في ذكرى رحيله.. الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي عمدة فن التلاوة وصاحب الصوت الندي
تاريخ النشر: 11th, November 2025 GMT
في مثل هذا اليوم، الحادي عشر من نوفمبر، تحل ذكرى رحيل القارئ الشيخ عبدالفتاح الشعشاعي، أحد أعمدة دولة التلاوة المصرية، وصاحب الصوت الندي الذي خلد اسمه في وجدان الأمة الإسلامية.
ولد الشيخ في قرية شعشاع بمحافظة المنوفية في 21 مارس عام 1890، وحفظ القرآن الكريم على يد والده الشيخ محمود الشعشاعي، وهو لم يتجاوز العاشرة من عمره، فأتم حفظ كتاب الله في عام 1900.
سافر بعد ذلك إلى طنطا لطلب العلم في المسجد الأحمدي، وتعلم التجويد وأصول المد بالطريقة العادية، قبل أن ينتقل إلى القاهرة ويلتحق بالأزهر الشريف عام 1914، حيث درس القراءات على يد كبار العلماء مثل الشيخ بيومي والشيخ علي سبيع، وسكن في حي الدرب الأحمر، وهناك بدأت ملامح نجمه في الظهور، إذ ذاع صيته بين عمالقة التلاوة أمثال الشيخ محمد رفعت والشيخ علي محمود والشيخ أحمد ندا.
انطلقت شهرة الشيخ الشعشاعي الحقيقية في الليلة الختامية لمولد الإمام الحسين، حين قرأ مع كبار المقرئين ،فانبهر الجميع بعذوبة صوته وخشوع أدائه، بعدها أصبح اسمه لامعا في سماء التلاوة، ليمتد صداه إلى أنحاء العالم العربي والإسلامي، حيث كان يتميز بأسلوب مهيب يجمع بين الخشوع والإتقان، حتى لقب بـ "عمدة فن التلاوة" .
كون الشعشاعي، في بداياته فرقة للتواشيح الدينية، وكان في بطانته الشيخ زكريا أحمد، ثم قرر عام 1930 التفرغ لتلاوة القرآن الكريم بعد إصابته بمرض في حنجرته، وترك التواشيح إلى غير رجعة، ومع ذلك ظل وفيا لرفاقه، فخصص رواتب شهرية لهم حتى وفاتهم.
في عام 1934 التحق الشيخ بالإذاعة المصرية بعد أن كان قد رفض في البداية التلاوة في الميكروفون ظنا منه أنها محرمة، حتى صدور فتوى تجيز ذلك ، ليصبح ثاني قارئ بالإذاعة بعد الشيخ محمد رفعت، وكان يتقاضى راتبا سنويا قدره 500 جنيه مصري، وسجل للإذاعة أكثر من 400 تلاوة خالدة ما زالت تبث حتى اليوم.
عين الشيخ الشعشاعي قارئا لمسجد السيدة نفيسة ثم مسجد السيدة زينب عام 1939، وامتدت رحلته خارج حدود الوطن، فكان أول من تلا القرآن الكريم بمكبرات الصوت في المسجد الحرام والمسجد النبوي ووقفة عرفات من عام 1948، كما سافر إلى العراق عام 1954 وتكررت الزيارة عامي 1958 و1961، وقرأ في أكبر المحافل الإسلامية هناك.
ونال العديد من الأوسمة من وزارة الأوقاف تقديرا لعطائه، وفي عام 1990 تم منحه وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى؛ تقديرا لدوره في مجال تلاوة القرآن.
كان الشيخ الشعشاعي صاحب شخصية ودودة ومتواضعة، وله صداقات واسعة في الأوساط الدينية والفنية، جمعته علاقات طيبة مع أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب، وكان مثالا للفن الراقي الذي يجمع بين الدين والثقافة، وقرأ في مآتم كبار زعماء مصر مثل سعد زغلول وعدلي يكن ومحمد محمود باشا، فارتبط اسمه بالمناسبات الوطنية الكبرى.
عاش عمره في خدمة القرآن حتى رحل في 11 نوفمبر عام 1962 عن عمر ناهز 72 عاما، تاركا وراءه إرثا صوتيا خالدا وتلميذا سار على خطاه، هو ابنه القارئ الشيخ إبراهيم الشعشاعي، الذي واصل حمل رسالة والده في تلاوة كتاب الله.
يبقى الشيخ عبدالفتاح الشعشاعي رمزا خالدا لصوت الخشوع المصري الأصيل، وصورة من صور الإخلاص في خدمة القرآن الكريم، لم يكن مجرد قارئ، بل كان مدرسة روحية لا تتكرر، صوته يملأ القلوب طمأنينة، وتلاوته ما زالت حتى اليوم تنير بيوت الله وتسكب السكينة في قلوب المستمعين.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: القرآن الکریم
إقرأ أيضاً:
انطلاق مسابقة شيخ الأزهر لحفظ القرآن الكريم بالبحيرة
انطلقت صباح اليوم السبت الموافق 8 نوفمبر 2025، فعاليات مسابقة فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بمحافظة البحيرة، وسط أجواء من الخشوع والمنافسة الشريفة بين آلاف المشاركين من مختلف المراحل العمرية والمعاهد الأزهرية بالمحافظة.
وتابع فعاليات اليوم الأول للمسابقة الدكتور منصور أبوالعدب رئيس الإدارة المركزية لمنطقة البحيرة الأزهرية، حيث تفقد سير لجان الاختبارات بمقر معهد بنين دمنهور الثانوي، يرافقه فضيلة الشيخ مسعود عبد المقصود مدير إدارة شئون القرآن الكريم بالبحيرة، وعدد من قيادات المنطقة.
وخلال جولته، اطمأن «أبوالعدب» على انتظام أعمال اللجان، وحُسن سير الامتحانات، مؤكدًا على ضرورة الالتزام التام بكافة التعليمات والضوابط المنظمة للمسابقة، والتي تأتي برعاية ودعم مباشر من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وبتوجيهات رئيس قطاع المعاهد الأزهرية.
وشدد رئيس المنطقة على أهمية توفير الأجواء المناسبة للمشاركين، سواء من الطلاب أو المتقدمين من خارج المعاهد، موجهًا بضرورة تذليل أية عقبات قد تواجه المتسابقين أو المشرفين، بما يضمن خروج المسابقة بصورة مشرفة تليق بمكانة الأزهر الشريف ودوره الريادي في نشر علوم القرآن الكريم.
من جانبه، أوضح فضيلة الشيخ مسعود عبد المقصود، مدير إدارة شئون القرآن الكريم بالبحيرة، أن المسابقة تسير بصورة منضبطة ومنظمة منذ انطلاقها، مشيرًا إلى أن العمل يتم وفق تعليمات واضحة من قطاع المعاهد الأزهرية، وتحت إشراف مباشر من الإدارة المركزية بالبحيرة.
وأضاف مدير إدارة شئون القرآن الكريم بالبحيرة، أن عدد المشاركين في المسابقة تجاوز 9000 متسابق ومتسابقة من مختلف الأعمار والمستويات، يتنافسون في حفظ القرآن الكريم كاملاً أو أجزاء منه وفق المستويات المقررة من قطاع المعاهد الأزهرية، لافتًا إلى أن لجان التحكيم تضم نخبة من مشايخ وقراء القرآن الكريم المعتمدين بالأزهر الشريف.
وأكد مدير إدارة شئون القرآن الكريم بالبحيرة أن جميع مراحل المسابقة يتم متابعتها لحظة بلحظة من قبل غرفة العمليات بالمنطقة الأزهرية، لضمان سير الاختبارات بدقة وعدالة وشفافية تامة، مشيراً إلى أن فعاليات المسابقة تستمر حتى يوم الخميس الموافق 4 ديسمبر 2025، على أن يتم في ختامها تكريم الفائزين الأوائل من مختلف المستويات والمراحل.
واختتم الدكتور منصور أبوالعدب تصريحاته بالتأكيد على أن مسابقة الإمام الأكبر لحفظ القرآن الكريم تعد من أهم الفعاليات التي يحرص الأزهر الشريف على تنظيمها سنويًا؛ ترسيخًا لقيمة القرآن الكريم في نفوس النشء، وتشجيعاً لحفظة كتاب الله، وتقديرًا لمكانة الحافظين الذين يمثلون القدوة في الأخلاق والعلم والتدين الوسطي الذي يدعو إليه الأزهر الشريف.
وأضاف أن أبناء البحيرة دائمًا ما يحققون مراكز متقدمة في هذه المسابقة على مستوى الجمهورية، بفضل ما تمتاز به المحافظة من اهتمام بالغ بحفظ القرآن الكريم في معاهدها الكثيرة وكتاتيبها المنتشرة في القرى والنجوع.
واختُتم اليوم الأول للمسابقة وسط إشادة كبيرة من المشاركين وأولياء الأمور بحسن التنظيم والانضباط، معبرين عن تقديرهم لجهود الأزهر الشريف في دعم حفظة كتاب الله، وتوفير بيئة تسودها العدالة والاحترام والتقدير لكل متسابق.