في ظل واقعٍ إنسانيٍ متدهورٍ وتحدياتٍ مركبة فرضها تصعيد مليشيا الحوثي الأخيرة ضد المنظمات الأممية في مناطق سيطرتها، تتسارع التحركات الأممية لإعادة تقييم الوضع الميداني وبحث آليات التنسيق الجديدة مع الحكومة اليمنية، بعد أن أدى إغلاق الحوثيين لمقار الأمم المتحدة واعتقال عدد من موظفيها إلى تعطيل جزء واسع من برامج الإغاثة الإنسانية في البلاد.

ففي العاصمة عدن، عقد نائب وزير الخارجية وشؤون المغتربين مصطفى نعمان، لقاءً موسعًا مع مدير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (الأوتشا)، سعيد حرسي، لمناقشة أولويات المرحلة القادمة وخطة إعادة تنظيم الجهود الإنسانية في ضوء المستجدات الميدانية والتداعيات الخطيرة الناتجة عن الإجراءات الحوثية الأخيرة.

وتناول اللقاء، وفق بيان رسمي، الآثار المترتبة على إغلاق المليشيات الحوثية لمكاتب الأمم المتحدة في صنعاء، واعتقال موظفين أمميين، الأمر الذي أدى إلى شلّ حركة العمل الإنساني وتعطيل إيصال المساعدات إلى ملايين اليمنيين، لا سيما في المحافظات الخاضعة لسيطرة المليشيات.

وأكد نائب الوزير أن الحكومة اليمنية تنظر بقلق بالغ إلى هذه الممارسات، مشدداً على أن ما تقوم به المليشيات يمثل "انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية الإنسانية، ومحاولة لابتزاز المنظمات الدولية لأهداف سياسية". وأشار إلى أن المرحلة المقبلة تتطلب خطة استجابة شاملة ومتكاملة بين الحكومة والأمم المتحدة توازن بين الإغاثة العاجلة والتنمية المستدامة، مع تحسين آليات الرقابة والتوزيع الميداني لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها الفعليين دون تدخلات أو توجيهات حوثية.

وناقش الجانبان سبل تطوير التعاون القائم، وتعزيز الدعم الأممي في المحافظات المحررة، إلى جانب تحسين آليات التنسيق الميداني من خلال فرق فنية مشتركة تعمل وفق خطط زمنية محددة، تشمل مشاريع الغذاء والصحة والمياه وإعادة التأهيل المجتمعي.

وأكد نائب الوزير مصطفى نعمان أهمية إعداد خطة استجابة محدثة تأخذ في الاعتبار الفجوة التمويلية التي تسببت في تقليص برامج الأمم المتحدة خلال العام الجاري، داعياً إلى تحرك دولي فاعل لتعبئة الموارد وضمان استدامة التمويل الإنساني في اليمن.

كما شدّد على ضرورة اعتماد معايير شفافة للرقابة والتقييم، بما يمنع تسرب المساعدات إلى قنوات غير قانونية أو خاضعة لنفوذ المليشيات الحوثية، مع التأكيد على أن الحكومة اليمنية ستواصل تقديم كل التسهيلات للمنظمات الأممية لضمان وصولها الآمن والفعّال إلى الفئات الأشد ضعفاً.

من جانبه، عبّر مدير مكتب "الأوتشا" سعيد حرسي عن تقدير الأمم المتحدة لتعاون الحكومة اليمنية واستعدادها لتذليل العقبات أمام العمل الإنساني، مؤكداً أن المكتب حريص على تعزيز الشراكة مع الجهات الحكومية الشرعية لتطوير برامج الاستجابة ومواجهة التحديات المتزايدة، خاصة في مجالات الأمن الغذائي والرعاية الصحية ومياه الشرب.

ويأتي هذا اللقاء في وقتٍ تكثف فيه الأمم المتحدة مشاوراتها مع الحكومة اليمنية لتحديد أولويات المرحلة القادمة، في ظل الفراغ الإداري الناتج عن تعطيل الحوثيين لمكاتبها في صنعاء، ما يدفع باتجاه نقل مراكز العمليات إلى المحافظات المحررة، وعلى رأسها عدن.

ويرى مراقبون أن هذه الخطوات تمثل بداية إعادة تموضع دولي جديد في اليمن، يعكس قناعة متزايدة لدى المجتمع الدولي بأن استمرار العمل من صنعاء بات غير ممكن في ظل هيمنة المليشيات.

ويؤكد مسؤولون يمنيون أن الحكومة الشرعية تتعامل مع هذا التطور باعتباره فرصة لإعادة ضبط العلاقة مع المنظمات الدولية، على أسس من الشفافية والسيادة والتنسيق المؤسسي المنظم، بعيداً عن الابتزاز والعبث الحوثي الذي استنزف الموارد وأساء لسمعة العمل الإنساني.

وفي ختام اللقاء، شدّد نائب وزير الخارجية على أن اليمن تمر بمرحلة مفصلية تتطلب شراكة أممية مسؤولة تتجاوز الطوارئ الإنسانية إلى برامج تنموية طويلة الأمد تضمن الاستقرار وتمكّن المجتمعات المحلية من الاعتماد على ذاتها. وأكد أن الحكومة اليمنية ماضية في دعم الجهود الأممية وتنسيق الخطط الإنسانية والإغاثية بما يضمن تخفيف معاناة الشعب اليمني التي فاقمتها حرب الحوثيين وجرائمهم ضد المواطنين والمنظمات الدولية على حد سواء.

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: الحکومة الیمنیة الأمم المتحدة أن الحکومة

إقرأ أيضاً:

إنفاق حوثي مثير للجدل.. ملايين الدولارات لأتباع الجماعة والفقراء خارج المعادلة

انقطاع المرتبات وتدهور الخدمات الأساسية.

وبحسب إعلان رسمي لما تسمى بـ«هيئة رعاية أسر الشهداء» التابعة للجماعة، فإن المبلغ المعلن — والمقدر بنحو 29 مليار ريال يمني — يهدف إلى تنفيذ أكثر من 24 مشروعاً تشمل برامج دعم نقدي ومبادرات تغذية وصحة عامة، مخصصة بالكامل لأتباع الجماعة دون غيرهم.

وقالت المتحدثة باسم الهيئة أفنان شرف الدين إن البرامج تتضمن زيارات ميدانية للأحياء في صنعاء وضواحيها، إضافة إلى فعاليات "تعبوية" وتدريبية للأرامل وأمهات القتلى، بهدف — بحسب وصفها — «تعزيز ثقافة الصبر والتضحية»، في حين يرى مراقبون أن هذه الأنشطة تُستخدم لتعزيز الولاء للجماعة واستقطاب مقاتلين جدد من الفقراء والنساء. 

ملايين للقبور والدعاية.. والفقراء خارج الحسابات وأفادت مصادر محلية بأن الجماعة شرعت خلال الأيام الماضية في توسعة عدد من المقابر الخاصة بمقاتليها في صنعاء، بينها مقبرة بحي الروضة، بعد امتلائها بالكامل، في وقت تتجاهل فيه الجماعة معاناة المواطنين الذين يواجهون ارتفاع الأسعار وشح الخدمات وانعدام الدخل.

وتتهم مصادر سياسية في صنعاء قيادة الحوثيين بتوجيه أغلب الموارد العامة نحو تمويل الدعاية العسكرية وتثبيت ثقافة الموت**، على حساب القطاعات الحيوية المنهارة مثل التعليم والكهرباء والمياه والصحة. 

تحذيرات دولية من تفاقم الجوع وفي السياق، حذّر برنامج الغذاء العالمي من تفاقم معدلات سوء التغذية بين الأطفال دون العامين في مناطق سيطرة الحوثيين، مشيراً إلى أن نسبة الفقر الغذائي الحاد وصلت إلى 36%، وهي الأعلى على مستوى اليمن.

وأوضح البرنامج أن قيود الجماعة المفروضة على تحركات المنظمات الإنسانية تُعيق وصول المساعدات إلى الفئات الأشد فقراً، وسط تراجع كبير في برامج الدعم الدولية.

مراقبون اعتبروا أن إنفاق الحوثيين ملايين الدولارات في مشاريع مغلقة على أتباعهم، في ظل أزمة إنسانية غير مسبوقة، يعكس سياسة تمييز ممنهجة واستغلال للمعاناة لتثبيت النفوذ والسيطرة. 

مقالات مشابهة

  • قرار عاجل بشأن 23 شركة تنصب على المواطنين بزعم تنظيم برامج سياحية ودينية
  • المبعوث الأممي يطلع الحكومة اليمنية على نتائج اتصالاته ومساعيه لاستئناف عملية السلام
  • وسط تهديدات الرباعية الدولية.. الحكومة السودانية تسلّم رؤيتها للهدنة الإنسانية
  • الأمم المتحدة: تحديات كبيرة تواجه العمل الإنساني في قطاع غزة
  • إنفاق حوثي مثير للجدل.. ملايين الدولارات لأتباع الجماعة والفقراء خارج المعادلة
  • صنعاء.. مخابرات الحوثي تخفي أستاذ جامعي بارز بعد استدعائه للتحقيق
  • يسرا تشبة الملكات في حفل ذا جراند بول
  • الأمم المتحدة تشيد بمستوى تنظيم التصويت الخاص
  • الشتاء يقترب والاحتياجات هائلة.. ليبراسيون: أين وصلت المساعدات الإنسانية في غزة؟