لجريدة عمان:
2025-11-08@20:41:50 GMT

المنطقة العُمانية للذكاء الاصطناعي

تاريخ النشر: 8th, November 2025 GMT

حديثنا عن المشروعات العُمانية المتعلقة بالتقنيات المتقدّمة ومراجعة تطويراتها ينتقل بنا في هذا المقال إلى مشهد تطبيقي يعكس قوة الإرادة العُمانية في مواصلة انطلاقتها في قطاع التقنية واقتصاده الواعد، ويتمثّل هذه المرة في مشروع يحق لنا أن نُطلق عليه مشروع «المنطقة العُمانية للذكاء الاصطناعي»؛ إذ أُعلِنَ لأول مرة عن مشروع «المنطقة المخصصة للذكاء الاصطناعي» في 8 سبتمبر من العام الحالي؛ ليكون من ضمن حزم المشروعات المُعلن عنها في كومكس 2025 التي شملت حزما كبيرة أخرى أهمها «تحالف الذكاء الاصطناعي الأخضر» و«المثلث الرقمي».

حُدّد موقع المشروع ليكون في ولاية السيب بمحافظة مسقط. وتجلّت أهداف المشروع في بناء قاعدة اقتصادية رقمية لجذب المؤسسات والشركات الناشئة في الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدّمة، وتوطينها في بيئة استثمارية تعتمد المرونة، وتدعم النمو الإقليمي والعالمي، وتصنع الفرص الوظيفية ذات البعد التقني، وتسهم في رفع البنية التحتية الرقمية العُمانية، وكذلك يهدف المشروع إلى أن يجعل من عُمان واجهة إقليمية للذكاء الاصطناعي. وسنأتي في الفقرات القادمة لمزيد من التفصيل لمثل هذه الأهداف.

وفقَ بعض التغطيات الإعلامية؛ يُشار إلى أن المشروع وتطويره يُدار عن طريق شراكات استثمارية تتمثل في شركة عُمانية رائدة في التطوير العقاري مع شريك تنفيذي إقليمي وبميزانية تقديرية ـ متداولة في التقارير الإعلامية ـ بلغت نحو 265 مليون دولار، وكذلك مما يمكن أن يُحسب للمشروع أنه ينتمي إلى جهتين حكوميتين معنيتين بشأن الإشراف عليه وهما: هيئة المناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة المعنية بالدور التنظيمي والتشريعي، فيما تُعنى وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات بالشق الفني واختيار المطورين عبر مزايدة عامة لتقديم النماذج التشغيلية والمالية لإدارة المنطقة.

في ظل الحديث عن مشروعنا الرقمي الوطني «المنطقة المخصصة للذكاء الاصطناعي» نحتاج أن نفهم بعضًا من تفاصيله، وتحليل مساره التقني في المستقبل وتأثيره الإيجابي على عدد من القطاعات والملفات العُمانية مثل قطاع الاقتصاد والبنية التحتية الرقمية والتعليم والبحث العلمي والموارد البشرية التقنية الوطنية، ودفعها إلى سوق العمل التقني بالإضافة إلى استدعاء وعينا بالتحديات المرافقة، وسُبل معالجتها. كذلك ينبغي أن نتجاوز بتحليلنا الزمنَ الحاضر الذي يغيب فيه ـ عند بعضنا ـ مواطن الفرص والنمو وتحديدها؛ لنتجه إلى المستقبل القريب، ونستشرف عددا من مفاصله القادمة.

استنادا إلى ما يمكن تقصِّيه في فهم الجدوى الاقتصادية المتوقعة لهذا المشروع؛ فإننا نجدها تصبّ في عدد من المصالح الوطنية ـ وهذا ما يمكن أن نستخلصه من رؤية وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، وعبر تقاريرها المنشورة مثل ما نشرته الوزارة في موقعها بتاريخ 22 سبتمبر لهذا العام ـ منها: توسيع الاستثمار الأجنبي المباشر والشراكات مع الشركات العالمية عبر حوافز المناطق الاقتصادية الخاصة مثل التي تديرها هيئة المناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة وما يرتبط بها من مرونة تشريعية، وتيسير ترخيصي، وبنية تحتية مهيأة لمراكز بيانات وخدمات سحابية الذي كشفنا عن وجوده القوي في مقالنا السابق، وكذلك في توطين التقنيات بواسطة ربط الشركات الناشئة والقطاع الصناعي بالجامعات ومراكز البحث العلمي وتمويل الأبحاث بواسطة الدعم المقدّم من قطاعات الطاقة واللوجستيات والصناعة الحديثة المرتبطة بالثورة الصناعية الرابعة التي تعود بمنافعها على هذه القطاعات نفسها؛ فيسهم في تحويل الذكاء الاصطناعي من النمط البحثي التجريبي إلى نمط عملي ذا طابع اقتصادي يتجاوز السوق المحلي. وكذلك نرى امتدادَ رقعة المصالح إلى إنشاء وظائف تقنية عن طريق برامج تأهيل متخصصة تتوافق مع أهداف البرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية 2024-2026 الذي يستهدف رفع جاهزية عُمان على مؤشرات الذكاء الاصطناعي، وتوسيع اندماج القطاعات الحكومية والخاصة مع التقنيات المتقدمة واعتمادها لها.

تقودنا مثل هذه المشروعات إلى فتح نوافذ الاتصال الخارجي بشكل أكثر وضوحا وجاهزية من حيث الفرص الاستثمارية والاستفادة من تجارب الآخرين؛ لأجل مواصلة التطوير والتحسين. ومن المبادرات التعاونية التي نحتاج أن نوطّد دعائمها توسيع دائرة التلاقح التقني وفرص الاستثمار فيه عن طريق التعاون مع مجموعات حكومية وخاصة خارجية خصوصا مع دول المنطقة، وأظل أرى أن الأقرب لمثل هذا التعاون المملكة العربية السعودية؛ لما تملكه من مخزون تقني متقدم آخذ في النمو السريع يتمثّل في الأنظمة التقنية وتطويراتها وفي الخبرات البشرية. وأشيد بجهود الحكومتين ـ العُمانية والسعودية ـ في وعيهما بأهمية هذا الالتحام وضرورته؛ فسبق أن أظهرنا ملامحَ متعددة تجسّد هذا التقارب والالتحام خصوصا في الحيّز التقني والاقتصادي، وآخر ما يمكن أن أستدل عليه في هذا الشأن ما جاء في قمة الشبكة العُمانية للبحث العلمي والتعليم للتكنولوجيا عبر فعاليتها التي أقيمت في 20 و21 من شهر أكتوبر الماضي بعنوان «الذكاء الاصطناعي كقوة دافعة لتحوّل التعليم والبحث العلمي» -التي شرفتُ أن أكون عضوا في لجنتها العلمية ـ الذي اختيرت فيها الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا» ورئيسها ضيف شرف للقمة؛ ليعكس الانسجام والرغبة الجادة في التعاون بين البلدين الشقيقين.

بجانب كل ما أبديناه من تفاؤل؛ فإننا لسنا بمعزل عن التحديات التي تتطلب انتباهنا وخطواتنا العلاجية الاستباقيّة؛ إذ من الممكن أن نتوقع تحديات مثل: وجود تنافسية الحوافز مقارنة بالمناطق الإقليمية المشابهة؛ فيمكن تجنّبها أو تجاوز بعض معوقاتها عن طريق مزاوجة بعض العناصر وتفعيلها، وأهم هذه العناصر: توفير حزم من الحوافز الاستثمارية مثل: تراخيص سريعة وواضحة عبر المحطة الرقمية الواحدة، وإعفاءات أو رسوم مخفَّضة، وقوانين مرنة، وتحقيق المزيد من تسهيل الوصول إلى الحوسبة عبر توفير حوسبة قوية بأسعار معقولة وسهلة الحجز، وكذلك وجود طاقة خضراء بتسعير مستدام؛ بحيثُ يمكن توفير كهرباء من مصادر متجددة بعقود طويلة وسعر ثابت. يكمن التحدي الثاني في فجوة الكفاءات؛ فنحتاج إلى مضاعفتها مع اتساع نطاقنا التقني ومشروعاته، ويمكن ردمها عن طريق برامج تدريب مع الجامعات والمؤسسات ذات الاختصاص التقني موجهة إلى الكوادر الوطنية الشابة. كما سبق أن استعرضتُ مشروعات عُمانية سابقة تتعلق بقطاع التقنيات المتقدّمة واتصالها المثمر بعالم الاقتصاد، وراهنت على نجاحها؛ فإنني أبصرُ صوابَ تلك التوقعات بما نشهده من ولوج قوي إلى المراحل التنفيذية الجادة، وما زلت أرى الإصرار العُماني عبر متابعتي للحقل التقني وتطوراته السريعة، وهذا ما يضاعف تأكيدي على تفاؤلي بمستقبل رقمي عُماني واعد.

د. معمر بن علي التوبي  أكاديمي وباحث عُماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی للذکاء الاصطناعی الع مانیة عن طریق ع مانیة ما یمکن

إقرأ أيضاً:

هيثم الجنيبي رئيس المؤتمر لـ«الاتحاد»:1137 جهة تمثل 93 دولة شاركت بالمؤتمر التقني لـ«أديبك 2025»

 

سيد الحجار (أبوظبي)

أكد هيثم الجنيبي، رئيس المؤتمر التقني لـ «أديبك 2025» ونائب الرئيس التنفيذي لتطوير الحقول في دائرة الاستكشاف في «أدنوك» أن المؤتمر رسخ مكانته كمنصة عالمية رائدة للتميّز في مجالات الهندسة والابتكار ضمن مختلف القطاعات.
وقال الجنيبي لـ «الاتحاد»: خلال نسخة هذا العام، استقبلنا عدداً غير مسبوق من المشاركات بلغ 6283 ورقة تقنية مقدّمة من 1137 جهة تمثل 93 دولة، وهذه الأرقام ليست مجرد إحصاءات، بل تؤكد الثقة والاعتراف العالميين بمعرض ومؤتمر «أديبك» كمنصة رئيسية لتشارك المعرفة والحلول المبتكرة، وتبادل الرؤى والخبرات في مجالي الطاقة والتكنولوجيا.
وتضمن معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول «أديبك 2025» محوران رئيسان، هما المؤتمر الاستراتيجي والمؤتمر التقني، وشمل ذلك 12 برنامجاً، وأكثر من 380 جلسة، بمشاركة أكثر من 1800 متحدث، وأكثر من 16000 مشارك في المؤتمرات والحوارات المتعددة. 

واختُتمت الخميس الماضي فعاليات «أديبك 2025»، الذي واصل تحقيق أرقام قياسية شملت تنفيذ 35000 صفقة ضمن قطاعات مختلفة بلغت قيمتها الإجمالية 46 مليار دولار أمريكي، فيما بلغ عدد الحضور 239709 ضمن الحدث الأكبر في قطاع الطاقة العالمي والذي يساهم في صياغة توجهاته المستقبلية، بزيادة بنسبة 17% مقارنة بنسخة الحدث العام الماضي 2024. 

أخبار ذات صلة «أدنوك» توفر حلول تمويل ذكية للموردين والشركات الصغيرة عبر شراكة مع «كوميرا المالية» «تعزيز» توقّع اتفاقية مع «سانمار» الهندية لتصدير الكيماويات من مدينة الرويس الصناعية

وساهم «أديبك» في دعم اقتصاد أبوظبي، حيث حقق عوائد تُقدّر بنحو 400 مليون دولار، خصوصاً في قطاعات الضيافة والسياحة والنقل.
وأضاف الجنيبي: حقق المؤتمر التقني نمواً كبيراً، ففي نسخة عام 2013، استضفنا 53 جلسة تقنية، وتلقينا 1122 ورقة بحثية من 34 دولة، واليوم، في عام 2025، نستضيف 166 جلسة، بما يعادل ثلاثة أضعاف العدد السابق، وشهدنا زيادة بمقدار خمسة أضعاف في عدد الأوراق المقدّمة، كما تضاعف عدد الدول المشاركة ثلاث مرات تقريباً، وازداد عدد الأطراف المشاركة تسعة أضعاف مقارنةً بما كان عليه قبل عامين فقط، ويؤكد هذا المسار التصاعدي للمؤتمر، الأثر المتنامي لـ «أديبك»، الحدث الأكثر في قطاع الطاقة، ويُجسّد التعاون والابتكار داخل القطاع.
وتابع: سلط المؤتمر الضوء على التقنيات النوعية مثل الذكاء الاصطناعي، والعمليات المؤتمتة، والحقول النفطية الرقمية، وهذه ليست مجرد مواضيع نظرية، حيث تطبق «أدنوك» بالفعل العديد من هذه الابتكارات في عملياتها في قطاع الاستكشاف والتطوير والإنتاج، وبدءاً من تحديد عمليات الصيانة التنبؤية المدعومة بالذكاء الاصطناعي وصولاً إلى أنظمة الحفر المؤتمتة بالكامل، يستعرض المؤتمر تطبيقات واقعية تساهم في إعادة صياغة مشهد الطاقة العالمي.
وأكد الجنيبي أن الكوادر التقنية في «أدنوك» شكلت ركيزة أساسية في دفع عجلة الابتكار في الشركة، حيث تقدم مساهمات مهمة لتعزيز مستوى وجودة المؤتمر، سواءً من خلال البحث العلمي أو التجارب الميدانية أو الريادة الفكرية.
وأضاف: يوفر «أديبك» منصة عالمية للكوادر الهندسية والتقنية والخبراء في «أدنوك» لعرض أعمالهم وتبادل الخبرات مع نظرائهم، وفتح آفاق جديدة في قطاع الطاقة، ونحن فخورون بدورهم الحيوي والأثر الإيجابي الملموس لجهودهم في قطاع الطاقة.
وأوضح الجنيبي أن معرض ومؤتمر «أديبك» هو المنصة المثالية لجميع الأشخاص المعنيين الذين لديهم اهتمام وشغف بالتعامل مع التحديات المعقدة، أو تطوير التقنيات المبتكرة والذكية، أو المساهمة في صياغة مستقبل قطاع الطاقة، حيث سلط هذا الحدث العالمي الضوء على موضوعات متنوعة، ويستقطب مشاركات واسعة من قيادات عالمية وشركات رائدة في مختلف القطاعات الحيوية، كما يتيح فرص التواصل وبناء العلاقات مع الروّاد في قطاعي الطاقة والتكنولوجيا. 

وقال: «أديبك» منصة متكاملة تساهم في تسريع التقدّم، فمن خلال استضافة الخبراء من مختلف التخصصات والقطاعات يهدف المؤتمر التقني إلى تعزيز التعاون لإيجاد حلول مبتكرة تساهم في رفع كفاءة العمليات التشغيلية، وخفض الانبعاثات، وإدماج التقنيات الرقمية، والاستفادة من الأفكار والرؤى المطروحة في «أديبك» للمساهمة في بناء قطاع طاقة أكثر استدامة ومرونة في المستقبل.
وأضاف: شهدنا مشاركة كبيرة تعكس نجاح هذا المؤتمر، والأهم من ذلك الأفكار التي تم طرحها والشراكات التي تم بناؤها والحلول المبتكرة التي تم استعراضها، ولذلك فإن مؤتمر «أديبك» التقني يعتبر منصة مهمة لإعادة صياغة مستقبل قطاع الطاقة، ونتطلع إلى التطبيق العملي لما تم مناقشته من موضوعات، ونحن على ثقة بأن النسخة القادمة من المؤتمر ستشهد مشاركات أكبر وتستعرض رؤى وأفكار جديدة تواكب التغيرات التي يشهدها القطاع.

مقالات مشابهة

  • "ملتقى إينوكومكس التقني" يوظف الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة في التعليم
  • هيثم الجنيبي رئيس المؤتمر لـ«الاتحاد»:1137 جهة تمثل 93 دولة شاركت بالمؤتمر التقني لـ«أديبك 2025»
  • مجموعة مصر.. إنجلترا تقسو على هايتي بثُمانية في كأس العالم تحت 17 عاما
  • ناشرون ومبدعون ما بين رفض وقبول للذكاء الاصطناعي كشريك إبداعي
  • سيف بن زايد يزور «أديبك 2025» ويشيد بحلول الطاقة المستدامة والابتكار التقني
  • الاتصالات توضخ استراتيجية مصر للذكاء الاصطناعي ويحدد أهداف 2037
  • «الإمارات الصحية» تفوز بجائزة الإمارات للذكاء الاصطناعي
  • دراسة: معظم احتياطات السلامة لأدوات الذكاء الاصطناعي يمكن تجاوزها خلال دقائق قليلة
  • غوغل تخطط لإطلاق مراكز بيانات للذكاء الاصطناعي إلى الفضاء بحلول 2027