أكد الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن الشائعات في عصرنا الحالي لم تعد مجرد أخبار عابرة، بل أصبحت زلازل تهز الثقة وتربك الخطى وتزرع الخوف والاضطراب في النفوس، مشيرًا إلى أن رسالته للطلاب والطالبات في الجامعات ليست مجرد تحذير، بل دعوة إلى بناء وعي راسخ وفهم ناضج ومسؤولية أخلاقية تجعل من كل طالب وطالبة لبنة صالحة في مجتمع يسعى إلى الطمأنينة والاستقرار.

مفتي الجمهورية يغرس نخلة باسمه دعمًا لمبادرة التوسع في زراعة النخيل مفتي الجمهورية يشارك في مناقشة رسالة ماجستير بجامعة المنصورة

جاء ذلك خلال المحاضرة التي ألقاها فضيلته في مركز التدريب الرئيسي بمحافظة قنا لطلاب وزارة التربية والتعليم تحت عنوان: "حرب الشائعات ودورها في زعزعة الاستقرار المجتمعي"، حيث تناول فضيلته رؤية علمية ودينية حول مفهوم الشائعة وأسباب انتشارها وآثارها الخطيرة على الفرد والأسرة والمجتمع، مؤكدًا أن الإسلام وضع منهجًا متكاملًا في مواجهة الشائعات يقوم على التثبت، وعدم التسرع، وصيانة الكلمة من البهتان والإيذاء.

وأوضح فضيلته أن الشائعات تنتشر سريعًا لأنها تعتمد على العاطفة والانفعال لا على الدليل والحجة، مبينًا أن الإنسان بطبعه يبحث عن تفسير للمجهول، فإذا عرض أمامه خبر يثير الخوف أو الفضول اندفع لتصديقه دون تحقق، خصوصًا في زمن تتسارع فيه المنصات الإلكترونية وتتنافس على لفت الانتباه دون تمحيص أو مسؤولية. مؤكدًا أن قوة الشائعة لا تأتي من مضمونها، بل من فراغ الوعي والتسرع في النقل والحديث بلا علم، مشيرًا إلى أن الإسلام عني بمعالجة النفس التي تندفع خلف الأوهام قبل معالجة الخبر نفسه.

أنواع الشائعات التي تصيب المجتمعات

وتناول مفتي الجمهورية أنواع الشائعات التي تصيب المجتمعات، فبين أن منها ما يظهر في أوقات الأزمات فيزيد الخوف والبلبلة، ومنها ما يقوم على الوهم والأماني الكاذبة، ومنها ما يستهدف الأشخاص أو المؤسسات لإسقاط الثقة في الرموز الوطنية والدينية، إلى جانب الشائعات المنظمة التي تستخدم كأداة حرب فكرية فيما يعرف بحروب الجيل الرابع، مؤكدًا أن مواجهة هذه الأنواع لا تكون إلا ببناء وعي مجتمعي متماسك وبتربية على الصدق والتثبت.

ولفت فضيلته إلى أن الإسلام سبق كل النظم الحديثة في وضع الضوابط التي تحمي المجتمعات من أثر الشائعات، مستشهدًا بقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا)، وأوضح أن هذه الآية أرست قاعدة التثبت قبل النقل، وأنها منهج أخلاقي وتربوي قبل أن تكون قاعدة فقهية.

كما أشار فضيلة المفتي إلى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع"، مبينًا أن من يحدث بكل ما يسمع يختلط قوله بين الحق والباطل فيسقط صدقه ومكانته.

وضرب فضيلته المثال بحادثة الإفك التي برأ الله فيها أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، مبينًا أن القرآن الكريم عالج هذه الحادثة بمنهجية دقيقة من خلال دعوة المؤمنين إلى إحسان الظن، والنهي عن التلقي السريع، والتحذير من الاستهانة بالكلمة، ثم وضع قاعدة إصلاحية خالدة: (وَاللَّهُ يُبَيِّنُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)، ليؤكد أن الإصلاح الحقيقي يبدأ من الوعي والنزاهة في الكلمة والمسؤولية في نقل الأخبار.

واستعرض فضيلته أثر الشائعات على الفرد والأسرة والمجتمع، موضحًا أن الشائعة قد تبدو كلمة صغيرة، لكنها تهز الثقة وتشوش الحكم على الأمور، واستشهد بقول الله تعالى: (إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا)، حيث بين أن نقل الخبر بدون تحقق قد يهز الثقة في المؤسسات ويؤدي إلى الفوضى الاقتصادية والاجتماعية، وأن الإسلام عالج هذا الضرر بأسلوب يربط بين التثبت والحق والأمن المجتمعي.

آليات عملية لمواجهة الشائعات

وخلال المحاضرة قدم فضيلته آليات عملية لمواجهة الشائعات تبدأ من الوعي الفردي إلى المسؤولية المجتمعية، داعيًا الطلاب إلى اليقظة القلبية وصحوة الضمير، وعدم الانسياق وراء الأخبار التي تثير الخوف أو الفضول دون التثبت. مؤكدًا أهمية قاعدة التثبت العملية عبر ثلاث خطوات: السؤال عن مصدر الخبر، التحقق من صدور البيان من جهة موثوقة، ومقارنة الخبر بالواقع والمنطق.

كما شدد على ضرورة منح النفس مهلة للتفكير قبل التفاعل، واعتبار عدم إعادة النشر مسؤولية أخلاقية قبل أن تكون قانونية، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت".

وأضاف فضيلته أن مواجهة الشائعة تتم أيضًا من خلال تقديم الكلمة المسؤولة وتشجيع ثقافة السؤال الرشيد، وإشاعة الطمأنينة ودفع المخاوف والتهويل، مستشهدًا بقول الله تعالى: (لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالًا)، موضحًا أن المؤمن المصلح يهدف إلى السكينة والوعي، لا زيادة اضطراب الناس وفزعهم.

وفي ختام المحاضرة، وجه فضيلة مفتي الجمهورية مجموعة من الوصايا العملية للطلاب والطالبات لمواجهة الشائعات، مشددًا على أهمية عدم قبول أي خبر يثير الخوف أو يزرع الشك في النفوس قبل التثبت والتأني، وأوضح الخطوة الأولى وهي اليقظة القلبية وصحوة الضمير، مستشهدًا بقول الله تعالى: (إن يتبعون إلا الظن)، وبين أن الظن إذا سكن القلب بلا روية يعمي البصر والبصيرة، ونصح بعدم قبول أي خبر إلا بعد وضعه على ميزان التقوى والتحقق.

وأشار إلى الخطوة الثانية وهي قاعدة التثبت، المستمدة من قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا)، والتي يمكن تطبيقها عمليًا عبر ثلاث خطوات: أولها السؤال عن مصدر الخبر، وثانيها التحقق من صدور الخبر من جهة موثوقة، وثالثها مقارنة الخبر بالوقائع والعقل، مؤكدًا أن هذه الخطوات ليست مجرد مهارة تقنية، بل عبادة تحمي من حمل البهتان.

وشدد فضيلته على مهلة التفكير قبل التفاعل مع أي خبر، مبينًا أن الشائعة بطبعها تبنى على العجلة، وأن الدين علمنا التأني والتثبت والهدوء والتروي قبل اتخاذ أي موقف. وأضاف أن عدم إعادة نشر الأخبار المشكوك فيها مسؤولية أخلاقية قبل أن تكون قانونية، وأن الصمت هنا ليس امتناعًا عن البلاغ، بل امتناع عن المشاركة في الباطل حتى لو كانت المشاركة بإعادة إرسال أو نشر.

وأكد فضيلته أن تقديم الكلمة المسؤولة جزء من مواجهة الشائعات، حيث أوصى الطلاب عند سماع خبر مشكوك فيه أن يسألوا: "هل تأكدنا من هذا؟ هل صدر بيان رسمي؟ هل يوجد مصدر موثوق؟"، موضحًا أن هذا الخطاب يربي من حول الطالب على التأني ولا يشعر أحد بالحرج.

ولفت فضيلته إلى أهمية إشاعة الطمأنينة ودفع المخاوف والتهويل، مستشهدًا بآية التوبة: (لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة)، موضحًا أن الخبال هو الاضطراب والبلبلة، وأن المؤمن المصلح لا يزيد الناس اضطرابًا، بل يحمل إليهم السكينة، مشددًا على أن هذا المنهج يكفي لسد أبواب الفتنة ومنع أي مساس بوحدة المجتمع أو بثقة الناس في مؤسساتهم.

واختتم فضيلة المفتي محاضرته بالقول إن أعظم ما يمكن أن يقدمه الشباب اليوم، وسط تسارع الأخبار، هو أن يكونوا شهود صدق، أهل وعي لا أهل انفعال، وبناة ثقة لا ناقلي فزع، مؤكدًا أن هذه المسؤولية لا يقتصر أثرها على فرد واحد، بل على مجتمع كامل يبدأ من طالب وطالبة في الجامعة يسعى لأن يكونا أهل فطنة وبصيرة.

جاء ذلك بحضور الأستاذ هاني عنتر، وكيل وزارة التربية والتعليم بمحافظة قنا، والأستاذ أمين الدسوقي، مدير عام الإدارة العامة للأنشطة التربوية بوزارة التربية والتعليم، وجمع كبير من الطلاب والطالبات، إلى جانب عددٍ من قيادات ومديري الإدارات التعليمية بالمحافظة، الذين حرصوا على المشاركة في الفعاليات والتأكيد على أهمية التعاون بين وزارة التربية والتعليم ودار الإفتاء المصرية في تعزيز الوعي الديني والقيمي لدى الطلاب، وترسيخ مفاهيم الانتماء والاعتدال والفكر الوسطي في المجتمع المدرسي.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية هيئات الإفتاء الشائعات أنواع الشائعات وزارة التربیة والتعلیم لمواجهة الشائعات مواجهة الشائعات بقول الله تعالى مفتی الجمهوریة أن الإسلام مؤکد ا أن موضح ا أن مستشهد ا

إقرأ أيضاً:

«التربية والتعليم»: 7 فئات من الطلبة يشملها الغياب المبرر.. والأعذار رسمية وموثّقة

دينا جوني (أبوظبي)

أخبار ذات صلة خبراء لـ«الاتحاد»: الأسرة في صميم التنمية المستدامة بالإمارات «قمة المليار متابع» و«مستر بيست» يطلقان أكبر حراك مجتمعي عالمي

حددت وزارة التربية والتعليم 7 فئات يُسمح لها بالغياب المبرر عن الدوام المدرسي، ضمن إطار تنظيمي موحّد يضمن الانضباط الأكاديمي للطلبة، ويحقق التوازن بين الظروف الإنسانية للطالب ومتطلبات التحصيل الدراسي. وأكدت الوزارة أن هذه الفئات تمثل الحالات التي يمكن فيها قبول الغياب بعذر رسمي موثّق، على أن تُتبع الإجراءات الإدارية المعتمدة، ويُقدَّم ما يثبت الحالة من الجهات المختصة. 
وتشمل الفئات المسموح لها بالغياب المبرر بعذر مقبول المرض، أصحاب الهمم، مرافقة أقارب للعلاج خارج الدولة، المهام الرسمية والوطنية، وفاة قريب من الدرجة الأولى والثانية، أسباب خاصة، الغياب الجماعي والحالات الطارئة، وأخيراً الحالات الاستثنائية.  
وفي التفاصيل، شرحت وزارة التربية والتعليم أنه يُسمح للطالب بالغياب في حالات المرض شريطة تقديم شهادة أو تقرير طبي رسمي صادر ومصادق من الجهات الطبية المختصة بالدولة، وذلك وفقاً للإجراءات المعتمدة. أما أصحاب الهمم، فيراعى عدم احتساب الغياب في حال كان مرتبطاً بالعلاج أو المراجعات الطبية داخل الدولة أو خارجها، بالتنسيق بين الإدارات والجهات المختصة بالطلبة أصحاب الهمم، مع مراعاة خصوصية حالاتهم، وتقديم الدعم المناسب الذي يتوافق مع خطط الدمج.
ويُقبل غياب الطالب في حال مرافقة أحد أقاربه للعلاج خارج الدولة، تشمل تقديم شهادة أو إفادة رسمية صادرة من الجهة المختصة بإيفاد المريض للعلاج، وأن يكون المرافق هو ولي الأمر أو أحد أفراد العائلة من الدرجة الأولى، على ألا تتجاوز فترة الغياب شهراً واحداً، مع إمكانية التمديد. 

الغياب المبرر
يُعتبر غياب الطالب مبرراً في حال مشاركته في فعاليات تمثل الدولة أو الجهات الوطنية أو الدولية أو الجهات الرسمية المعتمدة، بشرط تقديم إفادة رسمية موثقة من الجهة المنظمة توضّح طبيعة المشاركة ومدتها. كما يُحتسب الغياب مبرراً في حال وفاة قريب من الدرجة الأولى أو الثانية، وفق اللوائح والقوانين المعتمدة في الدولة، على أن تُرفق بشهادة وفاة رسمية. ويمكن لولي الأمر التقدّم بطلب رسمي إلى إدارة المدرسة لقبول الغياب في حالات خاصة، بحدٍّ أقصى خمسة أيام خلال العام الدراسي، بناءً على ظروف مبررة ومرفقة بالمستندات الرسمية. 
ويُعتبر الغياب مبرراً أيضاً في الحالات الطارئة أو الغياب الجماعي، عندما تنقطع مجموعة من الطلبة عن الحضور في الفترة نفسها وللسبب ذاته بتوجيهات من الجهات العليا. 
أما الغياب المبرر في الحالات الاستثنائية، فهي التي تمتد لفترات طويلة نتيجة ظروف اجتماعية أو صحية خاصة، يتم التعامل معها عبر تقديم تقارير طبية أو وثائق رسمية معتمدة من الجهات المختصة توضّح طبيعة الحالة ومدتها، ثم عرضها على لجنة إدارة السلوك في المدرسة لرفع التوصيات إلى مدير النطاق، ومن ثمّ اعتمادها من اللجنة التعليمية في قطاع العمليات المدرسية.
وأوضحت الوزارة أنه تلتزم المدرسة خلال فترة الغياب، سواء المبرر أو بعذر مقبول، باتخاذ خمسة إجراءات داعمة، تشمل تفعيل حساب الطالب في منصات التعليم عن بُعد المعتمدة، وتزويده بالمحتوى الكامل للتعليم، وتنظيم الامتحانات وفق الأنظمة المعتمدة بما يضمن عدالة التقييم، إضافة إلى إعداد خطة دعم فردية بالتنسيق مع الأسرة والأخصائي الاجتماعي لإعادة الطالب إلى مساره الأكاديمي بشكل متوازن. كما تُراجع الحالات بشكل دوري من قبل اللجنة التعليمية للتأكد من انطباق المعايير والإجراءات المعتمدة.

مقالات مشابهة

  • قنا .. مفتى الجمهورية يحذر من مخاطر الشائعات خلال ندوة بأكاديمية المعلمين
  • موعد نتائج توجيهي 2025 غزة.. نتائج الثانوية العامة غزة 2007 عبر موقع وزارة التربية والتعليم psgereg.pna.ps
  • ست وصايا من مفتي الجمهورية لطلاب محافظة قنا لمواجهة الشائعات
  • رئيس جامعة طنطا يستقبل الدكتور رضا حجازي وزير التربية والتعليم الأسبق
  • وزارة التربية والتعليم والبحث العلمي تُحيي الذكرى السنوية للشهيد
  • مفتي الجمهورية يدين تفجير إرهابي استهدف مسجدًا داخل مجمع للمدارس بالعاصمة الإندونيسية
  • «التربية والتعليم»: 7 فئات من الطلبة يشملها الغياب المبرر.. والأعذار رسمية وموثّقة
  • حصاد أنشطة وزارة التربية والتعليم هذا الأسبوع
  • معلمو اللغة الفرنسية بالهرم يستغيثون بوزير التربية والتعليم