ست وصايا من مفتي الجمهورية لطلاب محافظة قنا لمواجهة الشائعات
تاريخ النشر: 10th, November 2025 GMT
أكد فضيلةأ.د. نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن الشائعات في عصرنا الحالي لم تعد مجرد أخبار عابرة، بل أصبحت زلازل تهز الثقة وتربك الخطى وتزرع الخوف والاضطراب في النفوس، مشيرًا إلى أن رسالته للطلاب والطالبات في الجامعات ليست مجرد تحذير، بل دعوة إلى بناء وعي راسخ وفهم ناضج ومسؤولية أخلاقية تجعل من كل طالب وطالبة لبنة صالحة في مجتمع يسعى إلى الطمأنينة والاستقرار.
جاء ذلك خلال المحاضرة التي ألقاها فضيلته في مركز التدريب الرئيسي بمحافظة قنا لطلاب وزارة التربية والتعليم تحت عنوان: "حرب الشائعات ودورها في زعزعة الاستقرار المجتمعي"، حيث تناول فضيلته رؤية علمية ودينية حول مفهوم الشائعة وأسباب انتشارها وآثارها الخطيرة على الفرد والأسرة والمجتمع، مؤكدًا أن الإسلام وضع منهجًا متكاملًا في مواجهة الشائعات يقوم على التثبت، وعدم التسرع، وصيانة الكلمة من البهتان والإيذاء.
وأوضح فضيلته أن الشائعات تنتشر سريعًا لأنها تعتمد على العاطفة والانفعال لا على الدليل والحجة، مبينًا أن الإنسان بطبعه يبحث عن تفسير للمجهول، فإذا عرض أمامه خبر يثير الخوف أو الفضول اندفع لتصديقه دون تحقق، خصوصًا في زمن تتسارع فيه المنصات الإلكترونية وتتنافس على لفت الانتباه دون تمحيص أو مسؤولية. مؤكدًا أن قوة الشائعة لا تأتي من مضمونها، بل من فراغ الوعي والتسرع في النقل والحديث بلا علم، مشيرًا إلى أن الإسلام عني بمعالجة النفس التي تندفع خلف الأوهام قبل معالجة الخبر نفسه.
وتناول مفتي الجمهورية أنواع الشائعات التي تصيب المجتمعات، فبين أن منها ما يظهر في أوقات الأزمات فيزيد الخوف والبلبلة، ومنها ما يقوم على الوهم والأماني الكاذبة، ومنها ما يستهدف الأشخاص أو المؤسسات لإسقاط الثقة في الرموز الوطنية والدينية، إلى جانب الشائعات المنظمة التي تستخدم كأداة حرب فكرية فيما يعرف بحروب الجيل الرابع، مؤكدًا أن مواجهة هذه الأنواع لا تكون إلا ببناء وعي مجتمعي متماسك وبتربية على الصدق والتثبت.
ولفت فضيلته إلى أن الإسلام سبق كل النظم الحديثة في وضع الضوابط التي تحمي المجتمعات من أثر الشائعات، مستشهدًا بقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا)، وأوضح أن هذه الآية أرست قاعدة التثبت قبل النقل، وأنها منهج أخلاقي وتربوي قبل أن تكون قاعدة فقهية.
كما أشار فضيلة المفتي إلى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع"، مبينًا أن من يحدث بكل ما يسمع يختلط قوله بين الحق والباطل فيسقط صدقه ومكانته.
وضرب فضيلته المثال بحادثة الإفك التي برأ الله فيها أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، مبينًا أن القرآن الكريم عالج هذه الحادثة بمنهجية دقيقة من خلال دعوة المؤمنين إلى إحسان الظن، والنهي عن التلقي السريع، والتحذير من الاستهانة بالكلمة، ثم وضع قاعدة إصلاحية خالدة: (وَاللَّهُ يُبَيِّنُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)، ليؤكد أن الإصلاح الحقيقي يبدأ من الوعي والنزاهة في الكلمة والمسؤولية في نقل الأخبار.
واستعرض فضيلته أثر الشائعات على الفرد والأسرة والمجتمع، موضحًا أن الشائعة قد تبدو كلمة صغيرة، لكنها تهز الثقة وتشوش الحكم على الأمور، واستشهد بقول الله تعالى: (إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا)، حيث بين أن نقل الخبر بدون تحقق قد يهز الثقة في المؤسسات ويؤدي إلى الفوضى الاقتصادية والاجتماعية، وأن الإسلام عالج هذا الضرر بأسلوب يربط بين التثبت والحق والأمن المجتمعي.
وخلال المحاضرة قدم فضيلته آليات عملية لمواجهة الشائعات تبدأ من الوعي الفردي إلى المسؤولية المجتمعية، داعيًا الطلاب إلى اليقظة القلبية وصحوة الضمير، وعدم الانسياق وراء الأخبار التي تثير الخوف أو الفضول دون التثبت. مؤكدًا أهمية قاعدة التثبت العملية عبر ثلاث خطوات: السؤال عن مصدر الخبر، التحقق من صدور البيان من جهة موثوقة، ومقارنة الخبر بالواقع والمنطق.
كما شدد على ضرورة منح النفس مهلة للتفكير قبل التفاعل، واعتبار عدم إعادة النشر مسؤولية أخلاقية قبل أن تكون قانونية، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت".
وأضاف فضيلته أن مواجهة الشائعة تتم أيضًا من خلال تقديم الكلمة المسؤولة وتشجيع ثقافة السؤال الرشيد، وإشاعة الطمأنينة ودفع المخاوف والتهويل، مستشهدًا بقول الله تعالى: (لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالًا)، موضحًا أن المؤمن المصلح يهدف إلى السكينة والوعي، لا زيادة اضطراب الناس وفزعهم.
وفي ختام المحاضرة، وجه فضيلة مفتي الجمهورية مجموعة من الوصايا العملية للطلاب والطالبات لمواجهة الشائعات، مشددًا على أهمية عدم قبول أي خبر يثير الخوف أو يزرع الشك في النفوس قبل التثبت والتأني، وأوضح الخطوة الأولى وهي اليقظة القلبية وصحوة الضمير، مستشهدًا بقول الله تعالى: (إن يتبعون إلا الظن)، وبين أن الظن إذا سكن القلب بلا روية يعمي البصر والبصيرة، ونصح بعدم قبول أي خبر إلا بعد وضعه على ميزان التقوى والتحقق.
وأشار إلى الخطوة الثانية وهي قاعدة التثبت، المستمدة من قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا)، والتي يمكن تطبيقها عمليًا عبر ثلاث خطوات: أولها السؤال عن مصدر الخبر، وثانيها التحقق من صدور الخبر من جهة موثوقة، وثالثها مقارنة الخبر بالوقائع والعقل، مؤكدًا أن هذه الخطوات ليست مجرد مهارة تقنية، بل عبادة تحمي من حمل البهتان.
وشدد فضيلته على مهلة التفكير قبل التفاعل مع أي خبر، مبينًا أن الشائعة بطبعها تبنى على العجلة، وأن الدين علمنا التأني والتثبت والهدوء والتروي قبل اتخاذ أي موقف. وأضاف أن عدم إعادة نشر الأخبار المشكوك فيها مسؤولية أخلاقية قبل أن تكون قانونية، وأن الصمت هنا ليس امتناعًا عن البلاغ، بل امتناع عن المشاركة في الباطل حتى لو كانت المشاركة بإعادة إرسال أو نشر.
وأكد فضيلته أن تقديم الكلمة المسؤولة جزء من مواجهة الشائعات، حيث أوصى الطلاب عند سماع خبر مشكوك فيه أن يسألوا: "هل تأكدنا من هذا؟ هل صدر بيان رسمي؟ هل يوجد مصدر موثوق؟"، موضحًا أن هذا الخطاب يربي من حول الطالب على التأني ولا يشعر أحد بالحرج.
ولفت فضيلته إلى أهمية إشاعة الطمأنينة ودفع المخاوف والتهويل، مستشهدًا بآية التوبة: (لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة)، موضحًا أن الخبال هو الاضطراب والبلبلة، وأن المؤمن المصلح لا يزيد الناس اضطرابًا، بل يحمل إليهم السكينة، مشددًا على أن هذا المنهج يكفي لسد أبواب الفتنة ومنع أي مساس بوحدة المجتمع أو بثقة الناس في مؤسساتهم.
واختتم فضيلة المفتي محاضرته بالقول إن أعظم ما يمكن أن يقدمه الشباب اليوم، وسط تسارع الأخبار، هو أن يكونوا شهود صدق، أهل وعي لا أهل انفعال، وبناة ثقة لا ناقلي فزع، مؤكدًا أن هذه المسؤولية لا يقتصر أثرها على فرد واحد، بل على مجتمع كامل يبدأ من طالب وطالبة في الجامعة يسعى لأن يكونا أهل فطنة وبصيرة.
جاء ذلك بحضور الأستاذ هاني عنتر، وكيل وزارة التربية والتعليم بمحافظة قنا، والأستاذ أمين الدسوقي، مدير عام الإدارة العامة للأنشطة التربوية بوزارة التربية والتعليم، وجمع كبير من الطلاب والطالبات، إلى جانب عددٍ من قيادات ومديري الإدارات التعليمية بالمحافظة، الذين حرصوا على المشاركة في الفعاليات والتأكيد على أهمية التعاون بين وزارة التربية والتعليم ودار الإفتاء المصرية في تعزيز الوعي الديني والقيمي لدى الطلاب، وترسيخ مفاهيم الانتماء والاعتدال والفكر الوسطي في المجتمع المدرسي.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: مفتي الجمهورية الشائعة قنا مواجهة الشائعات الإسلام أثر الشائعات نظير محمد عياد التربیة والتعلیم مواجهة الشائعات بقول الله تعالى مفتی الجمهوریة أن الإسلام مؤکد ا أن موضح ا أن مستشهد ا
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية السابق يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب 2025 بمدارس الدلنجات
شهدت مدرسة الإرشاد الابتدائية بإدارة الدلنجات التعليمية اليوم حدثًا وطنيًا مميزًا مع انطلاق اليوم الأول من انتخابات مجلس النواب 2025، حيث أدلى فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية السابق، بصوته في اللجنة الانتخابية بالمدرسة، في مشهد يعكس أسمى صور المشاركة الوطنية والوعي الديمقراطي الراقي.
وكان في استقبال فضيلته أشرف جلال عتلم، مدير عام الإدارة التعليمية بالدلنجات، ونازك عاطف، وكيل الإدارة، حيث رحبا به ترحيبًا حارًا، مؤكدين تقديرهما الكبير لمشاركته الفاعلة التي تجسد حرص العلماء ورموز الفكر والدين في مصر على أداء واجبهم الوطني، وتشجيع المواطنين على المشاركة الإيجابية في هذا الاستحقاق الدستوري الهام.
وأشاد مفتي الجمهورية السابق بحسن التنظيم داخل اللجان الانتخابية بمدارس الدلنجات، مؤكدًا على الجهود الكبيرة التي تبذلها الإدارة التعليمية بالتعاون مع الجهات المعنية لتوفير بيئة آمنة ومنظمة للمواطنين أثناء الإدلاء بأصواتهم، مشددًا على أن المشاركة في الانتخابات تمثل واجبًا وطنيًا ومسؤولية دينية وأخلاقية تجاه الوطن.
ومن جانبه، عبّر أشرف جلال عتلم عن فخره واعتزازه بزيارة فضيلة المفتي السابق، مشيرًا إلى أن وجوده بين أبناء الدلنجات يمثل دعمًا معنويًا كبيرًا، ويرسل رسالة واضحة لأبناء الوطن بأهمية المشاركة الفعالة في بناء مستقبل مصر المشرق تحت قيادة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية.
كما أكدت نازك عاطف وكيل الإدارة التعليمية بالدلنجات أن العملية الانتخابية تسير بسلاسة وانضباط داخل مدارس الدلنجات، بفضل التنسيق المثمر بين جميع الجهات التنفيذية والتعليمية، وأن مشاركة الرموز الوطنية والدينية تعد قدوة للأجيال الجديدة في ممارسة حقوقهم الدستورية.
ويأتي هذا المشهد ضمن أجواء العرس الديمقراطي الذي تشهده الجمهورية، حيث يتوافد المواطنون منذ الصباح الباكر للإدلاء بأصواتهم في أجواء من الوطنية والمسؤولية، وسط استعدادات مكثفة من أجهزة الدولة لضمان سير العملية الانتخابية بكل نزاهة وشفافية.
هذا اليوم يعكس روح المشاركة الوطنية الحقيقية، ويبرز الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه الرموز الدينية والعلمية في تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية الالتزام بالواجب المدني والدستوري، بما يسهم في تعزيز مسيرة البناء والتنمية في مصر.
ويذكر أن العملية الانتخابية بمركز ومدينة الدلنجات تسير في أجواء آمنة ومنظمة، وسط متابعة دقيقة من غرفة العمليات الرئيسية بالمحافظة، وتعاون وتنسيق كامل بين الجهات التنفيذية والأمنية لضمان نجاح هذا الاستحقاق الدستوري بما يليق بمكانة محافظة البحيرة وأبنائها.