استهداف ترامب حقوق التصويت وقوانين الهجرة
تاريخ النشر: 10th, November 2025 GMT
قبل ستين عامًا وقّع الرئيس ليندون بي. جونسون قانونين شكّلا إلى حد كبير الركيزتين الأساسيتين لأكثر الملفات اشتعالًا في المشهد السياسي الأمريكي اليوم. ففي أغسطس عام 1965 وقّع جونسون قانون حقوق التصويت، وهو الإنجاز الأبرز لحركة الحقوق المدنية الذي مهد الطريق أمام انتخاب آلاف الأمريكيين الأفارقة في مناصب سياسية داخل ولاياتٍ لم يكن يُسمح لهم فيها حتى بالتصويت من قبل.
وبعد شهرين فقط وقّع قانون الهجرة والجنسية لعام 1965 الذي ألغى قانون الهجرة لعام 1924 ذلك التشريع الذي -من منطلقٍ «يوجيني» أي (قائم على تحسين النسل)- كان يهدف إلى حصر المهاجرين في الأوروبيين البيض فقط.
جعل هذان القانونان معًا مفهوم المواطنة الأمريكية أكثر ديمقراطية، فوسّعا حدود من يمكن أن يُعدّ «أمريكيًا»، وأتاحا لمواطني الولايات المتحدة بمختلف أعراقهم وأصولهم أن يمارسوا حقوقهم بحريةٍ في صناديق الاقتراع.
أما اليوم فإن إدارة ترامب وحلفاءها الجمهوريين يسعون بجهدٍ حثيث إلى إعادة الولايات المتحدة إلى ما قبل تلك اللحظة التاريخية.
يُبدي الحزب الجمهوري تحت قيادة ترامب -شأنه شأن الحركات القومية الرجعية- هوسًا استثنائيًا بالتركيبة السكانية؛ فقد بلغت حملته المعادية للمهاجرين حدًّا أصبحت فيه قوات اتحادية مقنّعة تقتحم المنازل، وتخطف الناس من شوارعهم، ومن سياراتهم، ومن أماكن عملهم ومحاكمهم، كالعملية الشهيرة التي نُفذت على الجانب الجنوبي من شيكاغو بمشاركة مروحية «بلاك هوك». ولإظهار طبيعة رؤيته الإقصائية أكثر؛ أعلنت الإدارة قبل فترة قصيرة أنها ستخفض عدد اللاجئين المقبولين في الولايات المتحدة العام المقبل إلى 7500 فقط مع إعطاء الأولوية للبيض من أصل أفريقي. كما تطالب الإدارة الجامعات الأمريكية بتقليص عدد الطلاب الدوليين المقبولين؛ إدراكًا منها أن الدراسة الجامعية غالبًا ما تكون الخطوة الأولى نحو نيل الجنسية الأمريكية.
كانت أهداف ترامب واضحة منذ اليوم الأول من ولايته الثانية حين أصدر مرسومًا تنفيذيًا يتحدى بند حق المواطنة بالولادة في التعديل الرابع عشر للدستور. وقد كُتب هذا البند بعد الحرب الأهلية؛ لتأكيد أن الأمريكيين السود المولودين في البلاد أحرارًا هم مواطنون، وأن الجنسية تُمنح لكل من وُلد داخل الولايات المتحدة.
لكن هذا البند أصبح اليوم هدفًا لمحاولة حرمان الأطفال المولودين داخل البلاد من جنسيةٍ تلقائية إذا لم يكن أحد والديهم مواطنًا أو مقيمًا دائمًا.
أوقفت المحاكم تنفيذ المرسوم، لكن في سبتمبر تقدمت وزارة العدل بطلبٍ إلى المحكمة العليا؛ للنظر في مدى دستوريته. أما المدّعون العامّون في أربعٍ وعشرين ولاية يقودها الجمهوريون فقد حثّوا المحكمة على الانتصار لترامب. وفي الوقت ذاته يسعى الرئيس إلى التحكم في أصوات الأمريكيين التي ستُحتسب في الانتخابات من خلال التلاعب بخرائط الدوائر الانتخابية.
عادةً ما تُراجع هذه الخرائط كل عشر سنوات بعد الإحصاء السكاني، لكن ثلاث ولايات -هي: تكساس وميسوري، وكارولاينا الشمالية- أعادت رسم خرائطها بناءً على أوامر ترامب ما يمنح الجمهوريين ستة مقاعد إضافية محتملة في الكونغرس بينما تخطو ولايات أخرى مثل لويزيانا في الاتجاه نفسه. إنها محاولة مكشوفة لتغيير القوانين قبل انتخابات منتصف المدة لعام 2026؛ حيث يمكن لتحول ثلاثة مقاعد فقط أن يمنح الديمقراطيين السيطرة على مجلس النواب.
ردًّا على ذلك؛ تـُفكر ما لا يقل عن خمس ولايات ذات أغلبية ديمقراطية في إعادة رسم خرائطها الانتخابية. ففي خطوة مضادة لتكساس طرحت كاليفورنيا مسألة إعادة التقسيم على الاقتراع في استفتاء نوفمبر المقبل، وهي خطوة قد تمنح الديمقراطيين خمسة مقاعد إضافية في مجلس النواب. وتشير المؤشرات إلى أن الناخبين على وشك الموافقة عليها.
وفي مفارقة غريبة تُذكّر ببنود قانون حقوق التصويت لعام 1965؛ أرسلت وزارة العدل الأمريكية مراقبين اتحاديين للانتخابات في بعض الدوائر بكاليفورنيا كما لو أنها تعيد تطبيق أدوات الحماية القديمة، لكن في اتجاهٍ مقلوب.
ومع ذلك؛ فإن تأثير هذه الجهود على مستوى الولايات قد يبدو ضئيلًا مقارنة بالقضية الكبرى المطروحة أمام المحكمة العليا الشهر الماضي، وهي قضية ولاية لويزيانا ضد كالاييس. ففي يناير 2024، وامتثالًا لأوامر قضائية أقرت لويزيانا التي تمتلك ستة مقاعد في مجلس النواب، ويشكل الأمريكيون الأفارقة نحو ثلث سكانها خريطة انتخابية جديدة تضمنت دائرة ثانية ذات أغلبية سوداء.
وفي مارس من العام نفسه دافع المدعي العام للولاية عن هذه الخريطة أمام المحكمة العليا مؤكدًا أنها تتماشى مع المادة الثانية من قانون حقوق التصويت التي تحظر رسم الدوائر بطريقة تقلل من قدرة الأقليات على انتخاب ممثليها المفضلين. (وكانت إعادة ترسيم الدوائر بشكل استراتيجي أحد أهم الأساليب التي استُخدمت قبل حركة الحقوق المدنية لمنع الأمريكيين الأفارقة من الوصول إلى السلطة السياسية).
غير أن مجموعة تُعرف باسم «الناخبين غير الأفارقة الأمريكيين» رفعت دعوى مضادة مدّعية أن الحماية التي تضمنها المادة الثانية تمييزية في ذاتها؛ لأنها تمنح الناخبين السود امتيازًا لا يتمتع به غير السود.
والأخطر أن ولاية لويزيانا نفسها بدّلت موقفها، وأصبحت الآن تطالب بإلغاء الخريطة التي كانت قد دافعت عنها العام الماضي. وإذا ما انتصرت هذه المجموعة فإن الحكم سيطلق معركة واسعة لإعادة ترسيم الدوائر الانتخابية (الجيريماندِرِنغ) في عموم الولايات المتحدة.
تأتي هذه القضية بعد حكمٍ سابق أصدرته المحكمة العليا العام الماضي في قضية ألكسندر ضد مؤتمر ولاية ساوث كارولاينا للرابطة الوطنية لتمكين الملوّنين، والذي قضى بأن إعادة تقسيم الدوائر لتحقيق مكاسب حزبية أمر مسموح به حتى وإن قلّل من القوة التصويتية للسكان المنتمين إلى الأقليات.
وفي المرافعات الشفوية في قضية لويزيانا ضد كالاييس قالت جاني نيلسون من صندوق الدفاع القانوني التابع للرابطة الوطنية لتمكين الملونين: إن التمييز بين «إعادة التقسيم الحزبي» و«العرقي» هو تمييز بلا معنى حقيقي؛ لأن نحو تسعين في المائة من الأمريكيين الأفارقة في لويزيانا يصوتون للحزب الديمقراطي.
لكن أغلبية المحكمة المحافظة أبدت شكوكًا واضحة في هذا الطرح، غير أن قبول هذا الفصل بين الحزبي والعرقي -كما تقول نيلسون- يعني تجاهل حقيقة جوهرية في التاريخ السياسي الأمريكي، وهي أن منح السود حق التصويت كان دائمًا فعلًا ذا تبعات حزبية.
إن التعديل الخامس عشر للدستور الأمريكي الذي صُودق عليه عام 1870 ومنح الرجال السود حق التصويت كان مدفوعًا بحسابات سياسية للحزب الجمهوري أكثر من كونه انتصارًا خالصًا للمساواة. فقد رأى الجمهوريون في ذلك الوقت أن إشراك السود في العملية الانتخابية سيعوض عن القوة السياسية التي كان يتمتع بها الديمقراطيون الجنوبيون الذين كادوا أن يشعلوا حربًا جديدة بعد أن حاولوا تمزيق البلاد أثناء الحرب الأهلية. لكن هذه الاعتبارات السياسية نفسها كانت وراء الأساليب غير القانونية والعنيفة التي اتُبعت لاحقًا في الجنوب لحرمان السود من حق التصويت طوال معظم القرن العشرين.
ولم يكن الدافع مجرد رفضٍ لفكرة المساواة المدنية بين الأعراق، بل الخشية من أن السود لن يصوتوا لصالح الديمقراطيين المؤيدين للفصل العنصري الذين كانوا يهيمنون على السلطة في جميع أنحاء الجنوب آنذاك. وقد تنبأ الرئيس ليندون جونسون في أحاديثه الخاصة بأن منح السود حق التصويت سيؤدي إلى هجرة جماعية للديمقراطيين البيض الجنوبيين نحو الحزب الجمهوري، وهو ما تحقق فعلًا بعد سنوات قليلة.
اليوم تختلف التقديرات بشأن الأثر الحزبي الصافي لمحاولات ترامب الحالية، لكن ما يبدو شبه مؤكد هو أن إلغاء المادة الثانية من قانون حقوق التصويت سيؤدي إلى تراجع نفوذ الناخبين المنتمين إلى الأقليات، وخاصة الأمريكيين الأفارقة في الجنوب إلى أدنى مستوى له منذ عام 1965.
وهكذا يقترب ترامب من إعادة تشكيل الولايات المتحدة على نحوٍ يُذكّر تمامًا بأيامٍ خاض فيها الأمريكيون نضالاتٍ دامية لترسيخ الحقوق نفسها التي يسعى الآن إلى تقويضها.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة المحکمة العلیا حق التصویت عام 1965
إقرأ أيضاً:
نميرة نجم: “ترامب” أوقف جهود مشاريع الهجرة بأفريقيا
أكدت السفيرة د. نميرة نجم، خبيرة القانون الدولي ومديرة المرصد الإفريقي للهجرة (AMO)، أن الولايات المتحدة كانت السبب المباشر في تعطيل وتأخير جهود مشاريع الهجرة في إفريقيا، بعد أن قررت تجميد وتمديد وقف التمويل في عدد كبير من المنظمات الدولية التي كانت تعتمد عليها دول القارة السمراء لسنوات طويلة، ما أحدث شللًا كاملًا في المشاريع الإقليمية.
وأوضحت السفيرة أن هذا التجميد لم يكن حالة فردية، بل أدى إلى توقف مشاريع قائمة وخلق فراغ خطير في العمل الإقليمي وأبطأ تقدم المشاريع رغم جاهزيتها الفنية، مما أثر على القدرة الإفريقية في تحويل الأرقام إلى معرفة وقطع الطريق أمام بناء سياسات واقعية للهجرة بالقارة.
وكشفت نجم أن المشروع الإقليمي لإنشاء أول مركز بيانات في اتحاد المغرب العربي (UMA)، الذي يتبناه المرصد بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة، لم ينجُ من القرار الأمريكي العشوائي.
وأوضحت السفيرة:
“المشروع كان قد وصل إلى المراحل النهائية للتنفيذ، لكنه تعطّل بالكامل بسبب أن التمويل الأمريكي انسحب فجأة وجُمّد التمويل، وبالتالي توقف التنفيذ، رغم أن كل شيء كان جاهزًا”، مضيفة أن المرصد اضطر للبحث عن مصادر تمويل بديلة لإنقاذ المشروع بالتعاون مع تجمعات مثل الإكواس (ECOWAS) والإيغاد (IGAD) لضمان استكمال واستمرار المبادرة.
وأكدت السفيرة نجم أن 25 دولة إفريقية من بين 47 كانت تعتمد على مكتب الإحصاء الأمريكي لتحليل بيانات التعدادات والهجرة، بتمويل أمريكي مباشر من الوكالة الأمريكية للتنمية. ومع قرار الحكومة الأمريكية في واشنطن “الانسحاب وتجميد هذا التمويل”، أصبحت هذه الدول تمتلك بيانات ضخمة بلا أي قدرة على تحليلها، في الوقت الذي بدأت فيه دول القارة تعدادات وطنية جديدة، مما ضاعف حدة آثار الأزمة. وأوضحت السفيرة:
“كان من الضروري للمرصد الأفريقي للهجرة أن نسعى لتحقيق استقلالية إفريقيا في البيانات والعمل على بناء قدرات تحليلية داخل الدول لإلغاء هذا الاعتماد القسري على مراكز تحليل خارجية، لضمان أن يكون لدينا تحليل داخلي ودقيق ومستقل للبيانات الإفريقية”.
وشددت نجم على أن ما حدث يثبت أن الاعتماد على التمويل الخارجي لم يعد خيارًا آمنًا بل “رهان خاسر”،، وأن تجميد التمويل الأمريكي مثّل ضربة قاسية عطّلت مشروعات استراتيجية وعمّقت الفجوة في قدرات إفريقيا التحليلية، معتبرة أنّ القارة يجب أن تتجه إلى استقلالية وسيادة كاملة في إدارة وتحليل بياناتها حتى لا تقع تحت رحمة أجندة خارجية أو أهواء قرارات سياسية أجنبية أحادية.
جاء ذلك خلال ورشة حوارية مغلقة تحت عنوان “ضمان حماية الحياة في البحر في غرب إفريقيا”، نظمتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) بالشراكة مع مؤسسة العمل الإنساني في البحر (FHAS) وHASSMAR، والهيئة العليا لتنسيق الأمن البحري والسلامة البحرية وحماية البيئة البحرية بالسنغال، في العاصمة السنغالية داكار.
وأوضحت السفيرة في كلمتها بالورشة أن الدول الإفريقية تنتج بيانات الهجرة بشكل منتظم، حيث جمعت 47 دولة عضو في الاتحاد الإفريقي البيانات عبر التعدادات، لكن المشكلة الأساسية تكمن في غياب التحليل وتحويل الأرقام إلى معرفة قابلة للاستخدام، ما يجعل السياسات المبنية على هذه البيانات محدودة الفاعلية.
وأشارت السفيرة إلى التحديات الكبيرة التي تواجه جمع البيانات وتحليلها في إفريقيا، مشيرة إلى أن جمهورية الكونغو الديمقراطية لا تمتلك أي إحصاءات رسمية رغم كونها من أكبر المصدرين للهجرة النظامية وغير النظامية واللاجئين.
وشددت نجم أن التحدي الأكبر الذي يواجه الدول الإفريقية في مراقبة حدودها البحرية هو ضعف القدرات، أن المسارات البحرية تشكل تهديدًا كبيرًا للمهاجرين، حيث يقطع البعض آلاف الكيلومترات في 8 إلى 11 يومًا تحت ظروف بحرية خطرة، و حيث توجد دول ذات سواحل طويلة ولا تمتلك سوى سفينتين فقط للإنقاذ و لمراقبة سواحل شاسعة، ما يجعل البحث والإنقاذ شبه مستحيل ، مقارنة بدول أوروبية تمتلك أساطيل وطائرات لمتابعة سواحلها، في حين أن 23% من المهاجرين الأفارقة يتجهون نحو أوروبا، و73% منهم من المهاجرين غير النظاميين يصلون لإسبانيا عبر شمال إفريقيا، ما يعكس هشاشة التنسيق وتفاوت القدرات على مستوى القارة ، واقترحت استخدام الطائرات المسيّرة والذكاء الاصطناعي لمراقبة البحار بشكل أرخص وأكثر فعالية.
وشددت نجم أن مصر تلعب دورًا محوريًا في ضبط المسار البحري الشمالي، وتُعدّ اليوم الدولة الإفريقية الوحيدة التي توقفت منها تمامًا الهجرة غير النظامية نحو الشمال، حيث استثمرت القاهرة بشكل كبير في حماية سواحلها على البحرين الأحمر والمتوسط لضمان عدم خروج قوارب غير آمنة تحمل الهجرة غير النظامية، مشددة على أن الإجراءات الصارمة جعلت من المستحيل عمليًا أن تغادر أي قوارب تهريب من الشواطئ المصرية.
ونبهت السفيرة أن الدول الإفريقية تنتج بيانات حول الهجرة، لكن معظمها مجزّأ وغير محلل بشكل داخلي، وغالبًا يفتقد التحليل المنهجي وتحويله إلى سياسات قائمة على الأدلة، ولهذا يعمل المرصد على توحيد المنهجيات وإنشاء مراكز بيانات إقليمية، وهو ما دفع الاتحاد الإفريقي لإنشاء المرصد الأفريقي للهجرة في 2018، وبدأ عمله رسميًا في ديسمبر 2020 من مقره في الدار البيضاء، بإقتراح و دعم من ملك المغرب بصفته بطل الهجرة في الاتحاد الإفريقي.
وشرحت السفيرة أن المرصد يركز على توحيد البيانات، التحليل، بناء القدرات، وتقديم المساعدة التقنية للدول الأعضاء، مع التركيز على السيادة الإفريقية على البيانات وحماية المهاجرين، والشراكات الإقليمية والدولية لضمان استقلالية البيانات الإفريقية وإدارتها داخليًا.
وأضافت نجم أنه خلال عام 2025، حقق المرصد أكثر من 30 نشاطًا شملت تدريب المدربين، وورش عمل إقليمية مع الدول الأعضاء والمجموعات الإقليمية مثل ECOWAS وUMA وIGAD وECA وECCAS وCEN-SAD وSADC، إضافة إلى المساعدة التقنية في جمع البيانات وتحليلها وصياغة السياسات، وإعداد دليل تدريبي شامل لحوكمة الهجرة ومراقبة المسارات البحرية. كما عزز المرصد شراكاته مع الدول الأعضاء والمنظمات الدولية مثل IOM وUNHCR وFAO وUNODC وILO وUN DESA، بالإضافة إلى شركاء تنمويين وأكاديميين وتقنيين مثل ICESCO وOECD وجامعة الدول العربية وSTATAFRIC ومراكز البحث والجامعات.
وبينت السفيرة أن المرصد بدأ مشاريع مستقبلية لعام 2026 تشمل استكمال إنشاء مراكز البيانات الإقليمية في جميع التجمعات الاقتصادية الإقليمية، وبناء نماذج تدريبية للمدربين قابلة للنشر باللغات الرسمية للاتحاد الإفريقي، وتنفيذ ورش عمل مع CEN-SAD وECOWAS وIGAD وUMA لتعزيز القدرات الوطنية والإقليمية.
وأكدت السفيرة أن المرصد أطلق برنامج “تدريب المدربين” لضمان وصول التدريب إلى كوادر الأقاليم والمحافظات، وليس فقط إلى موظفي العواصم، إلى جانب إعداد دليل تدريبي ديناميكي يتم تحديثه وترجمته إلى لغات الاتحاد الإفريقي.
ونوهت السفيرة أن المرصد تلقى طلبات من ثلاث دول إفريقية لمساعدتها في إعداد تقارير التعدادات الوطنية أو إنشاء مراصد وطنية للهجرة، وقد أعد نموذجًا يرشد الدول إلى الخطوات التشريعية والإدارية مع تقديم الأدلة الإجرائية والمناهج العلمية التي تحدد الخطوات المطلوبة من السلطات الوطنية لضمان جمع وتحليل البيانات بشكل متكامل ومطبق.
الجدير بالذكر ان الورشة ركزت على ثلاثة مجالات رئيسية: المعرفة بالمجال البحري والبيانات، التحضير العملياتي وتدريب فرق البحث والإنقاذ، وتعزيز التنسيق للنزول وما بعد النزول، وشملت المناقشات تطوير مراكز بيانات إقليمية لتوحيد منهجيات جمع البيانات، وتمكين تبادل المعلومات في الوقت الفعلي بين الدول الساحلية ومراكز التنسيق البحري، وتحليل تدفقات الهجرة وربط حركة السفن التجارية بمواقع الحوادث لتحسين الاستجابة، مع تعزيز التعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية لضمان حماية فعالة للناجين وإنقاذ الأرواح على طول هذا المسار البحري الحيوي.
وشارك في الورشة ممثلون عن الدول الساحلية، جهات البحث والإنقاذ البحرية، اللجنة الدولية للصليب الأحمر (ICRC)، IOM، وSOS Mediterranee، بالإضافة إلى خبراء من مراكز بحثية ومنصات مراقبة الهجرة المختلطة، وخبراء وممثلون عن الدول الساحلية وجهات البحث والإنقاذ.