك السياسة، حتى صار نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي بعيد الإطاحة بالبشير.
الرجل الثاني في قوات الدعم السريع، وهو شقيق حميدتي، ولد في سبعينيات القرن العشرين وانضم لقوات حرس الحدود، ثم رقي لرتبة عقيد مع تشكّل "الدعم السريع"، ومن ثم فريق أول، وبدأ بالظهور العلني تدريجيا مع سقوط البشير.
وعقب توليه القيادة العسكرية لقوات الدعم السريع نائبا لشقيقه عام 2018، بدأ في الظهور بالمسرح السياسي بانيا علاقات واسعة مع قادة نظام البشير، لا سيما المنظومة الأمنية الضيقة، ممثلة في قادة جهاز المخابرات ووزارة الدفاع، بهدف تطوير قوات الدعم السريع.
ويُتهم دقلو على نطاق واسع بأنه من قاد عملية فض اعتصام القيادة العامة في الثالث من يونيو/حزيران 2019، حين هاجمت تشكيلات أمنية مختلفة -بينها قوات بزي الدعم السريع- المعتصمين المعارضين للبشير، والذين رفضوا مغادرة محيط القيادة العامة قبل تسليم السلطة إلى حكومة مدنية، لكن حميدتي وشقيقه ظلا ينفيان هذه الاتهامات ويؤكدان أن ما حدث كان "خيانة"، وأنه جرى تحريك قوات الدعم السريع من دون مشورة القيادة.
وبعد اندلاع الحرب عام 2023، انتشرت مقاطع فيديو لعبد الرحيم دقلو، وحظيت باهتمام واسع، إذ كان ظهوره المتقطع دليلا على نجاته من الموت بعد أحاديث عن مصرعه في اشتباكات وقعت في حي المطار قرب قيادة الجيش عقب أيام من اندلاع الحرب في العاصمة الخرطوم.
وفي السادس من سبتمبر/أيلول 2023، فرضت عليه وزارة الخزانة الأميركية عقوبات إثر اتهام القوات التي يديرها في دارفور بارتكاب انتهاكات وحشية ضد المدنيين، وهو ما اعترض عليه دقلو في ظهوره الأول العلني منذ بدء الحرب قائلا إن العقوبات الأميركية ضده مجحفة.
وأكدت روايات مختلفة أن عبد الرحيم دقلو يتولى فعليا قيادة القوات وإصدار الأوامر مباشرة بعد تفويضه بذلك من شقيقه، لكنه بعد أشهر عدة من ظهوره تبين أنه غادر السودان، إذ وصل إلى دارفور ومن هناك إلى تشاد ثم كينيا.
ضابط سابق في الجيش السوداني (الدفعة 35) أُعيد إلى الخدمة لاحقا وانتُدب إلى قوات الدعم السريع، وتدرج في المناصب حتى شغل موقع القائد الثالث بعد كل من حميدتي وعبد الرحيم دقلو.
تولى فضيل الإشراف على قيادة قوات الدعم السريع في الخرطوم، وكان من أبرز الشخصيات العسكرية فيها، كلّفه حميدتي برئاسة "لجنة الظواهر السالبة"، وهي لجنة مسؤولة عن ضبط التجاوزات والانفلات داخل صفوف الدعم السريع في أثناء الحرب.
وفي إحدى عمليات "مكافحة الظواهر السالبة" في منطقة الطائف بالخرطوم، نشب خلاف بينه وبين أحد الجنود المنتمين إلى قبيلة المسيرية، انتهى بإطلاق النار على خزان وقود المركبة التي كان يقودها الجندي، مما أدى إلى اشتعالها واحتراق الجندي داخلها.
إعلانسببت الحادثة هزة واسعة داخل صفوف الدعم السريع، وأعقبها صدور قرار من القيادة بوضع اللواء فضيل تحت الإيقاف ثم الإقامة الجبرية في منطقة شمال شرق الخرطوم.
وفي مايو/أيار 2025، كشفت مصادر إعلامية عن اعتقاله بأوامر مباشرة من عبد الرحيم دقلو، وسط أنباء عن تدهور حالته الصحية في أثناء احتجازه في سجن دقريس قرب مدينة نيالا.
وأشارت تقارير لاحقة إلى أن مجموعة مسلحة اقتحمت السجن وأطلقت سراحه بالقوة، مما أدى إلى فرار عدد كبير من السجناء، بينهم عناصر من الجيش والدعم السريع.
وكان اللواء عصام فضيل قد أُصيب سابقا في أثناء عمليات مكافحة الانفلات داخل المليشيا، وأفادت تقارير بانسحابه من الخرطوم بعد تصاعد الخلافات الداخلية، وفق ما أورده المنشق أبو عاقلة كيكل في تسجيل صوتي.
ينحدر من مدينة الضعين شرق دارفور، ويقود قوات الدعم السريع في ولاية غرب دارفور برتبة لواء، وهو أرفع قائد في المنطقة، وشارك فيها بمعركة الجنينة عام 2023.
فُرضت عليه عقوبات من الاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن الدولي في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني 2024 بتهمة التورط في جرائم "ضد الإنسانية"، وأعمال عنف وانتهاكات لحقوق الإنسان في دارفور.
ويُتهم عبد الرحمن بالضلوع في مقتل والي غرب دارفور خميس أبكر، الذي كان برفقته قبل مقتله بدقائق معدودة، في 14 يونيو/حزيران 2023، إذ أظهرت لقطات على وسائل التواصل اقتياد أبكر إلى مكتب عبد الرحمن، قبل انتشار صور لتشويه جثة الوالي.
وفي سبتمبر/أيلول 2023، قالت الخارجية الأميركية إن عبد الرحمن كان يقود الرجال الذين قتلوا الوالي. وفي رسالة صوتية نُشرت على صفحة قوات الدعم السريع، قال عبد الرحمن إن حشدا غاضبا قتل أبكر في أثناء محاولته الهروب إلى تشاد، وإنه حاول مساعدته بترتيب نقله إلى تشاد.
وفي الفترة نفسها، طالبت نقابة المحامين في دارفور المنظمات الحقوقية بالتحرك قانونيا لملاحقة عبد الرحمن بتهمة ارتكابه "انتهاكات جسيمة" ضد المدنيين، ودعت النقابة الأمم المتحدة للتدخل لوقف هذه الانتهاكات.
وفي أغسطس/آب 2023، أصدرت لجنة جرائم الحرب والانتهاكات التابعة لقوات الدعم السريع، التي أنشئت بقرار من رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، قائمة بالأشخاص المطلوب محاكمتهم، وكان عبد الرحمن من بينهم.
وقال مصدر محلي للجزيرة نت إن عبد الرحمن جمعة مسؤول عن تحشيد العناصر المقاتلة وإرسالهم إلى القتال في الفاشر بغية السيطرة عليها.
عيسى بشارةأحد أبرز قادة قوات الدعم السريع، ومن الشخصيات المقربة من قائدها حميدتي. ينتمي إلى قبيلة الرزيقات الماهرية، وله نفوذ واسع داخل هيكل القيادة العسكرية، لا سيما في المجال الاستخباراتي.
كُلِّف بشارة منذ اليوم الأول لاندلاع الحرب في السودان عام 2023 بإدارة استخبارات الدعم السريع، بعد مغادرة المدير السابق اللواء الخير عبد الله "أبو مريدات"، الذي رفض الانخراط في القتال. ومنذ ذلك الوقت، تولّى الإشراف على غرفة العمليات المركزية بالخرطوم، التي تدير المعارك في العاصمة والمناطق المحيطة.
اتخذ بشارة من منطقة الطائف في الخرطوم مقرا له، وأصبح يتنقل بين مكاتبه في شرق الخرطوم، كما أشرف على المعارك العسكرية ميدانيا. وأشارت تقارير إلى أنه شارك في التخطيط للحرب ضد الجيش السوداني منذ بدايتها، مستفيدا من خبرته السابقة في العمل الأمني الميداني، وإدارة عمليات المراقبة والتصفية في دارفور قبل نقله إلى العاصمة.
أشرف بشارة أيضا على معتقلات قوات الدعم السريع، ومن بينها سجنا سوبا والرياض جنوبي الخرطوم، وهما من أشهر معتقلات الدعم السريع. وذكرت مصادر أمنية سودانية أن المعسكر والسجن يخضعان لإشراف مباشر منه، وشهدت تلك المعتقلات انتهاكات جسيمة، بينها وفاة العشرات من المعتقلين نتيجة التعذيب والجوع وتفشي الكوليرا، خصوصا في سجن سوبا.
إعلانوفي مارس/آذار 2025، تداول جنود من الجيش السوداني مقاطع مصورة داخل مكتب بشارة، وهو ما اعتُبر حينئذ مؤشرا على اختراق مواقع استخباراتية حساسة تابعة للدعم السريع.
يعرف باسم "عثمان عمليات"، وهو أحد أبرز قادة قوات الدعم السريع في السودان، تولى منصب رئيس إدارة العمليات، قبل انضمامه للدعم السريع، وكان ضابطا في الجيش السوداني، ورفض تنفيذ قرارات قائد الجيش البرهان بإنهاء انتداب ضباط الجيش في صفوف الدعم السريع في الأيام الأولى للحرب.
أشرف عثمان حامد على العمليات الحربية في الخرطوم وولاية الجزيرة، وكان له نفوذ كبير في صفوف قوات الدعم السريع.
أُدرج عثمان محمد حامد محمد في قائمة عقوبات مجلس الأمن الدولي في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني 2024، كما فرضت عليه عقوبات الاتحاد الأوروبي ووزارة الخزانة الأميركية في مايو/أيار 2024، بسبب انخراطه في أعمال وسياسات تهدد السلام والأمن والاستقرار في دارفور، بما في ذلك العنف والانتهاكات الحقوقية.
كما وافقت لجنة العقوبات في السودان، المكونة من 15 عضوا في مجلس الأمن، على اقتراح أميركي نهاية أغسطس/آب 2024 بفرض حظر سفر عليه وتجميد أصوله، في إطار التدابير الدولية لاحتواء توسع الحرب في السودان.
الفاتح عبد الله إدريس "أبو لولو"قائد ميداني كان ضمن قوات الدعم السريع نال فيها رتبة عميد، ارتكب عمليات قتل جماعي وانتهاكات واسعة ضد المدنيين في مدينة الفاشر، التي كانت مسرحا لأعنف المواجهات في دارفور.
كان له دور في تحويل الفاشر إلى ما وصفه ناجون بـ"ميدان للمجازر"، ومنذ أغسطس/آب 2025، بدأ بنشر مقاطع مصوّرة على "تيك توك" توثّق عملياته في دارفور، ظهر فيها وهو يطلق النار على مدنيين في أثناء التحقيق معهم في مناطق نائية من دارفور، مفتخرا بما يرتكبه.
بدأت شهرته حينما أعدم رجلا بسبب هويته القبلية، ثم تكررت المقاطع التي تُظهره في عمليات قتل ميدانية وإعدامات جماعية داخل الفاشر، التي كانت آنذاك تعيش حصارا استمر نحو 18 شهرا وارتكب في أثنائها مجازر وصفت بأنها الأبشع في تاريخ الإقليم.
وفي سبتمبر/أيلول 2025، انتشرت شائعات عن مقتله، لكنه عاد لاحقا إلى واجهة المشهد، موثّقا المزيد من عمليات القتل عبر مقاطع جديدة. ومع تصاعد الغضب الشعبي والدولي، أعلنت قوات الدعم السريع -نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2025- القبض عليه برفقة عدد من مقاتليها، واتهمتهم بارتكاب جرائم وانتهاكات في مدينة الفاشر.
أحد أفراد عشيرة حميدتي، ومن ضمن الدائرة الضيقة للقيادة العسكرية لقوات الدعم السريع.
بدأ مسيرته ضمن قوة حرس الحدود التي أنشأها البشير عام 2003، والمكوّنة من مقاتلين من قبائل شمال دارفور بقيادة موسى هلال. وعام 2018، انضم إلى الدعم السريع ضمن ما يُعرف بـ"التائبين" من أصحاب السوابق الإجرامية.
اكتسب شهرته بعد مشاركته في معركة قريضة عام 2006 ضد قوات مني أركو مناوي، ليُرقّى بعدها إلى رتبة عقيد، ثم إلى قائد لمعسكر التدريب بفتاشة، ولاحقا إلى رتبة عميد مع مجموعة من أبناء قبيلته الرزيقات الماهرية.
ويُعد أبو نشوك من أثرياء دارفور، إذ يملك أسطول سيارات ومراعي وممتلكات أخرى في نيالا والخرطوم، حسب ما نشرته صحيفة "النيل السودانية" عام 2022.
قاد أبو نشوك قوات الدعم السريع في جنوب دارفور حتى 2021، ثم في شمال دارفور، كما شارك في قمع احتجاجات الخرطوم عام 2018.
وحسب مصادر للجزيرة نت، تولى اللواء النور القبة قيادة الدعم السريع في الفاشر عقب إصابة أبو نشوك ونقله للعلاج خارج السودان.
من أقدم العناصر في صفوف الدعم السريع، وعمل قائدا لها بغرب دارفور فترة من الزمن.
ووفق الصحافة السودانية، فقد تورط أمبيلو في أحداث عنف بمدينة الجنينة أواخر عام 2019، تسببت في مقتل العشرات وسط أزمة إنسانية عانى منها المدنيون مع انقطاع الكهرباء والمياه وإغلاق المستشفيات والمدارس والأسواق.
وأكدت هيئة الدفاع عن محتجزي ولاية غرب دارفور بسجن الهدى أن أمبيلو متهم رئيسي في أحداث كرنديق الأولى عام 2019، مع وجود بلاغات وأمر بالقبض عليه.
إعلانوعقب اندلاع الحرب السودانية عام 2023، كُلف أمبيلو بالإشراف على قيادة الدعم السريع في مدينة الخرطوم بحري.
وحسب مصادر تحدثت للجزيرة نت، فإن أمبيلو اتخذ من ضاحية كافوري شرقي الخرطوم بحري مقرا، وظل يتجول ما بين بحري وأم درمان شهورا عدة، قبل أن يتوارى عن الأنظار.