تحية للجميع وبعد: سيدتي الفاضلة قراء الموقع الكرام، في مشوار حياتي وأنا أنا شاب في الثلاثينات من عمري، بفضل الله وفضل تربية أهلي استطعت أن أوفق في تأسيس استقرار معين، تخرجت من الجامعة وتحصلت على منصب محترم، وثم سكن خاص، ما يعني أنه لم يبقى سوى أن أكمل نصف ديني وأرتاح.

والحمد لله لست من الشباب الذي يقيم علاقات أو يبحث هنا وهناك، تحدث إلى والدتي وفرحت بالفكرة كثيرا، وما هي إلا أيام معدودة عرضت عليّ فتاة، تقدمنا إلى خطبتها حسب الأصول، أهلها طيبين، لكن لا أدري لما لم أشعر بالارتياح لرؤيتها، بالرغم من أن شكلها مقبول جدا، لم أنصت لقلبي، واعتقد أنني بالحديث إليها سوف يتغير إحساسي، لكن دون جدوى، حيث تحدثنا كثيرا إلا أن أفكارنا لا تتوافق أبدا، طلبت أن ألتقي بها وفعلا جلسنا إلى بعض ولكن للأسف دون جدوى، فلا يوجد بيننا سوى الملل والجمود، ويبقى الصمت عنوان جلستنا.

لذا أريد أن أفسخ هذه الخطبة قبل أن يحصل الزواج وتتعقد أمورنا أكثر، لكن الكل متحمس لزواجي، وهذا من يجعلني مكبلا تائها لا أعرف ما أفعل، فمن جهة أهلي، ومن جهة أخرى أهل الفتاة طيبين ويعاملونني جيدا، ومن جهة ثالثة لا أريد للفتاة أن تحمل لقب مطلقة قبل الدخول وقد يضيع مستقبلها بسببي.
أريد مساعدة من فضلكم، فقد حاولت كثيرا تقبل الفتاة ولم استطيع، ولا أريد ظلمها، فما هي نصيحتكم؟
قارئ من وسط البلاد
الــرد:
أشكر حسن ثقتك، ونتمنى أن يوفقنا الله في الرد عليك، سيدي إن فترة الخطوبة هي الفترة التمهيدية والاستعداد لمشروع الحياة، يبدأ فيها التعارف والقبول، وتحمل أيضا معالم الحياة الزوجية مستقبلا بين المخطوبين، فلو شعر الخطيبين بالراحة واستطاعا وطبعت علاقتها التوافق يمكن أن يكون ذلك مؤشرا جيدا لحياة زوجية هنية لاحقا، أما إذا لم يرتح القلب وشعر بالنفور، فلابد من مراجعة الحسابات مرة أخرى حتى نتفادى عواقب قد تحول دون سعادتنا واستقرارنا فيما بعد.
وأنت كنت واضحا جدا في رسالتك، وواضح مع نفسك وأمام قلبك، لكن ما استغربته هو لماذا استعجلتما بالعقد المدني ما دمت لم تشعر بالارتياح، فلا أنت ولا هي استطعتما أن تصلان إلى قلب بعضكما.
أخي الفاضل حتى لا تظلم الفتاة لابد أن تصارحها وتحاول أن تفهم منها، فلربما الفتاة خجولة ولربما هي أول مرة تتحدث إلى رجل، لذا لابد أن تفك شيفرة هذا الصمت الذي يخيم على علاقتكما، وتعرف إن كانت حقيقة ما في قلبها، ثم يمكنك اتخاذ القرار النهائي، إن تغير وتسللت الراحة إلى قلبك فأتم الزواج، وإن وجدت النفور منها هنا انسحب بأدب واحترام ودون خدش لمشاعر أي طرف من الأطراف، لأن تركها قبل الدخول أفضل من أن تطلقها بأولاد.
ولابد أن تستخير الله تعالى في هذا القرار، فلا خير إلا ما اختاره الله لنا، أتمنى لك التوفيق وكل سعادة الدنيا.

المصدر: النهار أونلاين

إقرأ أيضاً:

في رحاب الشهداء

إلهام نجم الدرواني

نقف عندهم ونحط رحالنا في ذكرهم، ونتفيأ ضلال صبرهم وجهادهم، ونتحسس نورهم، ليكشف ذلك النور الغشاوة عن أبصارنا وحياتنا، فهم الخالدون وغيرهم الفانون، وهم الأحياء وما دونهم أموات، وهم الفائزون بتجارة لا بوار فيها ولا خسارة، وهم الآمنون من عذاب الله والفائزون برضاه.

في رحاب الشهداء تتبعثر الكلمات، وتتلاشى الأبيات، ويجف المداد حياءً وخجلًا في ذكرى من جادوا بأرواحهم، وبذلوا نفوسهم وأموالهم، حتى نحيا أعزاء وكرماء.

في رحاب الشهداء تعجز المشاعر عن نظم كلمات في ما قام الشهيد، بل تتلعثم اللسان عن وصفهم وسرد مآثرهم، فقط تبقى الدموع هي من تختزل كل شيء في مقام الشهداء، تختزل الشوق والحنين.

هم العاشقون لله، الذائبون بحبه، المغرمون بوعدِهِ، فلم تغرهم الدنيا، ولم يلههم زخرفها وغرورها وزينتها، رأوا الدنيا كلها جناح بعوضة في عالم لا متناهي، ورضى الله كانت لهم أقدس الأماني.

نعم.. لقد عرفوا الله حق المعرفة، وعرفوا النهج والمنهاج الذي يسيرون عليه، فمن عرف الله والنهج عرف طريق الفوز، وتحركوا بكل شوق.

تركوا الدنيا خلفهم، وهم يحلقون في ملكوت الله الأعلى، فودّعوا الأم الباذلة، والأب الثابت، والأخ الثائر، والأخت المعطاءة، والزوجة الصابرة، والبنت الفخورة، والابن المقتفي أثر الشهداء، ودّعوا الأهل والأحبة، والرفيق والصديق، والغالي والعزيز، ودعوهم جميعًا، ليس بدموع الفراق، بل بوصية ممزوجة بالعهد، عهد المضي بدربهم والوفاء لدمائهم والسير بخطاهم والانتصار لقضيتهم.

لقد سلكوا طريقًا لا يسلكه إلا خلص البشر، ليدفعوا عنا الشقاء والشر، فأمنوا عذاب الله في سقر، فبينما العالم في طريق، كانوا هم في طريقٍ لوحدهم، يقال له طريق العارفون.

ذهبوا إلى أقدس محراب وأشرف ميدان، ألا وهو ميدان الجهاد في سبيل الله، الذي به يكشف عن الساق، ويقول العدو أين المساق، فيردوه رصاصًا في الرقاب والأعناق.

ذهبوا وسطروا أروع الملاحم في القتال والنزال، وأذاقوا العدو كأس المنايا وأهوال الردايا، فالأرض تشهد لثباتهم، والجبال تحكي مدى صلابتهم، والسماء تروي بطولاتهم، فكان ختام حياتهم الحافلة بالبطولات هي الشهادة في سبيل الله، فتسقط أجسادهم المدرجة بالدماء إلى الثرى، وتعرج أرواحهم إلى الثريا.

لقد ارتقوا ولم يسقطوا، فلم تقدر الأرض على حمل أرواحهم الطاهرة، ولم تستطع الثرى أن تلحد أنفاسهم القدسية، ولم يتمكن التراب أن يدفن تاريخهم الأسطوري، فارتقوا إلى ضيافة الله، في مقعد صدق عند مليكٍ مقتدر.

ارتقوا إلى جنة عرضها السموات والأرض، في ضيافة الله تعالى، مستبشرين بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم، فلا نصب فيهم ولا سأم، ولا خوفٌ عليهم ولا حزن، فرحين بما آتاهم الله من فضله، فيا لها من مكرمة عظيمة.

لقد ارتقوا تاركين خلفهم جثامين ساكنة، وأجسادًا معطرة بدماء قدسية، تفوح منها رائحة الجنة، وتختزل ألف حكاية ورواية، فتحمل تلك الجثامين الطاهرة إلى روضة الدنيا، وتلحدها أيدي الأهل والمحبين، الذين يذرفون دموع الفراق الدنيوي، بينما لسان حال الشهداء يقول: ﴿يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُون﴾، حينها ترفع الصرخات من تلك الروضات الطاهرة، وتجدد البيعة، ويتحزم الجميع بسلاحهم وبندقيتهم، ويتحركون إلى جبهات الأحرار، ليكملوا نفس المسير، فيرحل بطل، ويأتي من بعده ألف بطل، ليكملوا نفس الطريق، حتى يتحقق النصر المبين.

مقالات مشابهة

  • نهى الله تعالى عنها.. ما هى المعاجزة؟
  • لا تنسوا الدعاء فهو عبادة يجبها الله
  • حكم قول حرمًا بعد الصلاة في الشرع
  • تحرش من خلف الجدران.. عامل يرشق فتاة بالطوب ويفتعل إيحاءات فاضحة في أخميم بسوهاج
  • حديث
  • دعوة إلى حفلة زواج سعيد
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (وفاة المغالطات)
  • أريد فقط أن أنام
  • في رحاب الشهداء